الطعن رقم 563 لسنة 20 بتاريخ 29/05/1950
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين المذكورين في قضية الجناية بأنهما, الأول ارتكب تزويرا في ورقة أميرية وهي شهادة إدارية مثبتة لتاريخ وفاة ............... بوضع إمضاءات مزورة بأن اصطنع شهادة نسب صدورها كذبا إلى ............... عمدة ميت العز و............... شيخ البلد بها تفيد أنهما يشهدان بأن ............... توفى قبل سنة 1924 حالة كونه توفى بتاريخ 2/7/1935 ووقع بإمضائهما حتى يتوصل بذلك إلى جعل هذه الشهادة مقبولة في قلم التسجيل بمصلحة المساحة تمكينا للمتهم الثاني من تسجيل حكم بصحة تعاقد عن بيع صادر له من ............... بأربعة قراريط في ماكينة طحين وضرب أرز واشترك مع ............... الموظف بقلم الرهون بمحكمة المنصورة المختلطة بطرق الاتفاق والتحريض في سرقة هذه الشهادة الإدارية المزورة بأن اتفق معه وحرضه عليها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وهذا التحريض. والثاني اشترك مع الأول في ارتكاب جريمة التزوير سالفة الذكر بأن اتفق معه على اصطناع الشهادة المزورة والتوقيع عليها بإمضاءي العمدة والشيخ فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق. واستعمل هذه الشهادة الإدارية المزورة بأن قدمها لقلم الرهونات بمحكمة المنصورة المختلطة لتسجيل الحكم الصادر بصحة التعاقد وهو يعلم بتزويرها. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما الأول بالمواد 211، 212، 40/2 - 3 و151 و152/1 والثاني بالمواد 40/2 - 3، 211، 212، 214 من قانون العقوبات. فقرر حضرته بذلك في 11 سبتمبر سنة 1944.
سمعت محكمة جنايات الزقازيق هذه الدعوى ثم قضت فيها حضوريا بتاريخ 19 مارس سنة 1950، عملا بالمواد 40 و41/1 - 2 و151 و152/1 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول والمواد 211 و212 و40 و41/1 - 2 و214 مع تطبيق المادتين 17 و32 من نفس القانون بالنسبة للمتهم الثانى، (أولا): بحبس المتهم ............... مع الشغل لمدة سنتين عن تهمة الاشتراك في السرقة وبراءته من تهمة التزوير. (ثانيا): بمعاقبة المتهم ............... بالحبس مع الشغل لمدة سنتين.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض إلخ إلخ
 
 المحكمة
وحيث إن وجهي الطعن المقدم من الطاعن الأول يتحصلان في القول: (أولا): ببطلان الحكم المطعون فيه لإقامته على أساس فاسد هو استراق السمع بمعرفة شاهد، وسرقة ورقة بمعرفة شاهد آخر. (ثانيا): بقصور الحكم لعدم بيانه توافر أركان جريمة الاشتراك في السرقة في حق الطاعن ولأن الأدلة التي أقام عليها قضاءه بالإدانة لا تؤدي إلى ما انتهى إليه. وفوق ذلك فقد أخطأ الحكم في ذكر اسم أحد الشهود، كما تناقض في بيان مكان وقوع الحادث فتارة يقول إنه بالمنصورة وأخرى يقول إنه بالزقازيق.
وحيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على محضر الجلسة والحكم المطعون فيه أن الدفاع عن الطاعن لم يتمسك بما يثيره الطاعن وكان هذا الدفاع بطبيعته يستلزم تحقيقا موضوعيا وهو غير متعلق بالنظام العام فليس له أن يتمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض. أما القول بأن الحكم قاصر البيان فمردود بأن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه جميع العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن ومنها طرق الاشتراك التي ساهم بها في اقتراف السرقة مستندا في ذلك إلى الأدلة التي أوردها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك وكان ما يقوله الطاعن عن خطأ الحكم في ذكر الاسم الصحيح لأحد الشهود ومكان وقوع الحادث لا يعدو أن يكون خطأ ماديا لا يؤثر في سلامة الحكم فإن الطعن على هذه الصورة لا يكون له محل.
وحيث إن أوجه الطعن المقدمة من الطاعن الثاني تتحصل في القول (أولا): بانعدام القصد الجنائي في جريمة التزوير المنسوبة إليه. ذلك لأن الطاعن لم يكن يهدف إلا إلى تسجيل حكم صدر صحيحا عن عقد بيع ابتدائي معترف به وأن ضررا ما لم يترتب على تلك الجريمة، (ثانيا) بأن الحكم أخطأ حين اعتمد في إثبات التزوير على صورة شمسية للشهادة المزورة ذلك لأن هذه الصور لا تصلح في القانون أساسا للمضاهاة لعدم وضوح الاهتزازات "واللازمات" للإمضاء الأصلية في الصورة. (ثالثا): أخطأ الحكم أيضا في تطبيق القانون لاعتباره الشهادة الإدارية ورقة رسمية مع أنها في الواقع صادرة من شخص غير مختص بإثبات تواريخ الوفاة فإذا أخطأ فيها فإنه لا يكون مستحقا للعقاب. (رابعا): بأن المحكمة وقد قضت ببراءة الفاعل الأصلي في جريمة التزوير وعدلت التهمة المنسوبة للطاعن من فاعل أصلي لتلك الجريمة إلى شريك فيها فإنها لم توضح أوجه الاشتراك أو الأدلة التي استخلصت منها ذلك. (خامسا): بأن الحكم آخذ الطاعن بجريمة الاستعمال مع أنه دفع بعدم علمه بالتزوير وبأن الشهادة قدمت إلى جهة إدارية ولا عقاب في القانون على ذلك إلا أن تكون الورقة المزورة قد قدمت إلى هيئة قضائية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بالنسبة لهذا الطاعن بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمتين اللتين دانه بهما مستندا في ذلك إلى الأدلة التي أوردها في منطق سليم وهي أدلة تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك وكان صحيحا في القانون اعتبار الشهادة الإدارية المنسوب إلى العمدة وشيخ البلد التوقيع عليها، من الأوراق الرسمية، وكذلك ليس في القانون ما يمنع من اعتبار الصورة الشمسية أساسا يصلح للمضاهاة عليها كما استقر عليه قضاء هذه المحكمة، وكان مجرد تغيير الحقيقة بالوسائل التي نص عليها القانون في الأوراق الرسمية تتحقق معه جريمة التزوير فيها بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها وبدون أن يتحقق ضرر خاص يلحق شخصا بعينه من وقوعها، وذلك لما يجب أن يتوافر لهذه الأوراق من الثقة والتعويل عليها، وكانت جريمة الاستعمال تتحقق أيضا بتقديم الورقة المزورة لأي جهة من جهات التعامل والتمسك بها وهي بطبيعتها جريمة مستمرة لا تسقط تبعا لجريمة التزوير.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا