تعريف المحكم
عرفت محكمة النقض المحكم بأنه " هو الشخص الذي يعهد إليه بفض نزاع بين طرفين أو أكثر ويكون له نظر النزاع والاشتراك في المداولة بصوت معدود وفي إصدار الحكم وفي التوقيع عليه . (نقض مدني 14/2/1988 في الطعن رقم 1640 لسنة 54ق)
وقد قضت محكمة النقض بأن "وحيث أن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ........ لسنة ........ مدني جنوب القاهرة ضد الطاعنة بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم رقم 21 لسنة 1982 الجيزة الصادر بتاريخ 28/2/1982 وقال بياناً لدعواه أنه قد صدر لصالح المطعون ضدها- الحكم المشار إليه آنفاً- من هيئة المحكمين المنعقدة بمقر نقابة المهندسين القاهرة والذي قضى بإلزامه بأن يدفع للمطعون ضدها مبلغ ...... جنيهاً ، ونظراً لمخالفة الحكم للقواعد القانونية بما يبطله فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان ، حكمت المحكمة برفض الدغوى ، استأنف هذا الحكم بالاستئناف رقم ......... لسنة ....... القاهرة وبتاريخ 10/4/1984 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها . وحيث أن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن العلاقة بينه وبين المطعون ضدها أفرغتفي عقدين أولهما بتاريخ 2/12/1979 تضمن الاتفاق على شرط التحكيم ، بينما خلا العقد الثاني المؤرخ 12/3/1981 من هذا النص ، أو من مشارطة خاصة بالتحكيم وقد اقتصر الطلب المقدم منه الى نقابة المهندسين بتعيين حكم مرجح بالنسبة للعقد الأول إلا أن هيئة التحكيم بسطت قضائها فتناولت العقدين رغم اختلافهما موضوعاً وآثاراً ، وهو ما يعد خروجاً عن ولايتها يبطل قضائها ، ولما كان هذا البطلان يتعلق بالنظام العام بما يتعين على محكمة الموضوع أن تقضي به من تلقاء نفسها وإذ هى لم تلزم ذلك فإن حكمها يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه . وحيث أن هذا النعى غير مقبول ذلك أن المقرر أن التحكيم- إذ هو طريق استثنائب لفض الخصومات- قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادية- وما تكفله من ضمانات ، ومن ثم فهو مقصور على ما تنصرف إليه إرادة المحتكمين في عرضه على هيئة التحكيم يستوي في ذلك أن يكون الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة خاصة أو انصرف الى جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين ، ولازم ذلك ألا يمتد نطاق التحكيم الى عقد آخر لم تنصرف إرادة الطرفين الى فضه عن طريق التحكيم أو الى اتفاق لاحق ما لم يكن بينهما رباط لا ينفصم بحيث لا يستكمل- دون الجمع بينهما اتفاق أو يفض مع الفصل بينهما خلاف - لما كان ذلك ، وكان خروج المحكمين- عن مشارطة التحكيم أو امتداد نطاق التحكيم الى غير ما اتفق عليه الطرفان أو الحكم في نزاع معين دون قيام مشارطة تحكيم خاصة هو من الأسباب القانونية التي يخالطها الواقع ، وكان الطاعن لم يتمسك بسبب النعى أمام محكمة الاستئناف ، ومن ثم لا يجوز أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعى على الحكم المطعون فيه غير مقبول . وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أن هيئة التحكيم اكتمل تشكيلها بجلسة 27/12/1981 واستمرت تنظر الدعوى حتى جلسة 23/12/1982 ثم قررت تأجيل نظرها الى يوم 28/2/1982 بناء على طلب أحد المحكمين وغذا لم يحضر الطاعن ولم يفوض غيره في مد أجل الحكم ، وكان أجل التحكيم المحدد في القانون لإصدار الحكم خلاله وهو شهرين- قد انقضى فإنه يكون باطلاً ، وقد التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع بتأييده لحكم محكمة أول درجة ، ومن ثم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه . وحيث أن هذا النعى غير سديد ذلك أن النص في المادة 505 من قانون المرافعات بأن "على المحكمين أن يحكموا في الميعاد المشروط ما لم يرفض الخصوم امتداده ، ويجب عليهم عند عدم اشتراط أجل للحكم أن يحكموا خلال شهرين من تاريخ قبولهم للتحكيم وإلا جاز لمن شاء من الخصوم رفع النزاع الى المحكمة ، يجل على أن الأصل أن يكون تحديد ميعاد حكم المحكمين أو مد أجله المشروط باتفاق الطرفين ، فإن خلا اتفاقهما من تحديد هذا الأجل وجب على المحكمين إصدار حكمهم خلال شهرين من تاريخ قبولهم مهمة التحكيم ، إلا أن سريان حكم القانون في تحديد الميعاد لا يحجب إرادة الطرفين في مدة ، سواء بأنفسهم أو بتفويض وكلائهم أو محكميهم في ذلك ، وكما يكون الاتفاق على مد الأجل صريحاً فإنه قد يستفاد ضمناً من حضور الطرفين أمام هيئة التحكيم والمناقشة في القضية بعد الميعاد . لما كان ذلك ، وكان استخلاص إرادة الطرفين في تحديد الميعادأو في الاتفاق على مده أو في تفويض الوكلاء ولمحكمين في شأن ذلك كله هى أسباب يخالطها واقع لم يسبق للطاعن التمسك بها أمام محكمة الاستئناف ، ومن ثم لا يجوز له غثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعى على الحكم في هذا الشأن غير مقبول . وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطا في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان حكم التحكيم لعدم سلامة أنه تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان حكم التحكيم لعدم سلامة تشكيل هيئة المحكمين لوفاة أعضائها هو المرحوم .......... الذي رشح وآخر مساعدين للمهندس .......... إذ يمثل ثلاثتهم العضو الثالث المرجح والذي يكون الرأى بما يتفق عليه أغلبيتهم دون أن يكون لأحدهم الانفراد به وإذ ترتب على وفاته وعدم إحلال آخر محله الإخلال بشرط اختيار المحكم المرجح ، وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه . وحيث أن هذا النعى غير سديد أن ذلك أن المحكم هو الشخص الذي يعهد إليه- بمقتضى الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل- بفض نزاع بين طرفين أو أكثر ويكون له نظر النزاع والاشتراك في المداولة بصوت معدود وفي إصدار الحكم وفي التوقيع عليه ، ومؤدى ذلك أن من يكلف بمعاونة المحكمين لا يعتبر محكماً فإن تعددوا فلا أهمية أن يكون عددهم وتراً أو شفعاً كما لا أهمية لما يطرأ على صفاتهم أو ما يطرأ على عددهم من النقص أو الزيادة . لما كان ذلك ، وكان العقد المؤرخ 25/12/1979 قد حدد تشكيل هيئة التحكيم بثلاثة محكمين أحدهم عن الطاعن وآخر عن المطعون ضدها وثالث تختاره نقابة المهندسين أو مديرية الإسكان ، وكانت نقابة المهندسين قد اختارت الدكتور ......... حكماً مرجحاً على من يختار مساعدين له ، فإن مفاد ذلك أنه هو الذي ثبتت له صفة المحكم دون من اختارهم لمعاونته ، ومن ثم لا يؤثر في صحة تشكيل الهيئة وفاة أحدهم أثناء نظر النزاع وعدم إحلال آخر محله . لما كان ذلك ، وكان تشكيل الهيئة وتراً فإن التشكيل يكون متفقاً وصحيح القانون ، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه- بهذا النظر فإن النعى عليه مخالفة القانون يكون على غير أساس . وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الخامس من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ، وفي بيان ذلك يقول ، أن أهمية هيئة التحكيم إذ قضت بإلزامه بالمبلغ الموضح بالحكم تكون قد تجاوزت طلبات المطعون ضدها في مشارطة التحكيم ، باعتبارها مفوضة بالصلح دون القضاء وهو ما يعيب الحكم بالانعدام وغذ لم يقض الحكم المطعون فيه ببطلان حكم التحكيم فإنه يكون قد خالف القانون . وحيث أن هذا النعى غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن دعوى بطلان حكم المحكمين وعلى ما جرى به نص المادة 512 من قانون المرافعات دعوى خاصة حدد المشرع أسبابها وجعلا الالتجاء ليها جوازياً مما مؤداه أن البطلان الذي شرعت تلك الدعوى في نطاق أسبابها هو بطلان نسبي ، لا يتعلق بالنظام العام . لما كان ذلك ، وكان خروج حكم المحكمين عن نطاق ما قصده المتعاقدان في الاتفاق على التحكيم أو مشارطته هو من الأسباب القانونية التي يخالطها واقع وكان الطاعن لم يتمسك بهذا السبب أمام محكمة الاستئناف ، ومن ثم لا يجوز له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعى على الحكم المطعون فيه غير مقبول . وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيانه يقول أن حكم المحكمين صدر بغير اسم السلطة العليا في البلاد ، ومن ثم يكون باطلاً وإذا التفت الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون قد خالف القانون . وحيث أن هذا النعى غير سديد ، ذلك أنه لما كان حكم المحكمين هو قضاء خاص يستند الى إرادة الأفراد فإن المشرع لم يوجب تضمينه كافة البيانات التي نص عليها القانون بالنسبة لأحكام المحاكم وإنما اكتفى ببيانات أوردها على سببيل الحصر وليس من بينها صدوره باسم الشعب ، ومن ثم لا يكون الحكم معيباً بالبطلان لخلو ورقة الحكم من هذا البيان، ويضحى النعى على الحكم المطعون فيه- لعدم قضائه ببطلان حكم التحكيم- على غير أساس . وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن " (الطعن رقم 1640 لسنة 54ق جلسة 14/2/1988 س39 ص242)
ويتم تشكيل هيئة التحكيم عن طريقين : الأول : عن طريق الخصوم ، والثاني : من غير طريق الخصوم ، وسف نلقي الضوء على كل طريق من هذه الطرق على الترتيب التالي :