الطعن رقم 1256 لسنة 27 بتاريخ 10/12/1957
 الوقائع
إتهمت نيابة أمن الدولة الطاعن بأنه : بصفته مستخدما عموميا كاتبا بمحكمة السيدة زينب الشرعية طلب لنفسه فائدة لإستعمال نفوذ مزعوم لمحاولة الحصول من سلطة عامة على أحكام ، وذلك بأن طلب من السيدة ...................... أن تقابله فى خلوة للإتصال بها زاعما لها أنه فى مقابل ذلك سيستعمل نفوذه لدى قاضى محكمة السيدة زينب الشرعية للحصول على حكم لصالحها فى القضية رقم 1354 سنة 1955 السيدة ولدى أحد قضاة محكمة القاهرة الإبتدائية الشرعية للحصول على حكم لصالحها ، كذلك فى القضية رقم 1952 سنة 1955 إستئناف كلى مصر الشرعية وقد بلغ فعلا مقصده من ذلك . وطلبت من المحكمة العسكرية العليا محاكمته بمقتضى المواد 103 و 104 و 106/1 مكرر و 107 و 111 من قانون العقوبات . وبناء على القانون رقم 270 سنة 1956 طلبت نيابة أمن الدولة من المحكمة العسكرية العليا إحالة القضية إلى محكمة الجنايات لمحاكمته ، فقررت المحكمة ذلك . ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 103 و 104 و 106/1 مكرر و 107 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من نفس القانون بمعاقبة ...................... بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنين وبغرامة ألف من الجنيهات .
فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطرق النقض ... إلخ
 
 المحكمة
وحيث إن حاصل الوجه الأول من الطعن هو بطلان الحكم المطعون فيه لعيب في تشكيل المحكمة التي أصدرته، ذلك أن رئيسها هو نفس رئيس المحكمة العسكرية العليا التي أصدرت قرار الإحالة إلى محكمة الجنايات الأمر الذي يتعارض مع نص المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية التي جاءت عبارتها مطلقة شاملة صريحة في تحريم الاشتراك في إصدار الحكم على كل من قام بعمل من أعمال الإحالة.
وحيث إنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الدعوى كانت قد أحيلت أولا إلى المحكمة العسكرية العليا وصدر بعد ذلك القانون رقم 270 سنة 1956 بإلغاء الأحكام العرفية الذي قضى في الفقرة الأولى من مادته الثانية بإحالة القضايا التي لم تبدأ المحاكم العسكرية في نظرها إلى محاكم القضاء العادي المختصة لنظرها وفقا للأحكام المقررة في قانون الإجراءات الجنائية مما مفاده أن السلطة التي خولها هذا القانون للمحكمة العسكرية لا تعدو أن تكون مجرد تكليف بالإحالة إلى المحكمة المختصة أصلا بنظرها - وهي في هذه الحالة محكمة الجنايات دون إبداء الرأي في موضوعها إذ ليس لها أن تقرر غير الإحالة وكان مجرد التقرير بذلك طبقا للقانون المذكور ودون أن يقوم القاضي بعمل يجعل له رأيا فيها لا يكون من شأنه أن يحرم عليه الفصل في القضية عند نظرها بالمحكمة العادية فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون ويقول الطاعن في بيان ذلك إن الحكم قد حدد الفعل المادي المقابل لاستعماله نفوذه المزعوم لدى القاضي الشرعي بأنه ينحصر في طلب الطاعن لقاء المجني عليها خلوة للاتصال بها بينما الثابت من الأوراق هو أن الطاعن كان متصلا بالمجني عليها من قبل وما كان بحاجة إلى التماسه منها وعرض نفوذه في سبيل أمر هو حاصل عليه فعلا، فإن قال الحكم إن هذه الصلة لم تكن موجودة فالأمر من ناحية النظر القانوني لا يتغير لأن مجرد اللقاء بالصورة التي شهد بها الضابط لا مأخذ عليه لأنه لقاء عادي لم يتبين من استهداف غنم أو فائدة مما يجعل عناصر الجريمة التي دين بها الطاعن غير متوافرة في الحالتين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تحدث عن مدى اتصال الطاعن بالمجني عليها وعن طلبه فائدة لنفسه فقال "وحيث إنه يؤخذ من أقوال الشهود ومن المعاينة أن المتهم دخل منزل المجني عليها بعد أن فصل في دعوى الضم وأثناء تداول دعوى النفقة المستأنفة بالجلسات وقد ضبط وهو مضطجع على فراشها بعد أن خلع سترته وحذاءه وبعد أن تحدث معها في قضية النفقة المستأنفة وزعم لها أن القاضي الذي سيفصل فيها سيزوره في منزله وأنه بنفوذه لديه سيصدر حكما يرضيها وكان في حالة تدل على أنه يريد أن يحصل منها على فائدة مقابل تأدية هذه الخدمة وهذه الفائدة هي إشباع شهواته الجنسية" لما كان ذلك وكان هذا الذي استخلصه الحكم سائغا ويتحقق به الفعل المادي لجريمة الاتجار بالنفوذ وهو ركن طلب الفائدة وكانت تتم بمجرد حصول الطلب من الموظف دون توقف على ظرف آخر خارجي وكان يبين من الحكم أن العلاقة بين الطاعن والمجني عليها كانت معاصرة للقضايا والاتصال معاصر للمصلحة، لما كان ذلك فان ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن الطاعن ينعى أخيرا على الحكم قصور التسبيب مع الخطأ في الإسناد وقال شرحا لذلك إن الحكم لم يعرض في كثير أو قليل إلى ثبوت علاقته بالمجني عليها هذا الثبوت الذي تزخر به الأوراق فلا يكفي الحكم أن يتناول ما زكى اطمئنانه وساند يقينه فيطرح المسائل الجوهرية ذات الأثر الحاسم في تكييف الوقائع وتوافر عناصر الجريمة ثم يصور الحكم بعض الوقائع - كما فعل بصدد الشهادة التي طلبتها المجني عليها وصور المحاضر وفي أسباب تأجيل دعواها وفي شأن ما دار بينها وبين الطاعن من حديث قبيل ضبطه - على عكس ما هو ثابت بخصوصها في التحقيقات.
وحيث إنه لما كان الحكم قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها أصل ثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وحصر تلك الأدلة في قوله "وحيث إن هذه الوقائع قد ثبتت صحتها من شهادة كل من ....... والبكباشي ....... واليوزباشي....... والملازمين.......و.......و.......الخ ومن الاطلاع على القضيتين 1354 سنة 1955 السيدة و 1952 سنة 1955 استئناف كلي شرعي ومن معاينة مسكن المجني عليها". لما كان ذلك وكانت المحكمة غير ملزمة بتتبع دفاع الطاعن في كل شبهة يثيرها ما دام الرد على دفاعه الموضوعي مستفادا ضمنا من قضائهما بالإدانة للأدلة التي أوردتها وكان ما ينسبه الطاعن إلى الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد مردودا بأن المحكمة لم تجعل للوقائع التي يدعي الطاعن أن الحكم قد صورها على غير المثبت في التحقيقات أي اعتبار في الإدانة ومن ثم فلا يؤثر في سلامة الحكم صحة ما ينسبه الطاعن إليه في هذا الشأن ما دام أنه مقام على دعائم أخرى كافية لحمله. لما كان ما تقدم جميعه فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا