آثار الجرائم ومتعلقات المجرمين
من أهم اعمال الطب الشرعى فحص اثار الجرائم ومتعلقات المجرمين والاستدلال من هذه وتلك عن نوع الجريمة وعن فاعلها ، ولذلك فإن معاينة مكان الجريمة جزء هام من عمل الطب الشرعى ، وهناك ببحث عن ادلة الجريمة فى محتويات المكان ، مثل إثار العراك بين الأثاث وبصمات الأصباع والأقدام وآثار الالات والأسلحة المختلفة فى المكان والبقع الدموية أو المنوية أو بقع الإفرازات والإبرازات المختلفة والشعر وغيره من الألياف والأحبال والأربطة وأعقاب السجائر وعيدان الثقاب والأوراق المكتوبة أو المطبوعة أو آثار حرقها ونشارة الخشب أو كسر الزجاج وشكل الكسر وموضعه .
وكل هذه الامور الصغيرة قد تكون ذات أهمية بالغة فى توضيح الجريمة وطريقة ارتكابها ومعرفة فاعلها أو الاستدلال عليه.
كما أن فحص جثة القتيل فى حالات القتل يجب أن يشتمل على فحص الجثة فى مكانها وقت اكتشافها وعلاقة الجثة بالمكان وعلامات المقاومة فى الملابس أو محتويات المكان وغير ذلك من الأثار السابق الإشارة إليها.
وإذا كان الفحص آثار الجرائم الآن علما قائما بذاته مستقلا من الطب الشرعى ويقوم على تطبيقه إخصائيون فى المباحث الجنائية إلا أن كثيرا من الآثار الجرائمية ما زال من أهم أعمال الطب الشرعى مثل فحص البقع الدموية والمنوية وغيرها من الإفرازات الادمية أو الحيوانية ، وليس معنى ذلك أن يغمض الطبيب الشرعى عينيه عند معاينته مكان الجريمة عما لايخضعه بل عليه أن يلتفت إلى كل ما تراه عينه من آثار يفحصها وإن يتعاون مع غيره من الإخصائين على استخلاص النتائج التى تظهر الحقيقة وتعين على تحقيق العدالة.
فحص البقع الدموية
إن البحث عن البقع الدموية فى مكان الجريمة أو فى منزل المتهم أوملابسه أمر يجب العناية به والتدقيق الشديد عند إجرائه ، فلا يترك مكان صغير أو كبير إلا بحث ولايجوز إهمال أى بقعة مهما صغرت فقد يكون فى ذلك مضيعة لأثر هام فى التحقيق .
ويجب أن يفحص مكان الجريمة بطريقة منظمة بحيث لايترك منه شئ ويستحسن أن يرسم الطريق الذى سلكه المجرم أو الذى يمكن له أن يسلكه ثم يتتبع هذا الطريق ويبحث فيه عن آثار الدماء أو عن أماكن تخبئة هذه البقع أو وسائل إزالتها من الجسم أو الملابس ، ولذلك يجب العناية بفحص أى ملابس مغسولة وبخاصة إذا وجدت مخبأة أو الأوراق المحروقة أو صناديق القمامة وغير ذلك مما يمكن للمجرم أن يخبئ فيه آثار جريمته .
ويجب الاعتناء برفع الأثاث الموجودة بمكان الجريمة من موضعها والبحث تحتها وخلف الأبواب والشبابيك وعلى مقابضها وتحت السجاجيد أو الفرش الموجودة ولايخدعن الباحث النظافة الظاهرة للمكان فكم من مرة وجدت آثار دماء غزيرة تحت سجادة بادية النظافة أو تحت مرتبة سرير مرتب نظيف .
وعند فحص المتهم يجب الاعتناء بفحص ملابسه وجسمه وبخاصة داخل جيوبه وبطانة أكمامه وتحت أظافره وداخل حذائه وجواربه ،ففى هذه الأماكن قد توجد آثار الدماء واضحة حتى بعد محاولة إزالتها بالغسيل أو التنظيف .
ويجب جمع كل ما يمكن جمعه من آثار أو بقع تشبه الدم إرسالها للتحليل دون خوف من كثرة الاثار او ضخامتها كما يجب أن يعرف الباحث أن بقع الدم ليست دائما حمراء اللون بل كثيرا ما تأخذ ألوانا أخرى من الأصفر إلى الاسود ولذلك يجب الاهتمام بكل ما يمكن أن يكون بقمة دموية وإرساله للتحليل .
أما الطبيب المحلل فى المعمل فيجب أن يتلقى هذه الاثار كلها فيعيد فحصها جيدا بالعين فى ضوء النهار أو ضوء قوى آخر ثم يبدأ بحثها بحثا نظاميا والبحث لايتعدى هذه النقاط .
أولا : تحديد ما اذا كان البقع دما أم لا
فى معظم الحالات قد يستطيع أى إنسان ان يقرر إذا كانت البقعة دما – وبخاصة إذا كانت كبيرة وحديثة ، أما فى حالة البقع الصفيرة القديمة او التى تعرضت للازالة بالغسيل أو الحريق أو بالكيماويات فقد تصعب الاجابة على هذا السؤال حتى على الخبير ولإثبات الدم يجرى عادة نوعان من الاختبارات .
1- اختبارات تمهيدية:
وهى تمتاز بسهولة اجرائها وبأنها جميعا تعطى نتيجة مؤكدة فى حالة السلبية وحدها ، ولذلك يبدأ بإجراء أى من هذه الاختبارات على جميع البقع ثم يحتفظ بما يعطى منها نتيجة إيجابية لإجراء الاختبارات المؤكدة عليه ، أما ما يعطى نتيجة سلبية فيمكن تركه كلية واعتباره ليس ناشئا عن الدم .
وتشمل هذه الاختبارات التمهدية عددا كبيرا من الاختبارات منها ما هو قديم متروك ( مثل اختبار البروتين واختبار النشادر كانتز)، ومنها ما يستعمل الآن وكلها تعتمد على وجود عوامل مساعدة على التأكسد "اكسيديز"oxidase" فى الدم ، ولذلك تسمى كل هذه الاختبارات التمهيدية اختبارات الاكسيديز وتجرى أى من هذه الاختبارات باضافة مادة قابلة للتأكسد الى مصدر للاكسجين فى وجود محلول البقعة أو جزء منها ، فاذا كانت البقع دما فإن المادة القابلة للتأكسد تأخذ الاكسجين من مصدره وتتلون بلون آخر مخالف للونها الأصلى .
• وأهم الكواشف المستعملة فى هذا الاختبار هى :
أ) البنزدين : وهو مادة كيماوية بنية اللون تذاب فى الحامض الخلى فإذا تأكسدت أخذت لونا أخضر زاهيا – ويجرى الاختبار عادة بتحضير محلول مشبع من البنزدين فى الحامض الخلى الجليدى ثم يضاف جزء من هذا المحلول إلى ماء الاكسجين بنسبة تتراوح بين 1/2 ، 1/5 قبل اجراء الاختبار مباشرة ثم تؤخذ ورقة ترشيح بيضاء ( جافة أو مبللة قليلا بالماء) وتضغط على البقعة المشتبهة ثم ينقط فوق مكان لمس البقعة نقطة من مخلوط البنزدين والاكسجين ،فإذا كانت البقعة دما ظهر مباشرة لون أزرق ينتشر سريعا فى الورقة مع السائل – وهذا الاختبار هو أنفع الاختبارات وهو يعطى نتيجة إيجابية دائما – ويمكن زيادة فى التأكيد اجرائه على جزء صغير من البقعة ويوضع على ورقة الترشيح بدلا من مجرد لمس البقعة المشتبهة بالورقة كما يمكن اجراؤه على محلول البقعة فى أنبوبة اختبار. ويجب ان يلاحظ أن محلول البنزدين يفسد إذا حفظ وبخاصة إذا كان متزجا بالاكسجين ولذلك يجب اجراء الاختبار باستعمال محلول حديث التحضير . كما يمكن فصل البنزدين عن الاكسجين وإضافة نقطة من كل منهما على حدة مبتدئا بنقطة البنزدين. وهذا الاختبار شديد الحساسية وتزداد حساسيته بزيادة نسبة ماء الاكسجين ويزداد عمق اللون بزيادة نسبة البنزدين فى المحلول .
ب) الجواياك : وهو راتنج يذاب فى الكحول وإذا تأكسد صار أخضر مزرقا وهو أقل حساسية عن البنزدين – ويجرى الاختبار بنفس الطريقة السابق وصفها إلا انه قليل الاستعمال.
ج) الفينولفثالين المختزل : ويحضر باذابة جرام من مسحوق الفينولفثالين فى مائة سنتيمتر مكعب من محلول الصودا الكاوية (10%) ثم يغلى على النار ويضاف إليه 10 –20 من مسحوق الزنك حتى يزول اللون الأحمر من المحلول تماما. ويستحسن عند إجراء هذا الاختبار أن يذاب جزء من البقعة أولا فى الماء ثم يجرى الاختبار على المحلول فى أنبوبة اختبار بنفس الطريقة السابق وصفها. وهذا الاختبار شديد الحساسة جدا ويعطى نتيجة ايجابية بظهور اللون الأحمر مع نقطة من محلول الدم لايزيد تركيزها على جزء من خمسة ملايين جزء .
د) الملخيت الاخضر المبيض : ويحضر بأذابة جرام من هذه المادة فى 100سم3 من حامض الخليك و150سم3 من الماء المقطر، وعند الاستعمال يمزج جزء من هذا المحلول بأربعة أجزاء من ماء الاكسجين (10أحجام). وهذا الاختبار نافع خاصة فى حالة وجود بقع دموية صغيرة على أسطح متسعة أو فى حالة الأسطح المغسولة أو المنظفة ، وفى كل تلك الحالات تبلل ورقة ترشيح بالمحلول الاختبارى ثم تمرر على السطح المراد فحصه أو يرش المحلول على هيئة رذاذ دقيق على السطح ،فاذا وجدت آثار دماء ظهر اللون الأخضر الجميل على ورقة الترشيح أو على السطح المرشوش بالرذاذ .
2- اختبارات مؤكدة للدم :
وتشمل هذه اختبارات كيماوية ( مثل اختار بلورات الهيمين أو الهيموكروموجين) ،واختبارات طيفية وكذلك الفحص المجهرى للكريات الحمر.
أ) اختبار بلورات الهيمين : وأول من وصف هذا الاختبار تايشمان الذى وصف تكوين بلورات بنية اللون على شكل متوازى الأضلاع إذا سخن الدم مع حامض الخليك الجليدى ثم يرد وذلك بسبب تكوين هيدروكلوريد الهيماتين من تفاعل الحامض مع هيموجلوبين الدم فى وجود كلورور الصوديوم. ويجرى الاختبار فى معملنا بسحق جزء من قشور البقع المشتبهة أو أخذ فتلة من النسيج المبقع ووضعها على شريحة زجاجية نظيفة ثم تغطيتها بغطاء الشريحة ثم اجراء نقطة أو اثنين من محلول تايثمان تحت الغطاء حتى يتم تغطيتة المسحوق أو الفتلة ( يتكون محلول تاثيمان من جرام واحد من كل من كلوريد وبروميد وبودور البوتاسيوممذابا فى 100 سنتيمتر مكعب من حامض الخليك الجليدى ) ثم تسخن الشريحة على لهب صغير حتى تبدأ الغليان فترفع الشريحة عن النار وتبرد ثم تفحص بالعدسة الصغيرة المجهر فاذا كانت البقعة دما ظهر عدد كبير من البلورات السابق وصفها فى أشكال وترتيبات مختلفة –غير أنه يجب مراعاة استعمال حامض الخليك اللامائى وأن تكون البقعة المستعملة تامة الجفاف فان كانت مائعة تسخن على النار أو تترك فى الجو فترة حتى تجفف تماما . ويلاحظ ظهور حبيبات صغيرة بنية اللون بدلا من البلورات إذا لم تسخن الشريحة بدرجة كافية ، أما إذا زادت درجة التسخين عن الحد المطلوب فإن البلورات تفقد شكلها المتوازى الأضلاع وتنتفخ أطرافها كما يلاحظ أن بلورات الهيمين ثابتة يمكن حفظها على الشريحة لتقديمها كدليل فى المحكمة .
ب) اختبار بلورات الهيموكروموجين : ويجرى بنفس الطريقة السابقة مع استعمال محلول اخر يحتوى على عامل مختزل وقلوى (الهيموكروموجين هو الهيماتين القلوى المختزل – وخير محلول هو الذى وصفه تاكاياما ويتكون من ثلاثة أحجام من كل من البيريدين ومحلول الجلوكوز المشبع ومحلول ايدروكسيد الصوديوم 10% مضافا إليها سبعة أحجام من الماء المقطر) ، ويمكن إجراء هذا الاختبار بمجرد مزج المحلول بقطعة من قشور البقع على الشريحة وتركها مدة بضعة دقائق دون تسخين. وتتميز بلورات الهيموكروموجين بأنها إبرية الشكل حمراء اللون وتكون مجموعات كريش الطير أو غير ذلك من الأشكال. ولهذا الاختبار ميزة إضافية وهى ان الشريحة يمكن فحصها بالمنظار الطيل حيث يمكن تمييز الهيموكروموجين بوجود شريطى امتصاص اولهما فى الأصفر والثانى فى الأخضر .
ج) الفحص المجهرى : ويعتمد على رؤية كريات الدم فى البقعة وهو اختبار سهل إلا أنه لايصلح إلا إذا كانت بقعة الدم حديثة العهد إذ أن جفاف البقعة يؤدى إلى انكماش الكريات بدرجة تجعلها غير مميزة ومحاولة إعادتها لشكلها الطبيعى بوضعها فى محلول ملح طبيعى (9فى الألف) قد يؤدى إلى تكسيرها أو تغيير شكلها بحيث لايسهل معرفتها.ولإجراء هذا الفحص على البقع الجافة تؤخذ قطعة صغيرة من قشر البقعة وتسحق على شريحة نظيفة ثم يضاف اليها نقطة أو اثنتان من محلول الملح الطبيعى أو محلول فيبرت(2جرام من كلوريد الصوديوم مع ــ جرام من كلوريد الزئبقيك فى 100سم3من الماء المقطر)ثم يغطى بغطاء زجاجى مدهونة أطراف بالفازلين ليمنع تبخر الماء من المستحضر ثم توضع الشريحة فى درجة حرارة 37 5 م لمدة نصف ساعة وبعدها تفحص بالمجهر ، فاذا لم تظهر الكريات الحمر يضغط الغطاء الزجاجى برقة ثم يعاد الفحص . ويمتاز هذا الاختبار بأنه لا يؤكد الدم فحسب بل قد يظهر أصل الدم إذا أن شكل وحجم الكريات تختلف الى ثلاثة أشكال رئيسية:
أولا : كريات بيضاوية الشكل ذات نواة وتميز كل الحيوانات خلاف الثدييات.
ثانيا : كريات بيضاوية الشكل عديمة النواة وتميز رتبة الجمل من الثدييات.
ثالثا : كريات كروية الشكل عديمة النواة وتميز كل الثدييات خلاف رتبة الجمل ومنها الإنسان ويختلف حجم الكرات تبعا لنوع الحيوان إلا أن هذا الاختلاف لايمكن الاعتماد عليه فى تمييز الحيوان إذا أن حجم الكرات يختلف فى الإنسان بل وفى الشخص الواحد قد يختلف حجم الكرات بشكل أكثر من الاختلاف الموجود بين الحيوانات المختلفة .
د) الاختبار الطيفى : ويعتمد على أن هيموجلوبين الدم ومشتقاتة المختلفة
تمتص أطوالا خاصة من الموجات الضوئية تجعل من السهل معرفتها بمجرد وضع محلول مخفف من البقعة أمام المنظار الطيفى. ويتميز الاختبار الطيفى بأنه سهل يمكن اجراؤه على جزء صغير جدا من البقعة دون أن يفسدها بل تبقى صالحة لإجراء الاختبارات الكيماوية عليها كما أنه ينفع فى كشف بعض السموم وبخاصة اول أكسيد الكربون والحامض السيانورى وغيرهما من السموم التى تتحد بالهيموجلوبين .
غير أننا عادة لا نكتفى لإثبات الدم بوجود طيف الهيموجلوبين أو أحد مشتقاته فى البقعة بل نتطلب تحضير اثنين من مشتقات الهيموجلوبين على الأقل وهى كثيرة أهمها :
1- الهيموجلوبين المختزل : ويتكون فى محلول الدم تلقائيا إذا ترك فى الجو بضع ساعات ويمكن تحضيره سريعا بإضافة عامل مختزل مثل ( كبريتيت النشادر الأصفر ) ويتميز طيفه بشريط امتصاص عريض يكاد يملأ المسافة بين خطى E,D .
2- الهيموجلوبين الاكسى : وهو الذى يكون دائما فى محاليل الدم الحديثة ولونه أحمر ويمكن تحضيره فى الهيموجلوبين المختزل برج المحلول فى الهواء قليلا فيتغير لونه من الأزرق البنفسجى الى الاحمر وطيفه يتميز بشرطى امتصاص بين خطى E , D أولهما على يمين D وثانيهما ينتهى بخط E وتفصلها مسافة فى عرض الشريط الثانى .
3- المتهيموجلوبين : وهو أكسيد الهيموجلوبين الحقيقى ويحضر بترك الدم فى الجو بضعة أيام أو بإضافة عامل مؤكسد مثل حديدى سيانور البوتاسيوم أو برمنجنات البوتاسيوم – ويعرف بلونه البنى وطيفه المكون من أربعة أشرطة امتصاص اولها فى الاحمر بين خطى D ,C وإثنان يشبهان طيف الهيموجلوبين الأكسى ورابع فى الأخضر .
4- الهيموكروموجين : ويحضر بإضافة محلول تاكاياما إلى الدم أو بإضافة أى قلوى إلى محلول الهيموجلوبين المختزل أو يتميز طيفه يخطى امتصاص أولهما فى اللون الأصفر على يسار خط E وثانيهما فى الاخضر على يمين هذا الخط .
5- الهيماتين الحامضى : ويحضر بإضافة بضع نقط من حامض الخليك الجليدى إلى محلول الدم ويسخن المحلول قليلا حتى يتحول اللون إلى البنى أو بإذابة بقعة الدم الجافة فى حامض الخليك المخفف أو أى حامض مخفف آخر. ويتميز بطيف يشبه طيف المتهيموجلوبين إلا أن الشريط الول فى الطيف ينزاح قليلا إلى اليسار قريبا من خطC .
6- الهيماتين القلوى : ويحضر بإضافة بضع نقط من محلول إيدروكسيد الصوديوم أو البوتاسيوم (10%) الى محلول الدم أو بإذابة البقعة الدموية فى المحلول القلوى ولون هذا المستحضر بنى أيضا كالسابق وطيفة يتميز عنه بانزياح الشريط الأول قرب خط D .
7- الهيماتوبورفيرين الحامضى : ويحضر بإضافة بضع نقط من حامض الكبريتيك المركز الى نقطة جافة من البقعة على شريحة زجاجية ويتميز طيفة بشريط امتصاص رفيع واضح على يسار خط D . وشريط آخر عريض يمتد من الأصفر الى الاخضر أو الأزرق .
8- الهيماتوربوفيرين القلوى : ويحضر بإضافة بضع نقط من محلول إيدروكسيد الصوديوم أو البوتاسيوم المركز الى قطعة صغيرة من البقعة الجافة ويتميز طيفه بأربعة أشرطة امتصاص اولها بين خطى D,C واثنان بين خطى E,D والرابع فى الاخضر على يمين خط E.
9- الهيموجلوبين الكاربوكسى : ويحضر بتمرير غاز أول اكسيد الكربون فى الدم ويوجد طبيعيا فى حالات التسمم بهذا الغاز ولونه احمر فإن وطيفه يشبه طيف الهيموجلوبين الأكسى ويتميز بأن شريط امتصاصه الأول ينزاح قليلا جهة اليمين بالإضافة إلى عدم تأثر هذا المركب بالعوامل المختزلة كما يحدث مع الهيموجلوبين الأكسى .
10- الهيموجلوبين المكبرت : ويحضر بتمرير غاز الإيدروجين المكبرت فى الدم كما يتكون طبيعيا فى الدم فى حالات التسمم بهذا الغاز وبكثير من المركبات الكبريتية ( مثل مركبات السلفا)، وهذا المركب يشبه المتهيموجلوبين فى لونه وطيفه ويختلف عنه بعدم تأثير الأول بالاختزال أما الثانى فيتحول الى الهيموجلوبين المختزل بالعوامل المختزالة .
ثانيا : تحديد ما اذا كان هذا الدم لانسان ام لا
للإجابة على هذا السؤال الهام يجرى اختيار الترسيب الذى يتعمد على الاختلافات البالغة الدقة بين البروتينات الحيوية كلها بحيث إذا حقن بروتين فى حيوان من غير نوعه أدى إلى تكوين مادة مضادة ترسب هذا البروتين إذا أضيف إليها فى أنبوبة وتؤدى إلى تفاعلات استهدافية "Allerqic" إذا اعيد حقن البروتين فى الحيوان المحقون أولا.
ويلزم لإجراء هذا الاختبار وجود امصال مضادة للدم الآدمى ولدماء الحيوانات وتحضر جميع هذه الامصال يحقن الأرانب بكمية من الدم على دفعات إما بالوريد أو بالعضل أو فى البريتون ثم يذبج الأرنب ويؤخذ دمه حيث يفصل منه المصل الذى يسمى مصل مضاد للانسان او لاى نوع من الحيوان – ويجب أن تكون هذه الامصال المضادة رائقة خالية من الرواسب شديدة المقدرة على الترسيب ( بحيث تعطى نتيجة إيجابية فورية مع محلول مخفف لدرجة 1/1000) كما يجب أن تكون نوعية ( بحيث لاتعطى نتيجة إيجابية الا مع الدم الخاص بها وحده دون سواء من الدماء) .
وقبل إجراء الاختبار يذاب جزء من البقعة الدموية فى محلول ملح طبيعى ويخفف المحلول حتى يصل الى 1/500 أو 1/1000 ويعرف هذا التركيز بأنه إذا أضيفت نقطة من حامض النيتريك المركز (25%) الى جزء من المحلول تعكر المحلول قليلا حتى يصبح كمحلول اللبن المخفف – ويجب أن يكون هذا المحلول متعادلا لايغير لون ورقة عباد الشمس الزرقاء او الحمراء فإذا كان غير ذلك وجب معادلته بإضافة محلول بيكربونات الصودا المخفف او محلول حمض الترتاريك المخفف تبعا لتفاعل المحلول .
ويجرى هذا الاختبار إما فى أنابيب شعرية أو أنابيب ترسيب صغيرة بإضافة نقطة من محلول البقعة الى نقطة من المصل المضاد فإذا ظهرت حلقة رواسب بيضاء من ملتقى السائلين دل ذلك علىكون بقعة الدم من نفس نوع المصل المرسب . غير أنه يجب إجراء بعض الاختبارات الحاكمة فيجب ثبات نوعية المصل المرسب (بقدرته على ترسيب دم من نوعه وعدم ترسيب أى نوع آخر من الدماء) ثم يجب أن لا يعطى هذا المصل أى راسب مع محلول الملح المستعمل فى تحضير محلول البقعة أو مع منقوع النسيج أو المادة التى تحمل البقعة
ثالثا : تحديد إذا ما كانت هذه البقع لدم شخص بالذات أم لا
ولا يمكن الإجابة على هذا السؤال عادة إلا بصيغة النفى دون الإثبات وذلك أن دماء الإنسان قد وجدت على فئات مختلفة ، فإذا كانت البقعة من نفس فئة الشخص فإن ذلك لا يثبت كونها من دمه ، أما إذا كانت من فئة مخالفة له فإن هذا دليل مؤكد على أنها ليست من دمه .
رابعا : تحديد كيف تكونت البقع
كثيرا ما يدعى المتهم بأن البقع دموية على ملابسه أو فى حوزته حدثت بسبب اصابته بمرض البول الدموى مثلا أو بأنها من دم حيض . وهكذا ، ولذلك فإن الطبيب الشرعى كثيرا ما يسأل عن كيفية تكون أيا من هذه البقع.
أما دم الحيض فأمره سهل إذ لا توجد بقعة إلا على ملابس النساء أو الأحفضة والخرق وشكل البقعة ولونها ورائحتها مميزة وإذا أجرى تحضير مسحة من البقع على شريحة (ينقع البقع فى محلول الملح ثم تجفيف نقطة من المنقوع على الشريحة) وسبغها بصباغ ليشمان وفحصها بالمجهر ظهر بها كثير من خلايا بطانة الرحم والمهبل وأنواع مختلفة من الجراثيم وعدد من الخلايا المستيودة “lodophyt” التى يمكن اظهارها بصبغها بمحلول لوجول اليودى فتظهر حمراء اللون .
وتظهر البقع الناشئة عن البول المدمم على السطح الداخلى للملابس الداخلية وتكون البقع مخففة بالبول وبخاصة فى اطرافها وقد يظهر الفحص المجهرى بويضات البلهارسية .
أما بقع الدم الناشئة عن الخراريج والقرح فتظهر كمسحة على الملابس دون أى تخثر دموى ، وتتكون البقع من خليط من الدم والقيح الذى يمكن معرفته بالفحص المجهرى حيث يكثر وجود الخلايا القيحية والجراثيم .
وتعرف بقع دم الرعاف من وجود خلايا بطانة الأنف – وهى خلايا هدبية – مختلطة بالدم .
كما يعرف دم الاجهاض أو النفاس بوجود الخلايا الساقطية أو الخلايا المشيمية.
ويدل شكل البقعة وموضعها على ظروف تكوينها ، فإذا سقط الدم عموديا على سطح صلب فإن البقع الناشئة تكون أشكالا دائرية شبه منتظمة يزيد قطرها كلما زاد الارتفاع ، فإذا بلغ الارتفاع نصف متر بدأت دوائر البقع تأخذ شكلا مسنن المحيط وتطول الأسنان كلما زاد ارتفاع السقوط حتى تصبح البقعة ذات شكل شعاعى وكثيرا ما تنفصل جزيئات دقيقة عن الشكل الأصلى.
أما البقع التى تقع مائلة على السطح فإنها تأخذ شكلا مختلفا بين الشكل الكمثرى وشكل علامة التعجب تبعا لسرعة قذف الدم – ويعرف اتجاه مسير الدم باتجاه الطرف المدبب للبقعة – وكثيرا ما تؤدى دراسة شكل البقع الدموية وتوزيعها واتجاهاتها إلى معرفة مكان ونوع الجريمة وموضع الجانى وقت ارتكابها ووضع الضحية وهكذا ، ولذلك فإن فحص البقع الدموية يجب أن يجرى بكل دقة ومن الأفضل تصوير هذه البقع أو رسمها على ورقة شفافة قبل أخذها للفحص المعملى.
خامسا : تحديد متى تكونت البقع
إن تقدير الوقت الذى مضى على تكوين بقعة الدم قد يكون سهلا فى أول تكوينها ، ذلك أن الدم سائلا بعد خروجه من الجسم لمدة بضع دقائق ثم يتجلط وتجف البقعة يتبخر الماء منها بعد بضع ساعات تبعا لدرجة حرارة الجو وتشبعه بالبخار وتعرض البقع للجو وهكذا .
فإذا جفت البقع أصبح معرفة الوقت الذى مضى عليها من الأمور الصعبة ولكنها عادة تقدر تبعا للتطور الذى يطرأ على هيموجلوبين الدم ، فهو فى الأيام الأولى يبقى على هيئة الهيموجلوبين المختزل أو المؤكسد تبعا لسمك البقعة وتعرضها للهواء ، فإذا مضت بضعة أيام على تكوين البقعة تأكسد الهيموجلوبين بأكسيجن الجو إلى المتهيموجلوبين تدريجيا ثم يتحول هذا المركب إلى الهيماتين تدريجيا أيضا ، وهذا الأخير قد يتحول إلى الهيماتوبورفيرين إذا مضى وقت طويل على البقعة أو تعرضت للحرارة الشديدة أو بعض الكيماويات .
ويلاحظ أن هذا التحول يمكن معرفته بسهولة من لون البقع وذوبانها فى الماء ومن الفحص الطيفى ، فهى فى أول عهدها حمراء أو زرقاء تذوب سريعا ما بقى الهيموجلوبين على هذه الصورة ، فإذا تحول إلى المتهموجلوبين تلونت بلون بنى وأصبحت قليلة الذوبات فى الماء ، فإذا تحولت إلى الهيماتين أصبحت غير قابلة أصلا للذوبان فى الماء ولكنها تذوب فى الأحماض أو القلويات المخففة فإذا تحولت إلى الهيماتوبورفيرن لم تذب إلا فى الأحماض أو القلويات المركزة .
كما يلاحظ أن سرعة تحول الهيموجلوبين إلى المركبات السابق ذكرها ليست ثابتة بل تخضع للتغيير تبعا لكمية الدم فى البقع وللسطح الذى عليه البقع وللأحوال الجوية التى تتعرض لها مثل الحرارة والرطوبة وغير ذلك – فبقع الدم على الزجاج تبقى حمراء مدة طويلة ، أما البقع التى على الجلد المدبوغ فتتحول إلى اللون البنى بعد وقت قصير قد يقل عن بضعة دقائق ، وكذلك البقع على الصوف قد تأخذ لونا داكنا فى وقت أقل من البقع على الأقمشة القطنية أو الحريرية وهكذا .
سادسا : تحديد البقع من دم حى أو ميت
إذا وجدنا البقع الدموية آخذة أشكالا تدل على تدفق الدم واندفاعه فإن هذا وحده يدل على النزف الشريانى من شخص حى ، أما النزف الوريدى أو الشعيرى فإنه لا يعطى البقع هذه الأشكال الاندفاعية بل تكون البقع مصبوبة أو متساقطة دون أى اندفاع .
أما الدليل الهام على منشأ الدم من شخص حى فهو وجود الليفين “Fibrin” ، فيه ويعرف بالفحص المجهرى حيث ترى خيوط الليفين مصبوغة باللون الأحمر (إذا صبغ الدم بصبغة ليشمان) غير أن وجود اليفين لا يؤكد أن البقع قد نشأت من دم حى بل يكفى أن يكون الدم قد نزف من ميت قبل مضى بضع ساعات على الوفاة إذ فى ذلك الوقت لا يكون الدم قد تجلط داخل الأوعية .
من أهم اعمال الطب الشرعى فحص اثار الجرائم ومتعلقات المجرمين والاستدلال من هذه وتلك عن نوع الجريمة وعن فاعلها ، ولذلك فإن معاينة مكان الجريمة جزء هام من عمل الطب الشرعى ، وهناك ببحث عن ادلة الجريمة فى محتويات المكان ، مثل إثار العراك بين الأثاث وبصمات الأصباع والأقدام وآثار الالات والأسلحة المختلفة فى المكان والبقع الدموية أو المنوية أو بقع الإفرازات والإبرازات المختلفة والشعر وغيره من الألياف والأحبال والأربطة وأعقاب السجائر وعيدان الثقاب والأوراق المكتوبة أو المطبوعة أو آثار حرقها ونشارة الخشب أو كسر الزجاج وشكل الكسر وموضعه .
وكل هذه الامور الصغيرة قد تكون ذات أهمية بالغة فى توضيح الجريمة وطريقة ارتكابها ومعرفة فاعلها أو الاستدلال عليه.
كما أن فحص جثة القتيل فى حالات القتل يجب أن يشتمل على فحص الجثة فى مكانها وقت اكتشافها وعلاقة الجثة بالمكان وعلامات المقاومة فى الملابس أو محتويات المكان وغير ذلك من الأثار السابق الإشارة إليها.
وإذا كان الفحص آثار الجرائم الآن علما قائما بذاته مستقلا من الطب الشرعى ويقوم على تطبيقه إخصائيون فى المباحث الجنائية إلا أن كثيرا من الآثار الجرائمية ما زال من أهم أعمال الطب الشرعى مثل فحص البقع الدموية والمنوية وغيرها من الإفرازات الادمية أو الحيوانية ، وليس معنى ذلك أن يغمض الطبيب الشرعى عينيه عند معاينته مكان الجريمة عما لايخضعه بل عليه أن يلتفت إلى كل ما تراه عينه من آثار يفحصها وإن يتعاون مع غيره من الإخصائين على استخلاص النتائج التى تظهر الحقيقة وتعين على تحقيق العدالة.
فحص البقع الدموية
إن البحث عن البقع الدموية فى مكان الجريمة أو فى منزل المتهم أوملابسه أمر يجب العناية به والتدقيق الشديد عند إجرائه ، فلا يترك مكان صغير أو كبير إلا بحث ولايجوز إهمال أى بقعة مهما صغرت فقد يكون فى ذلك مضيعة لأثر هام فى التحقيق .
ويجب أن يفحص مكان الجريمة بطريقة منظمة بحيث لايترك منه شئ ويستحسن أن يرسم الطريق الذى سلكه المجرم أو الذى يمكن له أن يسلكه ثم يتتبع هذا الطريق ويبحث فيه عن آثار الدماء أو عن أماكن تخبئة هذه البقع أو وسائل إزالتها من الجسم أو الملابس ، ولذلك يجب العناية بفحص أى ملابس مغسولة وبخاصة إذا وجدت مخبأة أو الأوراق المحروقة أو صناديق القمامة وغير ذلك مما يمكن للمجرم أن يخبئ فيه آثار جريمته .
ويجب الاعتناء برفع الأثاث الموجودة بمكان الجريمة من موضعها والبحث تحتها وخلف الأبواب والشبابيك وعلى مقابضها وتحت السجاجيد أو الفرش الموجودة ولايخدعن الباحث النظافة الظاهرة للمكان فكم من مرة وجدت آثار دماء غزيرة تحت سجادة بادية النظافة أو تحت مرتبة سرير مرتب نظيف .
وعند فحص المتهم يجب الاعتناء بفحص ملابسه وجسمه وبخاصة داخل جيوبه وبطانة أكمامه وتحت أظافره وداخل حذائه وجواربه ،ففى هذه الأماكن قد توجد آثار الدماء واضحة حتى بعد محاولة إزالتها بالغسيل أو التنظيف .
