الطعن رقم 728 لسنة 29 بتاريخ 08/06/1959
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1-.......... (الطاعن) و2-.......... و3-.......... بأنهم الأول -1- أدار معملا للألبان حكم بإغلاقه  و2- سمح للمتهم الثاني بالعمل في محله رغم أنه غير حاصل على شهادة صحية بخلوه من الأمراض المعدية وأنه غير حامل لجراثيمها - والثاني مارس مهنة الاشتغال بمنتجات الألبان دون الحصول على شهادة صحية بخلوه من الأمراض - والثالث أجرى فك الأختام الموضوعة بحكم المحكمة على المحل تعلق الأول. وطلبت عقابهم بمواد القانونين 453 لسنة 1954، 132 لسنة 1950 والمادتين 147 و150 من قانون العقوبات.
ومحكمة أشمون الجزئية قضت عملا بمواد الاتهام حضوريا للأول وغيابيا للثاني والثالث بتغريم المتهم الأول 200 قرش والغلق عن التهمة الأولى وبتغريمه مائة قرش عن التهمة الثانية وبتغريم المتهم الثاني مائة قرش وبراءة المتهم الثالث عملا بالمادة 304 من قانون الإجراءات الجنائية.
فاستأنف المتهم (الطاعن) كما استأنفت النيابة ومحكمة شبين الكوم الابتدائية قضت فيه غيابيا بقبول إستئنافي النيابة والمتهم شكلا وفي الموضوع بإجماع الآراء تعديل الحكم المستأنف وبتغريم المتهم عشرة جنيهات وتأييده فيما عدا ذلك. فعارض المتهم وقضي في معارضته بقبول المعارضة شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءة المتهم مما أسند إليه.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ
 
 المحكمة
وحيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حين قضى بقبول المعارضة المقدمة من المطعون ضده في الحكم الغيابي الاستئنافي الذي دانه طبقاً للقانون رقم 453 لسنة 1954 - بشأن المحال الصناعية والتجارية - وذلك على رغم ما تقضي به المادة 21 من القانون المذكور من عدم جواز الطعن في الأحكام الصادرة في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له بطريق المعارضة، قولاً من الحكم بأن هذا المنع مقصور على الأحكام التي تصدر من محكمة أول درجة دون أن يمتد حكمه على الأحكام التي تصدر من محكمة ثاني درجة، في حين أنه لا محل لهذا التخصيص إزاء عموم النص وإطلاقه مما كان يتعين معه عدم قبول المعارضة إتباعاً لحكم القانون.
وحيث إنه يبين من الإطلاع على الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده لأنه في يوم 15 ديسمبر سنة 1956 بدائرة أشمون - 1- أدار معملاً للألبان حكم بإغلاقه - 2- سمح لآخر بالعمل في معمله رغم أنه غير حاصل على شهادة صحية بخلوه من الأمراض المعدية ولا يحمل جراثيمها وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد 1، 17، 18، 21، 22، 23 من القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال الصناعية والتجارية والجدول المرفق، والمادتين 8، 12/3 من القانون رقم 132 لسنة 1950. ومحكمة جنح أشمون الجزئية قضت حضورياً في 3 نوفمبر سنة 1957 عملاً بمواد الاتهام بتغريمه 200 قرش والغلق عن التهمة الأولى و100 قرش عن التهمة الثانية. فاستأنف المطعون ضده هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية قضت غيابياً في 20 يناير سنة 1958 بقبول استئنافي النيابة والمتهم شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بتعديل الحكم المستأنف وبتغريم المتهم المطعون ضده عشرة جنيهات عن التهمة الأولى وتأييده فيما عدا ذلك. فعارض المطعون ضده في هذا الحكم وقضي في معارضته في 17 مارس سنة 1958 بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبراءة المتهم مما أسند إليه، وأسس الحكم المطعون فيه قضاءه بقبول المعارضة شكلاً على قوله: "وحيث إن القانون رقم 453 لسنة 1954 نص في مادته الواحدة والعشرين بأنه لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له بطريق المعارضة وأن الحكمة من وضع هذا النص - طبقاً لما ورد بالمذكرة الإيضاحية - هو الحد من تعمد أصحاب المحال التخلف عن حضور الجلسات بغية إطالة إجراءات المحاكمة بالطعن في الأحكام الصادرة بالمعارضة. وحيث إن المقصود بعدم جواز الطعن بالمعارضة في مثل هذه الأحكام هو الطعن الذي يقدم لمحكمة أول درجة، إذ أن باب الاستئناف مفتوح أمام المتهم، ومن ثم تتحقق الحكمة من الحد من تعمد أصحاب المحال من التخلف عن الحضور بجلسات المحكمة، وليس المقصود بالنص أن يسري على الإجراءات التي تدور أمام المحكمة الاستئنافية إذ هي آخر إجراءات التقاضي بالنسبة للمتهم للدفاع عن نفسه ومن ثم يتعين قبول هذه المعارضة".
لما كان ذلك، وكان يبين من الإطلاع على المادة 21 من القانون رقم 453 لسنة 1954، وعلى المذكرة الإيضاحية المرافقة له أن الشارع قد تعلق مراده بإغلاق سبيل المعارضة بالنسبة إلى الأحكام التي تصدر في الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون، أو القرارات المنفذة له منعاً من إطالة إجراءات المحاكمة، وقد جاء هذا النص مطلقاً يسري حكمه على الأحكام التي تصدر من درجتي التقاضي دون قصره على محاكم الدرجة الأولى أخذاً بعموم النص، وتمشياً مع حكمة التشريع، فإطالة أمد الإجراءات بعدم الحضور أمام المحكمة هي من آفات العدالة التي أراد الشارع أن يتلافاها بالنص على عدم جواز المعارضة نصاً مطلقاً في مرحلتي التقاضي على السواء، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بقبول المعارضة - قد جاء على خلاف القانون ويتعين لذلك نقضه وتصحيحه والقضاء بعدم جواز المعارضة وذلك دون حاجة إلى بحث سائر ما جاء بوجه الطعن