الطعن رقم 1180 لسنة 27 بتاريخ 18/11/1957
 الوقائع
أقام ............... دعوى الجنحة المباشرة رقم 155 سنة 1955 أمام محكمة جنح بندر قنا الجزئية على كل من: 1- ................. و2- ................. .................و3-................. - متهماً إياهم بأنهم - المتهم الأول: أخبر بأمر كاذب ضده مع سوء القصد وذلك بأن إتهمه بتهمة تحريض زوجته على الفسق - والمتهمان الثاني والثالث قبضا عليه وحبساه بدون أمر من السيد رئيسهما والمتهمون الثلاثة إتفقوا فيما بينهم على تدبير الجنحة رقم 90 سنة 1955 بندر قنا ضده وأن هذا التدبير قد تم بتحريض من الثانى والثالث. وطلب معاقبتهم بالمواد 305 و280 و40/1 - 2 من قانون العقوبات كما طلب القضاء له عليهم متضامنين بقرش صاغ تعويضاً مؤقتاً مع المصروفات المدنية كما أقام كل من 1- ................. و2- ................. دعوى الجنحة المباشرة رقم 403 سنة 1955 أمام المحكمة المذكورة على .................  يتهمانه فيها بأنه أولاً - أبلغ كذباً وبسوء القصد ضدهما بأنهما كانا يحضران إلى منزلهما بعض النسوة الساقطات لأغراض غير شريفة وبأنهما أوعزا إلى................. الموظف بمنطقة قنا التعليمية أن يتهم (................................) بأنه حرض زوجته على الفسق - وثانياً - سب وقذف فى حقهما بمضمون العبارت الواردة بالبرقية (التلغراف) المؤرخ فى 24 من يناير سنة 1955 المرفقة بالشكوى رقم 130 سنة 1955 إدارى بندر قنا. وطلبا معاقبته بالمواد 134، 185، 302، 303، 305، 308 من قانون العقوبات، كما طلبا القضاء لهما قبله بقرش صاغ واحد تعويضاً مؤقتاً والمصروفات والأتعاب. والمحكمة المشار إليها قررت ضم الدعويين إلى بعضهما وقضت حضورياً. أولاً - فى الدعوى رقم 155 سنة 1955 جنح بندر قنا ببراءة المتهمين من التهمة المسندة إليهم بلا مصروفات جنائية ورفض الدعوى المدنية المقامة ضدهم مع إلزام رافعها بمصروفاتها - وثانياً - فى الدعوى رقم 403 سنة 1955 جنح بندر قنا بحبس المتهم ................. ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة قدرها خمسون جنيهاً لوقف التنفيذ بلا مصروفات جنائية مع إلزامه بأن يدفع قرشاً صاغاً واحداً تعويضاً مؤقتاً لكل من المدعيين بالحق المدنى (................. و.................) وحملته مصروفات الدعوى المدنية ومبلغ مائتى قرش مقابل أتعاب محاماة لكل منهما. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة قنا الإبتدائية قضت فيه حضورياً بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعيها مصروفاتها وثلاثماية قرش مقابل أتعاب المحاماة بلا مصروفات جنائية.
فقررت النيابة الطعن بطريق النقض ... الخ
 
 المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون كما شابه قصور في أسبابه، ذلك أنه قضى ببراءة المطعون ضده من جريمة القذف استناداً إلى عدم توافر ركن العلانية مع أن هذا الركن قد توافر بإرسال البرقية المتضمنة عبارات القذف وتداولها بين أيدي موظفي التلغراف وموظفي النيابة وكذلك قضى الحكم ببراءة المطعون ضده من جريمة البلاغ الكاذب استناداً إلى عدم توافر الركن المعنوي لهذه الجريمة وهو سوء القصد استناداً إلى الوقائع التي أوردها بأسبابه بصدد القبض على المطعون ضده إلا أن الحكم أغفل مناقشة وقائع أخرى تضمنها البلاغ الذي قدمه ضد المجني عليهما مما قد يثبت منها سوء قصده وقيام نية التشهير عنده ومن ثم يكون الحكم قد خلا من بيان الأسباب التي أقيم عليها في هذا الصدد مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في صدد العلانية في جريمة القذف على قوله "وحيث إن التهمة الثانية الواردة بصحيفة دعوى المدعيين بالحق المدني أن وقائع السب والقذف موضوع هذه الدعوى قد ضمنها المتهم البرقيتين المؤرختين في 24 من يناير سنة 1955 المرفقتين بالشكوى رقم 130 سنة 1955 إداري بندر قنا ولا تتوافر العلانية في هاتين البرقيتين إذ قضت محكمة النقض بأنه لا يعتبر قذفاً معاقباً عليه بإرسال تلغراف بالقذف في أحد الموظفين العموميين لأن الركن العلانية التي يتطلبها القانون لا يمكن اعتباره متوافراً فضلاً عن أن قصد المرسل لم يكن إذاعة محتويات التلغراف بل كل ما كان يرمي إليه هو إبلاغ الرئيس شكواه عن تصرفات مرؤوسيه، وحيث إنه فضلاً عن ذلك فإنه لم يثبت أن المتهم كان يقصد ببلاغه الثابت بالبرقيتين التشهير بالمدعيين بالحق المدني إذ كما سلف القول كان يرمي أن يبعث إلى النيابة بما اعتقد أنه جريمة اقترفها المدعيان بالحق المدني فلا عقاب عليه إذ أن التبليغ عن الجرائم حق واجب على الناس كافة فلا يجوز العقاب عليه إلا إذا كان مقروناً بالكذب وسوء النية وكان المقصود منه جعله علنياً لمجرد التشهير بالمبلغ ضده" وتحدث الحكم عن القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب فقال "وحيث إن هذه المحكمة ترى خلافاً لما ذهبت إليه محكمة أول درجة أن القصد الجنائي اللازم توافره في جريمة البلاغ الكاذب غير ثابت في حق المتهم الذي لم يقصد ببلاغه في حق الضابطين سوى أن يبث شكواه منهما إلى جهة الاختصاص وأن يصل بذلك إلى الإفراج عنه بعد أن حجز في مركز البوليس .... وإرسال المتهم لهذه البرقية يدل دلالة قاطعة أنه كان جاداً في شكواه ضد الضابطين ولا يبغي وراءها إلا أن يسترد حريته ظناً منه أن الأخيرين قد قبضا عليه بدون وجه حق وعلى غير أساس من القانون".
وحيث إن هذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه صحيح في القانون ولا قصور فيه، ذلك أنه يشترط لتوافر القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب أن يكون المبلغ عالماً بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وأن يكون منتوياً الكيد للمبلغ ضده، كما أنه لا يكفي لتوافر ركن العلانية في جريمة القذف أن تكون عبارات القذف قد تضمنتها برقية تداولت بين أيدي الموظفين بحكم عملهم بل يجب أن يكون الجاني قد قصد إلى إذاعة ما أسنده إلى المجني عليه ولما كان البحث في توافر هذا القصد أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع تفصل فيه حسبما يتكون به اقتناعها وكانت المحكمة قد استخلصت من وقائع الدعوى أن المطعون ضده كان يعتقد صحة الوقائع التي نسبها إلى الضابطين المجني عليهما وأنه لم يقصد من بلاغه الكيد لهما والتشهير بهما، لما كان ذلك كله فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً