الطعن رقم 20743 لسنة 62 بتاريخ 11/10/1994
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة كلا من 1-........... "قضى ببراءته". 2- .......... 3- ......... بأنهم: المتهم الأول: بصفته موظفاً عمومياً............ ارتكب في أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محرر رسمى هو الخطاب المؤرخ 20/10/1990 الصادر عنه والمتضمن خلافاً للحقيقة أنهاء ندب المتهم الثاني كمستشار للمحافظة المذكورة لشئون الثروة الداجنة اعتباراً من 1990/11/1 وكان ذلك بطريق الاصطناع بأن انشأه علي غرار المحررات الصحيحة التي تصدرها تلك الجهة ومهره بتوقيعه وبصمه ببصمة الخاتم الخاص بمكتبه بقصد تمكين المتهم الثاني من التقدمب إسمه لمزاد تأجير الثروة الداجنة بالمحافظة علي النحو المبين بالتحقيقات. (2) اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو ..............مقرر اللجنة العليا للأمن الغذائي بمحافظة المنوفية في ارتكاب تزوير في محرر رمسي هو محضر اجتماع اللجنة المذكورة بتاريخ 1991/2/20 حال تحريره المختص بوظيفته وكان ذلك يجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن املىء عليه خلا الإجتماع بوصفه رئيساً لهذه اللجنة تعديلاً للفترة التي صرف عنها المتهم الثاني مكافأة عن عمله بالمحافظة بجعلها 1/1/1990حتي 31/10/1990 بدلاً من 1990/1/1 حتي 1990/12/31 كى تتفق بيانات محضر هذا الإجتماع مع التاريخ المزور الثابت بخطاب إنهاء الندب للمتهم الثاني فتمت الجريمة بناء علي تلك المساعدة. (3) بوصفه موظفاً عمومياً "محافظ المنوفية" سهل للمتهم الثاني الاستيلاء بغير حق وبنية التملك علي 2344.975 طن من النخاله المملوكة للهيئة العامة للمطاحن قيمتها 646244 جنيهاً وهي كامل الحصة التي خصصتها وزارة الزراعة لمصنع أعلاف ......... التابع لمحافظة...............  وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير واستعمال محرر رسمى هو الخطاب المؤرخ 1990/11/20 الصادر من مكتبه والموجه إلي رئيس الإدارة المركزية لشئون الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة والمتضمن خلافاً للحقيقة طلب تخصيص 300 طن شهرياً من النخالة لحاجة المصنع سالف الذكر ومزارع المحافظة لها حال تحرير المختص بوظيفته وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن اثبت علي هذاالخطاب بما يفيد صحة ما يتضمنه من احتيج المصنع ومزارع المجافئة للنخالة بالرغم من سبق إصرار القرار 440 بتاريخ 1990/9/30 بتصفية مشروع البياض الذي يستخدم علفاً تدخل النخالة ضمن مكوناته حسب التركيبات المسجلة للمصنع واستعمل المحرر المزور سالف الذكر علي النحو المبين بالتحقيقات وقد ارتكب تلك الجريمين بقصد تمكين المتهم الثاني من الإستيلاء علي كمية النخالة المذكورة آنفاً. (4) بصفته السابقة ايضاً حصل لغيره دون وجه حق علي ربح من عمل من أعمال وظيفته وذلك بأن (أ) اعتمد رسو مزاد أجرى علي نحو غير سليم تم بموجبه تأجير مستودعات الثروة الداجنة بمحافظة المنوفية للمتهم الثاني بقصد تمكينه من الحصول علي ربح حدده تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات بمبلغ ستمائة وثلاثون ألفاً وأربعمائة وواحد وأربعون جنيهاً هي الفرق بين القيمة الإيجارية الإجمالية عن ثلاث سنوات التي يجب ألا تقل عنها والقيمة الإيجارية الكلية الراسي بها. (ب) ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو طلب تخصيص حصة النخالة لمصنع أعلاف ........ التابع لمحافظة......... المؤرخ 1990/11/20 واستعماله لهذا المحرر بما مكن المتهم الثاني عن الحصول علي مبلغ 643692.2 جنيهاً قيمة الفرق بين سعر بين هذا الأخير لحصة النخالة المستولي عليها وسعرها المدعم. المتهم الثاني: (1) اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع التهم الأول وسعرها المدعم. المتهم الثاني: (1) اشترك بطريق الإتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكب تزوير يمحرر رمسي هو خطاب إنهاء ندبه كمستشار محافظة المنوفية المؤرخ 1990/11/20 بأن اتفق مع علي تزويره علي النحو المشار إليه سلفاً وساعده بأن قدم له طلباً أنها له فيه رغبته في إنهاء ندبه اعتبارً من 1990/11/1 خلافاً للحقيقة فتمت الجريمة بناء علي هذا الاتفاق وتلك المساعدة. (2) بصفته موظفاً عمومياً، "استاذ بكلية الطب البيطري...... ومستشار فني لمحافظة المنوفية" أستولى بغير حق وبنية التملك علي 2344.975 طن من النخالة المملوكة للهيئة العامة المطاحن قيمتها 646244 جنيهاً وهي كامل الحصة التي خصصتها وزارة الزراعة لمصنع أعلاف ...... التابع لمحافظة ......... ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو الخطاب المؤرخ 20/11/1990 الصادر من مكتب المحافظ إلي رئيس الإدارة المركزية لشئون الإنتاج الحيواني بوزارة الزراعة والمتضمن طلب تخصيص حصة نخالة قدرها 300 طن شهرياً للمصنع سالف الذكر حال تحريره المختص بوظيفته وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن عزا خلافاً للحقيقة سبب طلب حصة النخالة لحاجة مصنع اعلاف ...... لها مع علمه بأن المتهم الأول كان قد أصدر القرار رقم 440 في 1990/9/30 بتصفية مشروع البياض الذي يستخدم علفاً تدخل النخاله ضمن مكوناته حسب التركيبات المسجله للمصنع بناء علي مذكرة قدمها له وقد تمكن بهذا الخطاب المزور من الاستيلاء علي حصة النخاله آنفة اليان. (3) بصفته أنفة البيان حصل لنفسه دون وجه حق علي ربح من عمل من أعمال وظيفته بأن: (أ) تقدم باسمه في مزايدة تأجير مشروعات الثروة الداجنة لمحافظة ...... والمتولي الإشراف عليها بحكم وظيفته ورسى عليه المزاد فتمكن بهذه الوسيلة من الحصول علي ربح حدده تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات بمبلغ ستمائة وثلاثين ألفاً وأربعمائة وواحد وأربعين جنيهاً وهو الفرق بين القيمة الإيجارية الإجمالية عن ثلاث سنوات التي يجب ألا تقل عنها والقيمة الإيجارية الكلية الراسي بها المزاد. (ب) ارتكب تزويراً في محرررسمي هو طلب حصه النخالة المؤرخ 1990/11/20 علي النحو الساف بيانه وتمكن بهذه الوسيلة من الحصول على بملغ 643492.2 جنيهاً فىق سعر بيعه لكمية النخاله في السوق وسعرها المدعم. (3) وهو مستشار فني لمحافظة المنوفية واستاذ بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة جمع بين علمه الساف الذكر وأعمال العضو المنتدب لشركة ...... للدواجن دون إذن خاص من الجهة المختصة. المتهم الثالث: (1) اشترك بطريق الإتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في استيلاء الأخير بغير حق وبنية التملك علي 2344.975 طن من النخاله المملوكة للهيئة العامة للمطاحق قيمتها 646244 جنيهاً والمخصصة لمصنع أعلاف شبين الكوم بأن أتفق معه علي أن ينوب عن المصنع المذكور في استلام تلك الحصة وبيعها بالسعر السائد في الأسواق وساعده بأن استلم الحصة المقررة بموجب خطاب تفويض حرره له المتهم الثاني ثم قام ببيعها بالأسواق فتمت الجريمة بناء علي هذا الإتفاق وتلك المساعدة. (2) وهو متعهد نقل أخل عمداً بكل الإلتزامات المفروضة عليه بموجب العقد المؤرخ 1990/12/2 والمبرم بينه وبين المتهم الثاني بصفته ممثلاً لمحافظة المنوفية والمتضمن إلتزامه بنقل حصة النخالة السالفة الذكر من مطاحن الهيئة العامة للمطاحن إلي مصنع أعلاف..... التابع لمحافظة المنوفية مقابل أجر متفق عليه بأن أرتكب غشاً في تنفيذ هذا العقد وقد تحقق ذلك بأن استلم هذه الحصة ولم ينقلها إلي المصنع المذكور وباعها في الأسواق مما ألحق بمحافظة المنوفية ضرراً جسيماً علي النحو المبين بالتحقيقات. (3) اشترك بطريق الإتفاق والمساعدة مع المتهم الثاني في حصول الأخير دون وجه حق علي ربح من عمل من أعمال وظيفته هو مبلغ 643492.2 جنيهاً قيمة فرق سعر بيع النخالة في السوق وسعرها المدعم بأن اتفق معه علي ذلك وساعده بأن مثل أمام الجهات المختصة بصفته مفوضاً عن المتهم الثاني في استلام حصه النخاله ثم باعها لحساب الأخير في السوق  فتمت الجريمة بناء علي هذا الاتفاق وتلك المساعدة. المتهمان الثاني والثالث: باعا سلعه مسعره ومدعمه "نخاله" بأزيد من السعر المحدد وأحالتهم إلي محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 30، 2/40، 3، 41، 115، 118، 119/أ-ب، 119 مكرر/أ، 213 من قانون العقوبات والمادتين 2/163، 177 من القانون رقم 159 لسنة 1981 بإصدار قانون الشركات مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهم الثاني ........ بالحبس مع الشغل سنة واحدة وعزله من وظيفته لمدة سنتين وذلك عن التهمة الأولى المسنده إليه ثانياً: بمعاقبة كل من المتهم الثاني ...... بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات والمتهم الثالث: ........... بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وألزمتهما برد مبلغ 291746 (مائتان وواحد وتسعون ألفا وسبعمائة وستة وأربعون جنيهاً) وتغريمهما متضامنين مبلغاً مماثلاً وبعزل المتهم الثاني من وظيفته وذلك عن التهمتين الثانية والثالثة المسندتين للمتهم الثاني وعما هو مسند إلي المتهم الثالث. ثالثاً: بمعاقبة المتهم الثاني ...... بتغريمه مبلغ ألفي جنيه وذلك عن التهمة الرابعة المسنده إليه. رابعاً: مصادرة المحررات المزورة. خامساً: براءة كل من المتهمين الثاني والثالث عن باقي التهم المنسوبة إليهما. وببراءة المتهم الأول ....... عما هو منسوب إليه.
فطعن كل من المحكوم عليه الثالث والأستاذ/............ المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ..........  إلخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
من حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده الأول من جرائم التزوير قد شابه فساد في الاستدلال ذلك أنه أسس قضاءه ببراءته بقالة حسن نيته وعدم علمه بالتواريخ والقرارات التي تناولتها الاتهامات وعدم وقوفه على تاريخ انتهاء ندب المتهم الثاني وأن مقرر اللجنة العليا للأمن الغذائي هو المسئول عما يدون بمحاضرها دون المطعون ضده رغم أن ما أورده بمدوناته لا يؤدي إلى ما استخلصه الحكم منها ورتبه عليها وأطرح الحكم أقوال .......... بخصوص التزوير في محضر اللجنة العليا للأمن الغذائي بالمنوفية بما لا يسوغ إطراحه, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خلص إلى براءة المطعون ضده الأول استناداً إلى حسن نيته وعدم علمه بالتواريخ والقرارات التي تناولتها الاتهامات وإلى أن الأوراق خلت من الدليل على أن المطعون ضده هو الذي زور محضر اللجنة العليا للأمن الغذائي بالمنوفية المؤرخ 20/12/1990. لما كان ذلك, وكان من المقرر إنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تزن أقوال الشاهد وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه دون أن تكون ملزمة ببيان سبب إطراحها لها, إلا أنه متى أفصحت المحكمة عن الأسباب التي من أجلها لما تعول على أقوال الشاهد, فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدي إلى النتيجة التي خلصت إليها وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت لأن ملاك الأمر يرجع إلى وجدان القاضي وما يطمئن إليه غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد أن المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصر وبصيرة وأن تكون الأسباب التي تستند إليها في قضائها من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبته عليها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأسبابه أن المطعون ضده الأول أصدر القرار رقم 440 بتاريخ 30/9/1990 بتصفية مشروع البياض الذي يستخدم علفاً تدخل النخالة ضمن مكوناته ومع ذلك فقد تأشر منه على طلب تخصيص حصة النخالة للمشروع الذي قام بتصفيته - بتاريخ 20/11/1990 بما يتضمن احتياج المصنع لتلك الحصة مما سهل للمطعون ضده الثاني الاستيلاء على الحصص موضوع الاتهام - فإن ما خلص إليه الحكم من أن الأوراق خلت من دليل على علم المطعون ضده بأن ما حواه طلب التخصيص مخالفاً للحقيقة وأنه أشر على الطلب بحسن نية لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وينطوي على تعسف في الاستنتاج. كما أن الحكم أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده الأول من تهمة تزوير محضر جلسة اللجنة العليا للأمن الغذائي بتاريخ 20/2/1991 بأن أملى على مقرر اللجنة بأن المطعون ضده الثاني صرف مكافأته حتى 1/11/1990 بدلاً من تاريخ 31/12/1990 ستراً لخطاب إنهاء الندب المصطنع الذي قدم إليه في غضون شهر ديسمبر سنة 1990 وزيل بتاريخ 20/10/1990 بطلب إنهاء ندب الثاني اعتباراً من 1/11/1990 لتمكينه من دخول مزاد أجرته المحافظة فقد استند الحكم إلى عدم اطمئنانه لأقوال مقرر اللجنة .......... إذ قصد التنصل من المسئولية وأن توقيع رئيس اللجنة ((المطعون ضده الأول)) تم استكمالاً للشكل فإن الثابت عندما سئل المطعون ضده الأول لم يلق باللائمة على مقرر اللجنة ولم يبد ثمة دفع أو دفاع في هذا الشأن. لما كان ذلك وكان المطعون ضده الأول هو الرئيس الأعلى للجنة الأمن الغذائي والمقصود بالرئيس المباشر هو ذلك الرئيس الذي يتولى المسئولية في متابعة أعمال مرؤوسيه وله السلطة في اتخاذ ما يراه من إجراءات لمحاسبتهم عن مخالفتهم للقانون أو النظام الإداري رعاية للمصلحة العامة وعليه قبل اعتماد محاضر اللجنة مراجعتها والتأكد من سلامتها ولم يثبت أن لمقرر اللجنة دور في واقعات القضية وأن ما أملى عليه جاء متفقاً ومسايراً للخطاب المصطنع موضوع التهمة الأولى إذ أن تاريخ إنهاء خدمة المطعون ضده الثاني اعتباراً من 1/11/1990 هو الأساس الذي أثبت عليه الاتهامات وإذ لم يثبت بالأوراق أن المطعون ضده قد أملى على الشاهد المذكور غير ما أثبته بمحضر جلسة اللجنة فإن الحكم إذ حمل أقوال مقرر اللجنة على محمل الإنكار والكذب ورتب على ذلك تشككه في صحة الدليل المستمد من أقواله يكون قد نحى منحى التعسف في الاستنتاج وتنافر مع حكم العقل والمنطق وتردى في حومه الفساد في الاستدلال. ولما كان الحكم قد استخلص في أكثر من موضع حسن نية المطعون ضده الأول رغم أن البين من القرار رقم 22 لسنة 1991 الصادر من الهيئة العامة لسوق المال والتي أشارت إلى أنه ترخص في 20/4/1991 بإنشاء شركة المنوفية الوطنية للدواجن وأن المطعون ضده الأول من بين المؤسسين لها والمتهم الثاني وكيلاً عن المؤسسين مما مفاده أن رابطة المتهمين وثيقة الصلة وأنه بعد أن أنهى ندبه في التاريخ الذي طلبه الثاني مكنه من دخول مزاد المحافظة ورسو المزاد عليه وناط به إبرام عقد نقل حصص النخالة الذي تم بينه وصهره فإن قالة الحكم بحسن نية المطعون ضده الأول دون أن يستند في ذلك إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق فإنه يكون قد انطوى على فساد في الاستدلال. كما وأن الحكم المطعون فيه لم يفطن إلى اعتراف المطعون ضده الثاني بالتحقيقات - حسبما يبين من المفردات - من أن الغرض من طلب تخصيص حصة النخالة هو أيلولتها لشركة المنوفية الوطنية للدواجن وأن المطعون ضده الأول كان يعلم بذلك عندما أصدر قرار التخصيص فإن الحكم إذ أغفل التحدث عن هذا الدليل ومدى سلامته في تأييد الاتهام أو نفيه ودون أن تدلى المحكمة برأيها فيه بما يفيد أنها فطنت إليه ووزنته ولم تقتنع به أو رأته غير صالح للاستدلال به على ثبوت التهمة فإنه يكون قاصر البيان بما يعيبه ويوجب نقضه.
ومن حيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك بأنه دانهما بجريمة التربح دون أن تتوافر أركانها القانونية فالطاعن الأول منتدب مستشاراً فنياً لمحافظة المنوفية لا يختص بمهام محددة أو منوط به أعمال لها أي صلة بإجراءات صرف النخالة والطاعن الثاني مجرد متعهد نقل بموجب عقد تم اختياره من آحاد الناس واعتبر الثاني شريكاً لفاعلين قاما بالأعمال المادية المكونة لتلك الجناية إلا أنه لم يدلل على قيام الاشتراك وطريقته مع الفاعل الآخر, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن جناية التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات - المستبدلة بموجب القانون رقم 63 لسنة 1975 تتحقق متى استغل الموظف العام أو من في حكمه بالمعنى الوارد في المادة 119 مكرراً من القانون ذاته - وظيفته بأن حصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته ففي هذه الجريمة يتمثل استغلال الوظيفة العامة من خلال العمل على تحقيق مصلحة خاصة من ورائها فهناك تعارض لا شك فيه بين المصلحة الخاصة التي يستهدفها الموظف العام لنفسه أو لغيره, وبين المصلحة العامة المكلف بالسهر عليها وتحقيقها في نزاهة وتجرد غير مبتغ لنفسه أو لغيره ربحاً أو منفعة فهذه جريمة من جرائم الخطر الذي يهدد نزاهة الوظيفة العامة لأنها تؤدي إلى تعرض المصلحة العامة للخطر من تربح الموظف العام من ورائها ولا يحول دون توافر هذا الخطر ألا يترتب عليه ضرر حقيقي أو ألا يتمثل في خطر حقيقي فعلي, فهو خطر مجرد بحكم التعارض بين المصلحتين العامة والخاصة, كما لا يشترط لقيام جريمة التربح الحصول فعلاً على الربح أو المنفعة وإنما يكفي لقيامها مجرد محاولة ذلك حتى ولو لم يتحقق الربح أو المنفعة. وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 63 لسنة 1975 أن التشريع الجنائي المقارن يولي اهتماماً خاصاً بجريمة التربح وعليه حصلت الصياغة الواردة في المشروع للمادة 115 من قانون العقوبات لتتسع وتشمل حالة كل موظف عام أياً كان وجه نشاطه يحصل أو يحاول الحصول لنفسه أو لغيره بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته ومن ثم روعي أن يكون تربح الموظف مؤثماً على إطلاقه وأن يكون تظفير غيره بالربح محل عقاب إن كان قد حدث بدون حق. ولكن يجب لوقوع الجريمة أن يكون الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه من عمل من أعمال وظيفته, وسواء كان ذلك في مرحلة تقرير العمل الذي يستغله الموظف أو في مرحلة المداولة في اتخاذه أو عند التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قضى ببراءة المتهم الأول - محافظ المنوفية - من تهمة حصوله لغيره دون حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته تأسيساً على ما استخلصه من براءته من تهم تزوير خطاب طلب تخصيص النخالة وتسهيله الاستيلاء دون حق على حصص النخالة موضوع الاتهام فضلاً عن خلو الأوراق من دليل تطمئن إليه على توافر تهمة التربح في حقه ودان الطاعن الأول - المتهم الثاني المستشار الفني المنتدب للمحافظة - عن جريمة التربح دون أن يستظهر مهام أعمال الطاعن المنوطة به ببيان ماهيتها وطبيعتها وكنهها وقوفاً على الصلة ما بين ذات فعل الحصول على الربح وبين أعمال وظيفته المسندة له من واقع اللوائح والقرارات والمنشورات التنظيمية في محيط الجهة الإدارية المنتدب إليها. كما وأن الحكم خلص إلى أن الطاعن موظفاً عمومياً رغم كونه منتدباً من جهة عمل أخرى رغم منازعة الطاعن في هذا الأمر بشقيه سواء من حيث المهام المنوطة به أو صفته الوظيفية بما كان يتعين معه تحقيق أوجه دفاع الطاعن في هذا الخصوص بلوغاً لغاية الأمر فيه لما قد يسفر عنه بما ينال من صحة الاتهام وسلامته فيكون الحكم قاصراً في بيان سائر الأركان القانونية لجناية التربح التي دان الطاعن الأول بها. ولما كان الطاعن الثاني وهو ليس موظفاً عمومياً حكماً - متعهد نقل - عد مشتركاً مع المتهم الأول المقضي ببراءته والمتهم الثاني في حصول الأخير على ربح من عمل من أعمال وظيفته إذ أثبت الحكم في حقه أنه يعمل في نقل حصص النخالة بمقتضى عقد نقل دون أن يستظهر دور الطاعن الثاني وما أتاه من أفعال حيال إجراءات الصرف وما إذا كان دوره اقتصر على نقل السلعة وتداولها مع العملاء أم أنه تحصل على الربح لنفسه دون غيره أو لحساب الطاعن الأول. وكان من المقرر أنه متى دان الطاعن الثاني في جريمة الاشتراك في التربح بطريقي الاتفاق والمساعدة فإن عليه أن يستظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بياناً يوضحها ويكشف عن قيامها وذلك من واقع الدعوى وظروفها. لما كان ذلك, وكان المستفاد من مطالعة نصوص القانون العامة في الاشتراك (المواد 40, 41, 42 من قانون العقوبات) أنها تتضمن أن قصد الاشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة, فإذا لم يثبت الاشتراك في جريمة معينة أو في فعل معين فلا تعتبر الجريمة التي ارتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للاشتراك لأنه لم يقع عليها. ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه قاصراً في التدليل على أن الطاعن الثاني - متعهد النقل كان يعلم علماً يقيناً بما انتواه المتهمان الأولان - المحافظ والمستشار الفني له - من ارتكاب جريمة التربح, وأنه قصد إلى الاشتراك في هذه الجريمة وهو عالم بها وبظروفها وساعدهما في الأعمال المجهزة والمسهلة لارتكابها إذ لم يكشف الحكم على أن الطاعن كان على علم بالخطابات والطلبات والتقارير المصطنعة والمطعون فيها بالتزوير والاتصالات والمكاتبات المتبادلة ومن ثم يكون الحكم قد خلا من بيان قصد الاشتراك في الجريمة التي دان الطاعن الثاني بها وأنه كان وقت وقوعها عالماً بها قاصداً الاشتراك فيها فإن ذلك يكون من الحكم قصوراً أيضاًَ في هذا الخصوص مما يعيبه. لما كان ما تقدم, وكانت التهم المنسوبة للمطعون ضده الأول والجرائم التي دين بها الطاعنين تلتقي جميعاً في صعيد واحد فإن نقض الحكم بالنسبة لكل منهم يقتضي نقضه بالنسبة لجميع التهم والجرائم لأن إعادة المحاكمة بالنسبة لهم وما تجر إليه أو تنتهي عنده تقتضي لوحدة واقعات الدعوى ولحسن سير العدالة أن تكون إعادة البحث بالنسبة للمطعون ضده الأول والطاعنين في جميع نواحيها دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعنين