التحكيم المؤسسي والتحكيم النظامي :
لقد أصبح التحكيم المؤسسي الصورة الحديثة للتحكيم الاختياري أو الإجباري أو المختلط ، وهذا ما أشارت إليه المادة الثانية من قانون هيئة التحكيم القضائي رقم 11 لسنة 1995 في فقراتها الثلاث ، ويعرف التحكيم المؤسسي بأنه ذلك التحكيم الذي يتم من خلال هيئة أو مؤسسة قد تكون داخل الدولة أو خارجها طبقا لقواعد ونظم محددة في القوانين والاتفاقات أو الدساتير المنظمة لهذه الهيئات أو المؤسسات ، وهناك العديد من المراكز الدائمة للتحكيم منها غرفة التجارة الدولية بباريس (دكتور إبراهيم الدسوقي أبو الليل - قواعد وإجراءات التحكيم وفقا لنظام غرفة التجارة الدولية ص59 ، 109 وأيضا جمعية التحكيم الأوروبية وجمعية التحكيم الأمريكية) ولقد انتشرت هيئات أو مراكز التحكيم الدائمة ، حيث أصبح نظام التحكيم الدائم متسقا مع ظروف التجارة الدولية واكتسب ثقة المتعاملين فيها ، ويلاحظ أن مراكز التحكيم أو أنظمة التحكيم المؤسسي هذه تقون على أكثر من مستوى ، فقد تكون مؤسسات وطنية ولكنها تقبل نظر منازعات العلاقات الدولية مثل جمعية التحكيم الأمريكية ومحكمة لندن للتحكيم ، ومعهد غرفة تجارة استكهولم ، كما يوجد عدد من مراكز التحكيم المؤسسي على المستوى الإقليمي مثل التحكيم التجاري الدولي المنشأ بموجب الاتفاق الأوروبي الذي أعدته اللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة الخاصة بأوروبا (دكتور أحمد شرف الدين ، دراسات في التحكيم في منازعات العقود الدولية ، مرجع سابق ص35) .
والمشرع المصري ، أصدر القانون رقم 27 لسنة 1994 في شأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية ، سواء في المجال الداخلي أو في النطاق الدولي ، كما أنشأ المشرع المصري مركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي ، وذلك في سبيل إيجاد نظام عادل وكفء لتسوية المنازعات الناشئة عن المعاملات التجارية الدولية بما في ذلك الاستثمارات الأجنبية . وتعتبر هيئة التحكيم القضائي بالكويت نموذجا للتحكيم المؤسسي المنظم ، أشارت إليه المادة الأولى من قانون التحكيم القضائي رقم 11 لسنة 1995 .
أما التحكيم الحر . يتم من خلال الأطراف باختيار محكم أو أكثر للفصل في النزاع ويحدد القواعد التي تطبق ونقاط النزاع وينتهي عمل المحكم بالفصل في النزاع ويطلق على هذا التحكيم بأنه حر لأنه يعتمد على حرية وإرادة الأطراف (دكتور أحمد أبو الوفا مرجع سابق ص38 ، 40) وذكر أن التحكيم الحر أسبق في المنشأ من التحكيم المؤسسي ، وقد تناول التحكيم الحر قانون المرافعات الحالي رقم 38 لسنة 1980 ثم تناول التحكيم المؤسسي في القانون 11 لسنة 1995 ، ولم يفرض التحكيم المؤسسي على المتقاضين أو التحكيم الحر لأن فرض التحكيم أيا كان معناه حياد من الدولة في القيان بواجبها .
* والتحكيم النظامي له مزايا وله عيوب فمن مزاياه :
-يوجد بهذه الأجهزة قوائم بأسماء المحكمين المتخصصين في مختلف المنازعات .
-لديها لوائح إجرائية للتحكيم .
-تقدم خدمات إدارية لعملية التحكيم كالسكرتارية وتداول المستندات والإخطار الأوراق وحفظها ، وأعمال الترجمة والأرشفة .
-توفر المساعدة في تنفيذ حكم المحكم .
* ومن عيوب مراكز التحكيم المؤسسي الدائمة :
-عدم معرفة الخصوم للمحكمين معرفة كافية .
-فدان الطابع الشخصي للتحكيم .
-تحويل التحكيم إلى مهنة لها متخصصين ولها صفة الدوام .
-نشأة هذه المراكز في كنف الدول المتقدمة مما يفسر على أنها تنحاز إليها في التحكيم الذي تكون طرفا فيه ضد الخصم الآخر ، وبالذات إذا كان من الدول النامية ومؤسسات التحكيم النظامي متعددة على المستوى الدولي والوطني .
* ويلاحظ بالنسبة للتحكيم النظامي أو المؤسسي ما يلي :
1.أن الإجراءات في هذا النظام تبدأ بتحرير وثيقة التحكيم من قبل الهيئة أو المنظمة ويوقع عليها الأطراف وبها بيانات أساسية تتعلق بأطراف النزاع وموضوعه والطلبات والمحكمين المختارين ومكان التحكيم ..... الخ .
2.ويتم اختيار المحكم من قوائم الهيئة أو من خارجها .
3.الأصل أن يتم اختيار الإجراءات التي تتبع وإلا كانت هى إجراءات المنظمة
4.هذه المراكز لا تعتبر جهات قضاة بالمعنى الدقيق وإنما هى مجرد كيان إداري ينظم عملية التحكيم .
5.القرارات الصادرة من هذه المراكز في شأن تنظيم التحكيم لا تعتبر أحكاما قضائية ، وإنما هى أقرب إلى القرارات الإدارية أو أعمال الإدارة القضائية ومؤسسات التحكيم النظامي تعتبر أشخاصا اعتبارية ، والمعروف أنه لا تتولى مهمة المحكم لغير الشخص الطبيعي ، وبالتالي تقتصر مهمة هذه المؤسسات على تنظيم التحكيم وإجراءاته . (راجع في كل ما سبق الدكتور نبيل عمر والدكتور أحمد شرف الدين - التحكيم في العقود الدولية وفوزي سامي - التحكيم التجاري الدولي - والجمال وعكاشة - التحكيم) .