الطعن رقم 693 لسنة 45 بتاريخ 18/05/1975
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في خلال الفترة من 15 فبراير سنة 1968 إلى 20 يونيه سنة 1968 بدائرة قسم دمنهور محافظة البحيرة (أولا) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول من موظفي محكمة دمنهور الابتدائية في اختلاس سند الدين المبين بالأوراق موضوع أمر الأداء رقم 10 سنة 1968 كلي دمنهور الصادر ضده بأن اتفق معه على ذلك وساعده بأن أمده ببيانات السند وتاريخ تقديمه ورقم القضية المذكورة حالة كونه قد سلم إليه بسبب وظيفته لحفظه فقام باختلاسه وسلمه إليه فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (ثانيا) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في تزوير محرر عرفي هو سند الدين المرفق بالأوراق، وكان ذلك بطريق الاصطناع وبوضع إمضاءات مزورة بأن اتفق على ذلك وساعده بأن أمده ببيانات السند الحقيقي وشكل توقيعه فقام بتحريره ومهره بتوقيع شبه توقيعه ليبدو على غرار السند الحقيقي (ثالثا) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول من موظفي محكمة دمنهور الابتدائية في استعمال المحرر العرفي المزور المبين في وصف التهمة السابقة بأن اتفق معه على ذلك وساعده بأن سلمه المحرر المزور المذكور فقام بإيداعه ملف الدعوى رقم 183 لسنة 1968 مدني كلي دمنهور مع علمه بتزويره. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 40/2-3 و41 و151 و152/2 و211 و215 من قانون العقوبات. فقرر ذلك، ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم السرقة والاشتراك في تزوير المحرر العرفي واستعماله مع العلم بتزويره قد شابه البطلان والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب كما انطوى على الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال إلى ذلك بأن الحكم المطعون فيه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمتي سرقة سند دين واستعمال سند مزور على خلاف ما تضمنه أمر الإحالة من اشتراك الطاعن مع آخر مجهول من موظفي المحكمة في اختلاس ذلك السند وفي استعمال سند مزور مما ينطوي على إضافة تهمة جديدة لم ترد في أمر الإحالة لا تملك المحكمة إضافتها, وخلت مدوناته مما يفيد إطلاع الطاعن على المحرر المزور, هذا إلى أن الطاعن دفع بأحقيته في الإفادة ضمنياً من قوة الشيء المقضي للقرار الصادر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة إلى موظفي محكمة دمنهور إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع بما ينبئ عن عدم تفهمه لماهيته ومرماه. وأخيراً قد عول الحكم - فيما عول عليه - في إدانته على أنه صاحب المصلحة في مقارفة الجرائم التي دانه بها, وعلى ما لاحظته المحكمة من وقوع عبث في تدبيس حافظة المستندات التي كانت تضم السند المسروق في حين أن المصلحة ليست ركناً من أركان الجريمة كما أن العبث في تدبيس الحافظة لا يؤدي إلى ما رتبه الحكم عليه - وكل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة أقامت الدعوى العمومية على المتهم - الطاعن - بتهم اشتراكه بطريقي الاتفاق والمساعدة مع مجهول من موظفي محكمة دمنهور الابتدائية في اختلاس سند الدين موضوع أمر الأداء رقم 20 لسنة 1968 كلي دمنهور, والاشتراك مع مجهول في تزوير المحرر العرفي, والاشتراك مع مجهول من موظفي المحكمة في استعمال المحرر المزور - ولدى نظر الدعوى أدخلت المحكمة ....... الموظف بمحكمة دمنهور الابتدائية متهماً آخر في الدعوى باعتباره فاعلاً في التهمتين الأولى والثالثة وأحالت الأوراق للنيابة العامة لإجراء تحقيق فيها وبعد أن أتمت تحقيقها أصدرت أمراً بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة قبل هذا الموظف - وأثر ذلك عدلت المحكمة وصف التهم المنسوبة إلى الطاعن إلى سرقة وتزوير محرر عرفي واستعماله مع العلم بتزويره ثم حصل الحكم واقعة الدعوى بما مجمله أن المتهم - الطاعن - كان مديناً لـ......... في مبلغ أربعمائة جنيه ولامتناع المتهم عن الوفاء بالدين استصدر الدائن أمر الأداء رقم 10 لسنة 1968 مدني كلي دمنهور ضده فرفع الأخير تظلماً في الأمر قيد برقم 183 سنة 1968 مدني كلي دمنهور بصحيفة طلب فيها إلغاء الأمر تأسيساً على سداده الدين بمقتضى مخالصة فقدت منه - ثم عمد الطاعن بعد ذلك إلى سرقة سند الدين من حافظة المستندات المقدمة من محامي المجني عليه وأودع بدلاً منه سنداً مزوراً وغير دفاعه بأن الطعن بالتزوير في السند - وأورد الحكم المطعون فيه على ثبوت التهم في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه والأستاذ ...... المحامي رئيس القلم المدني بمحكمة دمنهور الابتدائية والأستاذ ....... المحامي ومن إطلاعها على السند المزور ومن وقوع عبث بحافظة المستندات المقدمة من محامي المجني عليه لما كان ذلك, وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم بل من واجبها أن تمحص الواقعة المطروحة عليها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً, ذلك أنها وهي تفصل في الدعوى غير مقيدة بالواقعة في نطاقها الضيق المرسوم في وصف التهمة المحالة عليها بل أنها مطالبة بالنظر في الواقعة الجنائية على حقيقتها كما تتبين من عناصرها المطروحة عليها ومن التحقيق الذي تجريه بالجلسة - وكانت وقائع اختلاس سند الدين وتزوير آخر بدلاً منه, واستعماله مع العلم بتزويره المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الوقائع التي أتخذها الحكم أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن به ودارت على أساسها المرافعة فضلاً عن أن المحكمة لفتت نظر الدفاع إلى ما أسبغته على الواقعة من وصف قانوني, فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان ما يثيره الطاعن بشأن عدم إطلاعه على السند المزور مردود بما هو ثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ومن محضر جلسة المحاكمة من أن المحكمة فضت المظروف المحتوي على السند المزور في حضور الطاعن والمدافع عنه بجلسة المحاكمة ومن ثم فقد كان معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الإطلاع عليه إذا ما طلب من المحكمة ذلك. لما كان ذلك "وكان الأصل أن الأمر بعدم وجود وجه المبني على أسباب عينية مثل أن الجريمة لم تقع أصلاً أو على أنها في ذاتها ليست من الأفعال التي يعاقب عليها القانون فإنه يكتسب - كأحكام البراءة - حجية بالنسبة إلى جميع المساهمين فيها, ولا كذلك إذا كان الأمر مبنياً على أحوال خاصة وأحد المساهمين دون الآخرين فإنه لا يحوز حجية إلا في حق من صدر لصالحه - وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه ومن أمر الإحالة ومن الأمر الصادر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم كفاية الأدلة قبل ........ الموظف بمحكمة دمنهور الابتدائية أن النيابة العامة أجرت تحقيقاً أسفر عن اختلاس السند وتزوير سند آخر بدلاً منه واستعماله مع العلم بتزويره ولم تكشف التحقيقات - قبل إقامة الدعوى على الطاعن - عن الفاعل الأصلي من بين موظفي محكمة دمنهور الابتدائية كما تبين من الأمر الصادر من النيابة العامة أثناء نظر المحكمة الدعوى أن الدليل لم يكن كافياً لتقديم ...... للمحاكمة فإنه ليس في تصرف النيابة في الحالين ما ينفي وقوع الجرائم موضوع الدعوى الماثلة, وأن هذه الوقائع غير معاقب عليها - وكان مبنى تصرفها أحوالاً خاصاً بالمساهمين في الجريمة من بين موظفي محكمة دمنهور فإن كلا التصرفين لا يحوزان حجية في حق الطاعن, وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك, وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصد الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه, وكان جماع ما أورده الحكم من الأدلة والقرائن التي اطمأنت المحكمة إليها يسوغ ما رتب عليه ويصح استدلال الحكم به فإن النعي على الحكم بدعوى الفساد في الاستدلال يكون غير سديد وما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في وزن الدعوى واستنباط المحكمة لمعتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس خليقاً بالرفض