الطعن رقم 19816 لسنة 62 بتاريخ 13/02/1997
 الوقائع
أقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الإدعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه أهان بالقول موظفة عمومية هى ....... ممرضة بمستشفى ........ المدعية بالحقوق المدنية بألفاظ جارحة من شأنها خدش الحياء العام في مكان عام على النحو الوارد بالصحيفة وطلبت معاقبته بالمواد 133 ، 171 ، 306 ، 306 مكررا (أ) ، 308 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الإتهام بتغريم المتهم خمسين جنيها وإلزامه بأن يؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخسمين جنيها على سبيل التعويض المؤقت . استأنف ومحكمة الإسماعيلية الإبتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق القانونى . وأذن رئيس النيابة القائم بعمل المحامى العام برفع الدعوى . ومحكمة بندر الإسماعيلية قضت حضوريا بحبس المتهم شهرا مع الشغل والنفاذ وغرامة مائة جنيه وإحالة الدعوى المدنية إلي المحكمة المختصة استأنف المحكوم عليه والمحكمة الإستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بتغريم المتهم خمسين جنيها والتأييد فيما عدا ذلك .
فطعن الأستاذ/ ......... المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض......إلخ
 
 المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. ذلك بأن المحكمة قبلت الدعويين الجنائية والمدنية على الرغم من تحريكهما أمام المحكمة الجنائية بالادعاء المباشر خلافاً للقانون إذ وقعت الجرائم التي نسبت إليه أثناء وبسبب تأدية وظيفته. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضدها (المدعية بالحقوق المدنية) وتعمل ممرضة بمستشفى ........... نسبت إلى الطاعن ويعمل طبيباً بذات المستشفى أنه أثناء وبسبب تأدية الطرفين لوظيفتيهما وجه إليها ألفاظاً جارحة أقامت من أجلها دعواها بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن عن تهم إهانة موظفة عمومية أثناء وبسبب تأدية وظيفتها وسبها سباً تضمن خدشاً للشرف والاعتبار وطعناً في العرض والتعرض لها بالقول على وجه يخدش حياءها في مكان مطروق. وطلبت عقابه بنصوص المواد 133/1, 171, 306, 306 مكرراً (أ), 308 من قانون العقوبات وإلزامه بمبلغ 51 جنيها على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة أول درجة قضت في ............. بتغريم الطاعن خمسين جنيهاً وإلزامه بالتعويض المؤقت المطلوب, فاستأنف والمحكمة الاستئنافية قضت في ............ بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق القانوني وأسست قضاءها على أن الدعوى رفعت ضد الطاعن وهو موظف عام عن جريمة وقعت أثناء وبسبب تأدية وظيفته دون الحصول على إذن من رئيس النيابة أو المحامي العام كما أوجبت المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية. وفي ........ أذن رئيس النيابة العامة القائم بعمل المحامي العام برفع الدعوى ضد الطاعن وقامت النيابة بتقديمه مجدداً للمحاكمة بالقيد والوصف الواردين بصحيفة الادعاء المباشر فقضت محكمة أول درجة في ............. بحبس الطاعن شهراً مع الشغل والنفاذ وتغريمه مائة جنيه وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة استأنف الطاعن والنيابة العامة والمدعية بالحقوق المدنية, والمحكمة الاستئنافية أصدرت في ......... حكمها المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بتغريم الطاعن خمسين جنيهاً والتأييد فيما عدا ذلك. لما كان ذلك, وكان النص في الفقرة الثالثة من المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه ((ومع ذلك فلا يجوز للمدعي بالحقوق المدنية أن يرفع الدعوى إلى المحكمة بتكليف خصمه مباشرة بالحضور أمامها في الحالتين الآتيتين: (أولاً) ........... (ثانياً) إذا كانت الدعوى موجهة ضد موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها ما لم تكن من الجرائم المشار إليها في المادة 123 من قانون العقوبات)). يدل على أن المشرع قصر حق تحريك الدعوى الجنائية بالنسبة لما يرتكبه الموظف من جرائم أثناء تأدية وظيفته أو بسببها على النيابة العامة, ويشترط أن يأذن بذلك النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة كما أوجبت الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية. ولم يستثن المشرع من ذلك سوى الجرائم التي نصت عليها المادة 123 من قانون العقوبات وهي جرائم استعمال الموظف العمومي لسلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية جهة مختصة, والامتناع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكره وداخلاً في اختصاص الموظف بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر, لذا فقد أوجب المشرع عرض موضوع الدعوى قبل تقديمها للقضاء على جهة عليا تستطيع بخبرتها تقدير الأمر وبحثه بمزيد من العناية والتحوط قبل رفع الدعوى الجنائية, وهذه اعتبارات تصدق بذاتها كذلك على منع الادعاء المباشر ضد الموظفين العموميين عن الجرائم التي تقع منهم أثناء أو بسبب تأدية وظيفتهم. لما كان ذلك, وكانت الدعوى الجنائية - وإن أذن رئيس النيابة القائم بعمل المحامي العام برفعها - قد أعيد رفعها بمقتضى صحيفة الادعاء المباشر بما يخالف نص المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية, وكان من المقرر أنه إذا كانت الدعوى قد أقيمت على المتهم ممن لا يملك رفعها قانوناً وعلى خلاف ما تقضي به المادتان 63, 232 من قانون الإجراءات الجنائية فإن اتصال المحكمة في هذه الحالة بالدعوى يكون معدوماً قانوناً ولا يحق لها أن تتعرض لموضوعها فإن فعلت كان حكمها وما بني عليه من إجراءات معدوم الأثر ولا تملك المحكمة الاستئنافية عند رفع الأمر إليها أن تتصدى لموضوع الدعوى وتفصل فيه بل يتعين عليها أن تقصر حكمها على القضاء ببطلان الحكم المستأنف وعدم قبول الدعوى باعتبار أن باب المحاكمة موصود دونها إلى أن تتوفر لها الشروط التي فرضها الشارع لقبولها, وكان بطلان الحكم لهذا السبب متعلقاً بالنظام العام لاتصاله بشرط أصيل لازم لتحريك الدعوى الجنائية ولصحة اتصال المحكمة بالواقعة فيجوز إبداؤه في أي مرحلة من مراحل الدعوى بل ويتعين على المحكمة القضاء به من تلقاء نفسها, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببطلان الحكم المستأنف الصادر بإدانة الطاعن في ........... وبعدم قبول الدعويين الجنائية والمدنية لرفعهما بغير الطريق الذي رسمه القانون وذلك دون حاجة إلى النظر في سائر أوجه الطعن