الطعن رقم 2425 لسنة 30 بتاريخ 24/04/1961
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من المتهمين بأنهما الأول: بصفته مكلفا بخدمة عامة - عسكري مجند في القوات البحرية - اختلس البنزين المبين بالمحضر والمملوك للقوات المسلحة والمسلم إليه بسبب وظيفته بأن قام بتفريغه وتسليمه لجراج المتهم الثاني من السيارة التي كان يقودها "التابعة للقوات المسلحة". والثاني: اشترك مع المتهم الأول بطريقي التحريض والاتفاق في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر وذلك بأن حرضه علي إحضار البنزين واتفق معه علي تفريغه في الجراج الخاص به وقد تمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهمين المذكورين إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 40/1-2 و41 و111 و112 و118 و119 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضوريا عملا بالمواد 40/1-2 و41 و43 و111 و112 و118 و119 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض، كما طعنت فيه النيابة العامة أيضا بطريق النقض.. الخ
 
 المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من ..... هو الفساد في التدليل, ذلك أن الحكم المطعون فيه دانه استنادا إلى مجرد الظن والاستنتاج بقوله "إنه لا يستساغ عقلا أن يقوم المتهم الأول على تفريغ البنزين وأن يقوم العامل على تسلمه بغير علم المتهم الثاني (الطاعن) وبدون أمره" وهو قول يعيب الحكم إذ أنه لا سند له في التحقيقات وهو مجرد افتراض لا يوجد مانع عقلي من استساغة عكسه, كما استند الحكم إلى تحريات رئيس قوة المباحث الجنائية السابقة على ارتكاب الحادث من أن الطاعن كان يشتري البنزين من الجنود, ومثل هذه التحريات لا تكفي وحدها دليلا للإدانة إذ أنها تحتمل الصدق كما تحتمل الكذب, واستند الحكم كذلك على أقوال المتهم الأول في محضر ضبط الواقعة مع أن محرر محضر ضبط الواقعة الملازم أول ............ نفى في تحقيق النيابة ما أثبته في محضره على لسان المتهم الأول وبذا يسقط عن هذا المحضر حجيته في الإثبات ولا يصح التعويل عليه كدليل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله "إنه نمى إلى علم الملازم أول ......... قائد المباحث الجنائية العسكرية من مصدر سري أن بعض عربات الجيش تتواجد أمام جراج المتهم الثاني (الطاعن) ويقوم سائقوها بتفريغ البنزين من تنكات هذه العربات لتسليمها للمتهم الثاني وفي حالة تغيبه يقوم أحد عماله باستلام البنزين فكلف مندوبي المباحث الجنائية العسكرية ........... و........ ومعهما قوة من المباحث الجنائية العسكرية بمراقبة الجراج المذكور وضبط عربات الجيش التي يقوم سائقوها بتفريغ البنزين وكذا ضبط المتهم الثاني في حالة تلبس - وفي يوم الحادث قام رجال المباحث الجنائية المذكورين بمراقبة جراج المتهم الثاني وشاهدوا السيارة رقم 773 التي يقودها المتهم الأول وقفت أمام الجراج ونزل منها المتهم الأول وفك عجلة من السيارة ثم خرج ........ العامل بالجراج ومعه خرطوم "وجركين" وقام المتهم الأول بفتح تنك البنزين وفرغ منه إلى "الجركين" بواسطة الخرطوم وترك العامل سالف الذكر بجوار"الجركين" وراح يتظاهر بفك عجلة السيارة ذرا للرماد وبعد أن امتلأ "الجركين" بالبنزين حمله العامل المذكور إلى داخل جراج المتهم الثاني وأحضر"جركين" آخر ووضعه بجوار تنك السيارة ونادى المتهم الأول الذي قام إلى التنك وملأ منه "الجركين" الثاني وعندئذ دهمه أفراد القوة وضبطوا المتهم الأول والعامل وكذا "الجركين" والخرطوم وعجلة السيارة وقدموهم إلى قائد المباحث الجنائية." واستند الحكم في إدانة الطاعن من أجل تهمة اشتراكه مع المتهم الأول في اختلاس البنزين إلى أقوال مندوبي المباحث ........... و......... و............... و........... وإلى أقوال العامل ......... والملازم أول .......... بشأن تحرياته السابقة على ضبط الحادث واعتراف المتهم الأول له في محضر ضبط الواقعة باتفاقه مع المتهم الثاني على تفريغ البنزين له في يوم الحادث.
وحيث إنه لما كان ما تقدم, وكان من حق محكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى في أية مرحلة من مراحل التحقيق وأن تطرح ما عداها, وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى اعتراف المتهم الأول في محضر ضبط الواقعة بشأن ما قرره من اتفاق الطاعن معه على اختلاس البنزين في يوم الحادث, كما اطمأنت إلى تحريات رئيس قوة المباحث الجنائية من أن الطاعن يقوم بتحريض سائقي سيارات الجيش على أن يبيعوه البنزين من السيارات التي يقودونها, ولما كان للمحكمة أن تعتمد على ما ورد بمحضر جمع الاستدلالات لتعزيز أدلة الإثبات القائمة في الدعوى والتي اطمأنت إليها, فإن ما يثيره الطاعن هو من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون طعنه على غير أساس.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة هو الخطأ في تطبيق القانون, ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يعمل حكم المادة 118 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 ولم يقض بعزل المطعون ضده الأول وبالرد والغرامة القانونية قبل المطعون ضدهما.
وحيث إنه لما كانت المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أنه "فضلا عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد من 112 إلى 116 يحكم على الجاني بالعزل والرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه من مال أو منفعة أو ربح على ألا تقل الغرامة عن 500 جنيه". وكان الحكم قد أثبت أن البنزين بعد تفريغه قد ضبط فيكون الحكم قد أصاب التطبيق السليم للقانون بعدم الحكم برد المال المختلس. ولما كانت المحكمة قد دانت المطعون ضدهما عن تهمة الاختلاس المسندة إلى المطعون ضده الأول والاشتراك فيه المسندة إلى المطعون ضده الثاني عملا بالمواد 40/1-2 و41 و43 و111 و112 و118 و119 من قانون العقوبات وأغفلت الحكم بعزل المطعون ضده الأول .......... - وهو كما ورد بالحكم المطعون فيه من المكلفين بخدمة عامة "عسكري مجند بالقوات البحرية" كما أغفلت الحكم على المطعون ضدهما بالغرامة المنصوص عليها في المادة 118 من قانون العقوبات، فإنها تكون قد خالفت القانون بما يتعين معه نقض الحكم نقضا جزئيا وتصحيحه بتوقيع عقوبة العزل بالنسبة للمطعون ضده الأول والعقوبة المالية بالنسبة للمطعون ضدهما وتغريمهما متضامنين مبلغ خمسمائة جنيه وذلك بالإضافة إلى العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها