الطعن رقم 149 لسنة 26 بتاريخ 09/04/1956
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق ورقة أميرية من أوراق المرافعة القضائية وهي أمر الأداء في القضية رقم 1505 سنة 1955 تجاري القاهرة. وطلبت عقابه بالمادتين 151، 152 من قانون العقوبات. ومحكمة عابدين الجزئية قضت حضوريا عملا بالمادتين المذكورتين بحبس المتهم سنتين مع الشغل والنفاذ. فاستأنف المتهم. ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف فطعن المحكوم عليه في الحكم الأخير بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
وحيث إن مبنى أوجه الطعن عدا الوجه الثالث هو أن الدفاع عن الطاعن تمسك بأن أحدا من شهود الإثبات لم يذكر أن يد الطاعن امتدت إلى أمر الأداء موضوع الجريمة, ولكن الشاهد الأول.......... قرر بأن الطاعن أخذ بعض الأوراق ولا يعلم إن كان من بينها أمر الأداء أم لا, كذلك قرر............... بأنه لم ير الطاعن يأخذ شيئا من الأوراق, أما الشاهد الثاني فقد قرر بأنه لا يعرف نوع الأوراق التي وضعها الطاعن في الدفتر, ويؤخذ من ذلك كله أن الشهود قطعوا بان يد الطاعن لم تمس أمر الأداء, غير أن المحكمة أعرضت عن هذا الدفاع, ولم ترد عليه. هذا إلى أن التحقيق أثبت أن الشهود السالف ذكرهم كانوا جميعا بالغرفة التي كانت فيها الأوراق, فلا يعقل أن يقدم الطاعن على ارتكاب السرقة في حضورهم, ولم يكن ثمة ما يمنعه من الهرب, كما وجد أمر الأداء في موضعه المخصص له دون أن يعبث به أحد, يضاف إلى ذلك تناقض شهود الإثبات في أقوالهم, إذ قرر الشاهد الأول.............. أنه عندما حضر إلى الغرفة التي بها المكتب وجد فيها الطاعن مع الساعي............. , بينما قرر الشاهد.............. أن الطاعن لم يكن موجودا بتلك الغرفة وقتئذ, وقد نبه الدفاع عن الطاعن إلى هذا التناقض, ولكن المحكمة ضربت عنه صفحا ولم ترد عليه. ويضيف الطاعن إلى ما تقدم أن الاعتراف الذي نسب إليه في محضر البوليس مدسوس عليه بطريق التهديد والإرهاب, وقد أنكر صحته في تحقيق النيابة وأمام المحكمة, وطلب في جلسة المحاكمة تحقيق هذا الاعتراف, ولكن المحكمة لم تستجيب لهذا الطلب, وأخذت بهذا الاعتراف في حق الطاعن بينما أطرحته بالنسبة للمتهم الآخر الذي قضت ببراءته, هذا على الرغم من أن الطاعن من أسرة طيبة وحاصل على الشهادة الابتدائية ويتابع دراسته في القسم الثانوي مما يستبعد معه وقوع الجريمة منه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه الذي أيد الحكم الابتدائي لأسبابه قد بين واقعة الدعوى بما محصله أن............... الكاتب المساعد بقلم الحفظ بمحكمة القاهرة التجارية كان قد بارح مكتبه يوم الحادث إلى غرفة كاتب أول المحكمة, فاغتنم الطاعن - وهو كاتب عمومي - فرصة غيبته وجعل يقلب الملفات الموضوعة على المكتب واختلس منها أمر الأداء رقم 1505 سنة 1955 تجاري والمستندات المرافقة له الصادر لصالح.................. ضد............... (المتهم الثالث في الدعوى) بإلزام هذا الأخير بأن يدفع للأول مبلغ 220 جنيه وأخفى الطاعن هذه الأوراق بين صديريه وقميصه, ثم أحس بعد ذلك بافتضاح أمره إذ رآه بعض الموظفين وهو يختلس الأوراق ويخفيها فأعادها ووضعها بين أوراق أحد الدفاتر التي كانت موضوعة على المكتب. ثم أورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال الشاهدين............ و..........., ومن اعتراف الطاعن في محضر البوليس بأنه سرق الأوراق المذكورة تنفيذا للاتفاق الذي كان قد تم بينه وبين المتهم الثالث نظير مبلغ عشرين جنيها كان هذا الأخير قد وعده بدفعه له. ولما كانت هذه الأدلة التي ساقها الحكم سائغة ومؤدية إلى النتيجة التي انتهى إليها, وكان تناقض الشهود في أقوالهم بفرض صحته لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة التي اقتنعت بها من تلك الأقوال بما لا تناقض فيه. وكان لا يبين من محاضر جلسات المحكمة الإستئنافية أن الدفاع عن الطاعن أثار أمامها شيئا حول اعتراف الطاعن بمحضر البوليس, ولا طلب منها إجراء تحقيق للتوصل إلى إثبات عدم صحة هذا الاعتراف, فليس له أن ينعي عليها عدم إجابة هذا الطلب. ولما كان للمحكمة أن تأخذ بالاعتراف في حق المتهم المعترف, وأن تدعه في حق متهم آخر, إذ المرجع في ذلك إلى ما تطمئن إليه المحكمة وتقتنع بصدقه, وكانت المحكمة غير ملزمة بأن ترد على استقلال على كل ما يثيره المتهم من أوجه دفاع موضوعية, إذ الرد عليه يكون مستفادا من الحكم بإدانته استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردها - لما كان كل ذلك, فإن ما ينعاه الطاعن فيما تقدم لا يكون له محل.
وحيث إن حاصل الوجه الثالث هو أن الواقعة لو صحت لكونت شروعا في سرقة لا سرقة تامة, والمادتان 151 و152 من قانون العقوبات اللتان طبقتهما المحكمة وعاقبت الطاعن على مقتضاهما لا تعاقبان إلا على الجريمة التامة.
وحيث إن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه مردود بأن الواقعة التي أثبتها الحكم على الطاعن حسبما سبق بيانه تكون جريمة السرقة التامة المنصوص عليها في المادتين السالفتي الذكر, كما هي معرفة بها في القانون.
وحيث إنه مما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا