جريمة الضرب أو الجرح باستعمال أسلحة أو عصى من عصبة توافقوا على التعدى
 
نصت المادة 243 عقوبات على أنه : إذا حصل الضرب أو الجرح المذكوران فى مادتي 241 و242 بواسطة استعمال أسلحة أو عصي أو آلات أخرى من واحد أو أكثر ضمن عصبة أو تجمهر مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل توافقوا على التعدي والإيذاء فتكون العقوبة الحبس .
البين من نص " المادة 243 عقوبات " أن المشرع خرج بهذا النص على أحكام المسئولية الجنائية ، فوسع فى نطاقها بحيث جعلها تمتد لتشمل أشخاصاً لم تكن لتمتد إليهم وفقاً للقواعد العامة . ( 1 )
وهو ما أدى إلى تذيل الصعوبات العملية التى تلاقيها سلطة الأتهام فى تحديد الأفعال التى تقع من كل من المتجمهرين ، وفى توزيع المسئولية فيما بينهم ، إذا كثيراً ما تتعدد الإصابات ، ولا يعرف المسئول عن كل إصابة منها من بينهم .
ويترتب على إعتبار التوافق صور استثنائية شاذة من صور المساهمة الجنائية عدم إمكان تعميمه على ما قد يحدث أثناء التجمهر أو التظاهر من جرائم أخرى غير جنح المادتين 241 ، 242 من قانون العقوبات .
فإذا وقعت فى تجمهر أو فى تظاهر جناية قتل عمد أو ضرب أفضى إلى موت أو إلى عاهة مستديمة ، أو جرائم من نوع أخر كإتلاف أو حريق ، وجب الرجوع إلى القواعد العامة من ناحية ضرورة أسناد الجريمة إلى المسئول عنها شخصياً دون غيره ، ولا يغنى عن ذلك الإشتراك فى التجمهر ، ولو مع توافر شرط التوافق على التعدى والإيذاء . ( 2 )
ولمجال تطبيق حكم المادة " 243ع " يلزم توافر عدة شروط وهى :
1-وقوع الجرح أو الضرب المذكورين بالمادتين 241 ، 242 ع .
2-استعمال أسلحة أو عصى أو ألات أخرى فى الأعتداء .
3-العصبة أو التجمهر .
4-التوافق على التعدى والإيذاء .
البند الأول : وقوع الجرح أو الضرب المذكورين بالمادتين 241 ، 242 عقوبات ، حيث ينبغى أن تقع جنحة جرح أو ضرب يفضى إلى مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية لمدة تزيد عن عشرين يوماً (مادة 241 ع ) ، أو لا تبلغ هذه الدرجة من الجسامة ( مادة 242 ع ) ، أما إذا كان ما وقع عبارة عن جناية جرح أو ضرب أفضى إلى موت أو إلى عاهة مستديمة ، فلا محل لإنطباق المادة التى تقرر عقوبة جنحة لا جناية . ( 3 )
البند الثانى : استعمال أسلحة أو عصى أو ألات أخرى لا يعفى لإنطباق المادة أن يقع الإعتداء من أفراد العصبة بالإيدى أو بالأقدام ، ولا يشترط أن يكون أفراد العصبة أو التجمهر حاملين لأسلحة أو عصى أو أدوات أثناء الإعتداء ، وإنما فقط أن يقع الإعتداء بإستخدام سلاح أو عصى أو ألات أو أى أداة كائنه ما كانت كقذف الأحجار مثلاً ، كما لا يشترط أن يستـعمل جميـع أفـراد العصبـة الأدوات ، بل يكفى أن يستعملها أحدهم فقط .
البند الثالث : العصبة أو التجمهر
تتطلب المادة وقوع الإعتداء من عصبة أو تجمهر مكون من خمسة أشخاص على الأقل ، فإذا قل عددهم عن ذلك فلا ينطبق الظرف المشدد ووجب تطبيق القواعد العامة ، فلا يسأل عن الضرب أو الجرح إلا من ثبت مساهمته فيها بصفته فاعلاً أصلياً أو شريكاً .
وما دام النصاب قد توفر فالقانون يكتفى بوقوع الإعتداء من واحد فقط من أفراد التجمهر أو العصبة حتى تشتمل المسئولية جميع أفرادها ، أشتركوا أو لم يشتركوا فى الضرب أو الجرح ، وعرف صاحب الضربة أو لم يعرف .
البند الرابع : التوافق على التعدى والإيذاء
التوافق على التعدى هو المحور التى تدور عليه علة التشديد الذى أرتأه المشرع بوضعه هذه المادة .
وتوافق الجناة وهو توارد خواطرهم على أرتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم فى نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق من سابق ولو كان كل منهم - على حد -  قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه .
ولا تعارض بطبيعة الحال بين التوافق بين الجناة على الجرح أو الضرب وبين إتفاق سبق الإصرار لديهم .
والتوافق إذا يختلف عن الإتفاق الذى هو وسيلة من وسائل الإشتراك فى الجريمة ، فبينما جوهر الإتفاق هو تلاقى إرادتين معبأتين أصلا بالفكرة الإجرامية وإنعقادها عليها ، فإن التوافق هو قيام فكرة الإجرام بعينها - قياماًَ فجائياً - عند كل المتهمين ، أى توارد خواطرهم على الإجرام وإتجاه خاطر كل منهم إتجاهاً ذاتياً - دون تضامن - إلى ما تتجه اليه خواطر سائر أهل فريقه من تعمد إيقاع الأذى بالمجنى عليه . ( 4 )
وجدير بالذكر أنه يلزم أن يتحقق التوافق بالمعنى السابق بين خمسة على الأقل من أفراد العصبه أو التجمهر ، ومادام " التوافق " بينهم يكفى لإنطباق هذا الظرف المشدد فإن " الإتفاق "  يكفى من باب أولى ، لإنطباق هذا الظرف بإعتباره أمراً يتضمن التوافق بالضرورة ويستغرقه . ( 5 )
العقوبه : هى الحبس بلا حد أقصى سوى الحد العادى وهو ثلاث سنوات .
_________________________
( 1 ) راجع د/ محمد ذكى أبو عامر - المرجع السابق - ص 619 .
( 2 ) راجع د/ أحمد أمين - المرجع السابق - ص364 .
( 3 ) راجع د/ رؤوف عبيد - المرجع السابق - ص 141 .
( 4 ) نقض 18/3/1958 أحكام النقض س9 ق86 ص308 .
( 5 ) راجع د/ محمد زكى أبو عامر - المرجع السلبق - ص 623 .