ماهية الطلاق
المقصود بالطلاق : يقصد بالطلاق انتهاء العلاقة الزوجية ، فالطلاق هو رفع قيد النكاح باللفظ الدال على ذلك أو ما يقوم مقامه من الكتابة المستبينة وركنه اللفظ الدال على الطلاق لغة أو شرعاً .
وقد عرف فقهاء الحنفية الطلاق بأنه : رفع قيد الزواج في الحال أو المال بلفظ صريح أو كناية .
وعرفت محكمة النقض الطلاق بقولها : الطلاق شرعاً هو حل رابطة الزوجية الصحيحة بلفظ الطلاق الصريح أو بعبارة تقوم مقامه تصدر ممن يملكه وهو الزوج أو نائبه . (1)
كما عرفته المحكمة الدستورية العليا بقولها : الطلاق هو من فرق النكاح التى ينحل الزواج الصحيح بها بلفظ مخصوص صريحاً كان أم كناية . (2) 
وقد أفتي بأن : الطلاق رفع قيد النكاح باللفظ الدال عليه أو ما يقوم مقامه من الكتابة المستبينة المرسومة أو إشارة الأخرس ، ويقع طلاق الزوج البالغ العاقل الراضى ، فلا يقع طلاق المجنون والمعتوه والمكره ولا طلاق الصغير ولو كان مميزاً ولا طلاق السكران ، وإذا كان لفظ الطلاق صريحاً لم نحتج إلى البحث عن نية الزوج من النطق به ، لأن اللفظ لا يستعمل إلا فى الطلاق كأن يقول الرجل لزوجته أنت طالق أو أنت مطلقة أو طلقتك ، كما يجوز إنشاء الإقرار ، وإذا كان اللفظ يستعمل فى الطلاق وغيره لم يقع الطلاق إلا بنية الرجل للطلاق .
فإن لم ينوه لم يقع شىء وهو المعروف فى الفقه الإسلامى بكنايات الطلاق ، والطلاق فى الإسلام مباح ولكنه أبغض المباحات إلى الله للحديث الصحيح (أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) ولهذا فإن أصل مشروعيته التخلص من الحياة الزوجية التى لا يتمكن فيها الزوجان من استدامتها بدون شقاق أو خلاف ، والواجب أن يعالج الشقاق أولاً بنصح الزوجة وإرشادها إلى واجباتها ، فإن استجابت وزال الشقاق لم يكن هناك محل للطلاق ، وإذا لم ينفع النصح جاز للزوج تأديب زوجته تأديباً خفيفاً ولو بالضرب الذى لا يكسر سناً ولا يخدش وجهاً ولا يتلف عضواً فإذا لم يفلح النصح ولا التأديب وصارت الحياة الزوجية جحيماً وعذاباً جاز الطلاق الذى يضع حداً لهذه الخلافات .
وصدق الله سبحانه وتعالى إذ يقول"وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ"  ، هذا هو الطلاق فى الإسلام الذى يتفق مع الفطرة الإنسانية ، والذى يعيبه الغربيون ، مع أنهم يلجئون إليه وترفع الزوجة والزوج دعاوى التفريق أمام محاكمهم وتكون النتيجة إما أن تحكم به المحكمة وإما أن تأمر الزوجين ببقائهما وإذ ذاك يتعاشران معاشرة غير متفقة مع رغبتهما أو مع كراهيتهما لها أو كراهية أحدهما وذلك ضرر شديد .
وليس صحيحاً ما يقوله أحد القضاة غير المسلمين فى إحدى محاكم الملايو من أن نظام الطلاق فى الإسلام مخالف للقانون الإنسانى وإجراء عنيف بالنسبة للنساء فى الإسلام ، وأعتقد أنه لو نظر إلى تشريع الطلاق وحده دون النظر إلى خطأ بعض المسلمين فى تطبيقه لما قال مثل هذا الكلام الذى لا يصدر من منصف فاهم حكمة التشريع غير متأثر بما يفعله بعض المسلمين من إيقاع الطلاق بسبب يقتضيه أو بدون سبب ولا يعيب التشريع الخطأ فى فهمه وتطبيقه ، على أن الأصل أن الحياة الزوجية قد بدأت بكامل حرية الزوج ورغبته وأن الزوجة استجابت لطلبه بكامل حريتها ، وأن الواجب على كل منهما أن يعاشر الآخر بالمعروف ، فإذا تعديا حدود الله أو تعدى أحدهما ولم يتحقق المقصود من الزواج الذى أشارت إليه الآية الكريمة " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ  " (3) ، كان إنهاء الحياة الزوجية إنهاء صادراً عن رغبة من الزوج أو بحكم من القاضى بطلب الزوجة خيراً من بقائهما متعاشرين هذه المعاشرة التى يتأذى منها الطرفان ويتأثر بها الأولاد والأهل والأصحاب . (4)
____________________
(1) الطعن رقم 54 لسنة 54 ق - أحوال شخصية جلسة 26/3/1985 .
(2) حكمها في الطعن رقم 113 لسنة 26 قضائية " دستورية" جلسة 15/1/2006.
(3) سورة الروم الآية (21) .
(4) فتوي دار الإفتاء المصرية في رمضان 1378 هجرية ، الموافق 10 /3/ 1959م فضيلة الشيخ / حسن مأمون نقلاً عن موسوعة المذكرات للأستاذ/ وليد رمضان.