الطعن رقم 62 لسنة 23 بتاريخ 17/11/1953
 الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية العسكرية العليا بأنه أولا _ انضم إلى جمعية بمصر ترمي إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وإلى القضاء على طبقة اجتماعية وقلب نظم الدولة الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظا في ذلك بأن انضم إلى مؤسسة سرية يطلق عليها اسم "ج" تعتنق وتطبق مذهب ................ ومذاهب  لينين وستالين الثورية وترمي إلى إقامة حكم الطبقة العاملة وسيطرتها على غيرها من الطبقات ومحو طبقة الرأسماليين وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج متوسلة إلى ذلك بالوسائل الثورية غير المشروعة المبينة في تعاليم لينين وستالين ثانيا ـ روج بالمملكة المصرية لتغيير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وتسويد طبقة اجتماعية على غيرها وللقضاء على طبقة اجتماعية ولقلب نظم الدولة الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظا في ذلك بأن وزع نشرات وألقى محاضرات تهدف كلها إلى نشر مذاهب لينين وستالين الثورية التي تدعو إلى سيطرة طبقة العمال وسيادتها على غيرها من الطبقات ومحو الطبقة الرأسمالية وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج بالطرق الثورية غير المشروعة، ثالثا ـ حبذ وروج علنا المذاهب التي ترمي إلى تغيير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية بالقوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة وذلك بأن وزع نشرات ونظم محاضرات دعا فيها إلى تعاليم لينين وستالين وأسلوبهما الثوري القائم على التوصل بالقوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة لإقامة دكتاتورية الطبقة العاملة ومحو طبقة الرأسماليين وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وطلبت معاقبته بالمواد 98/أ و98ب و171 و174 من قانون العقوبات.
ولدى نظر الدعوى دفع المتهم بعدم دستورية المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 وببطلان التفتيش. والمحكمة العسكرية العليا قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات: أولا _ برفض الدفعين المقدمين من المتهم وبدستورية المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 وبصحة التفتيش. ثانيا _ بمعاقبة ........... بالسجن لمدة خمس سنين وتغريمه مائه جنيه ومصادرة الأشياء المضبوطة على ذمة هذه القضية. وقد تظلم المتهم من عدم إدراج اسمه بكشوف العفو الشامل تطبيقا للمرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952. ومحكمة جنايات القاهرة قضت فيه حضوريا بقبول التظلم شكلا ورفضه موضوعا. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ
 
 المحكمة
وحيث إن مبنى الوجه الأول من أوجه الطعن هو أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 13 مايو سنة 1953 وأعلن الطاعن بإيداعه قلم كتاب المحكمة, وجاء بالإعلان أنه أودع في 27 يونيه سنة 1953 وبذا يكون الحكم باطلا لعدم توقيعه في مدى ثلاثين يوما من تاريخ صدوره تطبيقا للمادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن الشهادة التي يصح الاعتداد بها في إثبات عدم التوقيع على الحكم في الثلاثين يوما التالية لصدوره إنما هي التي تثبت أن الطالب قد توجه إلى قلم الكتاب للإطلاع عليه فلم يجده به رغم مضي ثلاثين يوما من يوم صدوره, ولذا فلا عبرة في هذا المقام بما جاء في الإعلان من أن الحكم أودع قلم الكتاب في يوم معين ولا يكون هناك أساس لما يثيره من بطلان الحكم بعدم التوقيع عليه في ظرف ثلاثين يوما من تاريخ صدوره.
وحيث إن حاصل أوجه الطعن الأخرى هو أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين تجاهل أحكام المرسوم بقانون رقم 241 لسنة 1952 بشأن العفو وأخذ بالمذهبين الشخصي والمادي فاشترط لاعتبار الجريمة سياسية توافر سياسية موضوعها وسياسية الدوافع على ارتكابها مع أن هذا المرسوم لم يأخذ إلا بالمذهب الشخصي وحده, هذا إلى أن الشيوعية هي مذهب سياسي يهدف إلى تغيير شامل في سائر أنظمة المجتمع بما فيها النظم السياسية, يعزز ذلك أن المواد 98/1 وما بعدها لم تدخل على قانون العقوبات إلا تحت تأثير ظروف وعوامل سياسية. ويضيف الطاعن أن الحكم تناقض في تحديد معنى الجريمة السياسية حين قال إن العبرة بطبيعة الجريمة وليس بغرضها غير المباشر, ويقول أخيرا إن الحكم إذ وصف المبادئ الشيوعية وصفا خاطئا بأنها جريمة موجهة ضد النظام الاجتماعي وأنها تهدف إلى إلغاء الملكية الخاصة بالأفراد في كافة صورها بالنسبة لأحوال الإنتاج والاستهلاك فإنه يكون قد استند إلى أمر معدوم.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المستفاد من نصوص المرسوم بقانون السالف الذكر ومذكرته الإيضاحية أن الشارع قد حدد معنى الجريمة السياسية التي قصد أن يمنح العفو لمرتكبيها بأنها هي التي ارتكبت لسبب أو لغرض سياسي وقيدها بأن تكون متعلقة بالشئون الداخلية للبلاد, وذلك لعلة معينة رآها هي إسدال الستار على التطاحن الداخلي وآثاره باعتبار أن الإجرام في هذا النوع من الجرائم نسبي لا يستهدف الجاني فيه إشباع غرض شخصي أو يندفع إليه بباعث من الأنانية.
وحيث إن الثابت من حكم المحكمة العسكرية موضوع التظلم أنها دانت الطاعن بالجريمتين المنصوص عليهما في المادتين 98/أ فقرة ثالثة و98/ب من قانون العقوبات, لأنه: أولا - انضم إلى جمعية بمصر ترمي إلى سيطرة طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وإلى القضاء على طبقة اجتماعية وقلب نظم الدولة الأساسية للهيئة الاجتماعية, وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظا في ذلك بأن انضم إلى مؤسسة سرية يطلق عليها اسم "ج" تعتنق وتطبق مذهب كارل ماركس ومذاهب لينين وستالين الثورية وترمي إلى إقامة حكم الطبقة العاملة وسيطرتها على غيرها من الطبقات, ومحو طبقة الرأسماليين وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج متوسلة إلى ذلك بالوسائل الثورية غير المشروعة المبينة في تعاليم لينين وستالين, ثانيا - روج بالمملكة المصرية لتغيير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية ولتسوية طبقة اجتماعية ولقلب نظم الدولة الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل الأخرى غير المشروعة ملحوظا في ذلك بأن وزع نشرات وألقى محاضرات تهدف كلها إلى نشر مذاهب لينين وستالين الثورية التي تدعو إلى سيطرة طبقة العمال وسيادتها على غيرها من الطبقات ومحو طبقة الرأسمالية وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج الطرق الثورية غير المشروعة - لما كان ذلك, فإن الحكم المطعون فيه إذ قال إن هاتين الجريمتين التي حكم على الطاعن من أجلهما ليستا من الجرائم السياسية التي قصد المرسوم السالف الذكر العفو عنها يكون قد طبق القانون تطبيقا سليما وذلك دون حاجة للبحث في مختلف المذاهب الفقهية في تعريف الجريمة السياسية ولا لما أفاض فيه الطاعن من الكلام عن طبيعة الجريمة الشيوعية وأهدافها, ما دام الشارع على ما سبق بيانه قد عين حدود الجريمة السياسية التي رأى العفو عنها وما دامت الجريمة التي دين بها الطاعن تخرج عن تلك الحدود إلى الأغراض الأخرى المبينة في التهمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا