(((بسم الله الرحمن الرحيم)))
اختلفت اجتهادات محكمة النقض بهيئتها العامة وتضاربت أراء بعضهم البعض حول:
((هل يقبل رد طلب انعدام حكم استئنافي مبرم الطعن بالنقض أم لا))
فقد قضت بعض غرف محكمة النقض بقابلية الحكم المعدوم للطعن بصورة مطلقة بقولها:
((إن
الحكم المعدوم , هو والعدم سواء ولا يترتب أي اثر قانوني , ولايلزم الطعن
فيه للتمسك بانعدامه , إنما يكفي إنكاره عند التمسك بما اشتمل عليه من
قضاء , ويجوز رفع دعوى مبتدئة بطلب انعدامه , ولا يغلق بصدده أي سبيل للتمسك بانعدامه , ولاتزول حالة انعدام الحكم بالرد عليه بما يدل على اعتباره صحيحا , أو القيام بعمل أو إجراء باعتباره كذلك
))0
[1]
وقالت أيضا:
((لئن كانت الاحكام المعدومة تعتبر غير موجودة قانونا الا أنه ليس ثمة مايحرم على الخصوم مراجعة طريق الطعن فيها على أساس أن المحكمة قد أصدرتها وجرى تفهيمها وأن ما يشعر به من أسباب البطلان المطلق مدعاة لنقضها وإعلان بطلانها))0[2]
وبعضهم قضى بعدم قابلية الحكم المعدوم للطعن اذا كان غير قابل للطعن اذ قالت الهيئة العامة لمحكمة النقض :
(على الطاعن تقديم طعنه بالحكم خلال المدة القانونية فان فوت عليه مدة الطعن كان أمامه اقامة دعوى مبتدئة لاعلان هذا الانعدام ) [3]
و قالت بذلك احدى غرف محكمة النقض :
(المحكمة مصدرة القرار المعدوم هي المحكمة المختصة للنظر في دعوى إعلان انعدام الحكم إذا أغلقت أبواب الطعن الأخرى ,
وللخصوم الخيار إما أن يطعنوا بالحكم إذا كان قابلا للطعن , أو أن يتقدموا
إذا لم يكن قابلا للطعن , إلى المحكمة التي أصدرته لتقرير انعدامه ,لان ا
لانعدام لايغير من طرق الطعن ولا من قواعد الاختصاص
- إنما أن الحكم لا وجود له )
[4]
وحيث
أن تضارب الاجتهاد واختلافه ناجم عن الخلط بين الحكم السليم والحكم
المعدوم فطرق الطعن بالأحكام حددت للأحكام السليمة ولم تحدد للأحكام
المعدومة حيث قضت بهذا محكمة النقض بقولها:

((أن القواعد المقررة للطعن في الأحكام لا تسري في أحوال الانعدام , اذ يجوز أن ترفع دعوى مبتدأه بطلب انعدام الحكم كما يجوز التمسك به على صورة دفع في أية خصومة تستند إلى الحكم المعدوم )) [5]
وبما أن محكمة النقض الجليلة
قدبينت أن القواعد المقررة للطعن لاتسري في أحوال الانعدام فهي حصرت هذه
القواعد فقط بالأحكام السليمة فلا يمكن تطبيقها على الأحكام المعدومة التي
يجوز الطعن بها في كل وقت وحين خلافا للأحكام السليمة التي لها طرق طعن
محددة وفق القانون لايمكن تجاوزها أبدا فمادام الحكم المعدوم لايتمتع بأية
حجية أو حصانة قضائية تمنع من تقرير انعدامه أمام أية جهة قضائية كانت
فلايمكن الاحتجاج بمواجهته بحجية الشيء المقضي به وقوة القضية المقضية وقد
قالت بذلك الهيئة العامة لمحكمة النقض بدمشق بقرارها رقم /29/ لعام1976
ورقم/3/ لعام1992 :

( بأن الفقه والاجتهاد سارا على جواز التمسك بانعدام الحكم بدعوى مبتدأه إذ أن الانعدام لا يصحح بالحضور أو بالتكلم في الموضـوع ((أو بحجية الشيء المحكوم به)) ولا يصحح مهما طال عليه الأجل ) 0
إلا أن الهيئة العامة
الموقرة عادت ومنحت الحكم المعدوم الحجية الكاملة وقوة القضية
المقضيةحينما حجبت طريق الطعن بالحكم المعدوم لمن فوت ميعاد الطعن بقولها :

( على الطاعن تقديم طعنه بالحكم خلال المدة القانونية فان فوت عليه مدة الطعن كان أمامه اقامة دعوى مبتدئة لاعلان هذا الانعدام ) [6][1] هيئة عامة رقم (34/2) لعام 1992 محامون لعام 1992 0
فهذا التناقض بالاجتهاد
أوقعنا بحيرة فكيف لايكون للحكم المعدوم أية حجية كانت وتكون له الحجية
المطلقة بآن واحد أليس في إغلاق سبيل الطعن أمامه يجعله حكما سليما ويمنحه
الحجية التامة والحصانة القانونية التي تمنع من تقرير انعدامه بمراجعة طرق
الطعن 0

وبرأيـــي:
أن
الأحكام المعدومة يجوز الطعن فيها بكل وقت وحين فلا يغلق بمواجهتها أي
طريق من طرق الطعن العادية أو الاستثنائية فان أغلقت بمواجهتها طرق الطعن
العادية فهي تقبل الطعن استثناء لأنها حالة قانونية خاصة فالحكم المعدوم
لايتأثر بقطعيته أو انبرامه للأحتجاج بمواجهته بعدم قابليته للطعن لأن
الحكم المعدوم هو والعدم سواء فلا ينال أية حجيةاو حصانة قانونية تحميه من
تقرير انعدامه أمام أية جهة قضائية كانت كما أن الحكم المعدوم يتوجه إلى
الأحكام القطعية التي استنفذت جميع طرق الطعن العادية أمامها فان كان
الحكم المعدوم حكما استئنافيا مبرما فان رد طلب انعدامه يكون قابل للطعن
بالنقض حتما لأنه إن كان لايقبل الطعن بطرق الطعن العادية فهو يقبل الطعن
استثناء لأن في التمسك بمواجهته بقطعيته أو انبرامه لإغلاق طريق الطعن
أمامه يجعله في مصاف الحكم السليم وليس المعدوم ولأن محكمة النقض هي
المحكمة الرقيبة على حسن تطبيق القانون من محاكم الموضوع ومنها محكمة
الاستئناف فهي التي تحدد إن كان قرار محكمة الاستئناف صائبا برد طلب
الانعدام كون الحكم سليم وليس معدوم فتقررعندهارد الطعن شكلا لوقوعه على
قرار مبرم غير قابل للطعن وان كان قرار محكمة الاستئناف برد طلب الانعدام
معيبا فتقرر قبول الطعن شكلا وموضوعا وتحكم بانعدام القرار الاستئنافي
وهذا هو التطبيق الفعلي للقانون وما ذكرته هو رأيي بهذه القضية فان أخطأت
فعذرا منكم وان أصبت فالحمد لله رب العالمين0


[1] قرار نقض مدني رقم 1159 تاريخ 30 -12- 1974 محامون 1975 ص 10 و – 1146 تاريخ 30 – 12 – 1974 محامون 1974 ص351

[2] -قرار نقض عقاري رقم /25/ لعام 1975 – ص148 محامون لعام 1993 ج7و8 ص671 0

[3] هيئة عامة رقم (34/2) لعام 1992 محامون لعام 1992 0

[4] نقض غ م2 قرار (1938 –أساس 3662 \ 91 –محامون 1991 10 \ 11 \12 \ ص 783 0

[5] نقض غ م2 قرار (855 –أساس 1249 تاريخ 2006 ) منشور في موسوعة القضاء المدني الجزء الاول قاعدة 2521 -1 -2 ص 895

[6] هيئة عامة رقم (34/2) لعام 1992 محامون لعام 1992 0