دراسـة
في



دستوريـة قانـون
الإنتخـاب لمجلـس النـواب الاردنـي









قانون
الانتخاب لمجلس النواب هو من أهم قوانين الدولة، إن لم يكن أهمها بعد الدستور،
وتأتي هذه الاهمية كون هذا القانون متعلق بنظام الحكم في الاردن مباشرة؛ فالمادة
الاولى من الدستور تنص صراحة على أن نظام الحكم في المملكة الاردنية الهاشمية
نيابي ملكي وراثي، أي أن الحكم في الاردن يرتكز دستوريا على المجلس النيابي والملك
سواء بسواء.






وإذ تقضي
المادة (67) من الدستور أن تجري الانتخابات النيابية وفقاً لقانون الانتخاب، فمن
الواجب والمنطق أن يكون هذا القانون متفقاً وخاضعاً للدستور نصاً وروحاً وغير
مخالف له، وهذا ما تقضي به المبادئ والقواعد القانونية العامة في دولة القانون؛ إذ
السيادة للقانون ووفقاً لمبدأ المشروعية الذي يقضي بأن لا يخالف التشريعُ الادنى
التشريعَ الأعلى شكلاً أو موضوعا، وإلا كان جزاء التشريع الادنى المخالف البطلان
المطلق الذي لا ترد عليه إجازة في دولة القانون التي أكد الملك أنها مبدأ مصان،
وكذلك أكد كبار المسؤولين في الدولة في مواقعهم في السلطة التشريعية وفي السلطة
التنفيذية.






لقد جرت
الانتخابات في المملكة
بموجب قانون الانتخاب لمجلس النواب [ القانون المؤقت رقم 34
لسنة 2001,
وتعديلاته] ونظام تقسيم الدوائر الانتخابية والمقاعد المخصصة لها [ النظام رقم 42 لسنة 2001 ,
والنظام المعدل رقم 17 لسنة 2003]
، فهل هذا القانون دستوري ام غير
دستوري؟؟






أزعم أنا
بتواضع أن هذا القانون غير دستوري، بل باطل بطلاناً مطلقاً، ولا ترد عليه إجازة في
دولة القانون التي يخضع تشريعها الادنى للتشريع الأعلى،،، هذا رأيي المتواضع ومن
جاء بأفضل منه قبلناه...









( بطلان قانون الانتخاب لمجلس النواب [ القانون المؤقت
رقم 34 لسنة 2001
وتعديلاته] وبطلان نظام
تقسيم الدوائر الانتخابية والمقاعد المخصصة لها [
النظام رقم 42 لسنة 2001 , والنظام المعدل رقم 17 لسنة 2003]
وذلك بسبب مخالفتهم للدستور الأردني
).








أولاً





القانون
المؤقت رقم 34 لسنة 2001,
وتعديلاته صادرة
عن جهة غير مختصة بإصداره
ا (مجلس
الوزراء )






ينعقد الاختصاص أصالةً
للسلطة التشريعية
( مجلس الأمة والملك )
بوضع القوانين، بمقتضى المواد (25، 91، 92، 93) من الدستور الأردني، التي لها أن
تشرع من القوانين ما تشاء على أن لا تُخالف هذه القوانين أحكام الدستور حسب
القواعد والمبادئ القانونية العامة.



ولمجلس الوزراء على
سبيل الاستثناء صلاحية وضع قوانين مؤقتة، بمقتضى المادة (94) من الدستور، التي
قيدت زمانياً وموضوعياً صلاحية مجلس الوزراء بوضع القوانين المؤقتة بالشروط
التالية:



1. أن يكون مجلس الأمة غير
منعقد أو منحلاً.



2. وجود أمور تستوجب اتخاذ
تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير، أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل.



3. أن لا يُخالف القانون
المؤقت أحكام الدستور.



4. أن يُعرض القانون
المؤقت على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده.






وتدور الصلاحية الزمانية
والموضوعية لمجلس الوزراء وجودها وعدمها بتوافر هذه الشروط مجتمعة، فإذا لم تتحقق
أو لم يتحقق أحدها, فلا صلاحية لمجلس الوزراء؛ لأن غاية الشارع الدستوري جعل
الصلاحية هذه على سبيل الاستثناء – والاستثناء لا يقاس عليه ولا نتوسع في
تفسيره ويطبق في أضيق الحدود حسب القاعدة القانونية الأصولية
- وذلك تحقيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات؛ كي
لا تتعدى السلطة التنفيذية على اختصاص السلطة التشريعية.






