الطعن رقم 2091 لسنة 63 بتاريخ 14/12/1994
 الوقائع
الوقائع
 
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: بصفته موظفاً عاماً مسئول مكتب السلع الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة ........ استولى بغير حق علي مبلغ اربعين ألفا وثمانين جنيهاً قيمة فرق سعر الأسمنت المدعوم والخاص بالوحدة المحلية سالفة الذكر عن بيعه حرا على النحو الوارد تفصيلاً بتقرير لجنة الجرد المرفق بالتحقيقات.
ثانياً: بصفته سالفة الذكر حصل لنفه بدون حق على منفعة من عمل من أعمال وظيفته هى مبلغ أربعين ألفاً وثمانين جنيهاً قيمة فرق سعر الأسمنت المدعوم البالغ قدره ألف وستمائة وسبعون طناً المقررد للوحدة المحلية ....... عن سنة 1983.
وذلك بأن قان بصرف هذه الكمية لأشخاص غير مخصصة لهم وحصل لنفسه علي قيمة فرق الدعم سالف الذكر.
ثالثاً: بصفته سالفة الذكر أيضاً وهو المسئول عن توزيع سلع الأسمنت المدعوم والمتعلقة باحتياجات الشعب أخل عمداً بنظام توزيعها على النحو المبين بالتحقيقات.
رابعأً: بصفته اسلابقة ايضاأضر عمداً بمصالح الغير والمعهود بها إلي جهة عمله بأن قام بصرف تعويضات لصرف الأسمنت المدعوم لأشخاص غير مستحقين لها على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلي محكمة أمن الدولة العليا........ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 113/1، 115، 118، 119/أ, 119 مكرر/أ من قانون العقوبات- أولاً: بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته عن التهمتين الثالثة والرابعة، ثانياً: ببراءته من التهمتين الأولى والثانية فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ
 
 المحكمة
المحكمة
 
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإدانته بجنايتي الإخلال بنظام توزيع سلعة متعلقة باحتياجات الشعب والإضرار بمصالح الغير المعهود بها إلى جهة عمله قد شابه قصور وتناقض في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع, ذلك بأنه لم يستظهر الركنين المفترض والمتمثل في وجود نظام لتوزيع السلعة - والمعنوي - المتمثل في توافر القصد الجنائي لدى الطاعن - في جريمة الإخلال بنظام التوزيع, ولم يعن بالإشارة إلى ما تضمنه تقرير الخبير المودع من أسباب تؤدي إلى براءة الطاعن رغم تمسكه به, وقضي ببراءة الطاعن من تهمتي الاستيلاء والحصول على منفعة مما كان لازمه القضاء بتبرئته من الجريمتين الأخريين، هذا إلى أن المحكمة لم تستجب لطلب الطاعن ضم القضية رقم 3295 لسنة 1985 جنايات ................, كي تطلع على ما حوته من مستندات تبيح الواقعة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بقوله أنها: "تخلص في أن المتهم ............ الموظف بمجلس مدينة ................ المفوض في إصدار أذون صرف الكميات المخصصة لمجلس المدينة من سلعة الاسمنت المسعرة جبريا قد أخل بنظام توزيعها على مستحقيها بأن قام بإجراء هذا التوزيع على التجار بدلا من المواطنين المستحقين لها الأمر الذي أضر بهؤلاء المستحقين لتعذر حصولهم عليها بالسعر الجبري" وأقام الحكم على صحة الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال الشهود وإقرار المتهم, ثم عرض الحكم لما أثاره الطاعن في شأن وجود نظام لتوزيع السلعة وانتفاء القصد الجنائي في حقه وأطرح أولهما بقوله: "ومن حيث إن المحكمة تبين في قضائها أن تسعير بعض السلع وتقييد توزيعها بالنسبة لسلعة الأسمنت بالحصول على رخصة من الجهة المختصة تفيد أن من حصل عليها له الحق في صرف كمية هذه السلع يتضمن ويؤكد وجود نظام محدد لتوزيعها لم يتبعه المتهم عمدا مما يؤدي لثبوت إخلاله عمدا بهذا النظام, كما أن قيامة بتوزيع كميات كبيرة من هذه السلع على التجار أدى إلى صرفها وهي سلعة مدعمة إلى غير المستحقين لها فأضر بهؤلاء الآخرين" وأطرح ثانيها بقوله: "ومن حيث أنه عن إنكار المتهم ما أسند إليه من جرائم بادعاء الجهل بحظر توزيع سلعة الاسمنت المدعمة على التجار وقت وقوع الحادث فإن المتهم لا يعذر لجهله بهذا الأمر لأنه مقرر قانونا بتسعير هذه السلعة وتقييد توزيعها وقت الحادث ولا يعذر أحد للجهل بالقانون المطبق" وكان ما أورده الحكم - في بيانه للواقعة وفي معرض رده على دفاع الطاعن - كاف وسائغ في بيان أركان جريمة الإخلال عمدا بنظام توزيع سلعة متعلقة باحتياجات الشعب.
ولما كان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هي الحال في الدعوى - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار الركنين المفترض والمعنوي في جريمة الإخلال بنظام التوزيع يكون في غير محله, هذا إلى انه لا جدوى لما ينعاه الطاعن على الحكم بالوجه المتقدم ما دامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة إضرار الطاعن بمصالح الغير المعهود بها إلى جهة عمله التي أثبتها الحكم في حقه. لما كان ذلك, وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن إغفالها بعض الوقائع ما يفيد ضمنا إطراحها لها اطمئنانا إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها, وكان الحكم قد اعتمد في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود وإقرار المتهم, ومن ثم فإنه لا يعيبه - من بعد - إغفاله الإشارة إلى تقرير خبير - بفرض إيداعه متضمنا ما زعمه الطاعن - طالما أنه لم يكن بذي اثر في تكوين عقيدة المحكمة, مما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
لما كان ذلك, وكان لا تناقض بين تبرئة الطاعن من تهمتي الاستيلاء والحصول على منفعة وبين إدانته بجريمتي الإخلال بنظام التوزيع والإضرار بمصالح الغير لاستقلال كل واختلافها عن الأخرى في مقوماتها وعناصرها الواقعية والقانونية بحيث يمكن أن تنهار إحداها بتخلف كل أو بعض أركانها القانونية دون أن يؤثر ذلك حتما في قيام الأخرى فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة التناقض يكون غير سديد.
لما كان ذلك, وكان البين من الحكم أنه رفض طلب الطاعن ضم الجناية رقم 3295 لسنة 1985 ............. بمقولة أنها ضمت مستندات تبيح الفعل الذي ارتكبه, بقوله: أن الثابت من أوراق الدعوى أن سلعة الأسمنت وقت حدوث الواقعة كانت مسعرة جبريا ومقيدة التوزيع طبقا لأحكام القانون 163 لسنة 1950 الأمر الذي يفيد عدم توزيع هذه السلعة على التجار لمنع استغلالهم للمواطن العادي ببيعه له بأسعار عالية تزيد عن أسعارها الجبرية وذلك بالطبع هو هدف المشرع من نظام التسعير الجبري وتقييد توزيع بعض السلع ولم يثبت في أوراق الدعوى أن التجار اللذين قام المتهم بتوزيع هذه السلعة عليهم هم من التجار المعتمدين لبيعها للأفراد بالسعر الجبري وبالتالي فإن القول بأن أحدا يملك إباحة الفعل الذي ارتكبه المتهم بما مؤداه إباحة مخالفة القانون هو قول غير صحيح قانونا ولا يؤثر على ثبوت مسئولية المتهم عما اقترفه".
وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن طلب ضم قضية بقصد إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة - فضلا عن أن الحكم قد رد عليه بما يبرر اطراحه - هو طلب لا يتجه مباشرة إلى نفي الفعل المكون للجريمة فلا على المحكمة إن هي أعرضت عنه والتفتت عن إجابته, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد من أن المحكمة أخلت بحقه في الدفاع لا يكون سديدا.
لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا