شروط قبول الدعوى الإدارية
تنص المادة (12) من قانون مجلس الدولة الى أنه " لا تقبل الطلبات الآتية :
(أ) الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية .
(ب) الطلبات المقدمة رأساً بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وتاسعاً من المادة (10) وذلك قبل التظلم منها الى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الى الهيئات الرئاسية وانتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم ، وتبين إجراءات التظلم وطريقة الفصل فيه بقرار من رئيس مجلس الدولة" .
هذه المادة تتحدث عن الطلبات التي لا تقبل وهى نوعان :
الأول : الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيهم مصلحة شخصية
يشترط لقبول الدعوى أن يكون لرافعها مصلحة قانونية في إقامتها ، ومع ذلك فقد أجاز المشرع على سبيل الاستثناء قبول بعض الدعاوى والاكتفاء بالمصلحة المحتملة أو لإثبات وقائع يحتج بها في نزاع مستقبل ، فالمصلحة على هذا النحو هى التي تجعل للمدعى صفة في رفع الدعوى ، كما لا تقبل الدعوى بالنسبة للمدعى عليه إذا لم يكن له أى شأن بالنزاع ، في حين أن دائرة الاختصام في الدعوى قد تمتد لتشمل من تربطهم علاقة بموضوع الخصومة حتى يصدر الحكم في مواجهتهم ويكون اختصامهم تبعيا وليس اصليا بحسبانهم غير المعنيين بالخصومة أصلا ولا تنعقد بهم الخصومة ابتداء .
كنتيجة لأن دعوى الإلغاء تتميز بخصائص معينة ، فإن المصلحة في طلب الإلغاء يختلف المقصود بها عن المصلحة في دعوى الحقوق الشخصية ، ذلك أن من خصائص دعوى الإلغاء أنها دعوى توجه ضد قرار إداري مدعى بدصوره مشوبا بعيب أو أكثر من عيوب عدم المشروعية ، فهى تهدف الى مخاصمة قرار إداري معيب بقصد التوصل الى إلغائه حيث ينحصر دون القاضي في التحقق من عدم المشروعية حتى إذا ما ثبت له وجود هذا العيب قضى بإلغاء القرار المطعون فيه بحكم لا يقتصر أثره على رافع الدعوى ، ولكنه يسري في مواجهة الكافة وهو ما نصت عليه المادة 52 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون حجة على الكافة ومقتضى هذا أن الإلغاء قضاء موضوعي أو عيني يدور النزاع فيه حول مشروعية القرارات الإدارية ، وهو مجال لا يتمتع فيه الأفراد بحقوق شخصية ، ولا يقتضي بحكم اللزوم أن تستند المصلحة فيه الى حق اعتدى عليه ، بل يكفي أن يكون الطاعن في القرار صاحب مصلحة شخصية مباشرة في إلغائه ، والمصلحة الشخصية هنا معناها أن يكون الطاعن في مركز قانوني خاص أو حالة قانونية خاصة بالنسبة الى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مادام قائما مؤثرا في مصلحة ذاتية للطالب تأثيرا مباشرا ، وذلك استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أم يكتفي بهذه المصلحة لقبول دعوى الإلغاء .
ويشترط أن تكون المصلحة المسوغة لطلب الإلغاء جدية سواء كانت تلك المصلحة حالة أم محتملة ، وليس من الضروري أن يكون هناك حق مسه فعلا القرار المطعون فيه أو أن ترفع الدعوى من جميع من يؤثر في حالاتهم القرار ، بل يكفي أن يرفعها بعضهم أو أحدهم ، إذ أن الذي يختصم في الدعوى هو ذلك القرار .
والمقصود بأن تكون المصلحة في طلب الإلغاء شخصية ومباشرة ، أن هذا الطلب لا يقبل من أى شخص لمجرد أنه مواطن يهمه انقاذ حكم القانون حماية للصالح العام ، أو أنه أحد أفراد جماعة من الناس تعنيه مصالحها ، بل يجب فوق ذلك أن يكون طالب الإلغاء في حالة قانونية خاصة بالنسبة الى القرار المطلوب إلغاؤه من شأنها أن تجعله مؤثرا في مصلحة ذاتية له تأثيرا مباشرا كان يقترن بوصفه العام كمواطن أو عضو الجماعة عنصرا آخر يصبغه بصبغة المصلحة الشخصية المباشرة بحسب الظروف والأحوال .
كذلك لا يقبل طلب إلغاء القرار الصادر بالتعيين في وظيفة من الوظائف العامة ، ممن لا تتوافر فيهم الشروط اللازمة للتعيين فيها إذ أن القرار في هذه الحالة لا يكون مؤثرا مباشرا في مصلحة شخصية له ، وقد نص قانون مجلس الدولة على هذا الشرط في المادة 12 بأنه لا تقبل الطلبات المقدمة من أشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية .
لما كانت المصلحة هى مناط دعوى الإلغاء ، فإنه يتعين توافرها وقت رفعها واستمرار وجودها ما بقيت الدعوى قائمة لكونها شرط مباشرة الدعوى واساس قبولها ، فإذا كانت هذه المصلحة منتفية في بادئ الأمر أو زالت بعد قيامها أثناء سير الدعوى كانت الدعوى غير مقبولة .
وهذا الشرط يثير الدفع بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة وهو من النظام العام لقيامه على نص من القانون (م12 من قانون مجلس الدولة) الذي نص على عدم قبول الطلبات المقدمة من اشخاص ليست لهم فيها مصلحة شخصية ، وكون هذا الدفع من النظام العام أن تتصدى المحكمة له من تلقاء نفسها جون أن يتمسك به أحد من الخصوم ، وسواء انتفت المصلحة عند رفع الدعوى أم أثناء نظرها .
وزوال المصلحة أو عدم زوالها أثناء نظر الدعزى ، هو من الأمور الموضوعية التي تنظر فيها المحكمة بحسب كل حالة ، ولا تعتبر إجابة المدعى الى طلباته أثناء نظر الدعوى في جميع الأحوال قرينة على زوال مصلحته في الاستمرار في طلب إلغاء القرار المطعون فيه ، فمتى رقى المدعى بعد رفع الدعوى بطلب إلغاء قرار معين بتخطيه في الترقية فإن مصلحته مازالت محققة في ترتيب أقديمته في الدرجة على الوضع الصحيح وفي حساب رابته ، ومن ثم يكون الدفع بعدم قوبل الدعوى على غير اساس سليم .
وكذلك فإن خروج المدعى من الخدمة لا ينهي النزاع المرفوع منه بالطعن في قرار تخطيه في الترقية ، لأنه لا يزال المدعى مصلحة في الاستمرار في الدعوى لتحديد الوظيفة والدرجة التي أحيل الى المعاش على أساسها .
وتوقيت القرار الإداري بمدة معينة لا يعني انتفاء المصلحة في طلب إلغائه بانتهاء مدته ، مادام أن لصاحب الشأن مصلحة في إلغاءه سواء كانت هذه المصلحة أدبية أو مادية رغم انتهاء مدة القرار ، لإزالة كل ما كان له من أثر أو اتخاذه سندا لطلب التعوض .
وايضا فإن ثبت أن الحكم الذي يصدر بإلغاء القرار الإداري لا يتأتى تنفيذه لأى سبب ، فإن ذلك لا يجعل الطعن بإلغائه في مثل هذه الحالة غير مجدا لأن المصلحة في الطعن تكون ظاهرة الدلالة إذا لوحظ أن الحكم قد يصلح سندا للمدعى في دعوى أخرى يضمنها طلب التعويض عما عساه يكون قد لحقه من أضرار نتيجة للقرار المطعون فيه أو قد يؤدي الحكم بالإلغاء الى تسوية الأمر على نحو يحقق مصلحة الطالب .
وتطبيقاً لذلك قضى بأنه متى كان الثابت أن الحكم بإلغاء القرار الصادر بإرساء مزاد على شركة معينة هو حكم لن يتأتى تنفيذه بعد أن استنفذ العقد أغراضه وانتهت مدته ، إلا أنه ليس معنى ذلك صيرورة الطعن بالإلغاء في مثل هذه الحالة غير مجد ، مادام لا ينتهي الى إلغاء القرار المطعون فيه أو إلغاء العقد ذاته ، لأن المصلحة في الطعن ظاهرة الدلالة إذا لوحظ أن الحكم قد يصلح سندا للمدعى في دعوى أخرى يضمنها طلب التعويض عن الأضرار التي لحقته نتيجة للقرار المطعون فيه ، وعلى ذلك يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة غير قائم على اساس سليم ، وأيضا فإن المصلحة في طلب إلغاء القرار الإداري تتوافر رغم سبق صدور حكم قضائي استند الى هذا القرار ، فقد قضى بأنه متى كان الثابت أن المدعيين يطلبون إلغاء القرار الإداري الصادر من لجنة توجيه أعمال البناء والهدم بالموافقة على هدم عقار معين ، وكان المدعون مستأجرين لهذا العقار ، فإن مصلحتهم في إلغاء هذا القرار لازالت قائمة ومؤكدة رغم سبق صدور حكم قضائي بإلزامهم بالإخلاء لأن دعوى الإخلاء قد استندت الى القرار المطعون فيه ، ولا جدال في أن إلغاء هذا القرار سيقضى على الأساس الذي قام عليه حكم الإخلاء مما يترتب عليه تغيير الواقعة التي قام عليها حكم الإخلاء المشار إليه .
أن المصلحة في الدعوى كما تكون مادية تكون أدبية على أن المصلحة الأدبية تكفي وحدها لتحقيق شرط استمرار المصلحة وأن زالت المصلحة المادية فمتى كان المدعى يطعن بالإلغاء على كل قرار الجزاء الموقع عليه بالخصم من مرتبه وقرار نقله باعتباره منطويا على جزاء تأديبي مقنع ، فإن مصلحته كانت منذ رفع الدعوى وما تزال قائمة في طلب إلغاء هذا الجزاء التأديبي بشقيه ، ولا ينفي قيام هذه المصلحة كونه أحيل الى المعاش بناء على طلبه بعد رفع الدعوى ، لأن مصلحته فيما يختص بالقرار الأول تتعلق بواقعة تمت في الماضي ويراد إحداث أثر الإلغاء بإزالة ، نتج عنها بالفعل سواء من ضرر أدبي يمس السمعة الماضية ، وقد يسئ الى المستقبل ، أو من أثر مالي ينحصر في المبلغ الذي خصم من المرتب ، وفيما يتعلق بالقرار الثاني تتمثل فيما يهدف إليه من أثر أدبي يرفع وصمة الجزاء التأديبي عنه لو صح أن نقله كان يخفي جزاءا تأديبيا وكان له وجه حق في محو هذا الجزاء ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة يكون في غير محله .
يكفي لقبول دعوى الإلغاء أن تكون لرافعها مصلحة محققة أو محتملة ، بمعنى أن يكون القرار المطلوب إلغاؤه ماسا بحقوقه أو كان هناك احتمال بالمساس بها كما أن تنفيذ القرار تنفيذا ماديا لا يؤثر في طلب إلغائه ولا يسقط حق المدعى في طلب إلغائه متى كان تنفيذه قد يترتب عليه احتمال المساس بحقوقه .
من المسلم به أن للنقابات المنشأة وفقا للقانون أن ترفع الدعاوى المتعلقة بحقوقها بصفتها شخصا معنويا عاديا كالحقوق التي عساها أن تكون في ذمة أعضائها أو قبل الغير الذين يتعامل معهم ، كذلك استقر الرأى فقها وقضاءا على أن للنقابات أن ترفع الدعاوى المتعلقة بالمصلحة الجماعية أو المشتركة للدفاع عن المصالح المهنية ، وجرى القضاء في فرنسا على أن للنقابة مصلحة جماعية إذا كان ثمة ضرر أصاب أعضائها بصفتهم أعضاء في النقابة وبسبب مباشرتهم للمهنة التي وجدت النقابة للدفاع عنها .
غير أنه تجب التفرقة بين هذه المصالح الجماعية والمصالح الفردية لهؤلاء الأعضاء ، فهذه المصالح الفردية هى ملك لأصحابها وهم أصحاب الحق في المطالبة بها ورفع الدعاوى عنها ، ولا تقبل الدعوى بشأنها من النقابة ، فمتى كانت الدعوى المرفوعة من النقابة تهدف الى المطالبة بأحقيتهم في العلاوة الاستثنائية ، فإنها لا تتصل بالمصلحة الشخصية المباشرة للنقابة التي رفعتها ولا بالمصلحة الجماعية المتصلة بمباشرة المهنة ، وإنما هى متعلقة بحقوق فردية لبعض أعضائها فالدعوى المرفوعة من النقابة على هذا الوجه للمطالبة بها تكون غير مقبولة . (الدكتور/ أحمد محمود جمعة ، المرجع السابق ص20 وما بعدها)
·        لا ينطبق قانون المرافعات وأحكامه على الدعوى الإدارية إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة :
أحكام قانون المرافعات فلا تطبق إلا استثناء فيما لم يرد فيه نص في قانون مجلس الدولة - إذا تعارضت هذه الأحكام نصا أو روحا مع أحكام هذا القانون سواء في الإجراءات أو في أصول التنظيم القضائي فإنها لا تطبق - تسري الإجراءات وتصبح قانونا في حق الخصم متى تم إخطاره صحيحا على نحو ما يتطلبه القانون ولو لم يحضر الجلسة التي تم إخطاره بها ولا الجلسات التالية - لا تلزم المحكمة بأن تكلف الخصم الذي قدم مذكرة بدفاعه أو أبدى دفعه أن يعلن الخصم الآخر الذي لم يحضر الجلسة بتلك المذكرة أو الدفع المبدي - لا إلزام على المحكمة بأن تقوم هى بهذا الإعلان - الإجراءات أمام مجلس الدولة تقوم على أساس أن الخصم متى تم إخطاره بتاريخ الجلسة المحددة لنظر  الدعوى على نحو صحيح يعتبر حاضرا دائما . (طعن رقم 1569 لسنة 35ق "إدارية عليا" جلسة 16/6/1990)
فقد قضت المحكمة الإدارية العليا بأن "طلب استبعاد الطعن من الرول أو الحكم بسقوط الخصومة فيه استنادا الى المادتين 129 ، 134 من قانون المرافعات يتعارض مع روح النظام القضائي الذي تقوم عليه محاكم مجالس الدولة مما يتعين معه الالتفات عنه - الدعوى الإدارية تقوم على روابط القانون العام وتتمثل في خصومة مردها الى مبدأ الشرعية وسيادة القانون وتتجرد بالتالي من عدد الخصومة الشخصية التي تهيمن على منازعات القانون الخاص - الدعوى الإدارية يملكها القاضي فهو الذي يوجهها ويكلف الخصوم فيها بما يراه لاستيفاء تحضريها وتحقيقها وتهيئتها للفصل فيها - قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض وسببه - الطعن بالإلغاء على هذا القرار - التوكيل الصادر من مؤسس الحزب الى ممثلهم في مباشرة إجراءات الأخطار عن تأسيس الحزب - هذا المضمون يتسع ليشمل جميع الإجراءات التي تصل بهم الى الهدف المرجو وهو الموافقة على تأسيس الحزب سواء كانت هذه الإجراءات إدارية أمام لجنة شئون الأحزاب السياسية أو قضائية أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا إذا رفضت اللجنة المذكورة صراحة أو ضمنا الموافقة على تأسيس الحزب - ثبوت أن الموقعين على إخطار تأسيس الحزب توافرت في حقهم أدلة جدية على قيامهم باتصال لا تعد مجرد تعبير عن رأى في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وإنما صدرت في صورة بيانات موقعة من مجموعة من الأشخاص أو على شكل حقيقيا ومقاولات صحيفة نشرت في الداخل والخارج تضمنت دعوى الى تجنيد وترويج اتجاهات تتعارض مع معاهدة السلام وقد وصل الأمر الى حد خلق جبهة وصفت بأنها تولدت من تلك البيانات - تلك الأفعال بهذه المثابة تندرج تحت مدلول (البند سابعا) من المادة 4 من القانون رقم 40 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 36 لسنة 1979 - كما يشكل سببا كافيا لاعتراض على تأسيس الحزب " (طعن رقم 1254 لسنة 25ق "إدارية عليا" جلسة 21/6/1983) وبأنه "لا تطبق أمام القضاء الإداري أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية إلا فيما لم يرد فيه نص خاص في قانون مجلس الدولة وبالقدر الذي لا يتعارض مع نظام المجلس وأوضاعه الخاصة وطبيعة المنازعة الإدارية الى أن يتم وضع قانون خاص بالإجراءات أمام مجلس الدولة - تطبيقا لذلك - لا وجه للالتزام بالمادة 110 من قانون المرافعات فيما قضت به من إلزام المحكمة المحال إليها الدعوى تنفيذ الحكم بعدم الاختصاص بوجوب الفصل فيها متى كان في ذلك ثمة تعارض للقواعد المحددة لاختصاص كل محكمة من محاكم مجلس الدولة " (طعن رقم 802 لسنة 26ق "إدارية عليا" جلسة 18/11/1986) وبأنه "عدم جواز إعمال الأثر الذي رتبه المشرع على حضور الخصوم أمام المحاكم المدنية في مجال الدعوى الإدارية " (طعن رقم 569 لسنة 29ق "إدارية عليا" جلسة 11/1/1986) وبأنه "الإجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري - الإجراءات الإدارية إجراءات إيجابية يوجهها القاضي وتختلف عن الإجراءات المدنية والتجارية التي يهيمن عليها الخصوم - النظام القضائي بمجلس الدولة يأبى النظام الإجرائي الذي تجرى عليه المحاكم المدنية في حالة تخلف الخصوم عن حضور الجلسات - الأثر المترتب على ذلك : لا يجوز إعمال الأثر الذي رتبه الشارع على عدم حضور الخصوم أمام المحاكم المدنية في مجال الدعوى الإدارية " (طعن رقم 760 لسنة 24ق "إدارية عليا" جلسة 18/11/1980) وبأنه "إن المادة 3 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تنص على أن " تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون ، وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص وذلك الى أن يدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي " ، ولما لم يصدر بعد هذا القانون ، كما أن قانون مجلس الدولة لم يتضمن أحكاما تنظم المسائل الخاصة بسير الخصومة وعلى الأخص ما تعلق منها بسقوط الخصومة وذلك على غرار ما جاء بالمواد الواردة في الفصل الثالث من الباب السابع من قانون المرافعات ومن ثم فإن هذه الأحكام تطبق في شأن سير الخصومة في الدعاوى والطعن المقامة أمام القضاء الإداري بمجلس الدولة ، لأنها لا تتعارض مع طبيعتها ، ومن حيث أن المادة 134 من قانون المرافعات تنص على أن " لكل ذي مصلحة من الخصوم في حالة عدم السير في الدعوى بفعل المدعى أو امتناعه أن يطلب الحكم بسقوط الخصومة متى انقضت سنة على آخر إجراء صحيح من إجراءات التقاضي " . ولما كانت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة قد قضت بجلستها المنعقدة في 17/10/1970 بانقطاع سير الخصومة في الطعن الذي أقامته الهيئة في الحكم الصادر لصالح المدعى في الدعوى رقم 77 لسنة 22 القضائية وذلك لوفاته ، فإنه كان على الهيئة بمقتضى هذه المادة أن تبادر اتخاذ إجراءات التعجيل في السير في طعنها قبل انقضاء مدة سقوط الخصومة والتي حددها المشرع بسنة يبدأ سريانها من تاريخ صدور الحكم بانقطاع سير الخصومة باعتباره آخر إجراء صحيح قد تم بخصوص هذا الطعن ، ومن حيث أنه لم يثبت أن الهيئة الطاعنة قد اتخذت من جانبها وفي مواجهة ورثة المدعى ، أى إجراء من شأنه استئناف السير في طعنها ولا يوجد ما يحول دون ذلك ، ومن ثم فإنه يحق لهؤلاء الورثة أن يتمسكوا بما قضى به القانون في المادة 134 سالفة الذكر من سقوط الخصومة لمضى أكثر من سنة من تاريخ الحكم بانقطاع سير الخصومة في الطعن لوفاة مورثهم ولا شك أن مصلحة أكيدة في التمسك بذلك لما يترتب على سقوط الخصومة في طعن الهيئة من اعتبار الحكم الصادر لصالح مورثهم انتهائيا وواجب التنفيذ ، ومن ثم يخرج النزاع عن ولاية هذه المحكمة ويمتنع عليها ن تنظره هذا وقد أفسحت هذه المحكمة صدرها لتمكين الهيئة من الرد على طلب الورثة أو تقديم ما يدل على أنها قد عجلت السير في الطعن ، ومن أجل ذلك تأجل نظر الطعن ثماني جلسات سواء أمام دائرة فحص الطعون أو أمام هذه الدارئة في المدة من أول فبراير سنة 1975 حتى تاريخ صدور هذا الحكم في 8/2/1976 أى حوالي السنة ولكنها لم تفعل ، الأمر الذي تستشف منه المحكمة أن الهيئة لم يصدر منها أى إجراء باستئناف السير في الطعن الحالي ، ويتعين والحالة هذه الحكم بسقوط الخصومة في الطعن مع إلزام الهيئة الطاعنة المصروفات " (طعن رقم 771 لسنة 15ق "إدارية عليا" جلسة 8/2/1976) وبأنه "إن الإجراءات المتبعة أمام القضاء الإداري تتميز بخصائص ذاتية تغاير تلك المأخوذ بها أمام محاكم القضاء العادي أهمها أن الإجراءات الإدارية إجراءات إيجابية يوجهها القاضي ، وهى بهذه السمة تفترق عن الإجراءات المدنية والتجارية التي يهيمن الخصوم على تسيير الجانب الأكبر منها ، وقد سبق لهذه المحكمة أن قضت فيما يتعلق بحضور ذوي الشأن بالجلسات بأن النظام القضائي لمجلس الدولة يتأبى الأخذ بالنظام الإجرائي الذي تجرى عليه المحاكم المدنية في حالة غياب الخصوم عن حضور الجلسات المحددة لنظر دعاويهم ، ومن ثم لا يجوز إعمال الأثر الذي رتبه الشارع على عدم حضور الخصوم أمام المحاكم المدنية في مجال الدعوى الإدارية ، لأن هذا الأثر مقرر كجزاء على الخصم الذي يهمل في متابعة دعواه وحضور الجلسة المحددة لنظرها ، بيد أن النظام القضائي الإداري يعتد في المقام الأول بتحضير الدعوى وتهيئتها للفصل فيها وفقا للإجراءات التي ألزم القانون هيئة مفوضي الدولة القيام بها قبل طرح المنازعة على القضاء ، إذ يقوم هذا النظام أساس على مبدأ المرافعات التحريرية في مواعيد محددة منضبطة يستطيع ذوو الشان فيها أن يقدموا مذكراتهم مع مستنداتهم ، كما يقوم على تحضير الدعوى من هيئة مفوضي الدولة ، وليس من حق ذوي الشأن أن يصروا أمام المحكمة على طلب المرافعة الشفوية ، وإنما لرئيس المحكمة أن يطلب إليهم أو الى المفوض ما يراه لازما من إيضاحات " (طعن رقم 348 لسنة 9ق "إدارية عليا" جلسة 3/11/1968) وبأنه "نظام الشطب لا يطبق في الدعاوى الإدارية التي تعتمد أساسا على المذكرات المكتوبة ، وحتى لو سلم بنظام الشطب في هذه الدعاوى فإن ذلك لا يسري على طلبات الإعفاء من الرسوم لأنها ليست دعاوى وإنما طلبات ترفع للجنة المساعدة القضائية للإعفاء من الرسوم تمهيدا لرفع الدعاوى ، ولذلك فإن قرار الشطب في طلب الإعفاء لغو لا يعتد به ولا أثر له " (طعن رقم 380 لسنة 8ق "إدارية عليا" جلسة 12/2/1967) وبأنه "تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون تنظيم مجلس الدولة ، ثم أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص في هذا القانون الى أن يصدر قانون بالإجراءات الخاصة بالقسم القضائي بمجلس الدولة - امتناع القياس بين أحكام المرافعات المدنية والإجراءات في القضاء الإداري - أساس ذلك - هو وجود الفارق بين إجراءات القضائيين المدني والإداري ، إما من النص ، أو من اختلاف كل منهما اختلافا مرده أساس الى تغاير نشاط المحاكم أو الى التباين في طبيعة الروابط التي تنشأ فيما بين أفراد القانون العام ، وتلك التي تنشأ فيما بين الأفراد في مجالات القانون الخاص - تفصيل في ضوء طبيعة المنازعة الإدارية وما يترتب على هذه الطبيعة من آثار " (طعن رقم 1063 لسنة ق جلسة 23/11/1963)