حكم محكمة النقض في قضية نصر حامد أبوزيد جزء اول
باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية والتجارية والأحوال الشخصية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المؤلفة من :
السيد المستشار/محمد مصباح شرابية(نائب رئيس المحكمة) رئيساً
والسادة المستشارين/فتحى محمود يوسف ،سعيد غريان
، حسين السيد متولى ، عبد الحميد الحلفاوى (نواب رئيس المحكمة ) "أعضاء"
وبحضور السيد/ناجى عبد اللطيف حسين المحامى العام
وأمين السر السيد/عاطف أحمد القطامى
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بمدنية القاهرة
فى يوم الأثنين الموافق 20من ربيع أول سنة 1417 هـــ الموافق 5 من أغسطس 1996 م

أصــــدرت الحكم الآتى

فى الطعون المقيدة بجدول المحكمة بأرقام 475،478، 481 لسنة 65ق أحوال شخصية
المرفوع أولها من:
1-السيدالدكتور/ نصر حامد أبو زيد 0
2-السيدة الدكتورة/ إبتهال أحمد كمال يونس
-المقيمين بمدنية 6 أكتوبر بالحى المتميز المجاورة الرابعة عمارة رقم (10) مدخل 3الدور الأرضى ،شقة (10) التابعة لقسم شرطة 6أكتوبر –محافظة الجيزة 0
حضر عنهما بالجلسة الأساتذة :-
1-الدكتور/عبد المنعم الشرقاوى
2-الدكتور/ إبراهيم صالح
3-الدكتور/يحيى الجمل
4-الأستاذ/ أحمد الخواجة
5-الأستاذ/محمود عطيه
6- الأستاذ/عبد العزيز محمد
المحامــــــون
ضــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد
1-السيد/محمد صميدة عبد الصمد
2-السيد/عبد الفتاح عبد السلام الشاهد
3-السيد/أحمد عبد الفتاح أحمد
4-السيد/هشام مصطفى حمزه
5-السيد/عبد المطلب محمد أحمد حسن
6-السيد/ المرسى المرسى الحميدى
ومحلهم المختار مكتب الأستاذ/ محمد صميده عبد الصمد المحامى والكائن 33جامعة الدول العربية بالمهندسين –العجوزة –محافظة الجيزة 0
حضر عنهم بالجلسة الأساتذة :
1-الأستاذ/محمد صميده عبد الصمد
2-الأستاذ/عبد المؤمن نور الدين
3-الأستاذ/إبراهيم درويش
المحامـــــــــــــون

والمرفوع ثانيهما من:
1-النيابة العامة
ضـــــــــــــد
1-الدكتور/ نصر حامد أبو زيد
2-الدكتورة/ إبتهال احمد كامل يونس
بنفس العنوان
3-السيد/ محمد صميده عبد الصمد
4-السيد/ عبد الفتاح عبد السلام الشاهد
5-السيد/ أحمد عبد الفتاح أحمد
6-السيد/ هشام مصطفى حمزه
7-السيد/ عبد المطلب محمد أحمد حسن
8-السيد/ المرسى المرسى الحميدى ومحلهم المختار بالعنوان السابق

والمرفوع ثالثهما من
1-الدكتور/ نصر حامد أبو زيد
2- الدكتورة/ إبتهال احمد كامل يونس بنفس العنوان
ضـــــــــــــد

1- السيد/ محمد صميده عبد الصمد
2- السيد/ عبد الفتاح عبد السلام الشاهد
3- السيد/ عبد الفتاح عبد السلام الشاهد
4-السيد/ هشام مصطفى محمد أحمد حسن
5- السيد/ عبد المطلب محمد أحمد حسن
6- السيد/ المرسى المرسى الحميـــــدى بنفس العنوان

الـــــوقائـــــع




أولاً:- رقم 475سنة 65ق
فى يوم 8/8/1995 طعن بطريق النقض على حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 14/6/1995 فى الاستئناف رقم 287 سنة111ق –وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه 0
وفى نفس اليوم أودع الطاعنان مذكرة شارحة كما قام قلم الكتاب بضم ملفى الدعويين الابتدائية والإستئنافية 0
وفى 30/8/1995 أعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن
وفى يوم 11/9/1995 أودع المطعون ضدهم مذكرة بدفاعهم مشفوعة مستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن 0
ثانياً:- الطعن رقم 478 سنة65ق (المرفوع من النيابة العامة)
فى يوم 12/8/1995 طعن بطريق النقض فى حكم إستئناف القاهرة الصادر بتاريخ 14/6/1995 فى الاستئناف رقم 287 سنة111ق –وذلك بصحيفة طلبت فيها الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه .
وفى نفس اليوم أودعت الطاعنة مذكرة شارحة كما قام قلم الكتاب بضم ملفى الدعويين الابتدائية والإستئنافية 0
وفى يوم 20/9/1995 أعلن المطعون ضدهما الأول والثانية بصحيفة الطعن 0
وفى يوم 30/8/1995 أعلن المطعون ضدهم من الثالث حتى الأخير بصحيفة الطعن
وفى يوم 11/9/1995 اودع المطعون ضدهم من الثانى حتى الأخير مذكرة دفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن 0
وقررت المحكمة ضم هذا الطعن للطعن رقم 475 لسنة65 ق
ثالثاً:-الطعن رقم 481سنة65ق
فى يوم 12/8/1995 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 14/6/1995 فى الاستئناف رقم 287 سنة111ق –وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنان الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه 0
وفى نفس اليوم أودع الطاعنان مذكرة شارحة كما قام قلم الكتاب بضم ملفى الدعويين الابتدائية والإستئنافية 0
وفى 30/8/1995 أعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن 0
وفى11/9/1995 أودع المطعون مذكرة دفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن 0
حيث قررت المحكمة ضم الطعن للطعن رقم 475 لسنة65ق 0
أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعون شكلاً ورفضها موضوعاً 0
عرضت الطعون الثلاثة على المحكمة فى غرفة المشورة فرأت أنها جديرة بالنظر فحددت لنظرها جلسة 22/4/1996 وبها سمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ماهو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محاموا الطاعنين والمطعون ضدهم و النيابة على ما جاء بمذكرتهم –والمحكمة أرجات إصدار الحكم إلى جلسة اليوم0


المـحـكــمــــة


بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر فتحى محمود يوسف نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة 0
حيث إن الطعون الثلاثة إستوفت أوضاعها الشكلية 0
وحيث إن الوقائع –على يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –تتحصل فى أن المطعون ضدهم –فى الطعنين رقمى 475 و481 لسنة 65 وآخرين أقاموا الدعوى رقم 591لسنة1999 كلى أحوال شخصية الجيزة على الطاعنين فيهما بطلب الحكم بالتفريق بينهما ،وقالوا بياناً لدعواهم ، إن الطاعن الأول ولد لأسرة مسلمة ويشغل وظيفة أستاذ مساعد الدراسات الإسلامية والبلاغة بقسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة ونشر كتباً وأبحاثاً ومقالات تتضمن كفراً صريحاً فيكون مرتداً مما يتعين معه التفريق بينه وبين زوجه الطاعنة الثانية ، ومن ثم أقاموا الدعوى ، بتاريخ 27/1/1994 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، إستأنف المطعون ضدهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 287 لسنة 111ق القاهرة، وبتاريخ 14/6/1995 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والتفريق بين الطاعنين ، طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعنين رقمى 475،481 لسنة65 ق أحوال شخصية وطعنت فيه النيابة العامة بالطعن رقم 478 لسنة65 ق أحوال شخصية ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعون الثلاثة ، وعرضت هذه الطعون على المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظرها وفيها إستمعت إلى دفاع الخصوم والنيابة 0
أولاً: الطعنان رقما 475،481لسنة65 ق أحوال شخصية
حيث إنه عن الدفع المبدى من الطاعنين بجلسة المرافعة بعدم دستورية نص المادة 280من لأئحة ترتيب المحاكم الشرعية ،فهو فى غير محله، ذلك بأن المحكمة العليا قد قضت فى الدعوى رقم 10 لسنة 5 دستورية المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 29/7/1976 بأن هذا النص دستورى .
وحيث إن الطعنين أقيم كل منهما على أربعة أسباب ،وينعى الطاعنان بالسبب الأول عدا الوجهين الثالث والخامس منه-على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ، ويقولان بياناً لذلك ،إن النظام القضائى الإسلامى إنتظم دعوى الحسبة إلا أن هذا النظام اندثر ولم يتضمن النظام القضائى الحديث تلك الدعوى فتكون غير قائمة ، وقد ناط القانون بالنيابة العامة مباشرة الدعوى العمومية، وعهد للمدعى العام الإشتراكى بصون وحمايه قيم المجتمع ، ويقتصر دور المدعى فى دعوى الحسبة على إقامتها أو مجرد الإبلاغ وليس له حقوق وواجبات الخصم فى الدعوى ، والنيابة العامة بوصفها نائبة عن المجتمع هى التى تضطلع بمباشرتها ، وإذ تولت النيابة العامة التحقيق فيما أسند إلى الطاعن الأول من إتهام بإنكار الدين الإسلامى والتعريض بمقدساته فيما أبداه من أراء عن ذات الوقائع المطروحة ، بما كان يتعين معه القضاء بوقف الدعوى حتى الانتهاء من هذا التحقيق ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بالتفريق،فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه 0
وحيث إن هذا النعى مردود ،ذلك بأن الشريعة الإسلامية هى القانون الواجب التطبيق فى مسائل الشخصية وفقاً لأرجح الأقوال فى مذهب الأمام أبى حنيفة فيما عدا الأحوال التى وردت بشأنها قوانين خاصة وذلك عملاً بنص المادة 280من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 وبإلغاء المحاكم الشرعية والمحاكم الملية ، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن سكوت القانون أو خلوه من النص على حكم مسألة من مسائل الأحوال الشخصية لا يعنى أن المشرع أراد أن يخالف نصاً فى القرآن أو السنة الصحيحة أو حكماً أتفق عليه فقهاء المسلمين ، وينطبق ذلك على الحق والدعوى به فى هذا الصدد ، وإذ لم تكن توجد قاعد قانونية خاصة تمنع أو تقيد من إقامة دعوى الحسبة فى الوقت الذى رفعت فيه هذه الدعوى حتى صدور حكم نهائى فيها من محكمة الموضوع ، فإنه يتعين الرجوع فى شأن قبولها إلى الراجح فى مذهب أبى حنيفة ، والحسبة – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – وفى اصطلاح الفقهاء هى فعل ما يحتسب عند الله من أمر بمعروف ظهر تركه أو نهى عن منكر ظهر فعله، وهى من فروض الكفاية وتصدر عن ولاية شرعية أصلية –أو مستمدة- أضفاها الشارع على كل من أوجبها عليه وطلب منه القيام بها ، وذلك بالتقدم إلى القاضى بالدعوى أو الشهادة لديه أو باستعداء المحتسب أو والى المظالم "النيابة العامة" ودعوى الحسبة تكون فيما هو حق لله او فيما كان حق الله فيه غالباً كالدعوى بإثبات الطلاق البائن او التفريق بين زوجين زواجهما فاسد أو بسبب ردة أحدهما برجوعه عن دين الإسلام ، وجمهور الفقهاء على عدم تقيدها بشرط الإذن أو التفويض من ولى الأمر ، وإذا ترك كل المسلمين الحسبة باعتبارها واجباً كفائياً أثموا جميعاً ،بل إنها تكون فرض عين على المسلم القادر عليها إذا لم يقمها غيره فىشأن أمر لا يعلم به إلا هو ،فلا يقبل القول بانتقاء مصلحة رافع هذه الدعوى طالما تحققت شروط الحسبة، لأنه مطلوب منه شرعاً الإحتساب فيكون شاهداً فيها لإثباتها وقائماً بالخصومة فى آن واحد ، وله ما للخصوم من حق إبداء الطلبات والدفوع وأوجه الدفاع وأوجه الدفاع ومتابعة السير فى الدعوى حتى ينحسم النزاع ، لما كان ذلك ، وكان من المقرر – فى قضاء هذه المحكمة - أن القانون الجديد يطبق بأثر مباشر على الوقائع والمراكز القانونية التى تقع أو تتم بعد نفاذه ولايسرى بأثر رجعى على الوقائع السابقة عليه ،فلا يجوز أن يمس ما يكون قد أنقضى من مراكز قانونية فى ظل القانون القديم ،وتخضع الدعوى من حيث شروط قبولها وإجراءاتها للقانون السارى وقت رفعها،فإذا انعقدت الدعوى صحيحة بين طرفيها ،فلا محل من بعد للتمسك بانتفاء صفه المدعى أو مصلحته فى رفعها ، وعندئذ يجوز لمن كان طرفاً فى الخصومة الطعن فى الحكم الصادر فيها ،طالما لم يتخل عن منازعته حتى صدور هذا الحكم ،ويكفى لتحقق المصلحة والصفة فى الطعن قيامهما وقت صدور الحكم المطعون فيه ، ولا عبرة بزوالها من بعد ولئن كان القانون رقم 81 لسنة1996 المعدل لنص المادة الثالثة من قانون المرافعات قد اشترط فى المادة الأولى منه لقبول الدعوى أن يكون لرافعها مصلحة شخصية ومباشرة وقائمة يقرها القانون ،إلا أن هذا القانون لم يأت بجديد يغاير ما هو مقرر فى قضاء هذه المحكمة فى ظل النص المذكور قبل تعديله فى صدد هذه الشروط ، بيد أن ذلك لم يكن حائلاً بين ما جرى به قضاء هذه المحكمة من إقرار دعوى الحسبة فى مسائل الأحوال الشخصية عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم ، باعتبار أن الدفع بإنتقاء المصلحة لا يختلط بالدفع المتعلق بشكل الإجراءات ،وإنما هو من الدفوع الموضوعية التى تتصل بأصل الحق إذ يتعلق بالشروط اللازمة لسماع الدعوى، وقد استثنت المادة الثانية من القانون 81 لسنه1996 من سريانه الأحوال التى تجيز فيها بعض القوانين رفع الدعوى من غير صاحب الحق تقريراً للمصالح التى تحميها تلك القوانين كان ذلك لمصلحة خاصة أو جماعية ،كما أن تنظيم القانون رقم 3 لسنة 1996 لإجراءات دعوى الحسبة يعد إقراراً من المشرع بوجودها ، ولا يغير من هذا النظر أن القانون رقم 81 لسنة1996 اعتبر المصلحة من النظام العام وأوجب على جميع المحاكم بما فى ذلك محكمة النقض أن تقضى من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى إذا لم تتوافر شروط المصلحة فيمن أقامها ، إذ أنه لا يتصور هذا القضاء إلا إذا تبين أن الدعوى أقيمت ابتداء من غير ذى مصلحة أو رفع الطعن بالاستئناف أو النقض ممن لا مصلحة له فيه وذلك وفقاً للقانون الذى رفعت الدعوى أو الطعن فى ظله ، وكانت الدعوى المائلة قد رفعت وصدر حكم نهائى فيها قبل صدور القانون رقم 81 لسنة 1996 بطلب التفريق بين الطاعن الأول وزوجه لارتداده عن الإسلام ، وهو ما يتوافر به شروط دعوى الحسبة،فإن أحكام ذلك القانون لا تنطبق على الدعوى من حيث شروط قبولها إذ لم يكن قد صدر بعد عند رفعها ابتداء أو حين تقديم الطعن بالاستئناف ، لما كان ذلك ،وكان مبنى طلب إحالة الطعون للمرافعة صدور القانون المذكور بعد حجزها للحكم،فإنه لا مبرر للاستجابة له ، ولايغير مما سلف صدور القانون رقم 3 لسنة 1996 فى شأن تنظيم إجراءات مباشرة فى دعوى الحسبة فى مسائل الأحوال الشخصية ،إذ أن هذا القانون لا يسرى على الدعوى بأثر رجعى لأنه صدر إبان نظر الطعن بالنقض فى الحكم النهائى الصادر فيها ،وعملاً بنص المادة الثانية من قانون المرافعات فإن كل إجراء تم صحيحاً فى ظل قانون معمول به يبقى صحيحاً وإن صدر قانون لاحق لا يعتبره كذلك ، فالدعاوى التى فصل فيها وإجراءاتها التى تمت قبل العمل بالقانون الجديد لا تخضع لأحكامه ولو لم يكن الحكم نهائياً ، ولم يخرج القانون المذكور عن هذه القاعدة ،إذ لم ينص على تطبقه بأثر رجعى ، بل نص فى المادة الثامنة منه على العمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره ، وقد نشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 29/1/1996 ونصت المادة السادسة منه على أنه (تحيل المحكمة من تلقاء نفسها ودون رسوم ما يكون لديها من دعاوى فى مسائل الأحوال الشخصية على وجه الحسبة والتى لم يصدر فيها أى حكم إلى النيابة العامة المختصة وفقاً لأحكام هذا القانون وذلك بالحالة التى تكون عليها الدعوى) مما مفاده أنه متى صدر فى دعوى الحسبة أى حكم ولو لم يكن باتاً أو نهائياً فإن على المحكمة التى تنظر الدعوى أن تستمر فى نظرها ولا يجوز لها إحالتها إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها وفقاً لأحكام ذلك القانون ، إذ أن عبارة (أى حكم) الواردة بالنص المذكور تفيد العموم ، فلا يشترط فى الحكم أن يكون نهائياً أو باتاً وإلا كان ذلك تخصيصاً بلا مخصص ،وإذا كان الطعن بالنقض لا تنتقل به الدعوى برمتها إلى محكمة النقض وما يعرض على هذه المحكمة ليست الخصومة التىكانت مرددة أمام محكمة الموضوع ، بل ينصب هذا الطعن على محاكمة الحكم النهائى الذى صدر فيها ،وما دام المشرع لم ينص صراحة فى القانونين سالفى الذكر على إسقاط الأحكام النهائية الصادرة فى شأن الحسبة فإنها لا تسقط بطريق الاستنتاج لما يترتب على إسقاطها من المساس بالحقوق المكتسبة منها ، بل يبقى لهذه الأحكام قوتها وحصانتها التى كفلها القانون حتى يقضى من محكمة النقض فى أمر الطعن المرفوع عنها ، ولا عبرة بما تضمنته الأعمال التحضيرية للقانونين المذكورين فى هذا الخصوص ، ذلك بأن من المقرر –فى قضاء هذه المحكمة – أنه متى كان النص واضحاً جلى المعنى قاطعاً فى الدلالة على المراد منه ،فلا محل للخروج عليه أو تأويله استهداء بالمراحل التشريعية التى سبقته أو الحكمة التى أملته أو ما تضمنته المذكرة الإيضاحية من بيانات لا تتفق وصريح عبارة النص ، لما كان ما تقدم ، وإذا أنتهى الحكم المطعون فيه إلى قبول الدعوى ونظرها ،فإنه يكون قد إلتزم القواعد القانونية المقررة أما بصدد ما أثاره الطاعنان من أنه كان يتعين وقف الدعوى حتى تنتهى النيابة العامة من تحقيقات تباشرها فيما نسب إلى الطاعن الأول فهو مردود ذلك بأن النص فى المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ( إذا رفعت الدعوى المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً فى الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو أثناء السير فيها 000000) يدل على أن المشروع إرتاى كنتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضى المدنى بالحكم الجنائى فى الموضوع المشترك بين الدعويين وهو موضوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وقف نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات أنه يتعين على المحكمة المدنية وقف الدعوى أمامها إنتظاراً للحكم النهائى فى الدعوى الجنائية ، طالما أنها أقيمت قبل أو أثناء السير فى الدعوى المدنية وتوافرت وحده السبب بينهما بأن تكون الدعويان ناشئتين عن فعل واحد يتحقق الارتباط بينهما ، تفادياً لصدور حكمين مختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية، إلا أن الدعوى الجنائية لا تعتبر قد أقيمت بمجرد تقديم الشكاوى والتبليغات إلى سلطات التحقيق أو تحقيق هذه السلطات لها ، وإنما تقام هذه الدعوى برفعها بالفعل إلى القضاء ، فإن لم تكن قد رفعت قبل الدعوى المدنية أو السير فيها فلا محل لوقف الدعوى المدنية ، وهو لا يكفى لوقفها مجرد تحقيق النيابة العامة للواقعة الذى قد يستغرق وقتاً طويلاً لا تتبعه محاكمة تنتهى إلى حكم يتقيد به القاضى المدنى وهو ما يجاوز العلة التى هدف إليها نص المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية الذى اشترط لوجوب وقف الدعوى المدنية إقامة الدعوى الجنائية وليس مجرد تحقيق النيابة العامة للواقعة،لأن قراراتها لا حجية لها أمام القضاء المدنى فلا يجب عليه وقف الدعوى أمامه ترقباً لها ،لما كان ذلك ، وكان الطاعن الأول لم يقدم ما يدل على أن النيابة أقامت الدعوى الجنائية ضده ، عما أبلغت به بشأن ما نسب إليه فى الدعوى المطروحة،فإن النعى فى هذا الخصوص يكون بلا سند صحيح ،ويغدو النعى برمته على غير أساس .
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالأسباب الثانى والثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق الشريعة الإسلامية والفساد فى الاستدلال ومخالفته الثابت بالأوراق ويقولان فى بيان ذلك إن الردة تكون بقول أو فعل صريح الدلالة على الكفر من غير اجتهاد والطاعن الأول مسلم وفقيه فى علوم القرآن وله مؤلفات التزم فيها أصول البحث العلمى ، وما ذكره عن الخطاب الدينى من قبيل الإجتهاد ،وأنه عنى بالتفرقة بين النصوص ودلا لتها وصولاً لمفاهيم متطورة منتهجاً فى ذلك التفسير العقلانى المجازى إذ أن ما ورد بالقرآن عن العرش والكرسى والقلم والملائكة والجن والشياطين لا يدركه العقل إلا من خلال تصور وجودى ذهنى بحسبانه الأقرب إلى التنزيه يتوافق مع الخطاب الدينى المعاصر، وكشف النقاب فى مؤلفة الإمام الشافعى عن أن ما عناه بالنصوص نصوص الإمام الشافعى التى سارت ذات سلطة وهى التى عمد إلى التحرر منها وليس من نصوص الأحكام الشرعية ،ولم يرد فى كتاباته ما يعد جحداً للقرآن أو رداً لشئ منه، وفى مؤلفه مفهوم النص البرهان على صدق إيمانه وكل نقده انصب على التصورات النابعة من الفهم الحرفى للنص القرآنى بإعتبار أنها نتاج ثقافى بشرى ،ولم تنطو مؤلفاته على ما يعد مروقاً من الدين ،وتمسك أمام محكمة الموضوع بهذا الدفاع الجوهرى وقد سنداً له تقريرين صادرين من مجلس أساتذة كلية الآداب جامعة القاهرة وأساتذة قسم اللغة العربية بها تضمناً الإشادة بمؤلفاته ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالتفريق بينه وزوجه مؤسساً قضاءه على أن مؤلفاته قد حوت ما ينطوى على الكفر الصريح معتمداً على فقرات مجتزأة ومقتطعة من سياقها وغير مكتملة المعنى ولا تؤدى إلى ما استخلصه الحكم منها وإلتفت عما لمستنداته من دلالة قاطعة ،فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
القاضى / مصطفى الشرقاوى
رئيس الاستئناف