الطعن رقم 30165 لسنة 59 بتاريخ 20/05/1997
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة كلا من 1 -  ......... (طاعن) .  2 -  .......... (طاعن) 3 -  ........... (طاعن) . 4 -  .......... بأنهم أولا : المتهمون جميعا : اشرتكوا بطريق الإتفاق والمساعدة مع موظف عام حسن النية وهو مدير وأمين عهدة مجمع ..... التابع لشركة ........... إحدت وحدات القطاع العام , على اختلاس كمية السكر المبينة بالتحقيقات والبالغ قيمتها خمسمائة وثمانية وثمانون جنيها المملوكة للشركة سالفة الذكر والمسلمة إليه بسبب وظيفته وذلك بأن اتفق معه المتهمان الأول والثانى على بيع كمية من السكر إلي أحد التجار كما عرفه المتهمون المذكورون بالمتهم الرابع الذى توسط بينهم وبين المتهم الثالث واتفقوا جميعا على شراء هذا الأخير كمية بأزيد من السعر الرسمى وقام المتهم الثالث بدفع ثمنها وأحضر سيارة وحملها بكمية السكر المتفق عليها ووقعت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة . ثانيا : المتهمان الأول والثانى بصفتهما موظفين عامين (مفتشين تموين بإدارة تموين.....) ومكلفين بالإشراف على توزيع السلع التموينية  بالمجمع الاستهلاكى سالف البيان حصلا لنفسهما وحاولا الحصول للمتهمين الثالث والرابع بدون حق على ربح من عمل من أعمال وظيفتهما وذلك بأن مكنا المتهم الثالث من الحصول على كميات السكر المضبوطة بسعر الكيلو مائة وعشرون قرشا حاله كونه سعره الرسمى سبعون قرشا وذلك بقصد إعادة بيعه بالسوق السوداء بأزيد من سعر الشراء بغرض الحصول لنفسيهما وللمتهم الرابع على ربح قدره جنيه وأربعمائة وعشرون جنيها بالإضافة إلي ما يحصل عليه المتهم الثالث نتيجة بيعه كمية السكر في السوق السوداء بأزيد من سعر شرائها . ثالثا : المتهمان الأول والثانى أيضا بصفتهما سالفة البيان أخلا عمدا بنظام توزيع السلع المبينة بالتحقيقات والمتعلقه بقوت الشعب والمعهود إليهما الإشراف على توزيعها للمستهليكن طبقا لنظام معين على النحو المبين بالتحقيقات . رابعا : المتهمان الثالث والرابع : اشتركا بطريق الإتفاق والمساعدة مع المتهمين الأول والثاني في ارتكاب الجريميتين المبينتين في الوصفين ثانيا وثالثا وذلك بأن اتفقا معهما وساعداهما في ارتكابها على النحو المبين بالتحقيقات ووقعت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة خامسا : المتهم الثالث : اشترى لغير الاستعمال الشخصى بقصد إعادة البيع سلعة تموينية "سكر" تصرف عن طريق إحدى شركات القطاع العام على النحو المبين بالتحقيقات . سادسا : اتفقوا بطريق الإتفاق والمساعدة مع موظف عام حسن النية "هو مدير وأمين عهدة المجمع الاستهلاكى سالف الذكر على بيع سلعة تموينية مسعرة جبريا "سكر" بأزيد من السعر الرسمى المقرر وذلك بأن اتفقوا من الموظف المذكور وساعدوه في ارتكاب هذه الجرية على النحو المبين بالأوراق فتمت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وتلك المساعدة . وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالجيزة لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للثلاثة الأول وغيابيا للرابع عملا بالمواد 40/ثانيا ، وثالثا ، 41 ، 115 ، 116/1 ، 2 ,  118 مكررا/ أ من قانون العقوبات والمواد 3 مكرراً/ب بند أ ، 5 ، 56 ، 57 ، 60 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 163 لسنة 1950 المعدل مع إعمال المادتين 30 ، 32/2 من قانون العقوبات أولا : ببراءة جميع المتهمين من التهمة الأولى . ثانيا : بحبس كل من ........ و.......... و......... و..........  لمدة سنة واحدة مع الشغل ومصادرة المبلغ المضبوط وتغريمهم مبلغ 420 جنيه وذلك بعد أن عدلت وصف التهمة باستبعاد ما نسب للمتهم الثانى فى البندين ثانيا وثالثا واستبعاد البند سادسا من الإتهام .
فطعن المحكوم عليهم الثلاثة الأول فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
من حيث إن الطاعن الثالث .......... وإن كان قد قرر بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنه لم يودع أسبابا لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعنين الأول والثاني قد استوفى أوضاعه المقررة في القانون ومن ثم فهو مقبول شكلا.
أولا: الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول..............:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الحصول على ربح بدون حق من أعمال وظيفته والإخلال عمدا بنظام توزيع سلعة قد شابه الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد ذلك أنه دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش لإجرائهما قبل صدور إذن بذلك إلا أن الحكم أطرح الدفع بما لا يسوغ وعول الحكم على أقوال المبلغ وضابط الشرطة رغم أن أقوالهما جاءت مرسلة وذلك لعدم وجوده بمكان الواقعة وليس له ثمة عمل بالمجمع الاستهلاكي كما إن دفاعه قام على أن الواقعة لا تعدو أن تكون جنحة بيع بأزيد من السعر المقرر إلا أن الحكم التفت عن هذا الدفاع ولم يعرض له مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة أركان جريمتي التربح والإخلال عمدا بنظام توزيع سلعة اللتين دان بهما الطاعن وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تناول دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بذلك ورد عليه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش في غير محله ذلك لأن الثابت للمحكمة أن المتهم الأول ضبط بعد صدور إذن النيابة العامة في صباح يوم 14/4/1988 وإذ ووجه بالتهمة أرشد عن ثمن السكر الذي كان يحتفظ به في منزله وتم ضبطه". وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعا موضوعيا يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذا منها بالأدلة السائغة التي أوردتها وكان ما رد به الحكم المطعون فيه على الدفع سالف الذكر سائغا في اطراحه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم تواجده بمكان الحادث وعدم ارتكابه الجريمة مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردا طالما كان الرد عليها مستفادا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها إنه اطرحها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن وهو موظف عمومي مفتش تموين يتولى الإشراف على بيع سلعة تموينية حصل لنفسه والمتهم الثاني بدون وجه حق على ربح من أعمال وظيفته بأن مكن المتهم الثالث من الحصول على كميات السكر المضبوطة بسعر الكيلو جرام مائة وعشرين قرشا حال كون سعره الرسمي سبعين قرشا محققا بذلك ربحا قدره أربعمائة وعشرين جنيها وهو ما يعد إخلالا عمديا بالنظام المقرر لتوزيع السلعة وقد أورد الحكم على ثبوت الواقعة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن ضبط كمية السكر المبيعة واعتراف المتهمين الثالث والرابع وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق فإن النعي بأن الواقعة لا تعدو جنحة بيع بأزيد من السعر المقرر أو أنها محض شروع في ارتكاب الجريمة فذلك لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا أنها اطرحتها ولم تعول عليها.
ثانيا: الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني..........:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بالاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمتين آنفتي البيان خالف القانون واخطأ في تطبيقه وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن المتهم الأول لا تتوافر له صفة الموظف العام اللازمة لقيام جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 بالمعنى المحدد في المادة 119 من قانون العقوبات إذ إنه لا يختص بتوزيع سلعة السكر وإن كان يشرف على ذلك دون سلطة فعلية وبانتفاء صفة الموظف العام عن الأول فإن جريمة الاشتراك تنتفي بالنسبة له كما أن الحكم لم يدلل على اشتراكه في جريمة التربح وأوجه المساعدة فيها ذلك إن مجرد وجوده على مسرح الجريمة لا يقطع بوجود اتفاق أو مساعدة كما أن ما نسب إليه ليس إلا شروعا في ارتكاب الجريمة ذلك أن السيارة ضبطت أثناء تحميلها دون أن تصل إلى حيازة المتهم الثالث فضلا عن إن المبلغ الذي تم ضبطه مع الأول هو 1000 جنيه في حين أن المبلغ الذي كان يتعين ضبطه 402 جنيه على أساس ثمن كمية السكر كما لم يثبت حصوله لنفسه على شيء من هذا المبلغ مما يعيب الحكم بالتناقض ويقطع بعدم صحة الواقعة كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله تتحصل في أن المتهمين .....، ......... مفتشين التموين بمراقبة تموين............ اللذين أشرفا على توزيع كميات من السكر من مجمع ............ التابع لشركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية للجمهور خلال شهر ....... سنة .......... استرشادا بالبطاقات التموينية اتفقا مع ......... مدير وأمين عهدة المجمع المذكور على بيع كمية من السكر في السوق السوداء وقدرها 840 كيلو جرام بسعر الكيلو جرام مائة وعشرون قرشا بدلا من السعر المحدد وهو سبعون قرشا متربحين بذلك من وظيفتهما قدره خمسون قرشا في الكيلو جرام الواحد واشترك معهما المتهم الرابع .........بأن ساعدهما وعرفهما بالمتهم الثالث......... الذي قبل الشراء لإعادة البيع في السوق السوداء ليحقق لنفسه ربحا وإذ أبلغ مدير المجمع الشرطة التي أعدت كمينا بالقرب من المجمع وفي............... تم ضبط كمية من السكر المتفق على بيعها محملة في سيارة أجرة التي أحضرها المتهم الثالث وقبيل الضبط توجه مدير المجمع بالمتهمين الثاني والثالث إلى بيت المتهم وهناك سلم المتهم الثالث مدير المجمع مبلغ ألف جنيه أعطاها للمتهم الأول الذي سلمه منه مبلغ عشرة جنيهات من أجرة السيارة في حضور المتهم الثاني وعندئذ أشر المتهم الأول برصيد السكر المثبت في دفتر المجمع الخاص بذلك ثم غادر ثلاثتهم المنزل إلى المجمع لتسليم السكر ثم تم التحميل في السيارة وكان المتهم الثاني يراقب الطريق أمام المجمع وعند ضبط الشرطة للسكر المبيع لاذا بالفرار........... وبعد استئذان النيابة العامة تم ضبط المتهمين بكمية السكر المبيعة، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال ............... مدير وأمين عهدة مجمع............ بالجيزة والعقيد ............ مدير مباحث تموين الجيزة والسيد .......... الضابط بمباحث تموين الجيزة ومن ضبط كمية السكر المبيعة واعتراف المتهمين الثالث والرابع وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات تتحقق متى استغل الموظف العام أو من في حكمه - بالمعنى الوارد في المادة 119 مكررا من القانون ذاته - وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التي يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره وبين المصلحة العامة المكلف بالسهر عليها وتحقيقها في نزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحا أو منفعة فهذه جريمة من جرائم الخطر الذي يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدي إلى تعرض المصلحة العامة للخطر من تربح الموظف العام من ورائها ولا يحول دون توافر هذا الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقي أو ألا يتمثل في خطر حقيقي فعلي فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة كما لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلا على الربح أو المنفعة وإنما يكفي لقيامها مجرد محاولة ذلك ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة وجاء بالمذكرة للقانون رقم 63 لسنة 1975 أن التشريع الجنائي المقارن يولي اهتماما خاصا بجريمة التربح وعليه حصلت الصياغة الواردة في المشروع للمادة 115 من قانون العقوبات لتتسع وتشمل حالة كل موظف عام أيا كان وجهة نشاطه يحصل أو يحاول الحصول لنفسه أو لغيره بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته ومن ثم روعي أن يكون تربح الموظف مؤثما على إطلاقه وأن يكون تظفير غيره بالربح محل عقاب إن كان قد حدث بدون حق ولكن يجب لوقوع الجريمة أن يكون الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه من عمل من أعمال وظيفته سواء كان ذلك في مرحلة تقرير العمل الذي يستغله الموظف أو في مرحلة المداولة في اتخاذه أو عند التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو ابطاله أو إلغائه. لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم من قيام الطاعن الأول - الذي لا يجحد صفته كمفتش تموين بمراقبة تموين ............ بالاتفاق مع الطاعن الثاني وهو زميله في العمل ذاته والاشتراك مع الثالث والرابع في مقارفة الجريمة التي أوردها الحكم تفصيلا والتي دانهما بها بما يتوافر به سائر الأركان القانونية لجناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات سالف الذكر. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن توافر عنصر اختصاص الموظف بالعمل الذي تربح منه هو من الأمور الموضوعية التي يترك تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغا مستندا إلى أصل ثابت في الأوراق، وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن - المحكوم عليه الثاني - أنه يعمل موظفا مفتش تموين بمراقبة تموين............ شأن الأول وكان مكلفا بالإشراف على توزيع السلعة محل الاتهام واستظهر في مدوناته اختصاصه بالعمل الذي حاول التربح منه، لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة التربح أن يكون الموظف مختصا بكل العمل الذي تربح منه بل يكفي أن يكون مختصا بجزء منه وأي قدر من الاختصاص ولو يسير بل يكفي ويستوفى الصورة التي يتخذها اختصاصه بالنسبة للعمل ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن اختصاصه بالعمل والصورة التي اعتنقها الحكم للواقعة والجريمة التي دانه بها لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون نعيه غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون في وقائع الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده وكان الحكم في سرده لوقائع الدعوى ومؤدي أدلة الثبوت فيها قد أورد أن الطاعن اتفق مع الطاعن الأول ومعهما الثالث والرابع على بيعه كمية السكر المشار إليها بالسعر الذي اتفقوا عليه للمتهم الثالث وتنفيذا لهذا الاتفاق قام الثالث بدفع ثمنها وإحضار سيارة لنقلها وأنهما قد حصلا لنفسيهما على ربح من جراء ذلك هو الفرق بين السعر الرسمي والسعر الذي اشترى به الثالث - كما أثبت الحكم أن الطاعن الثاني كان يراقب الطريق أثناء تحميل السيارة بالسكر وإنه فر هاربا وقت ضبط السيارة فإن الحكم إذ استخلص من ذلك أن الطاعن اشترك مع الأول بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة التربح التي دانهما بها فإنه يكون استخلاصا سائغا ومؤديا إلى ما قصده الحكم منه ومنتجا في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ذلك أن الاشتراك بطريق الاتفاق هو اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ويتم غالبا دون مظاهر خارجية أو أعمال محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلا مقصودا يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذي جعله الشارع مناط لعقاب الشريك ومن ثم يكون النعي في هذا الصدد غير سديد هذا فضلا عن إنه لما كان دور المحكوم عليه الثاني الطاعن قد اقتصر على الاشتراك في جريمة التربح فلا محل لتوافر صفة ما في حقه أو وجوب التحقق من اختصاصه أو حصوله على ربح أو منفعة من وراء ذلك ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت بأدلة منتجة اشتراك الطاعن في مقارفة الجريمة التي دانه بها مع الأول وحدد المبلغ الذي حصلا عليه والذي لا يمارى الطاعن في أن له أصله الصحيح في الأوراق وإذ كان الطاعن لم ينازع أمام محكمة الموضوع فيما يثيره بوجه الطعن فليس له أن يبدي هذا النعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس متعين رفضه موضوعا