أ- التطليق
المادة 53 م
قانون الأسرة
أ-1
تعريف
التطليق وأهميته :
لقد
أجازت المادة 53 من قانون الأسرة للزوجة طلب التطليق بتوفر جملة من الأسباب وقد
صاغ المشرع الجزائري نص هذه المادة لعدة اعتبارات أهمها أن الطلاق بحكم الشرع والقانون
حق للزوج ويملك إيقاعه بنفسه لأن العصمة بيد الزوج والشارع الحكيم راعى جانب الزوجة ورفع الحرج
عنها إذا كانت لا تملك مالا تفتدي بها نفسها ولذا فتحت لها الشريعة الإسلامية بابا
للخلاص وإن لم يرض به الزوج ووجب على القاضي بالتالي الاستجابة لطلب الزوجة متى وجد
السبب الذي يقتضي حالة الفرقة بين الزوجين
.
وفي
هذا مصلحة إذا استحالت الحياة الزوجية ووقع ضرر على الزوجة أو أن الزوج تعسف في
حقها ، ومراعاة لهذه المصلحة منح الشارع الحكيم للزوجة هذا الحق الذي يكرس منتهى
العدالة .
هذا
وإن كان القانون منح للزوج حق طلب الطلاق من القاضي ( مع ملاحظة ) أن القاضي هنا يشهد فقط على واقعة الطلاق محكمة
هنا حكم كاشف وليس منشئ دون أن يقيد طلبه بشروط أو قيود فإنه وبالمقابل جعل حق
الزوجة في طلـب التطلـيق ( الطلاق
بإرادة منفردة ) جعله مقيد بجملة من الأسباب جاءت على سبيل الحصر في نص المادة
53 . وهو ما نلاحظه على حل القوانين العربية كالقانون السوري الذي أورده في
نص المادة 105 – 111 .
وفي المواد 192 وما بعدها وأيضا القانون اللبناني
1-
تعريف التطليق : هو طلاق بناءا على الإرادة المنفردة لزوجة
ويتم بحكم قضائي رغم معارضة الزوج له طالما أنها متضررة ويفرق القاضي بينهما عملا
بقواعد العدالة والإنصاف
ويختلف
التطليق عن طلاق كون الطلاق يقع بإرادة الزوج وهو نتيجة طبيعية لمبدأ الزعيم
القاتل بأن العصمة بيد الزوجة أم التطليق فهو يكون بطلب من الزوجة وبإرادة القاضي
وتدخل القاضي هنا لأن العصمة ليست بيد الزوجة وتبعا لذلك فهي لا تملك أن تطلق
نفسها بنفسها من زوجها ولذا أجازت لها الشريعة الالتجاء إلى القضاء لإنهاء الرابطة
الزوجية جبرا عن الزوج.
والتطليق
وكما يصطلح عليه التفريق قد يكون طلاقا
وقد يكون فسخا ، يكون طلاقا إذا توفر سبب من الأسباب حسب المادة 53
من قانون الأسرة .
وقد
يكون فسخا للعقد كحالة التفريق في العقد الفاسد كالتطليق بسبب الردة المنصوص عليها
في المادة جزائري .هذا وحسب فقهاء
القانون لم يرد لفظ التطليق في القرآن ولا في السنة أما التشريعات العربية فهناك
من يستعمل مصطلح التفريق كالقانون السوري واللبناني وهناك من يستعمل مصطلح التطليق
كالقانون الجزائري والمصري . أما القوانين
غير العربية كالقانون الإسرائيلي ( قانون الأحوال الإسرائيلية جاء لفظ التطليق ،
أما قانون الطوائف المسيحية سواء في لبنان أو سوريا فنجد مصطلح التفريق والمصطلح
الغالب عموما في جل القوانين العربية هو مصطلح التفريق تماشيا بما جاء في الفقه
الإسلامي بالفرقة أو التفريق .
2- أسباب التطليق
2-1 التطليق لعدم الإنفاق
( المادة 53/1 ): تنص المادة 53/1 : (( يحق للزوجة طلب التطليق
لعدم الإنفاق بعد صدور الحكم ما
لم تكن عالمة بإعساره وقت الزواج مع
مراعاة المواد 78-79-80 من هذا القانون )) .
فانطلاقا من هذا النص يتضح لنا أن المادة 53/1
تعطي للزوجة الحق في طلب التطليق بإرادة منفردة ولكن ضمت شروط معينة بحيث أنه مع
عدم توافر هذه الشروط يسقط حق الزوجة في طلب التطليق لعدم الإنفاق . ولذا سنت طرق
أولا إلى شروط التطليق لعدم الإنفاق وفق المادة 53/1 وإلى آثاره القانونية وذلك
قبل التطرق إلى الأحكام الفقهية حول التطليق لعدم الإنفاق
شروط التطليق لعدم الإنفاق وفق المادة 53/1 من
قانون الأسرة :
1- امتناع
الزوج عن الإنفاق عمدا وقصدا (1):
ويقتضي هذا الشرط أن الزوج يتعسف ولا يقوم بالإنفاق على زوجته في إطار النفقة
الزوجية الواجبة عليه قانونا بموجب عقد الزواج وذلك بدون أي سبب وجيه إذ يتعمد عدم
الإنفاق وذلك يقصد إلحاق الضرر بزوجته .
2- صدور
حكم من المحكمة بوجوب نفقة الزوج على زوجته(1):
وهذا يعني أن الزوج قد امتنع عن النفقة مدة معينة وأن الزوجة قامت برفع دعوى
قضائية ضد زوجها تطالبه فيها بالإنفاق وتستصدر حكما يلزمه بالإنفاق سواء كانت دعوى
عادية أو إستعجالية .
وهذا يعني أن عدم إنفاق
الزوج على زوجته لا يصلح وحده كأساس لطلب التطليق بل يجب على الزوجة أن تؤكد عدم الإنفاق عن طريق دعوى
قضائية يصدر بموجبها حكم يلزم بالإنفاق ويتمتع الزوج بعد صدور هذا الحكم في حقه أي
بعدم الإنفاق وأصر في ذلك وهو ما ذهبت إليه المحكمة العليا ( الفرقة الجنائية ) في
قرار صادر عنها بتاريخ 12/10/1982 (2)
3- ألا
يكون امتناع الزوج عن النفقة بسبب عسره(3) : لأن الزوج قد يكون موسرا كما قد يكون معسرا
فإن كان معسرا لأي سبب فهنا ينتفي ظلم الزوج لزوجته في عدم الإنفاق ولا يعد ظلما
لها لأن العسر لا له ولا فيه أما إن كان موسرا وامتنع عن الإنفاق فهنا يكون للزوجة
الحق في المطالبة بالنفقة وتطلب التطليق لعدم الإنفاق
4- أن
لا تكون الزوجة عالمة بإعسار الزوج وقت
الزواج : فحتى تتمكن الزوجة بالتمسك بعدم الإنفاق ضد زوجها بأن هذا النص (المادة
53/1 ) تشترط على الزوجة أن لا تكون على علم بعسر زوجها وقت إبرام عقد الزواج ،
فإن كانت على علم بذلك ورضيت به زوجا فحقها في طلب التطليق لهذا السبب يسقط بل
وترفض المحكمة طلبها وهنا يقع عبء الإثبات على عاتق الزوج فيجب عليه أن يثبت أن
زوجته كانت على علم بحالته المالية أي بعسره وقت الزواج . أما إذا استطاعت الزوجة
أن تثبت بأن زوجها غرر بها وأوهمها بأنه ميسور الحال ثم ثبت لنا أنه فقير وأن حالة
العسر هذه كانت له فيها يد ، فهنا يحق لها طلب التطليق (4)
5-
مراعاة أحكام المواد 78-79-80 من قانون
الأسرة الجزائري : ويعد هذا شرط تكميلي للشروط لسابقة وذلك لأن توفر الشروط
السابقة لوحدها غير كافية لطلب التطليق بل
لا بد من مراعاة ما ورد في هذه المواد والتي تفيد بأن الإنفاق الممتنع عن تقديمه
للزوجة يكون متعلقا بشموليات النفقة المتمثلة في الغذاء واللباس والعلاج والسكن أو
أجرته وكل ما ورد يعد من ضرورات العرف والعادة لكن مشمولات هذه النفقة ليست مطلقة
بل ترد عليها قيود تتعلق بإنفاق الزوج على زوجته والمتمثلة في إنفاق مثل زوجها على
مثلها وهو ما قصدته المادة 79 ، وبالتالي لا يجوز للزوجة أن تطالب زوجها بطلبات
تفوق دخل زوجها وقدرته المالية (1)حيث
تنهكه وتجعله عاجزا أو تكون سببا في جعله مدينا لغيره بل لا بد أن تكون طلبات
الزوجة معقولة وتتماشى والقدرة المالية لزوجها وقضت المحكمة العليا بأن تقدير
النفقة يعتمد على حال الزوجين يسرا أو عسرا ثم حال المعيشة والقضاء بما يخالف هذا
يستوجب النقض (2)
الحكمة من
منح الزوجة طلب التطليق لعدم الإنفاق : انطلاقا من نص المادة
53/1 فالمشرع الجزائري قد أعطى للزوجة الحق في طلب التطليق لعدم الإنفاق ، وذلك
الذي يربط بينهما بل تعد النفقة من أهم الأثار القانونية لعقد الزواج انطلاقا من
نص المادة 37/1 من قانون الأسرة (( يجب على الزوج نحو زوجته حسب وسعه ..)) وبالتالي عدم إنفاق الزوج على زوجته يلحق
بالزوجة ضررا ولهذا أعطى القانون للزوجة الحق في طلب التطليق لكن ضمن شروط وفق ما
أشرنا إليه أعلاه .
الآثار
المترتبة على عدم الإنفاق :
1-
أهم هذه الآثار على الإطلاق أنها تعطي
وتمكن الزوجة من الالتجاء إلى القضاء برفع دعوى قضائية ضد زوجها مطالبة فيها
بالتطليق لعدم الغنفاق .
2- أن
عدم امتثال الزوج لتنفيذ الحكم الصادر في حقه بإلزامه بالإنفاق سيعرضه إلى عقوبة
جزائية تتمثل في الحبس من 06 أشهر إلى
03 سنوات وإلى إغرامه من 500 إلى 5000 دج .
ما هي الخلفية الشرعية
للمشرع الجزائر حسب نص المادة 53/1 :
إن الأساس
الشرعي لنص هذه المادة ( 53/1 )هو قوله تعالى : (( ولا تمسكونهن ضرارا لتعــدوا )) (البقرة/ 231) . وقوله تعالى : (( فإمساك بمعروف أو تسريح
بإحسان )) ( البقرة/ 225) .
إذا فليس
من الإمساك بالمعروف أن يمتنع الزوج على الإنفاق على زوجته ، وبالتالي إذا تيقن من
عدم الإنفاق فعليه أن يسرحها سراحا جميلا وهو التسريح بإحسان لقوله صلى الله عليه
وسلم (( لا ضرر ولا ضرار )) ومنه فإمساك
الزوجة بلا إنفاق عليها إنما يحق لها طلب التطليق والقاضي يحكم لها بذلك .
لكن الفقه
الإسلامي قد اختلف في ثبوت حق الزوجة في طلب التطليق لعدم الإنفاق .
فالمذهب الحنفي : قال بعدم
ثبوت حق الزوجة في طلب التطليق لعدم إنفاق الزوج عليها ،أكثر من ذلك ذهب الحنفية
إلى القول بالإستدانة عليه إن كان معسرا أو غائبا(1)
وذلك لأن الزوج إما معسرا أو موسرا ، فإن كان معسرا فلا ظلم منه بعدم الإنفاق وذلك
لقوله تعالى (( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا
يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسرا يسرا )) .أما إذا كان ممتنعا عن
الإنفاق فيجبر على آداء النفقة ويهدد بالحبس أ, بالتعزير إن لم يفعل .(2) وهذا قول الحنفية في المشهور عندهم ،
ولهم أراء أخرى تتفق مع رأي الجمهور وقد استدل الحنفيـة في مذهبهم بما يلي :
1- أنه
لم يرد دليل صريح في الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة يدل على جواز التفريق لعدم
الإنفاق ولم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فرق بين الزوج و زوجته لهذا
السبب مع كثرة المعسرين من أصحابه .وقد سئل الإمام الزهري عن رجل عاجز عن نفقة
زوجته أيفرق بينهما ؟ قال تستأني به ولا يفرق بينهما وتلا الآية الكريمة السابقة
الذكر(( لينفق ذو عسرة من سعته ...سيجعل الله بعد عسرا يسرا )) .
2- أن
الصحابة كان فيهم المعسر و الموسر ولم يثبت أن النبي (ص) قد فرق بين رجل
وامرأته بسبب عدم النفقة لفقره
وإعساره (3)
3- قد
سأل نساء النبي صلى الله عليه وسلم النبي ما ليس عنده فأعتزلهن شهرا كعقوبة لهن
فنزلت الآية الكريمة ((يا نساء النبي ... )) وبالتالي إذا كانت المطالبة بما لا
يملك الزوج يستحق العقاب فمن باب أولى أن يكون طلب التفريق عند الإسار ظلما لا يلتفت إليه .
4- أن
الله أمر الأزواج بأن ينفق كل واحد منهم ما استطاع (( لينفق ذو سعة سعته ومن
قدر عليه رزقه فلينفق بما أتاه الله ..)) (4)وبالتالي
من أعسر بنفقة زوجته غير مكلف بدفع ما ليس عنده لقوله تعالى : ((وإن كان ذو عسرة
فنظرة إلى ميسرة)) سورة البقرة . ًً280 ً . أما إذا كان الزوج موسرا وامتنع فهنا
لا يحكم القاضي بالتفريق بينهما لأن هذا الضرر ظلم الزوج لزوجته بعدم الإنفاق يمكن
إزالته بطريق آخر لأن الطلاق ليس السبيل الوحيد لرفع الظلم وأن الوسيلة في رفع هذا
الظلم هي بيع ما له للإنفاق منه أو حبسه حتى ينفق عليها(5)
5- وذهبوا
أيضا إلى القول أن الزوج إن كان معسرا وكان له ابن موسرا وأخ موسرا فعلى هؤلاء
الإنفاق وإذا أيسر الزوج دفع له بعدها ، والقاضي بعد أن يفرض على الزوج المعسر
النفقة يأمر الزوجة بالاستدانة ولها الحق
في إحالة رب الدين الذي تستدين منه على زوجها فتقول إن هذا الدين على زوجي (1)
أما الجمهور : فقد أجاز
التفريق لعدم الإنفاق فقال مالك : إذا لم ينفق الزوج على زوجته لها طلب
الفسخ والحاكم يطلق عليه رجعية بشروط
الشرط الأول : أن يعجز
على النفقة من إطعام وكسوة في الحال أو في
المستقبل أما العجز عن النفقة المتجمدة فليس لها الحق في طلب الفسخ وأن النفقة هنا
هي دين في ذمته
الشرط الثاني : أن لا
تعلم عند العقد فقره وعدم قدرته على الإنفاق فإن علمت ورضيت لا حق لها في طلب
الفسخ
الشرط الثالث : أن يدعي
العجز عن النفقة ولم يثبت عجزه ففي هذه الحالة يطلق عليه القاضي حالا على المعتمد
أما إذا أثبت عجزه ضرب له القاضي له مدة باجتهاده ليزول عسره فإن انقضت المدة ولم
ينفق طلق القاضي عليه (2)
فإن مرض أثناء المدة أو سجن زاد له القاضي في
المدة فإذا مرت هذه المدة طلق القاضي عليه .
أما إذا للزوج مال ظاهر ومع ذلك لم ينفق أخذ من
ماله جبرا فإذا قدر على تمسك الحياة فقط فلا يكفي ويطلق عليه القاضي
أما إذا قدر عليه القوت كاملا ولو خشنا وقدر
على ما يواري جميع بدنها فلا يطلق ولو كانت الزوجة غنية والقاضي في تقديره للنفقة
يراعي حالهما (3)
وقد اخذ المشرع
الجزائري برأي مالك ( المذهب المالكي ) في نص المادة 53/1
أما
الشافعية
: فقالوا برأي المالكية في جواز التفريق لعدم الإنفاق فإذا عجز الزوج على الإنفاق
على الأقل النفقة فإن صبرت الزوجة على ذلك وأنفقت على نفسها كان ذلك دينا عليه متى
أيسر ما عدا المسكن والخادم فيسقطان وإن لم تصبر فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي
بطلب التفريق وعلى القاضي أن يمهل الزوج ثلاثة أيام لتحقق من إعساره ثم يفسخ العقد
في صبيحة اليوم الرابع (4).
أما
الحنابلة
: فقالوا يجوز التفريق لعدم الإنفاق حيث أنه إذا عجز الزوج عن الإنفاق خيرت الزوجة
بين الفسخ من غير إمهال الزوج ثلاثة أيام من قبل القاضي فتخييرها على التراضي وليس
على الفور وإن كانت الزوجة موسرة وكان للزوج عليها دين فله أن يحتسبه من النفقة أم
إذا كانت فقيرة فلا يحق له ذلك (1)
أدلة
الجمهور فيما ذهبوا إليه :
أ-
استدلوا بآيات الله كقوله تعالى : (( ولا تمسكوهن ضرارا
لتعتدوا )) البقرة 231 وقوله أيضا : (( وعاشروهن بالمعروف )) النساء 19 . فقالوا
إن إمساك الزوجة مع عدم الإنفاق فيه ضرر كبير يتنافى مع أمر الله به من إمساك
بالمعروف لأجل الإضرار إذا كان موسرا وامتنع عن ذلك مع أنه منهي عنه فهنا يجب عليه
التسريح بالإحسان فإن لم يفعل ناب عنه القاضي رفعا للظلم رفعا عن الضرر (2)
ب-
قوله صلى الله عليه وسلم (( لا ضرر ولا ضرار )) ولا يحق
للزوج ظلم زوجته بعدم الإنفاق عليها
ت-
إذا وقع الإنفاق على جواز التفريق بالعيب الذي لا يفوت معه
إلا المتعة فيجوز التفريق من باب أولى لعدم الإنفاق الذي هو قوت الحيل .أما ابن
القيم الجوزية فذهب رأي وسط بين الجمهور والحنفية فقال لا حق للمرأة في التفريق
بسبب إعسار الزوج إلا إذا أغرها عند الزواج لتنافيه مع فضائل الوفاء ثم قال : (( وقد جعل الله الفقر والغنى مطيبتين
للعباد ... فلو كان لكل مفتقر فسخت عليه امرأته لهم الباء وتفاقم الشر وفسخت
الأنكحة أكثر الناس وكان الفراق بيد النساء فمن الذي لم تصبه عسرة ولم تعزه النفقة
أحيانا )) (3) إنه بمقارنة المادة 53/1 من قانون
الأسرة الجزائري مع كل من القانون المصري واللبناني والسوري نجد أن نص المادة 53/1
لم يتطرق لحالة عدم الإنفاق المرتبطة بحضور أو غياب الزوج حيث جاء النص عاما فهو
على الأقل لم يحصره في حالة الغياب مثلما جاء في نص المادة 126 من القانون
اللبناني الذي جعل عدم الإنفاق الذي يصلح كسبب لرفع دعوى التطليق من الزوجة أن
يكون ملازما لحالة غياب أو فقدان الزوج حيث جاء في هذه المادة على أنه: (( إذا اختفى زوج امرأة وذهب لمحل مدة سفر أو
أقرب وتغيب أو فقد وتعذر تحصيل النفقة وطلبت زوجته التفريق فالحاكم بعد إجراء
التحقيقات اللازمة يتحكم بالتفريق بينهما )) وبالتالي فالمشرع الجزائري ترك الأمر
مفتوح في نص المادة 53*/1 . أما بمقارنة هذه الأخيرة مع القانون المصري والسوري
فهي أقل وضوحا حيث جاء نص المادة 110/1 ( يجوز للزوجة طلب التفريق إذا امتنع
الزوج الحاضر عن الإنفاق على زوجية ولم يكن له مال ظاهر ولم يثبت عجزه عن النفقة
)). والمادة 110/2 )) إن ثبت عجزه أو كان غائبا أمهله
القاضي مدة مناسبة لا تتجاوز ثلاثة أشهر فإن لم ينفق فرق القاضي بينهما ))
أما
القانون المصري فجاء في نص المادة 04 من القانون 25 لسنة 1920 على أنه (( إذا
امتنع الزوج عن الإنفاق عن زوجته فإن كان له مال ظاهر نفذ الحكم عليه بالنفقة في
ماله فإن لم يكن له مال ظاهر ولم يقل أنه معسر أو موسر ولكن أمر على عدم الإنفاق
طلق عليه القاضي في الحال وإن ادعى العجز فإن لم يثبته طلق عليه حالا وإن أثبته
أمهله مدة لا تزد عن شهر فإن لم ينفق طلق عليه بعد ذلك
وجاء
في المادة 05 من نفس القانون لسنة 1920 ( إذا كان الزوج غائبا غيبية قريبة
.......)) فالمادة 05 جاءت غامضة في شأن غياب أو حضور الزوج في حالة عدم الإنفاق
كما فصلت هذه القوانين في موضوع عدم الإنفاق حيث فرقت بين وجود مال ظاهر للزوج
وهنا ينفذ الحكم عليه بالنفقة في ماله وبين حالة عدم وجود مال ظاهر ويكون مطالبا
بإثبات إعساره فإن لم يثبته طلق عليه القاضي في الحال وإن أثبته أمهله شهرا في
القانون المصري ثلاثة أشهر في القانون السوري وفي القانون المغربي المادة 53 من
المدونة (1)
أما المشرع الجزائري فلم يفرق بين حالة العسر
واليسر للزوج وجعل حالة الإعسار محصورة فقط بعلم الزوجة عند الزواج أما المدة
الممنوحة للزوج في حالة عدم الإنفاق فلم تنص عليها المادة 53/1 ولم ينص عليها أيضا
القانون اللبناني في حين حددها القانون المصري بشهر والقانون السوري والمغربي
ثلاثة أشهر مثلما أشرنا إليه أعلاه وإن كان بالنسبة للقانون الجزائري يمكن استنباط
هذه المدة من خلال قانون العقوبات في المادة 331 التي نصت على عقوبة الإهمال
العائلي في حالة عدم الإنفاق لمدة شهرين بعد صدور حكم يلزم الزوج بالنفقة وجعلت له
عقوبة تتراوح ما بين 06 أشهر وثلاثة سنوات حبس وغرامة مالية بالإضافة إلى مبالغ
النفقة المحددة في الحكم (1)
كما
أنه وإن كان القانون الجزائري يتفق مع القوانين العربية في واقعة عدم الإنفاق كشرط
لرفع دعوى التطليق إلا أنه اتفقوا عنها فيما يخص شرط حصول الزوجة على حكم يلزم
الزوج بالنفقة وهنا نرى أن هذا الشرط وإن كان غير موجود في الفقه الإسلامي إلا أن
المشرع الجزائري أورده كشرط لقبول دعوى التطليق وفي الواقع فإن هذا الشرط أثر سلبي
وأثر إيجابي
فالأثر
السلبي : في أن وجود هذا الشرط فيه إجحاف في حق الزوجة التي تتضرر من عدم الإنفاق مرتين مرة بعدم إنفاق الزوج وهي
لا تستطيع إلزامه بذلك إلا عن طريق حكم قضائي ويشترط القضاء الجزائري كي تتمسك
الزوجة بهذا الحكم يجب أن يكون قد تم تبليغه للزوج بالطرق القانونية وإلا فلا
يمكنها الاحتجاج به وهو ما جاء في قرار صادر عن المحكمة العليا الغرفة المدنية أنه
(( إذا كان مؤدى نص المادة 311 عق الحكم جزائيا بالحبس والغرامة على كل من امتنع
عمدا ولمدة تجاوز شهرين عن رفع النفقة المحكوم بها قضاءا .... فإنه يشترط للمتابعة
الجزائية ... وأن يكون المحكوم عليه قد بلغ وفقا للقانون القاضي بالنفقة وأن
القضاء بما يخالف ذلك يعد خطأ في التطبيق القانون .)) (3)
وتتضرر
الزوجة مرة أخرى بانتظار مدة غير محددة لرفع دعوى التطليق وانتظار مرة ثالثة للفصل
في دعواها مع ما يعرفه رتم RITME القضايا على مستوى المحاكم للفصل في القضية فكل
هذه المدة تتضرر فيها الزوجة لعدم الإنفاق أضف إلى ذلك أن القضاء أحيانا يطلب منها
إثبات الضرر لعدم الإنفاق وهو ما جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا بأنه يجب على
الزوجة إثبات الضرر الذي أصابها من جراء عدم الإنفاق وأن المزاعم وهذا لا يكفي
أما
الأثر الإيجابي
لشرط الحصول على حكم قضائي لرفع دعوى التطليق (1) فإنه يتمثل وفق ما
نراه فيما يلي فهذا الشرط يعد بمثابة تحذير للزوج وتنبيه له إلى نتائج التعنت في
عدم الإنفاق أي تهديده بالعقوبة الجزائية المتمثلة في الحبس تطبيقا لنص المادة 331
عقوبات بالإضافة إلى تهديده ثانية بإمكانية انحلال عقد الزواج لأن عدم الإنفاق مع
صدور حكم بذلك سيتحول إلى مبرر قانوني لرفع دعوى التطليق من قبل .ورغما عنه
وبالتالي ففرض المشرع هنا هو المحافظة على الرابطة الأسرية لبقاء عقد الزواج قائما
وهكذا فانفراد قانون الأسرة بهذا الشرط عن باقي القوانين العربية يحسب في رصيد
المشرع أيضا انفرد قانون الأسرة بإدراجه لشرط علم الزوجة بعسر الزوج عند الزواج
بحيث يسقط حقها في طلب التطليق إذا كانت عالمة بإعساره وقت الزواج وفي هذا الشرط
نوع العدل في قانون الأسرة الجزائري مقارنة مع باقي القوانين العربية وهو أكثر
وضوحا مقارنة مع القانون التونسي الذي يعفي الزوج المعسر صراحة من الإنفاق دون قيد
وهو ما جاء في الفصل 30 من مجلة الأحوال الشخصية والتي جاء فيها بأنه لا يلزم
بالنفقة في حالة إعساره فقط يستطيع
الحاكم منحه مدة شهرين فإن عجز بعدها قضى بتطليق الزوجة (2) وتشترك
القوانين العربية مع القانون الجزائري في كونها لم تفرق بين الزوجة الغنية والزوجة
الفقيرة (3) ولم تنص على حالة الاستدانة من قبل الزوجة في حال عدم
إنفاق الزوج وربما المبرر هو أنها أخذت بالمذهب المالكي وهذا الأخير لم يقل
باستدانة الزوجة في حال عدم إنفاق الزوج عليها بل أعطاها الحق في التفريق لهذا
السبب مع اشتراط عدم علمها بعسره .أما بالنسبة لرجوع إلى الإجتهاد القضائي فيما
يخص مسالة عدم الإنفاق كشرط لرفع دعوى التطليق فقد جاء قرار صادر عن المحكمة
العليا بتاريخ 1989 )) من المقرر فقها وقضاءا في أحكام الشريعة الإسلامية أن عدم الإنفاق
لمدة تزيد عن شهرين متتابعين يكون مبررا لطلبها التطليق من زوجها وذلك وفقا لما نص
عليه بن عاصم لقوله : (( الزاج إن عجز عن إنفاق لأجل شهرين ذو استحقاق بعدهما
الطلاق لا من فله وعاجز عن كسوة كمثله فإن القضاء فما تخالف أحكام هذه المبادئ يعد
فرقا لقواعد فقهية مستمدة من الشريعة الإسلامية ، ولما كان من الثابت أن المطعون
ضده أدين جزائيا من محكمة الجنح بتهمة الإهمال العائلي وحكم عليه غيابيا سنة حبسا
منفذة فإن قضاة الإستئناف يرفضهم طلب الطاعنة المتعلقة في هذا الشأن ))ملف رقم
34791 م.ق89
عدد 3 ص 76 (4) وهنا نلاحظ أنه وأمام سكوت المشرع في قانون الأسرة
المادة 53/1 عن مدة عدم الإنفاق التي تصلح لتأمين دعوى التطليق فإن القضاء قد لجا
إلى تطبيق المادة 331 من قانون العقوبات وأخذ بالمهلة المنصوص عليها صراحة في هذه
المادة وهي مدة شهرين ، كما استند صراحة إلى الأخذ بالمذهب المالكي حين أشار إلى
قول بن عاصم وجاء في قرار آخر صادر عن المحكمة العليا أنه( من المقرر فقها
وقانونا أنه يجوز طلب التطليق في حالة استحكام الخلاف ... أو في حالة عدم الإنفاق
... ومن ثم فالنفي بخرق أحكام الشريعة غير صحيح )) (5) قرار صادر عن
المحكمة العليا غرفة الأحوال الشخصية بتاريخ 26/01/1987 ملف رقم 44457 محكمة النقض
1991 عدد 88 وجاء في قرار آخر عن المحكمة العليا بتاريخ 27/11/1989 بما يلي (...
ومن المقرر ايضا تطليق الزوجة لعدم الإنفاق والحكم لها بدون يمين يعد مخالفا
لأحكام الشريعة الإسلامية ... ولما كان ثانيا في قضية الحال أن المجلس القضائي لما
قضى بتطليق الزوجة دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها قانونا ودون أداء اليمين
فيما يخص النفقة فيقاضيهم كما فعلوا خالفوا القانون وانتهكوا أحكام الشريعة
الإسلامية )) (6)
1-
بلحاج العربي الوجيز في شرح قانون
الأسرة الجزائري ج1 المرجع السابق ص 279
2-
عبد العزيز سعد الزواج والطلاق في قانون
الأسرة الجزائري المرجع السابق ص 259
3-
عبد الرحمن الصابوني شرح قانون الأحوال
الشخصية السوري ج2 الطلاق وآثاره مطبعة جامعة دمشق ط 1972 ص 91
4-
الزواج والطلاق في الشريعة والقانون دار
العلوم ط 2001 ص118 وأنظر أيضا بلحاج العربي الوجيز في القانون الأسرة الجزائري
المرجع السابق ص 281
5-
الزواج والطلاق الشريعة والقانون المرجع
السابق ص 119
6-
يوسف دلاندة قانون الأسرة دار هومة ط
2001 ص 50
.
(1) -
عبد العزيز سعد . الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري . المرجع السابق . ص
256
(2) قرار مشار إليه لدى بلحاج العربي الوجيز في قانون
الأسرة الجزائري المرجع السابق ص 276 على الهامش ( قرار غيومنشور )
(3) بلحاج العربي الوجيز في شرح قانون الأسرة
الجزائري المرجع السابق ص 276
(4)
بلحاج لعربي
الوجيز في قانون الأسرة الجزائري المرجع السابق ص277 . وانظر عبد العزيزسعد الزواج
والطلاق في قانون الأسرة الجزائري المرجع السابق ص 256 .
(1) عبد العزيز سعد الزواج والطلاق في
القانون الأسرة الجزائري المرجع السابق ص
256 .
(2) المجلة القضائية سنة 1990 عدد 3 ص 55 قرار صادر
بتاريخ 09/02/1987 ملف لرقم 44630
(1) عبد القادر
مدقن شرح وجيز قانون الأسرة الجزائري ملخص
من الفقه الإسلامي المطبغة العربية 1993 ص
187
(2) محمد مصطفى
شلبي أحكام الأسرة في الإسلام دراسة
مقارنة بين المذاهب السنية والمذهب الجعفري و القانون المرجع السابق ص 559 طبعة
1977 دار النهضة العربية بيروت ،وأنضر أيضا عبد الرحمن الجزيري كتاب الفقه على المذاهب الأربعة دار الكتب العلمية ص 508 طبعة 1999
(3) سيد سابق فقه السنة المجلد 3
. دار الكتاب العربي ط ص 288
(4) محمد مصطفى شلبي .أحكام
الأسرة في الإسلام المرجع السابق ص 560 وأنظر المعنى عبد العظيم بدوي الوجيز في
فقه السنة والكتاب العزيز طبعة جديدة منقحة 2001 دار ابن رجب ص308
(5) سيد سابق فقه السنة المجلد 3 المرجع
السبق ص 289 وأنظر عبد الرحمن الجزيري الفقه على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 508
(1) عبد الرحمن
الجزيري الفقه على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 508
(2) عبد الرحمن الجزيري الفقه
على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 509 وأنظر أحمد محمد عساف الأحكام الفقهية في
المذاهب الإسلامية الأربعة المعاملات المجلد الثاني دار أحياء العلوم بيروت الطبعة
الثالثة 1988 ص428 و 429
(3) عبد الرحمن
الجزيري الفقه على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 509
(4) عبد الرحمن الجزيري الفقه
على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 509
(1) عبد الرحمن
الجزيري الفقه على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 511
(2) محمد مصطفى شلبي أحكام
الأسرة في الإسلام المرجع السابق ص 561
وأنظر أيضا سيد سابق فقه السنة المجلد 03 المرجع السابق ص 288
(3) محمد مصطفى شلبي أحكام
الأسرة في الإسلام المرجع السابق ص 562
وأنظر أيضاإبن القيم الجوزية زاد المعاد في هدي خير العباد ص
323
1- بلحاج العربي . الوجيز
في شرح قانون الأسرة الجزائري . المرجع السابق ص
2- قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 23
نوفمبر 1983 غير منشور مشار إليه لدى بالحاج العربي الوجيز في قانون الأسرة
الجزائري المرجع السابق ص 280
المادة 53 م
قانون الأسرة
أ-1
تعريف
التطليق وأهميته :
لقد
أجازت المادة 53 من قانون الأسرة للزوجة طلب التطليق بتوفر جملة من الأسباب وقد
صاغ المشرع الجزائري نص هذه المادة لعدة اعتبارات أهمها أن الطلاق بحكم الشرع والقانون
حق للزوج ويملك إيقاعه بنفسه لأن العصمة بيد الزوج والشارع الحكيم راعى جانب الزوجة ورفع الحرج
عنها إذا كانت لا تملك مالا تفتدي بها نفسها ولذا فتحت لها الشريعة الإسلامية بابا
للخلاص وإن لم يرض به الزوج ووجب على القاضي بالتالي الاستجابة لطلب الزوجة متى وجد
السبب الذي يقتضي حالة الفرقة بين الزوجين
.
وفي
هذا مصلحة إذا استحالت الحياة الزوجية ووقع ضرر على الزوجة أو أن الزوج تعسف في
حقها ، ومراعاة لهذه المصلحة منح الشارع الحكيم للزوجة هذا الحق الذي يكرس منتهى
العدالة .
هذا
وإن كان القانون منح للزوج حق طلب الطلاق من القاضي ( مع ملاحظة ) أن القاضي هنا يشهد فقط على واقعة الطلاق محكمة
هنا حكم كاشف وليس منشئ دون أن يقيد طلبه بشروط أو قيود فإنه وبالمقابل جعل حق
الزوجة في طلـب التطلـيق ( الطلاق
بإرادة منفردة ) جعله مقيد بجملة من الأسباب جاءت على سبيل الحصر في نص المادة
53 . وهو ما نلاحظه على حل القوانين العربية كالقانون السوري الذي أورده في
نص المادة 105 – 111 .
وفي المواد 192 وما بعدها وأيضا القانون اللبناني
1-
تعريف التطليق : هو طلاق بناءا على الإرادة المنفردة لزوجة
ويتم بحكم قضائي رغم معارضة الزوج له طالما أنها متضررة ويفرق القاضي بينهما عملا
بقواعد العدالة والإنصاف
ويختلف
التطليق عن طلاق كون الطلاق يقع بإرادة الزوج وهو نتيجة طبيعية لمبدأ الزعيم
القاتل بأن العصمة بيد الزوجة أم التطليق فهو يكون بطلب من الزوجة وبإرادة القاضي
وتدخل القاضي هنا لأن العصمة ليست بيد الزوجة وتبعا لذلك فهي لا تملك أن تطلق
نفسها بنفسها من زوجها ولذا أجازت لها الشريعة الالتجاء إلى القضاء لإنهاء الرابطة
الزوجية جبرا عن الزوج.
والتطليق
وكما يصطلح عليه التفريق قد يكون طلاقا
وقد يكون فسخا ، يكون طلاقا إذا توفر سبب من الأسباب حسب المادة 53
من قانون الأسرة .
وقد
يكون فسخا للعقد كحالة التفريق في العقد الفاسد كالتطليق بسبب الردة المنصوص عليها
في المادة جزائري .هذا وحسب فقهاء
القانون لم يرد لفظ التطليق في القرآن ولا في السنة أما التشريعات العربية فهناك
من يستعمل مصطلح التفريق كالقانون السوري واللبناني وهناك من يستعمل مصطلح التطليق
كالقانون الجزائري والمصري . أما القوانين
غير العربية كالقانون الإسرائيلي ( قانون الأحوال الإسرائيلية جاء لفظ التطليق ،
أما قانون الطوائف المسيحية سواء في لبنان أو سوريا فنجد مصطلح التفريق والمصطلح
الغالب عموما في جل القوانين العربية هو مصطلح التفريق تماشيا بما جاء في الفقه
الإسلامي بالفرقة أو التفريق .
2- أسباب التطليق
2-1 التطليق لعدم الإنفاق
( المادة 53/1 ): تنص المادة 53/1 : (( يحق للزوجة طلب التطليق
لعدم الإنفاق بعد صدور الحكم ما
لم تكن عالمة بإعساره وقت الزواج مع
مراعاة المواد 78-79-80 من هذا القانون )) .
فانطلاقا من هذا النص يتضح لنا أن المادة 53/1
تعطي للزوجة الحق في طلب التطليق بإرادة منفردة ولكن ضمت شروط معينة بحيث أنه مع
عدم توافر هذه الشروط يسقط حق الزوجة في طلب التطليق لعدم الإنفاق . ولذا سنت طرق
أولا إلى شروط التطليق لعدم الإنفاق وفق المادة 53/1 وإلى آثاره القانونية وذلك
قبل التطرق إلى الأحكام الفقهية حول التطليق لعدم الإنفاق
شروط التطليق لعدم الإنفاق وفق المادة 53/1 من
قانون الأسرة :
1- امتناع
الزوج عن الإنفاق عمدا وقصدا (1):
ويقتضي هذا الشرط أن الزوج يتعسف ولا يقوم بالإنفاق على زوجته في إطار النفقة
الزوجية الواجبة عليه قانونا بموجب عقد الزواج وذلك بدون أي سبب وجيه إذ يتعمد عدم
الإنفاق وذلك يقصد إلحاق الضرر بزوجته .
2- صدور
حكم من المحكمة بوجوب نفقة الزوج على زوجته(1):
وهذا يعني أن الزوج قد امتنع عن النفقة مدة معينة وأن الزوجة قامت برفع دعوى
قضائية ضد زوجها تطالبه فيها بالإنفاق وتستصدر حكما يلزمه بالإنفاق سواء كانت دعوى
عادية أو إستعجالية .
وهذا يعني أن عدم إنفاق
الزوج على زوجته لا يصلح وحده كأساس لطلب التطليق بل يجب على الزوجة أن تؤكد عدم الإنفاق عن طريق دعوى
قضائية يصدر بموجبها حكم يلزم بالإنفاق ويتمتع الزوج بعد صدور هذا الحكم في حقه أي
بعدم الإنفاق وأصر في ذلك وهو ما ذهبت إليه المحكمة العليا ( الفرقة الجنائية ) في
قرار صادر عنها بتاريخ 12/10/1982 (2)
3- ألا
يكون امتناع الزوج عن النفقة بسبب عسره(3) : لأن الزوج قد يكون موسرا كما قد يكون معسرا
فإن كان معسرا لأي سبب فهنا ينتفي ظلم الزوج لزوجته في عدم الإنفاق ولا يعد ظلما
لها لأن العسر لا له ولا فيه أما إن كان موسرا وامتنع عن الإنفاق فهنا يكون للزوجة
الحق في المطالبة بالنفقة وتطلب التطليق لعدم الإنفاق
4- أن
لا تكون الزوجة عالمة بإعسار الزوج وقت
الزواج : فحتى تتمكن الزوجة بالتمسك بعدم الإنفاق ضد زوجها بأن هذا النص (المادة
53/1 ) تشترط على الزوجة أن لا تكون على علم بعسر زوجها وقت إبرام عقد الزواج ،
فإن كانت على علم بذلك ورضيت به زوجا فحقها في طلب التطليق لهذا السبب يسقط بل
وترفض المحكمة طلبها وهنا يقع عبء الإثبات على عاتق الزوج فيجب عليه أن يثبت أن
زوجته كانت على علم بحالته المالية أي بعسره وقت الزواج . أما إذا استطاعت الزوجة
أن تثبت بأن زوجها غرر بها وأوهمها بأنه ميسور الحال ثم ثبت لنا أنه فقير وأن حالة
العسر هذه كانت له فيها يد ، فهنا يحق لها طلب التطليق (4)
5-
مراعاة أحكام المواد 78-79-80 من قانون
الأسرة الجزائري : ويعد هذا شرط تكميلي للشروط لسابقة وذلك لأن توفر الشروط
السابقة لوحدها غير كافية لطلب التطليق بل
لا بد من مراعاة ما ورد في هذه المواد والتي تفيد بأن الإنفاق الممتنع عن تقديمه
للزوجة يكون متعلقا بشموليات النفقة المتمثلة في الغذاء واللباس والعلاج والسكن أو
أجرته وكل ما ورد يعد من ضرورات العرف والعادة لكن مشمولات هذه النفقة ليست مطلقة
بل ترد عليها قيود تتعلق بإنفاق الزوج على زوجته والمتمثلة في إنفاق مثل زوجها على
مثلها وهو ما قصدته المادة 79 ، وبالتالي لا يجوز للزوجة أن تطالب زوجها بطلبات
تفوق دخل زوجها وقدرته المالية (1)حيث
تنهكه وتجعله عاجزا أو تكون سببا في جعله مدينا لغيره بل لا بد أن تكون طلبات
الزوجة معقولة وتتماشى والقدرة المالية لزوجها وقضت المحكمة العليا بأن تقدير
النفقة يعتمد على حال الزوجين يسرا أو عسرا ثم حال المعيشة والقضاء بما يخالف هذا
يستوجب النقض (2)
الحكمة من
منح الزوجة طلب التطليق لعدم الإنفاق : انطلاقا من نص المادة
53/1 فالمشرع الجزائري قد أعطى للزوجة الحق في طلب التطليق لعدم الإنفاق ، وذلك
الذي يربط بينهما بل تعد النفقة من أهم الأثار القانونية لعقد الزواج انطلاقا من
نص المادة 37/1 من قانون الأسرة (( يجب على الزوج نحو زوجته حسب وسعه ..)) وبالتالي عدم إنفاق الزوج على زوجته يلحق
بالزوجة ضررا ولهذا أعطى القانون للزوجة الحق في طلب التطليق لكن ضمن شروط وفق ما
أشرنا إليه أعلاه .
الآثار
المترتبة على عدم الإنفاق :
1-
أهم هذه الآثار على الإطلاق أنها تعطي
وتمكن الزوجة من الالتجاء إلى القضاء برفع دعوى قضائية ضد زوجها مطالبة فيها
بالتطليق لعدم الغنفاق .
2- أن
عدم امتثال الزوج لتنفيذ الحكم الصادر في حقه بإلزامه بالإنفاق سيعرضه إلى عقوبة
جزائية تتمثل في الحبس من 06 أشهر إلى
03 سنوات وإلى إغرامه من 500 إلى 5000 دج .
ما هي الخلفية الشرعية
للمشرع الجزائر حسب نص المادة 53/1 :
إن الأساس
الشرعي لنص هذه المادة ( 53/1 )هو قوله تعالى : (( ولا تمسكونهن ضرارا لتعــدوا )) (البقرة/ 231) . وقوله تعالى : (( فإمساك بمعروف أو تسريح
بإحسان )) ( البقرة/ 225) .
إذا فليس
من الإمساك بالمعروف أن يمتنع الزوج على الإنفاق على زوجته ، وبالتالي إذا تيقن من
عدم الإنفاق فعليه أن يسرحها سراحا جميلا وهو التسريح بإحسان لقوله صلى الله عليه
وسلم (( لا ضرر ولا ضرار )) ومنه فإمساك
الزوجة بلا إنفاق عليها إنما يحق لها طلب التطليق والقاضي يحكم لها بذلك .
لكن الفقه
الإسلامي قد اختلف في ثبوت حق الزوجة في طلب التطليق لعدم الإنفاق .
فالمذهب الحنفي : قال بعدم
ثبوت حق الزوجة في طلب التطليق لعدم إنفاق الزوج عليها ،أكثر من ذلك ذهب الحنفية
إلى القول بالإستدانة عليه إن كان معسرا أو غائبا(1)
وذلك لأن الزوج إما معسرا أو موسرا ، فإن كان معسرا فلا ظلم منه بعدم الإنفاق وذلك
لقوله تعالى (( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا
يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسرا يسرا )) .أما إذا كان ممتنعا عن
الإنفاق فيجبر على آداء النفقة ويهدد بالحبس أ, بالتعزير إن لم يفعل .(2) وهذا قول الحنفية في المشهور عندهم ،
ولهم أراء أخرى تتفق مع رأي الجمهور وقد استدل الحنفيـة في مذهبهم بما يلي :
1- أنه
لم يرد دليل صريح في الكتاب أو السنة أو أقوال الصحابة يدل على جواز التفريق لعدم
الإنفاق ولم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فرق بين الزوج و زوجته لهذا
السبب مع كثرة المعسرين من أصحابه .وقد سئل الإمام الزهري عن رجل عاجز عن نفقة
زوجته أيفرق بينهما ؟ قال تستأني به ولا يفرق بينهما وتلا الآية الكريمة السابقة
الذكر(( لينفق ذو عسرة من سعته ...سيجعل الله بعد عسرا يسرا )) .
2- أن
الصحابة كان فيهم المعسر و الموسر ولم يثبت أن النبي (ص) قد فرق بين رجل
وامرأته بسبب عدم النفقة لفقره
وإعساره (3)
3- قد
سأل نساء النبي صلى الله عليه وسلم النبي ما ليس عنده فأعتزلهن شهرا كعقوبة لهن
فنزلت الآية الكريمة ((يا نساء النبي ... )) وبالتالي إذا كانت المطالبة بما لا
يملك الزوج يستحق العقاب فمن باب أولى أن يكون طلب التفريق عند الإسار ظلما لا يلتفت إليه .
4- أن
الله أمر الأزواج بأن ينفق كل واحد منهم ما استطاع (( لينفق ذو سعة سعته ومن
قدر عليه رزقه فلينفق بما أتاه الله ..)) (4)وبالتالي
من أعسر بنفقة زوجته غير مكلف بدفع ما ليس عنده لقوله تعالى : ((وإن كان ذو عسرة
فنظرة إلى ميسرة)) سورة البقرة . ًً280 ً . أما إذا كان الزوج موسرا وامتنع فهنا
لا يحكم القاضي بالتفريق بينهما لأن هذا الضرر ظلم الزوج لزوجته بعدم الإنفاق يمكن
إزالته بطريق آخر لأن الطلاق ليس السبيل الوحيد لرفع الظلم وأن الوسيلة في رفع هذا
الظلم هي بيع ما له للإنفاق منه أو حبسه حتى ينفق عليها(5)
5- وذهبوا
أيضا إلى القول أن الزوج إن كان معسرا وكان له ابن موسرا وأخ موسرا فعلى هؤلاء
الإنفاق وإذا أيسر الزوج دفع له بعدها ، والقاضي بعد أن يفرض على الزوج المعسر
النفقة يأمر الزوجة بالاستدانة ولها الحق
في إحالة رب الدين الذي تستدين منه على زوجها فتقول إن هذا الدين على زوجي (1)
أما الجمهور : فقد أجاز
التفريق لعدم الإنفاق فقال مالك : إذا لم ينفق الزوج على زوجته لها طلب
الفسخ والحاكم يطلق عليه رجعية بشروط
الشرط الأول : أن يعجز
على النفقة من إطعام وكسوة في الحال أو في
المستقبل أما العجز عن النفقة المتجمدة فليس لها الحق في طلب الفسخ وأن النفقة هنا
هي دين في ذمته
الشرط الثاني : أن لا
تعلم عند العقد فقره وعدم قدرته على الإنفاق فإن علمت ورضيت لا حق لها في طلب
الفسخ
الشرط الثالث : أن يدعي
العجز عن النفقة ولم يثبت عجزه ففي هذه الحالة يطلق عليه القاضي حالا على المعتمد
أما إذا أثبت عجزه ضرب له القاضي له مدة باجتهاده ليزول عسره فإن انقضت المدة ولم
ينفق طلق القاضي عليه (2)
فإن مرض أثناء المدة أو سجن زاد له القاضي في
المدة فإذا مرت هذه المدة طلق القاضي عليه .
أما إذا للزوج مال ظاهر ومع ذلك لم ينفق أخذ من
ماله جبرا فإذا قدر على تمسك الحياة فقط فلا يكفي ويطلق عليه القاضي
أما إذا قدر عليه القوت كاملا ولو خشنا وقدر
على ما يواري جميع بدنها فلا يطلق ولو كانت الزوجة غنية والقاضي في تقديره للنفقة
يراعي حالهما (3)
وقد اخذ المشرع
الجزائري برأي مالك ( المذهب المالكي ) في نص المادة 53/1
أما
الشافعية
: فقالوا برأي المالكية في جواز التفريق لعدم الإنفاق فإذا عجز الزوج على الإنفاق
على الأقل النفقة فإن صبرت الزوجة على ذلك وأنفقت على نفسها كان ذلك دينا عليه متى
أيسر ما عدا المسكن والخادم فيسقطان وإن لم تصبر فلها أن ترفع أمرها إلى القاضي
بطلب التفريق وعلى القاضي أن يمهل الزوج ثلاثة أيام لتحقق من إعساره ثم يفسخ العقد
في صبيحة اليوم الرابع (4).
أما
الحنابلة
: فقالوا يجوز التفريق لعدم الإنفاق حيث أنه إذا عجز الزوج عن الإنفاق خيرت الزوجة
بين الفسخ من غير إمهال الزوج ثلاثة أيام من قبل القاضي فتخييرها على التراضي وليس
على الفور وإن كانت الزوجة موسرة وكان للزوج عليها دين فله أن يحتسبه من النفقة أم
إذا كانت فقيرة فلا يحق له ذلك (1)
أدلة
الجمهور فيما ذهبوا إليه :
أ-
استدلوا بآيات الله كقوله تعالى : (( ولا تمسكوهن ضرارا
لتعتدوا )) البقرة 231 وقوله أيضا : (( وعاشروهن بالمعروف )) النساء 19 . فقالوا
إن إمساك الزوجة مع عدم الإنفاق فيه ضرر كبير يتنافى مع أمر الله به من إمساك
بالمعروف لأجل الإضرار إذا كان موسرا وامتنع عن ذلك مع أنه منهي عنه فهنا يجب عليه
التسريح بالإحسان فإن لم يفعل ناب عنه القاضي رفعا للظلم رفعا عن الضرر (2)
ب-
قوله صلى الله عليه وسلم (( لا ضرر ولا ضرار )) ولا يحق
للزوج ظلم زوجته بعدم الإنفاق عليها
ت-
إذا وقع الإنفاق على جواز التفريق بالعيب الذي لا يفوت معه
إلا المتعة فيجوز التفريق من باب أولى لعدم الإنفاق الذي هو قوت الحيل .أما ابن
القيم الجوزية فذهب رأي وسط بين الجمهور والحنفية فقال لا حق للمرأة في التفريق
بسبب إعسار الزوج إلا إذا أغرها عند الزواج لتنافيه مع فضائل الوفاء ثم قال : (( وقد جعل الله الفقر والغنى مطيبتين
للعباد ... فلو كان لكل مفتقر فسخت عليه امرأته لهم الباء وتفاقم الشر وفسخت
الأنكحة أكثر الناس وكان الفراق بيد النساء فمن الذي لم تصبه عسرة ولم تعزه النفقة
أحيانا )) (3) إنه بمقارنة المادة 53/1 من قانون
الأسرة الجزائري مع كل من القانون المصري واللبناني والسوري نجد أن نص المادة 53/1
لم يتطرق لحالة عدم الإنفاق المرتبطة بحضور أو غياب الزوج حيث جاء النص عاما فهو
على الأقل لم يحصره في حالة الغياب مثلما جاء في نص المادة 126 من القانون
اللبناني الذي جعل عدم الإنفاق الذي يصلح كسبب لرفع دعوى التطليق من الزوجة أن
يكون ملازما لحالة غياب أو فقدان الزوج حيث جاء في هذه المادة على أنه: (( إذا اختفى زوج امرأة وذهب لمحل مدة سفر أو
أقرب وتغيب أو فقد وتعذر تحصيل النفقة وطلبت زوجته التفريق فالحاكم بعد إجراء
التحقيقات اللازمة يتحكم بالتفريق بينهما )) وبالتالي فالمشرع الجزائري ترك الأمر
مفتوح في نص المادة 53*/1 . أما بمقارنة هذه الأخيرة مع القانون المصري والسوري
فهي أقل وضوحا حيث جاء نص المادة 110/1 ( يجوز للزوجة طلب التفريق إذا امتنع
الزوج الحاضر عن الإنفاق على زوجية ولم يكن له مال ظاهر ولم يثبت عجزه عن النفقة
)). والمادة 110/2 )) إن ثبت عجزه أو كان غائبا أمهله
القاضي مدة مناسبة لا تتجاوز ثلاثة أشهر فإن لم ينفق فرق القاضي بينهما ))
أما
القانون المصري فجاء في نص المادة 04 من القانون 25 لسنة 1920 على أنه (( إذا
امتنع الزوج عن الإنفاق عن زوجته فإن كان له مال ظاهر نفذ الحكم عليه بالنفقة في
ماله فإن لم يكن له مال ظاهر ولم يقل أنه معسر أو موسر ولكن أمر على عدم الإنفاق
طلق عليه القاضي في الحال وإن ادعى العجز فإن لم يثبته طلق عليه حالا وإن أثبته
أمهله مدة لا تزد عن شهر فإن لم ينفق طلق عليه بعد ذلك
وجاء
في المادة 05 من نفس القانون لسنة 1920 ( إذا كان الزوج غائبا غيبية قريبة
.......)) فالمادة 05 جاءت غامضة في شأن غياب أو حضور الزوج في حالة عدم الإنفاق
كما فصلت هذه القوانين في موضوع عدم الإنفاق حيث فرقت بين وجود مال ظاهر للزوج
وهنا ينفذ الحكم عليه بالنفقة في ماله وبين حالة عدم وجود مال ظاهر ويكون مطالبا
بإثبات إعساره فإن لم يثبته طلق عليه القاضي في الحال وإن أثبته أمهله شهرا في
القانون المصري ثلاثة أشهر في القانون السوري وفي القانون المغربي المادة 53 من
المدونة (1)
أما المشرع الجزائري فلم يفرق بين حالة العسر
واليسر للزوج وجعل حالة الإعسار محصورة فقط بعلم الزوجة عند الزواج أما المدة
الممنوحة للزوج في حالة عدم الإنفاق فلم تنص عليها المادة 53/1 ولم ينص عليها أيضا
القانون اللبناني في حين حددها القانون المصري بشهر والقانون السوري والمغربي
ثلاثة أشهر مثلما أشرنا إليه أعلاه وإن كان بالنسبة للقانون الجزائري يمكن استنباط
هذه المدة من خلال قانون العقوبات في المادة 331 التي نصت على عقوبة الإهمال
العائلي في حالة عدم الإنفاق لمدة شهرين بعد صدور حكم يلزم الزوج بالنفقة وجعلت له
عقوبة تتراوح ما بين 06 أشهر وثلاثة سنوات حبس وغرامة مالية بالإضافة إلى مبالغ
النفقة المحددة في الحكم (1)
كما
أنه وإن كان القانون الجزائري يتفق مع القوانين العربية في واقعة عدم الإنفاق كشرط
لرفع دعوى التطليق إلا أنه اتفقوا عنها فيما يخص شرط حصول الزوجة على حكم يلزم
الزوج بالنفقة وهنا نرى أن هذا الشرط وإن كان غير موجود في الفقه الإسلامي إلا أن
المشرع الجزائري أورده كشرط لقبول دعوى التطليق وفي الواقع فإن هذا الشرط أثر سلبي
وأثر إيجابي
فالأثر
السلبي : في أن وجود هذا الشرط فيه إجحاف في حق الزوجة التي تتضرر من عدم الإنفاق مرتين مرة بعدم إنفاق الزوج وهي
لا تستطيع إلزامه بذلك إلا عن طريق حكم قضائي ويشترط القضاء الجزائري كي تتمسك
الزوجة بهذا الحكم يجب أن يكون قد تم تبليغه للزوج بالطرق القانونية وإلا فلا
يمكنها الاحتجاج به وهو ما جاء في قرار صادر عن المحكمة العليا الغرفة المدنية أنه
(( إذا كان مؤدى نص المادة 311 عق الحكم جزائيا بالحبس والغرامة على كل من امتنع
عمدا ولمدة تجاوز شهرين عن رفع النفقة المحكوم بها قضاءا .... فإنه يشترط للمتابعة
الجزائية ... وأن يكون المحكوم عليه قد بلغ وفقا للقانون القاضي بالنفقة وأن
القضاء بما يخالف ذلك يعد خطأ في التطبيق القانون .)) (3)
وتتضرر
الزوجة مرة أخرى بانتظار مدة غير محددة لرفع دعوى التطليق وانتظار مرة ثالثة للفصل
في دعواها مع ما يعرفه رتم RITME القضايا على مستوى المحاكم للفصل في القضية فكل
هذه المدة تتضرر فيها الزوجة لعدم الإنفاق أضف إلى ذلك أن القضاء أحيانا يطلب منها
إثبات الضرر لعدم الإنفاق وهو ما جاء في إحدى قرارات المحكمة العليا بأنه يجب على
الزوجة إثبات الضرر الذي أصابها من جراء عدم الإنفاق وأن المزاعم وهذا لا يكفي
أما
الأثر الإيجابي
لشرط الحصول على حكم قضائي لرفع دعوى التطليق (1) فإنه يتمثل وفق ما
نراه فيما يلي فهذا الشرط يعد بمثابة تحذير للزوج وتنبيه له إلى نتائج التعنت في
عدم الإنفاق أي تهديده بالعقوبة الجزائية المتمثلة في الحبس تطبيقا لنص المادة 331
عقوبات بالإضافة إلى تهديده ثانية بإمكانية انحلال عقد الزواج لأن عدم الإنفاق مع
صدور حكم بذلك سيتحول إلى مبرر قانوني لرفع دعوى التطليق من قبل .ورغما عنه
وبالتالي ففرض المشرع هنا هو المحافظة على الرابطة الأسرية لبقاء عقد الزواج قائما
