شرط التحكيم لا يتعلق بالنظام العام :
فقد قضت محكمة النقض بأن " شرط التحكيم- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- لا يتعلق بالنظام العام ، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها ، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً ، ويسقط الحق فيه لو أثير متأخراً بعدم الكلام في الموضوع . بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر ، والمرافعة وبعد المداولة . حيث أن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم ..... لسنة ....... تجاري كلي اسكندرية ، ضد المؤسسة الطاعنة وباقي المطعون ضدهم بطلب إلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثانية والثالث متضامنين أن يدفعا لها مبلغ ........ دولاراً أمريكياً بما يعادلها من العملة المصرية وقدره ....... وصحة الإجراءات التحفظية الموقعة بالأمر رقم ...... لسنة ........ الصادر من قاضي تنفيذ محكمة عابدين بتقدير الدين وحجز ما للمدين لدى الغير ، وقالت بيانا لدعواها أنه بموجب مشارطة إيجار مؤرخة ........ اتفقت معها الطاعنة على نقل عشرة آلاف طعن أسمنت من ميناء الإسكندرية الى ميناء طرابلس على نقل عشرة آلاف طن اسمنت من ميناء الإسكندرية الى ميناء طرابلس بليبيا على رحلات متتالية وذلك على السفينة (ليلا) وحمولتها ...... طن بأجرة نقل قدرها ........ دولار للطعن الواحد تحت نظام "فيوس" وقدرت غرامة التأخير في المشارطة بمبلغ ....... دولار يومياً زيدت الى ..... دولار يومياً ، وقد قامت المطعون ضدها الأولى بإخطار المطعون ضدها الثانية بتاريخ 13/3/1973 بوصول السفينة الى ميناء الإسكندرية في ........ الساعة السادسة صباحا وباستعدادها لشحن الرسالة إلا أن الشركة الطاعنة أعطت تعليمات للمطعون ضدها الثانية يوم ........ بعدم شحن السفينة دون أسباب مما يعد فسخاً للعقد من جانبها فأقامت دعواها مطالبة بأجرة النقل المتفق عليها بالكامل فضلاً عن غرامة التأخير ومقابل ما أصابها من أضرار مادية وأدبية نتيجة ذلك ، وأضافت المطعون ضدها الأولى أنها لجأت الى قاضي التنفيذ لتقدير دينها مؤقتا ....... بتوقيع الحجز التحفظي على أموال الطاعنة في مصر المتمثلة في الاعتماد على الغير ...... للإلغاء المفتوح باسمها بمبلغ ...... دولاراً أمريكياً بالبنك الأهلي المصري بالقاهرة لصالح المطعون ضدها الثانية الوسيطة في عملية البيع ، وقد صدر ........ التقدير والحجز رقم ....... لسنة ........ عابدين بتاريخ ....... أقامت الطاعنة دعوى فرعية ضد المطعون ضدها الأولى بمبلغ 50 ألف جنيه كتعويض عما لحقها من ضرر نتيحة تخلفها عن تنيذ التزاماتها الوارجة بمشارطة الإيجار ودفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وبتاريخ ........ قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم القبول وبرفض الدفع باعتبار أن الموقع بتاريخ ..... كأن لم يكن ، وقبل الفصل في الموضوع يندب أحد الخبراء لأداء المأمورية المبينة بمنطوق حكمها وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت وقضت بتاريخ ........ بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها الأولى مبلغ ......... وبرفض الدعوى الفرعية ، استأنفت الطاعنة والمطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئنافين رقمى 184 ، 215 لسنة 32ق تجاري اسكندرية ، وبتاريخ 15/3/1977 قضت محكمة استئناف الاسكندرية بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ، دفع المطعون ضدها الثالث والرابعة بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية وطلبت قبول الدفع المبدي من المطعون ضدهما الثالث والرابعة ونقض الحكم بالنسبو للمطعون ضدها الأولى ، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة قرأته جديراً بالنظر ، وفي الجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها . وحيث أن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثانية والثالث والرابعة أنهم ليسوا خصوما حقيقيين للطاعنة . وحيث أن هذا الدفع في محله ، ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن بالنقض أن يكون خصما في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره ، وإذ كان الثابت أن المطعون ضدهما الثانية والثالث بشيء ، وكانت الطاعنة قد أسست طعنها على أسباب تتعلق بالمطعون ضدها الأولى وحدها ، فإنه يتعين عدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثانية والثالث والرابعة ، ولا يغير من هذا النظر أن يكون المطعون ضدها الأولى قد طلبت الحكم على الطاعنة ولمطعون ضدها الثانية والثالث متضامنين ، ذ لا ينال التضامن- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- من استقلال كل من المتضامنين عن الآخر في الخصومة وفي الطعن في الحكم الصادر فيها . وحيث أن الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى استوفى أوضاعه الشكلية . وحيث أن ممما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أن الحكم قضى بسقوط حقها في التمسك يشترط التحكيم بمقولة أنها تنازلت عنه ضمنياً بتعرضها لموضوع الدعوى ، كما اعتبر التحكيم باطلاً لعدم تعيين أسماء المحكمين في اتفاق التحكيم أو في اتفاق مستقل إعمالاً لنص المادة 520/3 من قانون المرافعات ، وبذلك يكون قد طبق القانون المصري على تحكيم دولي متفق على إجرائه في لندن مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه . وحيث أن هذا النعى سديد ، ذلك أن شرط التحكيم- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- لا يتعلق بالنظام العام فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها وإنما يتعين التمسك به أمامها ، ويجوز النزول عنه صراحة أو ضمناً ، ويسقط الحق فيه فيما لو أثير متأخراً بعد الكلام في الموضوع ، كما أن قاضي الموضوع يخضع لرقابة محكمة النقض في تكييفه للطلبات التي يبديها الخصوم قبيل التمسك بشرط التحكيم للوقوف على ما إذا كانت تعد تعرضا لموضوع الدعوى من شأنه أن يسقط الحق في التمسك بهذا الشرط . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر طلب الطاعنة تأجيل الدعوى لأكثر من مرة لضم الدعوى رقم 612 لسنة 1973 مدني كلي اسكندرية- قبل تمسكها بشرط التحكيم- تنازلاً ضمنياً عن التمسك بهذا الشرط ، وكان التكلم في الموضوع المسقط للدفع الواجب إبداؤه قبل التكلم في الموضوع إنما يكون بإبداء ...... طلب أو دفاع في الدعوى يمس موضوعها أو مسألة فرعية فيها ينطوي على ........ بصحتها سواء أبدى كتابة أو شفاهة ، فإن طلب التأجير على الصورة السالف بيانها لا يدل بذاته على مواجهة الموشوع وإذ رتب الحكم المطعون فيه على هذا الطلب سقوط حق الطاعنة في التمسك بشرط التحكيم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، وفضلاً عما تقدم فإنه لما كان الثابت أن شرط التحكيم .......... بمشارطة لإيجار موضوع الدعوى قد نص على إحالة كل ما ينشأ عنها من نزاع ....... التحكم في لندن ، وكان المشرع قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج ولم ير في ذلك ما يمس لنظام ، فإنه يرجع في تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره الى قواعد القانون الإنجليزي باعتباره قانون البلد الذي اتفق على إجراء التحكيم فيه بشرط ألا يكون في قواعد ذلك القانون ما يخالف قواعد النظام العام في مصر . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تطرق- بعد أن قضى بسقوط حق الطاعنة في التمسك بشرط التحكيم- أن اعتباره هذا الشرط باطلا لهدم تضمنه أسماء المحكمين طبقا لما أوجبته المادة 503/3 مرافعات ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بإخضاعه هذا الشرك للقانون المصري دون القانون الإنجليزي الواجب التطبيق ، ولا محل للقول باستبعاد أحكام القانون الإنجليزي لمخالفتها لنص المادة 503/3 مرافعات- على فرض صحة ذلك- إذ أن مناط استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجب التطبيق- وفق المادة 28 من القانون المدني- هو أن تكون هذه الأحكام مخالفة للنظام العام في مصر أى متعارضة مع الأسس الاجتماعية والسياسية أو الاقتصادية أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع بما لا يكفي معه أن تتعارض مع نص قانوني آمر ، وإذ كانت المادة 503/3 مرافعات بما اشترطته من وجوب بيان أسماء المحكمين في مشارطة التحكيم أو في اتفاق مستقل لا يتعلق بالنظام العام على النحو السالف بيانه فإن مخالفتها لا تنهض مبرراً لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق . وحيث أنه لما تقد يتعين نقض الحكم المطعون فيه بغير حاجة لبحث باقي اسباب الطعن " (الطعن رقم 714 لسنة 47ق جلسة 26/4/1982 س43 ص442) وبأنه "شرط التحكيم . عدم تعلقه بالنظام العام , مؤداه . ليس للمحكمة أن تقضي بإعماله من تلقاء نفسها . وجوب التمسك به أمامها . جواز النزول عنه صراحة أو ضمناً سقوط الحق فيه لو أثير بعج الكلام في الموضوع " (نقض جلسة 15/2/1972 س23 ج2 ص168 ، نقض جلسة 6/1/1976 س27 ج1 ص138 ، نقض جلسة 26/4/1982 س32 ج1 ص138 ، الطعن رقم 3608 لسنة 58ق جلسة 21/12/1998)