الطعن رقم 557 لسنة 44 بتاريخ 03/06/1974
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة في ... .... ... برقم ... سنة 1967 كلا من: 1- ... .... ... (الطاعن الأول) و2- ... .... ... و3- ... .... ... (الطاعن الثاني) بأنهم في الفترة من 18 مايو سنة 1967 إلى 10 من يونيه سنة 1967 بناحية مركز بسيون محافظة الغربية (المتهم الأول) (أولا) بصفته موظفا عموميا مساعد معمل وأمين وحدة الفرستق الصحية شرع في اختلاس أجولة البرغل المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لوزارة الصحة والمسلمة إليه بسبب وظيفته وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبسا بها، (ثانيا) بصفته سالفة الذكر اختلس كمية علب الزيت المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة لوزارة الصحة والمسلمة إليه بسبب وظيفته. (ثالثا) اشترك مع مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في ورقتين أميريتين هما الاستمارتين 111 و112 ع.ح المؤرختين 18 مايو سنة 1967 بأن اتفق مع ذلك المجهول على التوقيع على هاتين الاستمارتين بدلا من الطبيب المختص بوحدة الفرستق الصحية بما يفيد اعتمادهما وساعده على ذلك بأن قدم له هاتين الاستمارتين فقام المجهول بالتوقيع عليهما بإمضاء نسب صدوره إلى طبيب وحدة الفرستق فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة (رابعا) استعمل الاستمارتين سالفتي الذكر وهو عالم بتزويرهما بأن أعادهما إلى مركز توزيع الشين دلالة على وصول المواد الثابتة بهما إليه وإضافتهما إلى عهدته بوحدة الفرستق الصحية. (خامسا) اشترك مع المتهم الثاني بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر أميري وهو الخطاب المصطنع والمنسوب صدوره إلى إدارة التموين الطبي بمديرية الصحة بالعربية بأن اتفق وإياه على اصطناع ذلك الخطاب وساعده على ذلك بان قدم له خاتم الوحدة عهدته ليضع بصمته على ذلك الخطاب فقام المتهم الأول بذلك وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (سادسا) استعمل المحرر الأميري سالف الذكر وهو عالم بتزويره بأن قدمه إلى طبيب الوحدة الصحية بالفرستق لتنفيذ ما جاء به المتهم الثاني. (أولا) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في الشروع في اختلاس أجولة البرغل سالفة الذكر بأن اتفق وإياه على اختلاسها وساعده على ذلك بأن اصطنع له الخطاب المنسوب صدوره زورا إلى إدارة التموين الطبي لإخفاء واقعة الاختلاس وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبط المتهم الأول والجريمة متلبس بها وفراره هو خشية ضبطه (ثانيا) ارتكب تزويرا في محرر أميري وهو الخطاب المنسوب صدوره زورا إلى إدارة التموين الطبي بمديرية الشئون الصحية بالغربية والمؤرخ 18 من يونيه سنة 1967 وذلك بطريق الاصطناع ووقع بإمضاء مزورة بأن اصطنع بيانات هذا الخطاب والمتضمن على خلاف الحقيقة تكليف طبيب وحدة الفرستق الصحية تسليم ما بالوحدة من مواد المعونة لمندوب التموين الطبي وشفع ذلك بوضع إمضاء مزورة نسبها زورا لمديرية التموين الطبي. (ثالثا) استعمل الخطاب المزور سالف الذكر مع علمه بتزويره بأن تقدم به إلى طبيب وحدة الفرستق الصحية باعتباره مندوب إدارة التموين الطبي لاستلام مواد المعونة بالوحدة. (رابعا) تداخل في وظيفة من الوظائف العمومية ومن غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها وأجرى عمل من مقتضيات تلك الوظيفة بأن ادعى كذبا بأنه مندوب إدارة التموين الطبي بمحافظة الغربية وأنه موفد من قبل تلك الإدارة لاستلام مواد المعونة بوحدة الفرستق الصحية. (المتهم الثالث) اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في الشروع في اختلاس أجولة البرغل سالفة الذكر بأن اتفق وإياه على ذلك وساعده على هذا بأن استحضر له سيارة لنقلها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبط المتهم الأول والجريمة متلبس بها وفراره خشية ضبطه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للمواد الموضحة بتقرير الاتهام. فقرر بذلك في 7 من مارس سنة 1968. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 13 ديسمبر سنة 1973 عملا بالمواد 40/2-3 و41 و46 و112/2 و113 و118 و211 و212 و214 و152 و32/2 و17 و27 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعزله من وظيفته. (ثانيا) بمعاقبة كل من المتهمين الثاني والثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنة. (ثالثا) بتغريم المتهمين الثلاثة متضامنين مبلغ خمسمائة جنيه وذلك عن التهم المسندة إليهم. فطعن المحكوم عليه ... ... ... في هذا الحكم بطريق النقض في 30 ديسمبر سنة 1973 ولم يقدم أسبابا لطعنه، كما طعن المحكوم عليه ... ... ... في ذلك الحكم بطريق النقض في 31 ديسمبر سنة 1973 وقدم كل من المحاميين عنهما تقريرا بالأسباب في 22 يناير سنة 1974 موقعا على كل منهما
 
 المحكمة
من حيث إنه لما كان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله - وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يغني أحدهما عن الآخر وكان الطاعن الثاني ............ وإن قرر بالطعن في الميعاد، إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه فيكون طعنه غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول .............. قد استوفي الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى هذا الطعن هو الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجنايات اختلاس وشروع فيه واشتراك في تزوير في أوراق رسمية واستعمالها قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في القانون وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول في قضائه في جريمة اختلاس زيت المعونة، على ظهور عجز في كمية الزيت التي كانت في المخزن الذي اؤتمن عليه، في حين أن مجرد ثبوت العجز لا يعد دليلاً على الاختلاس بما يتضمنه من إضافة المال إلى ذمة المختلس بنية إضاعته على صاحبه، كما أنزل الحكم على واقعة الشروع في اختلاس "البرغل" حكم المادة 113 من قانون العقوبات دون أن يستظهر انصراف نية الطاعن وقت الاستيلاء إلى تملك المال المستولى عليه فضلاً عن جمعه بين حكم هذه المادة وحكم المادة 112 مع اختلاف الأركان التي تتطلبها كل منهما، كما أن الحكم لم يفصح عن الأفعال التي قارفها الطاعن واستدل بها على ثبوت اشتراكه في تزوير الاستمارتين رقمي 111 و112 ع ح وخطاب إدارة التموين الطبي وجاء قاصراً في استظهار القصد الجنائي، وقد التفتت المحكمة عن طلب الطاعن عرض الاستمارتين على كبير الأطباء الشرعيين لندب خبير آخر لإجراء المضاهاة ومقارنة ما ينتهي إليه بنتيجة تقرير الخبير المقدم في الدعوى أو تقديم تقرير خبير استشاري هذا إلى أن الدفاع قد نازع في قيام جريمتي الشروع في اختلاس البرغل واختلاس الزيت لأن تسليم البرغل وقع بأمر طبيب الوحدة بعد اطلاعه على الخطاب الذي يجهل الطاعن تزويره، أما الزيت فقد كان موجودا فعلا بالمخازن ولم يقم الدليل على استيلاء الطاعن عليه خاصة وقد ثبت من محضر لجنة الجرد الذي أجري في 11 من يونيه سنة 1967 أن كمية البرغل وجدت كاملة ولم تشتبه اللجنة في عدم وجود الزيت، كما أسفر الجرد الثاني الذي أجري في 15 من يونيه سنة 1967 عن وجود علب زيت المعونة ولا محل لمساءلة الطاعن عن أوصاف الزيت أو استبداله لأن الجرد أجري في الوقت الذي كان فيه الطاعن مقيد الحرية وثبت وجود عبث بالأختام التي وضعت على باب المخزن، كما أن المدافع عن الطاعن طلب ضم الدفتر رقم 118 ع.ح لبيان عهدة الطاعن وضم أوراق معينة لإعادة إجراء المضاهاة بيد أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه وسكت الحكم عن الإشارة إليه مع جوهريته، كما أهدر الحكم إنكار الطاعن اطمئناناً منه إلى أقوال شهود الدعوى وما ثبت من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير والجرد رغم أنها لا تكفي للتدليل على ثبوت أية تهمة في حق الطاعن، وأخيراً فقد نقل الحكم عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن عبارة محافظة الغربية مديرية الشئون الصحية الواردة بالخطاب المدعى بتزويره تتفق مع مثيلتها ببصمة قالب خاتم الوحدة الصحية الريفية بالفرستق دون أن يفصح الحكم عن التقرير الذي يقصده من بين التقارير الثلاثة المقدمة من قسم أبحاث التزييف والتزوير في الدعوى ومع مخالفة ذلك للثابت في أحدها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في أنه في صباح 10 من يونيه سنة 1967 استأذن المحكوم عليهما الثاني والثالث متعهد الأغذية في استخدام سيارته لقضاء بعض شئونهما فلما أذن استقلاها بقيادة الشاهد الأول وبصحبته مندوب المتعهد وتوجهوا إلى بلدة الفرستق ومروا في طريقهم بمنزل الطاعن وهو مساعد معمل وأمين وحدة الفرستق الصحية حيث استقل السيارة معهم وقبل وصولهم إلى الوحدة بقليل غادر السيارة ثم تلاه المحكوم عليه الثاني وترقب ثلاثتهم حتى وصل طبيب الوحدة وتقدم إليه المحكوم عليه الثاني زاعما أنه مندوب إدارة التموين الطبي وأيد الطاعن هذا الزعم ثم قدم ذلك المحكوم عليه للطبيب خطابا مزوراً منسوباً لإدارة التموين الطبي يتضمن طلب تسليم كمية البرغل - المملوكة لوزارة الصحة والمسلمة إلى الطاعن بسبب وظيفته والمودعة مخازن الوحدة لنقلها للإدارة الطبية فوافق الطبيب على ذلك، وقام الطاعن والمحكوم عليهما بنقل شوالات البرغل إلى السيارة وأثناء ذلك ساور الطبيب الشك في صحة الخطاب فاتصل تليفونيا بالإدارة الطبية فأنبئ بأنه غير صحيح فكلف الشاهدة الخامسة بإيقاف تسليم الشوالات وفر المحكوم عليهما الثاني والثالث على الأثر، وقد أسفر وجود عهدة الطاعن عن استلامه كمية زيت المعونة الأمريكية المسلم إليه بسبب وظيفته، كما ثبت وقوع ذلك بتزوير الاستمارتين 111 و112 ع.ح بوضع توقيع مزور لطبيب الوحدة عليهما بعد وصول هذه الكمية إلى الوحدة الريفية بالفرستق وساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن كتاب مديرية الشئون الصحية ومن تقرير اللجنة التي شكلت لجرد عهدة الطاعن ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وأورد الحكم محصل أقوال الشهود بما يؤيد الصورة التي ارتسمت في وجدانه ثم نقل عن تقرير لجنة الجرد أن الطاعن تسلم 1463 رطلاً من زيت المعونة الأمريكية من مركز توزيع الشين بموجب الاستمارتين السابق الإشارة إليهما وأنه اختلس هذه الكمية واستبدل زيتاً آخر بها كما نقل الحكم عن تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي أنه ثبت أن الخطاب المدعى صدوره من إدارة التموين الطبي مزور أنه مكتوب بخط المحكوم عليه الثاني، كما ثبت أن التوقيع المذيل به الخطاب والمنسوب إلى مدير التموين الطبي مزور عليه، كما تبين أن عبارة "محافظة الغربية مديرية الشئون الصحية" بالخطاب تتفق مع نظيرتها ببصمة قالب خاتم الوحدة الصحية الريفية بالفرستق، كما ثبت تزوير توقيع طبيب الوحدة على الاستمارتين بطريق التقليد، ثم عرض الحكم لإنكار الطاعن الاتهام المسند إليه ورد عليه بأن المحكمة لا تعول على إنكاره وقد اطمأنت لأقوال الشهود وما تبين من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير وجرد مخزن الطاعن إلى صحة ما هو مسند إليه من أفعال.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن -بما ساقه من أدلة سائغة اطمأنت إليها المحكمة- أنه اختلس كمية الزيت التي أرسلت لوحدة الفرستق الصحية بموجب الاستمارتين رقمي 111 و112 ع.ح اللتين ثبت تزويرهما بما يفيد وصول هذه الكمية على خلاف الحقيقة إلى مخازن الوحدة وإذ أحس الطاعن اكتشاف أمره وضع بالمخزن عهدته زيتاً من نوع آخر كما أثبت الحكم كذلك أن الطاعن وزميليه نقلوا البرغل من المخزن إلى السيارة، لما كان ذلك، وكان يبين من الرجوع إلى أصل تشريع المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 (وهي المقابلة للمادة 100 من قانون العقوبات الصادر سنة 1883، والمادة 97 من قانون العقوبات الصادر سنة 1904 والمادة 112 من قانون العقوبات الصادر سنة 1937 أن هذا النعي ظل على أصله من اشتراط أن تكون الأشياء مسلمة إلى الموظف بسبب وظيفته، وقد جاءت الصيغة الفرنسية لهذا الركن بعبارة Qui et ataient entre ses mains en vertu des ses functions بما يعني أن يكون الشيء بين يدي الموظف بمقتضى وظيفته، وهو التعبير نفسه الذي استعمله المشرع الفرنسي عند صياغة المادة 169 من قانون العقوبات التي أخذت عنها المادة 112 من قانون العقوبات المصري، وأن في هذا التعبير من الشارع لآية على أنه لم يكن مراده عند وضع النص أن يجعل الاختلاس مقصوراً على الحالة التي يكون فيها الشيء قد سلم إلى الموظف تسليماً مادياً وإنما أراد أن يجمع إلى هذه الصورة الحالات التي يكون فيها عمل الموظف قد اقتضى وجود الشيء بين يديه، وفرض العقاب على عبث الموظف بالائتمان على حفظ هذا الشيء، وهي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة لا شبه بينها وبين الاختلاس الذي نص عليه الشارع في باب السرقة، ذلك بأن الاختلاس في هذه الحالة الأخيرة هو انتزاع المال من الحيازة بنية تملكه، أما هنا فإن الشيء في حيازة الجاني بصفة قانونية ثم تنصرف نيته إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له، فمتى وقع هذا التغيير في نية الحائز استحالت الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك، وتوافرت جريمة الاختلاس تامة، وإن كان هذا التصرف لم يتم فعلاً، لما كان ذلك، وكان الشارع عند استبدال النص الحالي للمادة 112 بالنص السابق، لم يجعله مقصوراً -كما كانت الحال في النص السابق- على مأموري التحصيل أو المندوبين له أو الأمناء على الودائع أو الصيارفة المنوطين بحساب نقود، بل أطلق حكم النص ليشمل كل موظف عام يختلس مالاً مما تحت يده متى كان المال مسلماً إليه بسبب وظيفته، وهذا التعبير الأخير هو الذي كان مستقراً في صياغة هذه المادة منذ أول وضعها، وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 69 لسنة 1953 أنه رؤى في صياغة المواد الجديدة ما انتهت إليه لجنة تعديل قانون العقوبات في مشروعها مع إضافة مواد أخرى يستكمل بها ما فات اللجنة استكماله من نواحي النقص وتعديل بعض المواد الأخرى من مشروع اللجنة ليلائم روح العهد الحاضر وتحقيق أهدافه شأن القضاء على الفساد والإفساد والمحافظة على أموال الدولة وعدم التفريط فيها.. وقد تلافت النصوص الواردة في هذا المشروع المرافق كثيراً من نواحي النقص التي أخذت على النصوص الحالية في قانون العقوبات والتي تعرض لها شرائح القانون الجنائي بالنقد في مؤلفاتهم. لما كان ذلك، وكان تأويل التسليم المشار إليه في النص بالأخذ المادي وحده فيه تضييق للمدى الذي يشمله تطبيقه، وهو ما لا يتفق مع الاتجاه الذي أفصح عنه الشارع في المذكرة الإيضاحية ولا مع ما قصده عند وضع النص من أن تجريم الاختلاس والعقاب عليه لا يستلزم -كما هو مبين فيما سبق- سوى وجود الشيء في حفظ الموظف الذي عهد إليه به، يستوي في ذلك أن يكون قد سلم إليه تسليماً مادياً أو أن يكون بين يديه بمقتضى وظيفته، ولا يسع محكمة النقض وهي تعرض لتفسير المادة 112 إلا أن تشير كما سلف القول إلى أن الاختلاس المذكور في تلك المادة -باعتباره صورة خاصة من صور خيانة الأمانة- يقع تماما متى وضحت نية الحائز في أنه يتصرف في الشيء الموكول بحفظه تصرف المالك لحرمان صاحبه منه، ومن ثم فإن الوصف الصحيح لجريمة الطاعن بالنسبة للبرغل والتي أثبتها الحكم المطعون فيه، أنها اختلاس تام لا شروع فيه -على ما ذهب إليه خطأ الحكم- إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من الطاعن وحده فلا يسوغ أن يضار بطعنه. لما كان ذلك، وكان ما تسلمه الطاعن من الزيت والبرغل تم بصفته أميناً لوحدة الفرستق الصحية، وكان الطاعن لم يزعم أن ثمة عجزاً أو خطأ حسابياً، فإن الحكم يكون قد دلل على توافر أركان جريمة الاختلاس المنصوص عليها في تلك المادة وطبق القانون على الواقعة تطبيقاً سليماً. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كاف وسائغ في بيان نية الاختلاس وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه -كما هو الحال في الدعوى المطروحة- ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل - لما كان ذلك، وكان الاشتراك في جرائم التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم -الأمر الذي لم يخطئ الحكم في تقديره- هذا فضلاً عن أن ما يثيره الطاعن بالنسبة لجريمتي الاشتراك في التزوير في أوراق رسمية لا يجديه نفعاً لأنه بافتراض قصور الحكم في التدليل عليهما، لا يستوجب نقضه مادامت المحكمة قد طبقت على الطاعن حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها الحكم في حقه. لما كان ذلك، وكان النعي على الحكم عدم إفصاحه عن أي من تقارير قسم أبحاث التزييف والتزوير الذي استند إليه، مردودا بأنه ليس في القانون ما يلزم المحكمة بتحديد موضع الدليل في الدعوى مادام له أصل فيها. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمنا من قضائها بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً