مسئوليه المتبوع عن اعمال تابعه
نصت المادة 174 من القانون المدنى على أنه : يكون المتبوع مسئولا عن الضرر الذى يحدثه تابعة بعمله غير المشروع متى كان واقعا منه فى حال تأدية وظيفته أو بسببها.
وتقوم رابطة السببية ولو لم يكن المتبوع حرا فى اختيار تابعة متى كانت له عليه سلطة فعلية فى رقابته وفى توجيهه.
المذكرة التفسيرية .
يفضل هذا ما يتضمن النقنين الحالى من نصوص بشأن مسئولية المتبوع والتابع ، من وجوه ثلاثة :
‌أ-       فيراعى ان المشروع حدد علاقة التبعية تحديدا بينا ، فليس فى طبيعة الاشياء ما يحتم قيام هذه العلاقة على حرية المتبوع فى اختيار تابعة ، فقوامها ولاية ، والرقابة والتوجيه ، وما تستتبع عند الاقتضاء من اعمال حق الفصل.
‌ب-     ويراعى من ناحية اخرى ان المشروع قد وقف موقفا صريحا عن تعوبض ما ينجم من الضرر عما يقع فى تابعة من الافعال غير المشروعة ، ولم يقصر هذه المسئولية على ما يقع من هذه الافعال اثناء تأدية الوظيفة ، بل بسط نطاقها على ما تكون هذه الوظيفة قد هيأت فرصة ارتكابه وبهذا اقر المشروع مذهب القضاء المصرى فى نزوعه الى التوسع فى مسئولية المتبوع اقتداء بالقضاء المصرى.
‌ج-      ثم ان المشروع جعل من الخطأ المفترض اساسا لهذه المسئولية ، وقد جرى المذهب اللاتينى خلافا للمذهب الجرمانى على اعتبار قرينة الخطأ قاطعة لا يقبل فى شأنها الدليل العكسى ، فليس للمتبوع تفريعا على ذلك ان يقيم الدليل على انتفاء الخطأ من ناحية ، وقصارى ما يستطيع فى هذا الصدد نفى علاقة السببية بأثبات السبب الاجنبى ، اما المشروع فلم يتشيع لاى من المذهبية ، واكتفى بالنص على ان المتبوع لا يستطيع ان يدفع المسئولية على نفسه الا اذا اثبت انه كان يستحيل عليه ان يحول دون العمل غير المشروع الذى نجم الضرر عنه ، والواقع ان هذه الاستحالة تستتبع سقوط المسئولية او ارتفاعها من الناحية العملية باعتبار انها تنفى علاقة السببية ولم يعبأ المشروع فى اقرار هذا الحكم العادل برعاية الماثور لدى اصحاب الفقه ، ولا استشعر الرج بإزائه ، وعلى هذا النحو اتيح للمشروع كذلك ان يخفف مما لابس بعض احكام القضاء من اسباب التسدد والتضييق اذ بلغ من امرها ان رتبت مسئولية مالك السيارة اذا تسلل بها السائق فى اثناء عطلته باستعمال مفتاح مسروق ، ووقع منه حادث فى خلال ذلك ، ففى هذه الحالة يسهل على المتبوع وفقا لنص المشروع ان يقيم الدليل على انه كان يستحيل عليه ان يحول دون وقوع العمل غير المشروع الذى يقيم الضرر عنه .
 
 
تتحقق مسئولية المتبوع عن التابع فى تطبيق المادة 174 من القانون المدنى اذا قامت علاقة تبعية ما بين شخصين متبوع ، وتابع وارتكب التابع فى حالة تأدية وظيفته او بسببها خطأ احدث ضررا.
ومتى تحققت مسئولية المتبوع بتوافر شرطين: رابطة التبعية وخطأ فى تأدية الوظيفة او بسببها ، قامت هذه المسئولية على اساس ينبغى تحديده ، وهى على كل حال لا تجب مسئولية التابع بل تقوم الى جانبها.
وتكييف مسئولية المتبوع انها فى نظر كثير من الفقهاء انها تقوم على خطأ مفترض فى جانب المتبوع ، واخذ بهذا الرأى كثير من احكام القضاء.
والصحيح فى نظر الدكتور السنهورى ان مسئولية المتبوع عن التابع ليست مسئولية ذاتية ، بل هى مسئولية عن الغير ، ولعلها هى المسئولية الوحيدة عن الغير فيما قرره القانون على مسئوليات مختلفة ، فإن مسئولية متولى الرقابة مسئولية ذاتيه ، وسنرى ان المسئولية عن الحيوان وعن البناء وعن الاشياء هى ايضا مسئولية ذاتية تقوم على خطأ فى جابن المسئول نفسه ، فلا يبقى الا مسئولية المتبوع عن التابع وهذه هى المسئولية عن الغير ، ومتى قررنا او مسئولية المتبوع عن التابع هى مسئولية عن الغير ، يستوى عندئذ عندنا بعد ذلك ان تقوم على فكرة الضمان او على فكرة النيابة او على فكرة الحلول ، فكل ذلك يؤدى الى نتيجة رئيسية واحدة وان اختلفت فى بعض التفصيلات.
والمضرور بالخيار اما ان يرجع على التابع او ان يرجع على المتبوع ، او ان يرجع عليهما معا ، والاثنان متضامنان امامه ، فإذا رجع على المتبوع رجع هذا على التابع ، واذا رجع على التابع لم يرجع التابع على المتبوع.
ويثبت المضرور عادة الخطأ فى جانب التابع حتى تقوم مسئولية المتبوع ، فيستفيد المتبوع من ذلك ولا يعود فى حاجة الى اثبات خطأ التابع عند الرجوع عليه. فإذا كان التابع مسئولا نحو المضرور الى اثبات خطأ التابع لان هذا الخطأ مفترض ، ولكن هذا الافتراض لا يفيد المتبوع اذا رجع على التابع فعليه ان يثبت الخطأ فى جانب التابع ، لان الخطأ المفترض انما يقوم فى العلاقة ما بين التابع والمضرور لا فى العلاقة ما بين التابع والمتبوع .
لا سبيل للمتبوع اذا تحققت شروط مسئوليته لان يدفعها عن نفسه ، بإثبات انه لم يرتكب خطأ او بإثبات ان الضرر كان لابد واقعا ولو قام بواجبه فى اختيار تابعة ورقابته وتوجيهه بما ينبغى من عناية ، اى بإثبات انه كان يستحيل منع العمل غير المشروع الذى صدر من التابع.
على انه يجب ان يلاحظ ان مسئولية المتبوع لا تقوم الا اذا تحققت مسئولية التابع ، فإذا انتفت مسئولية التابع نفسه انتفت ايضا مسئولية المتبوع ، كما لو ثبت قد ارتكب العمل غير المشروع وهو فى حالة عدم تمييز بغير خطأ منه ، او انتقت علاقة السببية بين خطأ التابع وبين المضرور بإثبات السبب الاجنبى الذى نتج عنه ذلك الضرر ، على انه لا يقال فى هذه الحالات ان المتبوع قد دفع المسئولية عن نفسه بعد ان توافرت شروطها ، بل الصحيح ان مسئوليته لم تتحقق لعدم توافر شرط من شروطها وهو شرط تحقق مسئولية التابع ، اما اذا توافرت شروط مسئولية المتبوع ومنها شرط تحقق مسئولية التابع ، فلا سبيل للمتبوع الى دفع المسئولية عن نفسه.
ان مسئولية المتبرع تقوم استنادا وتبعا لمسئولية التابع وهى المسئولية الاصلية ، فالعمل غير المشروع الذى اضر بالغير انما صدر من التابع ، فهناك اذن مسئولان عن تعويض الضرر الذى اصاب المضرور التابع والمتبوع فيكونان متضامنين فى التزامهما بتعويض الضرر (م 169 مدنى) ، ويكون للمضرور ان يرجع عليهما معا ، كما يجوز له ان يرجع على اى منها بالتعويض كاملا.
فإذا رجع المضرور على المتبوع ، فللمتبوع ان يرجع لا بكل ما د فعه ولا ببعضه فمسئولية التابع هى المسئولية الاصلية ، ولم تتقرر مسئولية المتبوع الا لمصلحة المضرور وحده.
اما اذا رجع المضرور على المتبوع ، فللمتبوع ان يرجع بكل ما دفعه على تابعة ، ولا يستطيع التابع ان يحتج على المتبوع بأن القانون يقرر مسئوليته عن الضرر الذى احدثه التابع فهذه المسئولية لم تتقر الا لمصلحة المضرور فلا يحتد بهذا التابع الذى احدث للضرر .
تقوم مسئولية المتبوع ، وفقا لرأى البعض ، على اساس خطا فى جانب المتبوع مفروض فرضا لا يقب اثبات العكس. والرأى الراجح هو ان المتبوع يسأل عن اعمال تابعة باعتباره كفيلا متضامنا له ، فإذا قامت مسئولية التابع ، قامت مسئولية المتبوع ، ولا يستطيع المتبوع ان يتخلص من مسئوليته بأن يقيم الدليل على انتفاء الخطأ من جانبه .
 
قضاء النقض فى مسئوليه المتبوع
وجوب عرض الحكم لدلة قيام علاقة التبعية والولاية فى الرقابة والتوجيه عند تكييفه الأساس القانونى لدعوى المضرور قبل المسئول عن الضرر .
علاقة التبعية - قوامها - السلطة الفعلية على التابع فى الرقابة والتوجيه ولو كانت قاصرة على الرقابة الإدارية - م 174 مدنى - تكييف الحكم الأساس القانون لدعوى المسئولية التى يقيمها المضرور على المسئول عن الضرر الذى لحقه من العمل غير المشروع الذى ارتكبه تابعه - وجوب تعرضه لدلالة قيام علاقة التبعية والولاية فى الرقابة والتوجيه وبيان مدى توافر ذلك .
قوام علاقة المتبوع بالتابع هو ما للمتبوع على التابع من سلطة فعلية فى توجيهه ورقابته ويكفى لتحققها أن يقوم بها تابع آخر نيابة عنه ولحسابه بما لازمه أن يعنى الحكم عند تكييف الأساس القانونى لدعوى المسئولية التى يقيمها المضرور على المسئول عن الضرر الذى لحقه من العمل غير المشروع الذى ارتكبه تابعه على أساس تلك المسئولية أن يعرض لدلالة قيام علاقة التبعية والولاية فى الرقابة والتوجيه ويبين بما فيه الكفاية مدى توافر ذلك .
( الطعن رقم 3608 لسنة 71 ق - جلسة 25/12/2002 )