إن القانون المؤقت, وإن
كان قد صدر ومجلس النواب منحلاً، لكن:






1. لا توجد أمور تستوجب اتخاذ
تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير، أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل
لإصداره، فالدولة ليست بلا قانون انتخاب، حتى تكون هناك أمور تستوجب اتخاذ تدابير
ضرورية لا تحتمل التأخير، بل هناك قانون انتخاب نافذ وهو قانون رقم 22 لسنة 1986،
وهو في جوهره وأساسه مشابه للقانون المؤقت.






2. والقانون المؤقت مخالفٌ
للدستور كما هو موضح في بند مخالفة القانون لأحكام الدستور( ثالثاً، ورابعاً،
وسابعاً).






ويعرف الفقه الاختصاص:
بأنه صلاحية الموظف العام أو السلطة العامة للقيام بما يعهد إليه
ا في الحدود الموضوعية والزمانية التي بينها
القانون. {أنظر د.مصطفى أبو زيد فهمي: القضاء الإداري ومجلس الدولة، ط2، سنة 1966،
ص177. د.محمد كامل ليلة: الرقابة على
أعمال الإدارة، ط
1968،ص151. د.طعيمة الجرف: رقابة
القضاء على الأعمال الإدارية، قضاء الإلغاء، القاهرة، ص240}.






ويتبين لنا من نص المادة (94) من الدستور
والتعريف السابق ذكرهما أن صلاحية مجلس الوزراء بإصدار قوانين مؤقتة مقيدة بشرطين
هما:



1. قيد زماني يتمثل في الزمن الذي لا يكون مجلس
الأمة منعقداً أو يكون منحلاً.



2. قيد موضوعي يتمثل في المواضيع التي تستوجب اتخاذ
تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأخير،
ومواضيعها غير مخالفة لأحكام الدستور.
وعليه فإن مجلس الوزراء قد خرج على قيد الاختصاص
الموضوعي عندما أصدر القانون المؤقت، إذ أصدره في موضوع لا يستوجب اتخاذ تدابير
ضرورية لا تحتمل التأخير ولا يستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأخير، كما هو
مبين في البند (ثانياً)، وقد خالف أحكام الدستور كما هو مبين في البند (ثالثاً،
ورابعاً، وخامساً، وسابعاًً)، وعليه يكون مجلس الوزراء، قد مارس عملاً خارج
دائرة صلاحيته الاستثنائية المقيدة موضوعياً.












ثانياً





تجاوز مجلس الوزراء في تقدير الأمور التي تستوجب
اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير






ونكتفي
لبيان ذلك
التجاوز بسرد ما جاء في قرار محكمة العدل العليا
الموقرة في الدعوى رقم (226/97) في حالة الضرورة حيث جاء فيه
:





" .. .. .. وإن حالة الضرورة المشار إليها
في المادة أعلاه تتمثل في نشوء خطر جسيم يتعذر مواجهته بالطرق القانونية العادية
كالحرب والكوارث والفتن الداخلية التي لم تكن متوفرة لأن معالجة أوضاع الصحافة
ووضع شروط لتنظيم أوضاع الصحافة ليس خطراً داهماً ولا وضعاً طارئاً ملحاً شأنها
شأن الكوارث أو الحروب التي تنشأ فجأة أو الفتنة التي تستوجب مجابهة سريعة لئلا
ينتشر خطرها فتهدم كيان الدولة. ذلك أن حالة الضرورة تقاس بوجود أحداث مفاجئة تشكل
خطراً جسيماً.. .. ..



2-
.. .. .. وبما أن سلطة إصدار القوانين المؤقتة قد شرعت لمجابهة ظرف طارئ، فلا
يجوز استعمالها لتنظيم
موضوعات يختص بها التشريع العادي، وعليه لا يرد
القول بأنه لا رقابة لمحكمة العدل العليا على حالة الضرورة والاستعجال بداعي أن
تقدير حالة الضرورة والاستعجال الداعية
لإصدار القانون المؤقت يعود للسلطة التنفيذية ".









ثالثاً





مخالفة القانون المؤقت لمبدأ العمومية الذي أقرّه ويصونه الدستور





النص المخالَف




تنص المادة (67) من الدستور على ما يلي:





" يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين
انتخابا عاماً
سرياً ومباشراً ووفقاً لقانون الانتخاب
..الخ".






يتبين لنا من هذا النص ان الانتخاب يجب أن
يكون عاماً وليس خاصاً،
ولا يستثنى منه أحد،
غير الذين ليس لهم أهليةٌ لممارسة الحقوق السياسية وفق القواعد والمبادئ القانونية
العامة،
من مثل من لم يبلغوا سن
الرشـد السيــاسي، أو المحجور عليهم لذاتهم أو لأي سببٍ آخر، أو المفلس قانونياً
ولم يستعد اعتباره، أو المحكوم عليه بجرمٍ متعلقٍ بالشرف والأمانة أو بجناية ولم
يستعد اعتباره. فهذه الفئات من المواطنين ليست أهلاً لممارسة الحقوق السياسية
ومنها حق الانتخاب بسبب نقص الإدراك لاختيار الأفضل أو لعيب لحق بعقولهم أو بذمتهم
جعل منهم مواطنين غير ثقاة لاختيار نواب الأمة. فهذه العلل التي من أجلها مُنعوا
أو حُرموا من ممارسة حقهم في الانتخاب.





النص المخالِف




أما ما تضمنه القانون
المؤقت في المادة (3/ب) من نص:



"يُوقف استعمال حق الانتخاب للعاملين في
القوات المسلحة والأمن العام والدفاع المدني والمخابرات العامة طيلة وجودهم في
الخدمة الفعلية"
.





فما هو إلا قيدٌ غير مشروعٍ على مبدأ العمومية
الذي أقرّه ويصونه الدستور.






فالعسكريون هم إحدى فئات المواطنين الذين
تتوافر فيهم الثقة والشرف وحسن الاختيار ويتمتعون بالأهلية لممارسة حقوقهم
السياسية ومنها حق الانتخاب لمجلس النواب، ولايجوز أن يكون وجودهم في الخدمة
العسكرية المشرّفة سبباً لنقص أهليتهم السياسية، فيوقف حقهم في النتخاب، وما
وقف استعمال الحق إلا حرمان من استعمال حق الانتخاب،
كما أن هذه الفئة تتأثر
بالقرارات التي يتخذها مجلس النواب كغيرهم من المواطنين، ودستورياً ومنطقيا لهم
الحق الكامل في أن يشاركوا في اختيار ممثلي المواطنين والشعب (النواب) في مجلس
النواب، وذلك أسوةٌ بفئات المواطنين الأخرى المتمتعة بهذا الحق، وهذا

الحق
مكفول في الدول الديموقراطية.


إن فئة العسكريين هي فئة على قدر عالٍ من
المعرفة والوعي والإدراك وحسن التقدير و الاختيار، كيف لا وهم من حملة الشهادات
العلمية في الطب والهندسة والحقوق والادارة وغيرها من التخصصات. لهذا من غير
المبرر ولا المستساغ أن يهمل حقهم في إبداء رأيهم في اختيار ممثلي المواطنين
والشعب وهم جزء من هذا الشعب وفئة من المواطنين،
يتأثرون كغيرهم بقرارات هـذا المجـلس ضمن
اختصاصاته؛ فمثلاً: قانون الخدمة العسكرية للضباط والأفراد، وهو قانونٌ يُقرّه مجلس النواب، هذا القانون يتـأثر به العسكريون بشكلٍ
مباشر. أليس من حق العسكريين أن يختاروا نواباً عنهم ليعبروا عن رأيهم في هذا
القانون وما يحويه من أحكام مهمة من مثل الأحكام الخاصة بانتهاء وإنهاء الخدمة
العسكرية لتحديد ضوابط محددةٍ لها؟؟؟



لقد أدى العسكريون كامل واجباتهم تجاه الوطن،
ولهم في خدمتهم المشرفة الفضل، فلماذا ينتقص
هذا القانون حقهم في الانتخاب.


وعليه فإن حق العسكريين في الانتخاب هو حقٌ
مشروعٌ أقرّه ويصونه الدستور بنصٍ صريحٍ وواضحٍ أبلج، والنص الذي يُوقف استعمال
هذا الحق في القانون المؤقت، ما هو إلا نصٌ يخالف الدستور مخالفةً واضحةً تستوجب
بطلان هذا النص بطلاناً مطلقاً، وعدم إجازته إذا ما أردنا أن نكون في دولة القانون
وملتزمين بمبدأ المشروعية.












رابعاً





مخالفة القانون المؤقت لمبدأ المساواة بين
الأردنيين وعدم التمييز بينهم الذي أقرّه ويصونه الدستور










النص المخالَف


تنص المادة(6/أ) من الدستور على ما يلي:





"الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا
في العرق أو اللغة أو الدين".






الأردني هو من يحمـل الجنسيـة الأردنيــة وفق
أحكام قانون الجنسيـة؛ أي أن عـلاقـة المواطـن بالدولـة هـي علاقـةٌ قانـونيـة،
تـُنشـئ لـه مركـزاً قـانـونيـاً، يكــون لـه حقــوقٌ علــى الدولة، وعليه واجباتٍ
لها، وكفل الدستور بمقتضى المادة
(6/أ) لهذه المراكز القانونية المساواة أمـام القـانـون وعـدم التمييز بينها على أساس العرق أو اللغة أو الدين،
بصراحة النص، أو على أي أساسٍ آخر يمس مبدأ المساواة ضمناً.






وإذ
يقضي الدستور في المادة(67) أن يتم انتخاب أعضاء مجلس النواب (الأردنيين) وفقاً
لقانون الانتخاب، فهل الأردنيون أمام القانون المؤقت سواء ولا تمييـز بينـهم في
حقهم في الانتخاب؟؟





النص
المخالِف





إن ما تضمنه القانون المؤقت في المادة (3/ب) من نص:





" يُوقف استعمال حق الانتخاب للعاملين في القوات المسلحة والأمن العام
والدفاع المدني والمخابرات العامة طيلة وجودهم في الخدمة الفعلية"، ما هو إلا
قيدٌ غير مشروعٍ على مبدأ المساواة الذي أقرّه ويصونه الدستور.






لم يساوي، بل ميّز
القانون المؤقت بين الأردنيين في حقهم في الانتخاب على أساس العمل؛ فمن يعمل في
القوات المسلحة الأردنية
والأمن العام والدفاع
المدني والمخابرات العامة طيلة وجودهم في الخدمة الفعلية، يُوقف استعمال حقهم في
الانتخاب، أي أن وقف هذا الحق جاء بسبب عمله في هذه الإدارات، وهذا سبب غير مشروع
للتمييز بين الأردنيين، ويعدم المساواة بينهم أمام حق الانتخاب، بمفهوم المادة
(6/أ) من الدستور، خصوصاً أن وقف حق الانتخاب هو حرمان فعلي من هذا الحق.






لقد أدى العسكريون كامل واجباتهم تجاه الوطن،
ولهم في خدمتهم المشرفة الفضل، فلماذا ينتقص حقهم في الانتخاب.



وعليه فإن حق العسكريين في الانتخاب هو حقٌ
مشروعٌ أقرّه ويصونه الدستور بنصٍ صريحٍ وواضحٍ أبلج، والنص الذي يُوقف استعمال
هذا الحق في القانون المؤقت، ما هو إلا نصٌ يخالف الدستور مخالفةً واضحةً تستوجب
بطلان هذا النص بطلاناً مطلقاً، وعدم إجازته إذا ما أردنا أن نكون في دولة القانون
وملتزمين بمبدأ المشروعية.












خامساً





خالف مجلس
الوزراء الأردني الدستور في الشروط التي تعطيه صلاحية وضع قانون مؤقت






النص المخالَف




تنص المادة (94) من
الدستور
:





"1- عندما يكون
مجلس الأمة غير منعقد أو منحلاً يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين
مؤقتة في الأمور التي تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير أو تستدعي
صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل
ويكون لهذه القوانين التي يجب أن لا تخالف أحكام هذا الدستور قوة القانون .......
الخ ".






إذن
بمقتضى المادة (94) من
الدستور لمجلس الوزراء على سبيل الاستثناء وضع قوانين مؤقتة، التي قيدت حق مجلس
الوزراء بوضع القوانين المؤقتة بالشروط التالية:






1. أن يكون مجلس الأمة غير
منعقد أو منحلاً.



2. وجود أمور تستوجب اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل
التأخير، أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة للتأجيل.



3. أن لا يُخالف القانون
المؤقت أحكام الدستور.



4. أن يُعرض القانون
المؤقت على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده.






ويدور حق مجلس الوزراء
وجوده وعدمه بتوافر هذه الشروط مجتمعة، فإذا لـم تتحقــق أو لــم يتحقــق أحدهــا،
فإنــه لا يحــق لمجلــس الـوزراء وضع القانون المؤقت؛ لأن غاية الشارع الدستوري
جعل الحق على سبيل الاستثناء – والاستثناء لا يقاس عليه ولا نتوسع في تفسيره ويطبق
في أضيق الحدود حسب القاعدة القانونية الأصولية- وذلك تحقيقاً لمبدأ الفصل بين
السلطات؛ لأن لا تتعدى السلطة التنفيذية على اختصاص السلطة التشريعية.






إن القانون المؤقت وإن
كان قد صدر في حين مجلس النواب منحلاً، لكن:






1- لا توجد أمور تستوجب
اتخاذ تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير، أو تستدعي صرف نفقات مستعجلة غير قابلة
للتأجيل لإصداره، فالدولة ليست بلا قانون انتخاب، حتى تكون هناك أمور تستوجب اتخاذ
تدابير ضرورية لا تحتمل التأخير، بل هناك قانون انتخاب نافذ وهو قانون رقم 22 لسنة
1986، وهو في جوهره وأساسه مشابه للقانون المؤقت.



2- والقانون المؤقت مخالفٌ لأحكام الدستور كما
هو موضح في بند مخالفـة القانـون المؤقت
لأحكام الدستور ( ثالثاً، ورابعاً).






وبناءً عليه يتبين أن
شرطين من الشروط الواجب توفرها مجتمعة ليحق لمجلس الوزراء بوضع قانون مؤقت غير
متحققة، ويكون القانون المؤقت والحالــة التي صـدر بها مخالـفاً لأحكـام
الدسـتـور، لأن مجلــس الـوزراء خالف الشروط الواجب تحققها بمقتضى المادة (94) من
الدستور أو أخطأ في تطبيقها و تأويلها.












سادساً





خالف النظام مبدأ المساواة بين الأردنيين وعدم
التمييز بينهم في الحقوق والواجبات على أساس العرق أو اللغة أو الدين الذي أقرّه
ويصونه الدستور





النص
المخالَف





تنص المادة(6/أ) من الدستور على ما يلي:





"الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا
في العرق أو اللغة أو الدين".






لقد اشترط الدستور في
المادة(75/1/أ) في عضو مجلس النواب أن يكون أردنياً، و الأردني هو من
يحمـل الجنسيـة الأردنيــة وفق أحكام قانون الجنسيـة؛ أي أن عـلاقـة المواطـن
بالدولـة هـي علاقـةٌ قانـونيـة، تـُنشـئ لـه مركـزاً قـانـونيـاً، يكــون لـه
حقــوقٌ علــى الدولة، وعليه واجباتٍ لها، وكفل الدستور بمقتضى المادة (6/أ) لهذه
المراكز القانونية المساواة أمـام القـانـون وعـدم التمييز بينها على أساس العرق
أو اللغة أو الدين، بصراحة النص، أو على أي أساسٍ آخر يمس مبدأ المساواة ضمناً.






وإذ يقضي الدستور في المادة(67) أن يتم انتخاب
أعضاء مجلس النواب (الأردنيين) وفقاً لقانون الانتخاب، فهل الأردنيون أمام
(نظام تقسيم الدوائر
الانتخابية والمقاعد المخصصة لها)
سواء ولا تمييـز بينـهم في حقهم في عضوية مجلس النواب؟؟




النص المخالِف: المادة (2) والمادة (3) من النظام.







إن الناظر الى نظام تقسيم الدوائر الانتخابية والمقاعد المخصصة لكل منها الصادر
بمقتضى المادتين (52 و53) من القانون المؤقت، والذي يعتبر أساس قانون الانتخاب،
يجد أن هناك تمييزاً بين الأردنيين على أساس العرق أو الدين، وهو تمييـزٌ غير
مشروعٍ بصراحـة نـص المــادة (6/أ) مــــن الدستور. والبيان على النحو الآتي:






1- لقد ميّز النظام بين الأردنيين
على أسـاس الديـن؛ فالمسلمـون
حدد لهـم النظام (95)
مقعــداً في مجلــس النواب، بينمـا المسيحيـون
حدد لهـم (9) مقاعد، رغم
أن أتباع كلتا الديانتين أردنيون، وكفل الدستور لهم المسـاواة أمـام القانـون في
توفير الفرصة لهم ليكونوا أعضاء في مجلس النواب دون أن
يحدد لهم العضوية في دوائر
دون أخرى، فالمسيـحي لا يكـون نائبـاً عن الدائرة الأولى في محافظة العاصمة مثلاً،
لأن النظام
حدد مقاعد هذه الدائرة الأربعة
للمسلمين فقط، فحرم الأردني المسيحي المقيم في الدائرة الأولى من فرصته في أن يكون
نائباً عن هـذه الدائرة، رغـم أنـه أردنـي وكفـل الدستـور لـه المســاواة مـع
مواطنـه المسلم، وإن كان مقيماً بهذه الدائرة.






2- لقد ميّز النظام بين الأردنيين على أساس العـرق؛
فالأردنـي كونـه شركسـياً أو شيشـانياً
حدد لـه النظام أن يكون
نائباً عن ثلاث دوائر فقط، وبالمقابل حرمـه من فرصتـه في أن يكـون نائبـاً عـن
بقيـة الـدوائـر، رغـم أنـه أردني، وكفل الدستور له المساواة مع مواطنه العربي
وغير العربي.






3- وكذلك في دوائر
البادية المغلقة، نجد أن النظام حرم عشائر معينة بمقتضى المادة (3) منه من حقهم في
أن يكونوا نواباً عن غير هـذه الدوائر، وحرم الأردنيين من غير هذه العشائر أن
يكونوا نواباً عن دوائر البادية، رغـم أنـهم جميعـاً أردنيـون، وكفـل الدستـور لهم
المساواة أمام القانون وعدم التمييز بينهم على أساس العرق.






ويجدر بنا أن نسأل في
هذا المقام. لماذا هذه الفئات العرقية أو الطائفية يخصص لها النظام مقاعد في مجلس
النواب دون فئات أخرى من مثل الفئات العرقية
: (الكردية أو التركمانية أو البخارية)، أو الفئات الطائفية: (الدرزية أو العائلة التي ينتمي إليها كاتب هذه الدراسة؟؟





أليس في هذا الوضع الذي
يقيمه النظام تمييز بين المواطنين الأردنيين على أسس غير مشروعة ومخالفة لأحكام
الدستور الذي ساوى بين الأردنيين على اختلاف أعراقهم ولغاتهم ودياناتهم؟؟






إن وظيفة القانون أن يكافئ فرص الأردنيين في
أن يكون نواباً في مجلس النواب، لا أن يضمن لهم التمثيل
على أسس واعتبارات غير مشروعةٍ مخالفةٍ لأحكام الدستور، أي على أساس العرق أو اللغة أو الدين،، ويكون تكافؤ الفرص بأن
يحدد القانون لكل دائرةٍ عدداً من النواب دون
تخصيص
على أساس
العرق أو اللغة أو الدين. كأن يذكر
"الدائرة س لها عـدد من النـواب" فبـذلك يساوي بين الأردنيـين على
اختـلاف أصـولهم ومـنابتهم ودياناتهم في الفرصة في أن يكونوا نواباً عن هذه
الدائرة أو الدوائر.






وذلك خلافاً للوضع الكائن في
ظل دستور (1947) والقانون الأساسي لشرق الأردن (1928) اللذين كانا يراعيان وضعاً
استثنائيا يستوجب رعاية الأقليات العرقية أو الطائفية، فقـد كـان دستـور (1947)
يقضـي في المـادة (33)، والقانـون الأسـاسـي (1928) يقضي أيضاً في المادة (25/أ)
بوجوب رعاية التمثيل العادل للأقليات، فهذا استثناء على القاعـدة العـامـة
الدستـورية في المساواة قد جاء بنص دستوري. أما دستورنا الحالي (1952) فقد ألغى
هذا النص
، الأمر الذي يُوجب أن نلتزم ونخضع للقاعـدة العامـة في المساواة وعدم
التمييز بين الأردنيين في الحقوق والواجبات على أساس العرق أو اللغة أو الدين،
فالاستثناء لا يكـون مشـروعاً إلا إذا كان
بنصٍ من مستوى النص الذي يحكم القاعدة العامة، وغير مشروعٍ إذا كان بمقتضى تشريعٍ
من مستوى أدنى،
إلتزاماً بمبدأ التدرج القانوني .











سابعاً





خالف القانون المؤقت المعدل, والنظام المعدل
مبدأ المساواة الذي أقره الدستور، بتخصيص مقاعد للإناث





النص المخالَف




تنص المادة(6/أ) من الدستور على ما يلي:





"الأردنيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وإن اختلفوا
في العرق أو اللغة أو الدين".






لقد اشترط الدستور في
المادة(75/1/أ) في عضو مجلس النواب أن يكون أردنياً، و الأردني هو من
يحمـل الجنسيـة الأردنيــة وفق أحكام قانون الجنسيـة؛ أي أن عـلاقـة المواطـن
بالدولـة هـي علاقـةٌ قانـونيـة، تـُنشـئ لـه مركـزاً قـانـونيـاً، يكــون لـه
حقــوقٌ علــى الدولة، وعليه واجباتٍ لها، وكفل الدستور بمقتضى المادة (6/أ) لهذه
المراكز القانونية المساواة أمـام القـانـون وعـدم التمييز بينها على أساس العرق
أو اللغة أو الدين، بصراحة النص، أو على أي أساسٍ آخر يمس مبدأ المساواة ضمناً.



وإذ يقضي الدستور في المادة(67) أن يتم انتخاب
أعضاء مجلس النواب (الأردنيين) وفقاً لقانون الانتخاب، فهل الأردنيون أمام القانون
المؤقت المعدل والنظام المعدل سواء ولا تمييـز بينـهم في حقهم في عضوية مجلس
النواب؟؟






النص المخالِف




لقد أمعن القانون
المؤقت المعدل رقم
(11) لسنة 2003، والنظام
المعدل رقم (17) لسنة 2003، في التمييز بين الأردنيين، وقد جاء التمييز فيهما على
أساس الجنس، وهو تمييز غير مشروع بمقتضى المادة (6/أ) من الدستور؛ فتخصيص ستة
مقاعد للإناث في مجلس النواب بنص المادة (4) من القانون المؤقت المعدل، والمادة
(2) من النظام المعدل، مخالف لمبدأ المساواة بين الأردنيين ذكوراً وإناثاً الذي
أقره الدستور.






ويجدربنا التساؤل في هذا المقام، وعلى فرض مشروعية تخصيص هذه المقاعد
للإناث
-وهو غير مشروع- لماذا تم تخصيص ستة مقاعد فقط؟؟ في الوقت الذي تمثل نسبة
الإناث في المملكة ما يقارب (50%) من مجموع المواطنين، أي لماذا لا يخصص لهن نصف
المقاعد في مجلس النواب.












ثامناً





خالف النظام أحكام الدستور بعدم تضمين النظام
دوائر انتخابية لتمثيل جزء من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية








النص المخالَف




تنص المادة (1) من
الدستور
:





" المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية
مستقلة ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه .....الخ "






المخالِف لأحكام
الدستور



لم يتضمن النظام
الدوائر الانتخابية لكل من محافظة القدس ومحافظة نابلس ومحافظة الخليل والمقاعد
المخصصة لكل منها، التي تضمنها قانون الانتخاب لمجلس النواب قانون رقـم 22 لسنـة
1986 المنشـور في الجريـدة الرسميـــة عـدد (3398) الصادر بتاريخ 17/5/1986، حيث
تعتبر هذه المحافظات جزء من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية لا
يجوز أن ينزل عنها بمقتضى المادة (1) من الدستور، الذي
لا
يجيز
التنازل عن أي جزء من أراضي المملكة الأردنية الهاشمية، ويقع باطـــــلاً
- بطلاناً مطلقاً لا ترد عليه إجازة في دولة القانون الملتزمة بمبدأ المشروعية -
أي عمل أو أي إجراء من شأنه التنازل عن أي جزء من
أراضي المملكة الأردنية الهاشمية.





وأما التحجج بقرار فك
الارتباط، فما هو إلا محض كلام لا أساس له من الصحة و المشروعية، فلا وجود لما
يسمى (قرار فك الارتباط)، وإلا فأين هو هذا القرار المزعوم؟؟ ومن أصدره؟؟ وما
نصه؟؟ ومتى صدر؟؟ وما سنده؟؟ وما مدى مشروعيته إن كان قد صدر؟؟ إن وجود القرار
المزعوم مرتبط وجوداً وعدماً بالإجابة على هذه الأسئلة، وإلا فإنه غير موجود
أصلاً.






ويجدر
بنا أن نذّكر مجلس النواب بالاستحقاق الدستوري خضوعاً والتزاماً بالمادة (73/6) من
الدستور التي توجب على مجلس النواب ان ينتخب الأعضاء في الدوائر التي لا يمكن
اجراء الانتخاب فيها، فالمشرع الدستوري لا ينص على عبث من القول، أو فضل من
الأحكام، وقد جاء هذا النص المعدل للدستور ل
يغطي التمثيل النيابي للاراضى الأردنية المحتلة
في الضفة الغربية وما زال هذا النص الدستوري على حاله ملزماً للدولة الأردنية
حكومةً ومجلساً، ومبطلاً لأي توجهٍ أو قرارٍ أو قانونٍ من شانه النزول أو التخلي
عن أية ذرة من ذرات الوطن الأردني.



تاسعاً





أساء مجلس الوزراء في استخدام سلطته بإصداره
القانون المؤقت ونظام تقسيم الدوائر الانتخابية.






تتعسف الإدارة وتسيء استخدام
السلطة الممنوحة لها بموجب الدستور والقوانين عندما تنحرف بالسلطة عن الهدف الذي
وجدت من أجله وهو تحقيق المصلحة العامة أو عندما تحيد عن الهدف الذي خصصه المشرع،
ومن أشد وأبشع صور الانحراف بالسلطة، التعدي على أعمال السلطات الأخرى، خلافاً
لمبدأ الفصل بين السلطات.






أساء مجلس الوزراء في
استخدام السلطة بوضعه القانون المؤقت والنظام.






إن اختصاص تشريع القوانين مثبت أصالةً للسلطة التشريعية بمقتضى
المواد (25، 91، 92، 93) من الدستور، وكان معروضاً على مجلس النواب الثالث عشر
مشروع قانون انتخاب، وكان أحد مواضيع البحث في الدورة الاستثنائية الأخيرة، ولقد تم
فض هذه الدورة قبل أن تكمل بحث المواضيع المعروضة فيها، وليس هذا فحسب بل تم حل
مجلس النواب قبل انتهاء مدتـه القانونيـة، ومـن ثـم عمـد مجـلس الـوزراء إلى وضع
القانون المؤقت ووضع النظام، في الوقت الذي كان ممكناً لمجلس النواب صاحب الاختصاص
الأصيل أن ينجز مشروع قانون الانتخاب المعروض عليه خلال مدته القانونية، أوفي
الوقت الذي كان ممكناً دعوة مجلس النواب المنحل صاحب الاختصاص الأصيل في دورة
استثنائية لإنجاز قانون الانتخاب، خصوصاً أنه تم تأجيل موعد الانتخاب لمجلس النواب
لمدة طويلة.






لكن مجلس الوزراء آثر إصدار
القانون المؤقت خلافاً لأحكام الدستور على نحو ما تقدم من أسباب، وإن كان في ذلك تعدياً على أعمال السلطة
التشريعية صاحبة الاختصاص الأصيل بوضع القوانين.












عاشراً





لا يجوز أن تنظم
الدوائر الانتخابية والمقاعد الخصصة لها بنظام بل يجب أن تنظم بقانون









تنص المادة (67) من الدستور على ما يلي:





" يتألف مجلس النواب من أعضاء منتخبين
انتخابا عاماً
سرياً ومباشراً ووفقاً لقانون الانتخاب ..الخ".





يقضي هذا النص أن تجري الانتخابات وفقاً لقانون، والقانون يصدر عن السلطة
التشريعية (مجلس الامة، والملك)، وعليه لايجوز أن تجري الانتخابات وفقاً لنظام -
يصدر عن السلطة التنفيذية - أو غيره.






وإذ تعتبر الدوائر الانتخابية
والمقاعد المخصصة لها، أساس هذا القانون ومحوره، فلا يرد مع هذه الحقيقة أن تنظم
بموجب نظام يصدر عن السلطة التنفيذية، بحيث تسيطر على مجلس النواب من حيث الدوائر
الانتخابية و المقاعد المخصصة لها، فهذه من إختصاصات السلطة التشريعية وليست من
إختصاص السلطة التنفيذية بموجب الدستور الذي قرر أن الانتخاب يجري وفقاً لقانون
الانتخاب.



وإذا كان لمجلس الوزراء صلاحية إصدار أنظمة لتنفيذ القوانين، فليس له إصدار
أنظمة تشريعية إلا فيما حدد له الدستور على سبيل الحصر، كما أنه ليس للسلطة
التشريعية أن تفوض إختصاصها هذا للسلطة التنفيذية أو غيرها إلا بموجب نص في
الدستور الذي يحدد الاختصاصات للسلطات العامة في المملكة.



أي أنه لا يجوز أن يحيل قانون الانتخاب تنظيم الدوائر الانتخابية و المقاعد
المخصصة لها الى نظام.









لما تقدم كله يتبين لنا بجـــلاء أن القانون المؤقـت ونظام تقسـيم الدوائر
الانتخابيـة مخالفـين للدسـتور (القانون الأعلى)، وهذه المخالفة تبطلهما بطلاناً
مطلقاً،
، بطلاناً لا ترد عليه إجازة في دولة القانون
الملتزمة ب
مبدأ المشروعية،
وعليه يكون الانتخاب الذي جرى بموجب هذا القانون المؤقت، وهذا النظام باطل
اً أيضاً، ونتائجه باطلة، فما يبنى على الباطل فهو
باطل.