الطعن رقم 12 لسنة 28 بتاريخ 24/03/1958
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة .............. بأنه أولا - بصفته من مأموري التحصيل المندوبين له - كاتب جلسة جنح الرمل - المنوط به تحصيل رسوم الادعاء المدني الذي يتم بالجلسة أثناء انعقادها: اختلس مبلغ تسعة عشر جنيها هو رسم الادعاء المدني في قضية الجنحة رقم 1813 سنة 1950 منتزه المسلم إليه بسبب وظيفته من الأستاذ .............. المحامي بصفته وكيلا عن المدعين بالحق المدني في تلك القضية, وثانيا: سرق أوراق مرافعة قضائية ( أربعة محاضر جلسات ) من ملف القضية رقم 1813 سنة 1950 جنح المنتزه حالة كونه الحافظ لها، وطلبت إلي غرفة الاتهام إحالته إلي محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للمواد 112 و151 و152 من قانون العقوبات، فصدر قرارها بذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضوريا بحبس المتهم سنة مع الشغل وبرد مبلغ تسعة عشر جنيها قيمة ما اختلسه وبعزله من وظيفته وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي عليه بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم وذلك تطبيقا للمواد 112 و40/2 و41 و151 و152 و 32 و 17 و 55 و56 و27 من قانون العقوبات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .. الخ
 
 المحكمة
... حيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من طعن المحكوم عليه ....... هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور إذ دان الطاعن بالجريمة المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات قبل تعديلها بالمرسوم بقانون رقم 69 لسنة 1953, مع أن الطاعن دفع في جلسة المحاكمة بأنه باعتباره كاتب جلسة لا يعتبر من مأموري التحصيل أو المندوبين له, فلم تعرض المحكمة لهذا الدفع, ولم ترد عليه في أسباب حكمها, وإذ دان الحكم الطاعن بجريمة الاشتراك مع مجهول بطريق الاتفاق على سرقة بعض محاضر جلسات قضية الجنحة المدعى بحصول الادعاء المدني فيها, دون أن يبين الأدلة على قيام هذا الاتفاق إلا في قوله إن الطاعن صاحب المصلحة في فقد هذه الأوراق, مع أن مصلحته إنما تتحقق في وجودها لخلوها مما يفيد تسلمه رسوم الادعاء المدني, وأغفل الحكم أيضا التحدث عن أحد أركان الجريمة المنطبقة على المادة 151 من قانون العقوبات والتي دان الطاعن بالاشتراك في ارتكابها, وهو أن يكون الفاعل الأصلي حافظا على الأوراق المذكورة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى, أورد الأدلة التي استند إليها في إدانة الطاعن فقال: "وحيث إنه يبين مما تقدم جميعه أن المتهم المذكور (الطاعن) كان كاتبا لجلسة جنح الرمل في 13/12/1951 حيث تم الادعاء مدنيا وتسلم الرسم. يؤيد ذلك - أولا - ما أقر به المتهم بالتحقيق على أثر مواجهته أن رول يوم جلسة 23/12/1951 محرر بخطه من أنه كان كاتبا لجلسة الجنح في اليوم المذكور, ولا عبرة بإنكاره بعد ذلك وادعائه بجلسة المرافعة أنه غير متذكر, إذ ظاهر من ذلك أنه يحاول درء الاتهام عن نفسه - ثانيا - ما ثبت من الاطلاع على رول حضرة قاضي المحكمة المذكورة بما يقطع بأن الادعاء مدنيا قد تم بجلسة 13/12/1951, وأن القضية قد أجلت إلى جلسة أخرى لإدخال مسئول بالحق المدني - ثالثا - ما ثبت من مطالعة صحيفة إعلان المسئول بالحق المدني حيث سجل الأستاذ المحامي أنه دفع الرسم المدني في تلك الجلسة (13/12/1951), وهذا الإعلان كان قد قدم للمتهم (الطاعن) نفسه وأشر عليه بتوريد رسم 200 مليم مخالفا بذلك تأشيرة رئيس القلم الجنائي ومتجاوزا اختصاصه في ذلك, وكل هذا بقصد تعمد إخفاء اختلاسه. رابعا - ما أقر به المتهم بجلسة المرافعة من أنه لو لم يكن هناك ادعاء مدني وأن الرسم فيه لم يورد, لما أشر بتوريد 200 مليم على الإعلان سالف الذكر. خامسا - ما شهد به الأستاذ ............. من أنه ادعى مدنيا بجلسة 13/12/1951 وسلم رسم الادعاء وهو مبلغ 19 جنيها إلى كاتب الجلسة الذي كان يمارس عمله". وتحدث الحكم عن تهمة اشتراك الطاعن في سرقة محاضر جلسات قضية الجنحة 1813 سنة 1950 المنتزه في قوله: "ويتبين أيضا أن المتهم (الطاعن) وقد اختلس مبلغ الرسم وقدره 19 جنيها هو صاحب المصلحة في سرقة تلك المحاضر لإخفاء جريمته - والقدر المتيقن في حقه أنه (ـــــــــــــــــــــــ) اشترك مع مجهول بطريق الاتفاق في سرقة تلك المحاضر في المدة المذكورة لإخفاء دليل اختلاسه, ولم يكن لدى المحكمة ما يدل على أن السرقة قد تمت في الوقت الذي كانت تلك القضية بعهدته وحافظا لها" - ثم خلص الحكم بعد ذلك إلى أن عقاب الطاعن ينطبق على المواد 112 و40/2 و41 و151 و152 من قانون العقوبات - لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بيانا كافيا مشتملا على كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما, وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها, ثم أثبت الحكم على الطاعن أنه حين ارتكب جريمة الاختلاس كان يعمل كاتبا بجلسة محكمة الجنح, وأن المبلغ الذي اختلسه قد وصل إلى يده بسبب وظيفته, وكان الطاعن لا ينكر أنه كان يعمل كاتبا للجلسة, فليس بلازم بعد ذلك أن يدلل الحكم على أنه ممن ورد ذكرهم بالمادة 112 من قانون العقوبات قبل تعديلها بالمرسوم بقانون رقم 69 لسنة 1953, لأنه بصفته بادية الذكر يعد من المندوبين للتحصيل, إذ من المقرر أن مندوب التحصيل يشمل كل شخص يوكل إليه عادة أو عرضا تحصيل الأموال, فإذا اختلسها وكانت قد سلمت إليه بسبب وظيفته, فإنه يكون مرتكب الجريمة المشار إليها في المادة سالفة الذكر - لما كان ما تقدم وكان الحكم قد دلل على اشتراك الطاعن مع مجهول بطريق الاتفاق في سرقة محاضر جلسات قضية الجنحة بأنه صاحب المصلحة في وقوع هذه السرقة, وكان الاشتراك بالاتفاق يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية, ويكون للقاضي الجنائي إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو ما شاكل ذلك أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه, وكان لا يلزم أن يكون الفاعل هو الحافظ للأوراق المسروقة. وقد نفى الحكم هذه الصفة عن الطاعن, مما مفاده أنه أنزل عليه العقاب بمقتضى المادتين 151 و152/1 من قانون العقوبات, وإن كان الحكم قد أغفل بيان الفقرة الواجبة التطبيق من المادة الأخيرة, فإن ذلك لا يعيبه ما دام أنه وصف الفعل المسند إلى الطاعن وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بيانا كافيا, وقضى بالعقوبة في حدود ما ورد بالفقرة المذكورة, ومن ثم فإن ما جاء بهذين الوجهين من طعن الطاعن يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجهين الثالث والرابع هو أن الحكم جاء مشوبا بالتناقض وفساد التدليل, إذ دان الطاعن بالمادتين 151 و152 من قانون العقوبات على الرغم من قيام التعارض بين نصوصهما - كما استدل الحكم على توافر جريمة سرقة محاضر جلسات القضية من عدم وجودها, مع أن ذلك لا يؤدي حتما إلى هذه النتيجة. واستند الحكم أيضا في قيام جناية الاختلاس إلى ما أثبته القاضي في رول الجلسة من تأجيل القضية لإدخال مسئول عن الحقوق المدنية مع أن ذلك لا يدل بذاته على أن رسم الادعاء قد تسدد, هذا فضلا عن أنه ليس في تأشيرة الطالب على طلب إعلان المسئول عن الحقوق المدنية بتحصيل مبلغ 200 مليم ما يشير إلى أن الطاعن يقصد إخفاء الاختلاس, وأضاف الطاعن أن الحكم استند في إدانته إلى أنه أقر بجلسة المحاكمة بأنه لو لم يكن هناك ادعاء مدني لما أشر بتوريد رسم قدره 200 مليم على طلب إعلان المسئول مدنيا, مع أن ذلك لم يكن ضمن أقواله أمام المحكمة, ومن ثم يكون الحكم قد أخطأ في الإسناد مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم إذ طبق في حق الطاعن المادتين 151 و152 من قانون العقوبات لا يكون قد أخطأ في شيء لعدم قيام تعارض بين نصيهما إذ أنهما مكملتان لبعضهما. ولما كان ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بدعوى الخطأ في الإسناد مردودا بأنه يبين من الرجوع إلى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن قال صراحة بأنه إذا كان قد اطلع على قضية الجنحة وتبين له أن المدعي بالحق المدني لم يدفع رسم الادعاء, لما أشر بتوريد رسم الإعلان - ومؤدى ما أثبته الحكم منسوبا إلى الطاعن يتفق وما جاء بأقوال هذا الأخير بجلسة المحاكمة. لما كان ذلك, وكان باقي ما ينعاه الطاعن على الحكم لا يعدو أن يكون جدلا في واقعة الدعوى وأدلة الثبوت فيها مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع, ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض, فإن ما يثيره الطاعن بهذين الوجهين من طعنه يكون غير سديد.
وحيث إنه من كل ما تقدم يكون الطعن المقدم من المحكوم عليه على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
عن التقرير المقدم من النيابة
من حيث إن مبنى الطعن من النيابة العامة هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ أغفل توقيع غرامة مساوية لقيمة المبلغ المختلس إعمالا لنص المادة 112 من قانون العقوبات قبل تعديلها بالمرسوم بقانون69 لسنة 1953 والتي دان بها المحكوم عليه.
وحيث إنه لما كان نص المادة 112 من قانون العقوبات قبل تعديلها بالمرسوم بقانون رقم 69 لسنة 1953 يقضي فوق ما قضى به الحكم المطعون فيه بتوقيع غرامة مساوية لقيمة المبلغ المختلس - وكان الحكم إذ دان المطعون ضده بالمادة المذكورة قد أغفل توقيع هذه الغرامة, وهو خطأ أقر به الحكم وأشار إليه في أسبابه, فإنه يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بتغريم المحكوم عليه (المطعون ضده) مبلغ 19 جنيها بالإضافة إلى العقوبات المقضي بها