الحكم فى الطعن بالتزوير
 
أولا : النص التشريعى
نصت المادة 299 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه : إذا حكم بتزوير ورقة رسمية ، كلها أو بعضها ، تأمر المحكمة التي حكمت بالتزوير بإلغائها أو تصحيحها حسب الأحوال ويحرر بذلك محضر يؤشر على الورقة بمقتضاه.
ثانيا : الشرح والتعليق
1. ثبوت صحة المحرر
إذا أسفر تحقيق النيابة العامة صحة المحرر وبالتالي إعادة المحرر للمحكمة للنظر فى الموضوع ، فعلى المحكمة استئناف الدعوى لتقضى فيها على ضوء ما يكشف عنه المحرر المطعون عليه ، وتقضى المحكمة فى دعوى التزوير الفرعية برفضها وصحة المحرر وتوقيع عقوبة الغرامة على الطاعن .
2. ثبوت تزوير المحرر
إذا كشف التحقيق عن تزوير الورقة ورأت بأنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم الأهمية ، وإحالة الدعوى للمحكمة لاستئناف سير الدعوى الأصلية وعلى المحكمة استبعاد المحرر المطعون عليه بالتزوير وعدم التعويل عليه وإذا كانت الورقة هى دليل الاتهام المقدم استبعدته المحكمة وعندئذ تعتبر التهمة بلا دليل قائم وتقضى براءة المتهم ورفض الدعوى المدنية التبعية إن وجدت .
 
3. غرامة تزوير المحرر
الغرامة المشار إليها فى الفقرة الثالثة من المادة 297 هى غرامة مدنية وليست عقوبة وهى مثل غرامة التزوير فى المواد المدنية مجرد رادع يوقع على الخصم الذى يطعن على السند بدون وجه حق لمجرد تأخير الفصل فى الدعوى الأصلية لكسب الوقت أو للكيد بالخصم .
ثالثا : قضاء النقض
إنه وإن نصت المادة 298 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه فى حالة إيقاف الدعوى يقضى فى الحكم أو القرار الصادر بعدم وجود التزوير بإلتزام مدعى التزوير بغرامة قدرها خمسة وعشرون جنيهاً ، إلا أنه من المقرر أن هذه الغرامة مدنية وليست من قبيل الغرامات المنصوص عليها فى قانون العقوبات ذلك أن الغرامة التى تقصدها المادة 22 من هذا القانون هى الغرامة الجنائية وهى عقوبة تخضع لكل خصائص العقوبات ومنها أن يصدر بها الحكم من محكمة جنائية بناء على طلب سلطة الاتهام وتتعدد بتعدد المتهمين ويعد الحكم بها سابقة فى العود وتنقضى الدعوى بشأنها حتى بعد صدور الحكم الإبتدائى بها بكل أسباب إنقضاء الدعاوى الجنائية كالتقادم الجنائى والعفو الشامل والوفاة وينفذ بها بالإكراه البدنى .
وهى فى هذا كله تختلف عن الغرامة المدنية التى تتميز بخصائص أخرى عكسية .
وقد أراد الشارع بتوقيع غرامة التزوير أن يضع حداً لإنكار الناس ما سطرته أيديهم فقرر إلزام مدعى التزوير بدفعها لتسببه فى عرقلة سير القضية بغير حق أو على إيجاده نزاعاً كان فى الإمكان حسمه لو أقر بالكتابة المدعى بتزويرها فهى غرامة مدنية محضة يحكم بها القاضى كاملة .
ولا محل للإلتفات فيها إلى الظروف المخففة ، ولا يقدح فى ذلك ما نصت عليه المذكرة الإيضاحية للفصل الثامن من قانون الإجراءات الجنائية فى شأن دعوى التزوير الفرعية من أن المادة 298 منه توجب توقيع جزاء على مدعى التزوير إذا ترتب على طعنه إيقاف الدعوى الأصلية ثم ثبت عدم صحة دعواه ، أو ما جرى عليه قضاء محكمة النقض المدنية من أن غرامة التزوير هى جزاء أوجبه القانون على مدعى التزوير عند تقرير سقوط حقه فى دعواه أو عجزه عن إثباتها وأن إيقاعها بوصفها جزاء هو أمر يتعلق بالنظام العام و لمحكمة النقض أن تتعرض له من تلقاء نفسها .
ذلك أن هذه الغرامة مقررة كرادع يردع الخصوم عن التمادى فى الإنكار وتأخير الفصل فى الدعوى وليست عقاباً على جريمة لأن الادعاء بالتزوير لا يعدو أن يكون دفاعاً فى الدعوى لا يوجب وقفها حتماً و ليس فعلاً مجرماً .
ولأن ليس هناك ما يمنع من أن يكون الجزاء مدنياً كالتعويض و غيره وقانون العقوبات حين يؤثم فعلاً فإنه ينص على مساءلة مقترفه بلفظ العقاب أو الحكم ، وكذلك الحال فى قانون الإجراءات الجنائية فى الجرائم التى تقع بالمخالفة لأحكامه كجرائم الامتناع عن الحلف أو تأدية الشهادة أو غيرها ومن ثم فإن وصف غرامة التزوير بأنها جزاء يلزم به مدعى التزوير هو أدنى إلى مراد الشارع فى التمييز بينهما كغرامة مدنية وبين الغرامات الجنائية .
( الطعن رقم 1966 لسنة 34 ق ، جلسة 23/3/1965 )
لما كانت المادة 297 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه إذا رأت الجهة المنظورة أمامها الدعوى وجهاً للسير فى تحقيق التزوير تحيل الأوراق إلى النيابة العامة ، ولها أن توقف الدعوى إلى أن يفصل فى التزوير من الجهة المختصة إذا كان الفصل فى الدعوى المنظورة أمامها يتوقف على الورقة المطعون فيها ، وكان مفاد ذلك أنه كلما كانت الورقة المطعون عليها بالتزوير منتجة فى موضوع الدعوى المطروحة على المحكمة الجنائية ورأت المحكمة من جدية الطعن وجهاً للسير فى تحقيقه فأحالته إلى النيابة العامة وأوقفت الدعوى لهذا الغرض - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فإنه ينبغى على المحكمة أن تتربص الفصل فى الادعاء بالتزوير من الجهة المختصة سواء بصدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بصدور الحكم فى موضوعه من المحكمة المختصة وصيرورة كليهما نهائياً ، وعندئذ يكون للمحكمة أن تمضى فى نظر موضوع الدعوى الموقوفة الفصل فيها .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى فى موضوع الدعوى مستنداً فى إدانة الطاعن إلى ذلك الشيك دون أن يتربص الفصل فى الإدعاء بالتزوير ، ودون أن يعرض لدفاعه بأنه لم يعلن بالحضور أمام النيابة العامة لتحقيق الطعن بالتزوير مع أنه دفاع جوهرى يتصل بالدليل المقدم فى الدعوى بحيث إذا صح لتغير وجه الرأى فيها ، ومن ثم فقد كان لزاماً على المحكمة أن تعرض فى حكمها لهذا الدفاع وأن تمحصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ، أما وإنها لم تفعل والتفتت عنه كلية مقتصرة على تأييد الحكم الغيابى الإستئنافى لأسبابه ، فإن حكمها يكون معيباً بالقصور فى التسبيب فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع .
( طعن رقم 568 ، للسنة القضائية 59 ، بجلسة 30/12/1990 )