وهكذا فانفراد قانون الأسرة بهذا الشرط عن باقي القوانين العربية يحسب في رصيد
المشرع أيضا انفرد قانون الأسرة بإدراجه لشرط علم الزوجة بعسر الزوج عند الزواج
بحيث يسقط حقها في طلب التطليق إذا كانت عالمة بإعساره وقت الزواج وفي هذا الشرط
نوع العدل في قانون الأسرة الجزائري مقارنة مع باقي القوانين العربية وهو أكثر
وضوحا مقارنة مع القانون التونسي الذي يعفي الزوج المعسر صراحة من الإنفاق دون قيد
وهو ما جاء في الفصل 30 من مجلة الأحوال الشخصية والتي جاء فيها بأنه لا يلزم
بالنفقة في حالة إعساره فقط يستطيع
الحاكم منحه مدة شهرين فإن عجز بعدها قضى بتطليق الزوجة (2) وتشترك
القوانين العربية مع القانون الجزائري في كونها لم تفرق بين الزوجة الغنية والزوجة
الفقيرة (3) ولم تنص على حالة الاستدانة من قبل الزوجة في حال عدم
إنفاق الزوج وربما المبرر هو أنها أخذت بالمذهب المالكي وهذا الأخير لم يقل
باستدانة الزوجة في حال عدم إنفاق الزوج عليها بل أعطاها الحق في التفريق لهذا
السبب مع اشتراط عدم علمها بعسره .أما بالنسبة لرجوع إلى الإجتهاد القضائي فيما
يخص مسالة عدم الإنفاق كشرط لرفع دعوى التطليق فقد جاء قرار صادر عن المحكمة
العليا بتاريخ 1989 )) من المقرر فقها وقضاءا في أحكام الشريعة الإسلامية أن عدم الإنفاق
لمدة تزيد عن شهرين متتابعين يكون مبررا لطلبها التطليق من زوجها وذلك وفقا لما نص
عليه بن عاصم لقوله : (( الزاج إن عجز عن إنفاق لأجل شهرين ذو استحقاق بعدهما
الطلاق لا من فله وعاجز عن كسوة كمثله فإن القضاء فما تخالف أحكام هذه المبادئ يعد
فرقا لقواعد فقهية مستمدة من الشريعة الإسلامية ، ولما كان من الثابت أن المطعون
ضده أدين جزائيا من محكمة الجنح بتهمة الإهمال العائلي وحكم عليه غيابيا سنة حبسا
منفذة فإن قضاة الإستئناف يرفضهم طلب الطاعنة المتعلقة في هذا الشأن ))ملف رقم
34791 م.ق89
عدد 3 ص 76 (4) وهنا نلاحظ أنه وأمام سكوت المشرع في قانون الأسرة
المادة 53/1 عن مدة عدم الإنفاق التي تصلح لتأمين دعوى التطليق فإن القضاء قد لجا
إلى تطبيق المادة 331 من قانون العقوبات وأخذ بالمهلة المنصوص عليها صراحة في هذه
المادة وهي مدة شهرين ، كما استند صراحة إلى الأخذ بالمذهب المالكي حين أشار إلى
قول بن عاصم وجاء في قرار آخر صادر عن المحكمة العليا أنه( من المقرر فقها
وقانونا أنه يجوز طلب التطليق في حالة استحكام الخلاف ... أو في حالة عدم الإنفاق
... ومن ثم فالنفي بخرق أحكام الشريعة غير صحيح )) (5) قرار صادر عن
المحكمة العليا غرفة الأحوال الشخصية بتاريخ 26/01/1987 ملف رقم 44457 محكمة النقض
1991 عدد 88 وجاء في قرار آخر عن المحكمة العليا بتاريخ 27/11/1989 بما يلي (...
ومن المقرر ايضا تطليق الزوجة لعدم الإنفاق والحكم لها بدون يمين يعد مخالفا
لأحكام الشريعة الإسلامية ... ولما كان ثانيا في قضية الحال أن المجلس القضائي لما
قضى بتطليق الزوجة دون اتباع الإجراءات المنصوص عليها قانونا ودون أداء اليمين
فيما يخص النفقة فيقاضيهم كما فعلوا خالفوا القانون وانتهكوا أحكام الشريعة
الإسلامية )) (6)
1-
بلحاج العربي الوجيز في شرح قانون
الأسرة الجزائري ج1 المرجع السابق ص 279
2-
عبد العزيز سعد الزواج والطلاق في قانون
الأسرة الجزائري المرجع السابق ص 259
3-
عبد الرحمن الصابوني شرح قانون الأحوال
الشخصية السوري ج2 الطلاق وآثاره مطبعة جامعة دمشق ط 1972 ص 91
4-
الزواج والطلاق في الشريعة والقانون دار
العلوم ط 2001 ص118 وأنظر أيضا بلحاج العربي الوجيز في القانون الأسرة الجزائري
المرجع السابق ص 281
5-
الزواج والطلاق الشريعة والقانون المرجع
السابق ص 119
6-
يوسف دلاندة قانون الأسرة دار هومة ط
2001 ص 50
.
(1) -
عبد العزيز سعد . الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري . المرجع السابق . ص
256
(2) قرار مشار إليه لدى بلحاج العربي الوجيز في قانون
الأسرة الجزائري المرجع السابق ص 276 على الهامش ( قرار غيومنشور )
(3) بلحاج العربي الوجيز في شرح قانون الأسرة
الجزائري المرجع السابق ص 276
(4)
بلحاج لعربي
الوجيز في قانون الأسرة الجزائري المرجع السابق ص277 . وانظر عبد العزيزسعد الزواج
والطلاق في قانون الأسرة الجزائري المرجع السابق ص 256 .
(1) عبد العزيز سعد الزواج والطلاق في
القانون الأسرة الجزائري المرجع السابق ص
256 .
(2) المجلة القضائية سنة 1990 عدد 3 ص 55 قرار صادر
بتاريخ 09/02/1987 ملف لرقم 44630
(1) عبد القادر
مدقن شرح وجيز قانون الأسرة الجزائري ملخص
من الفقه الإسلامي المطبغة العربية 1993 ص
187
(2) محمد مصطفى
شلبي أحكام الأسرة في الإسلام دراسة
مقارنة بين المذاهب السنية والمذهب الجعفري و القانون المرجع السابق ص 559 طبعة
1977 دار النهضة العربية بيروت ،وأنضر أيضا عبد الرحمن الجزيري كتاب الفقه على المذاهب الأربعة دار الكتب العلمية ص 508 طبعة 1999
(3) سيد سابق فقه السنة المجلد 3
. دار الكتاب العربي ط ص 288
(4) محمد مصطفى شلبي .أحكام
الأسرة في الإسلام المرجع السابق ص 560 وأنظر المعنى عبد العظيم بدوي الوجيز في
فقه السنة والكتاب العزيز طبعة جديدة منقحة 2001 دار ابن رجب ص308
(5) سيد سابق فقه السنة المجلد 3 المرجع
السبق ص 289 وأنظر عبد الرحمن الجزيري الفقه على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 508
(1) عبد الرحمن
الجزيري الفقه على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 508
(2) عبد الرحمن الجزيري الفقه
على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 509 وأنظر أحمد محمد عساف الأحكام الفقهية في
المذاهب الإسلامية الأربعة المعاملات المجلد الثاني دار أحياء العلوم بيروت الطبعة
الثالثة 1988 ص428 و 429
(3) عبد الرحمن
الجزيري الفقه على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 509
(4) عبد الرحمن الجزيري الفقه
على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 509
(1) عبد الرحمن
الجزيري الفقه على المذاهب الأربعة المرجع السابق ص 511
(2) محمد مصطفى شلبي أحكام
الأسرة في الإسلام المرجع السابق ص 561
وأنظر أيضا سيد سابق فقه السنة المجلد 03 المرجع السابق ص 288
(3) محمد مصطفى شلبي أحكام
الأسرة في الإسلام المرجع السابق ص 562
وأنظر أيضاإبن القيم الجوزية زاد المعاد في هدي خير العباد ص
323
1- بلحاج العربي . الوجيز
في شرح قانون الأسرة الجزائري . المرجع السابق ص
2- قرار صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 23
نوفمبر 1983 غير منشور مشار إليه لدى بالحاج العربي الوجيز في قانون الأسرة
الجزائري المرجع السابق ص 280