ويجب جمع كل ما يمكن جمعه من آثار أو بقع تشبه الدم إرسالها للتحليل دون خوف من كثرة الاثار او ضخامتها كما يجب أن يعرف الباحث أن بقع الدم ليست دائما حمراء اللون بل كثيرا ما تأخذ ألوانا أخرى من الأصفر إلى الاسود ولذلك يجب الاهتمام بكل ما يمكن أن يكون بقمة دموية وإرساله للتحليل .
أما الطبيب المحلل فى المعمل فيجب أن يتلقى هذه الاثار كلها فيعيد فحصها جيدا بالعين فى ضوء النهار أو ضوء قوى آخر ثم يبدأ بحثها بحثا نظاميا والبحث لايتعدى هذه النقاط .
أولا : تحديد ما اذا كان البقع دما أم لا
فى معظم الحالات قد يستطيع أى إنسان ان يقرر إذا كانت البقعة دما – وبخاصة إذا كانت كبيرة وحديثة ، أما فى حالة البقع الصفيرة القديمة او التى تعرضت للازالة بالغسيل أو الحريق أو بالكيماويات فقد تصعب الاجابة على هذا السؤال حتى على الخبير ولإثبات الدم يجرى عادة نوعان من الاختبارات .
1- اختبارات تمهيدية:
وهى تمتاز بسهولة اجرائها وبأنها جميعا تعطى نتيجة مؤكدة فى حالة السلبية وحدها ، ولذلك يبدأ بإجراء أى من هذه الاختبارات على جميع البقع ثم يحتفظ بما يعطى منها نتيجة إيجابية لإجراء الاختبارات المؤكدة عليه ، أما ما يعطى نتيجة سلبية فيمكن تركه كلية واعتباره ليس ناشئا عن الدم .
وتشمل هذه الاختبارات التمهدية عددا كبيرا من الاختبارات منها ما هو قديم متروك ( مثل اختبار البروتين واختبار النشادر كانتز)، ومنها ما يستعمل الآن وكلها تعتمد على وجود عوامل مساعدة على التأكسد "اكسيديز"oxidase" فى الدم ، ولذلك تسمى كل هذه الاختبارات التمهيدية اختبارات الاكسيديز وتجرى أى من هذه الاختبارات باضافة مادة قابلة للتأكسد الى مصدر للاكسجين فى وجود محلول البقعة أو جزء منها ، فاذا كانت البقع دما فإن المادة القابلة للتأكسد تأخذ الاكسجين من مصدره وتتلون بلون آخر مخالف للونها الأصلى .
• وأهم الكواشف المستعملة فى هذا الاختبار هى :
أ) البنزدين : وهو مادة كيماوية بنية اللون تذاب فى الحامض الخلى فإذا تأكسدت أخذت لونا أخضر زاهيا – ويجرى الاختبار عادة بتحضير محلول مشبع من البنزدين فى الحامض الخلى الجليدى ثم يضاف جزء من هذا المحلول إلى ماء الاكسجين بنسبة تتراوح بين 1/2 ، 1/5 قبل اجراء الاختبار مباشرة ثم تؤخذ ورقة ترشيح بيضاء ( جافة أو مبللة قليلا بالماء) وتضغط على البقعة المشتبهة ثم ينقط فوق مكان لمس البقعة نقطة من مخلوط البنزدين والاكسجين ،فإذا كانت البقعة دما ظهر مباشرة لون أزرق ينتشر سريعا فى الورقة مع السائل – وهذا الاختبار هو أنفع الاختبارات وهو يعطى نتيجة إيجابية دائما – ويمكن زيادة فى التأكيد اجرائه على جزء صغير من البقعة ويوضع على ورقة الترشيح بدلا من مجرد لمس البقعة المشتبهة بالورقة كما يمكن اجراؤه على محلول البقعة فى أنبوبة اختبار. ويجب ان يلاحظ أن محلول البنزدين يفسد إذا حفظ وبخاصة إذا كان متزجا بالاكسجين ولذلك يجب اجراء الاختبار باستعمال محلول حديث التحضير . كما يمكن فصل البنزدين عن الاكسجين وإضافة نقطة من كل منهما على حدة مبتدئا بنقطة البنزدين. وهذا الاختبار شديد الحساسية وتزداد حساسيته بزيادة نسبة ماء الاكسجين ويزداد عمق اللون بزيادة نسبة البنزدين فى المحلول .
ب) الجواياك : وهو راتنج يذاب فى الكحول وإذا تأكسد صار أخضر مزرقا وهو أقل حساسية عن البنزدين – ويجرى الاختبار بنفس الطريقة السابق وصفها إلا انه قليل الاستعمال.
ج) الفينولفثالين المختزل : ويحضر باذابة جرام من مسحوق الفينولفثالين فى مائة سنتيمتر مكعب من محلول الصودا الكاوية (10%) ثم يغلى على النار ويضاف إليه 10 –20 من مسحوق الزنك حتى يزول اللون الأحمر من المحلول تماما. ويستحسن عند إجراء هذا الاختبار أن يذاب جزء من البقعة أولا فى الماء ثم يجرى الاختبار على المحلول فى أنبوبة اختبار بنفس الطريقة السابق وصفها. وهذا الاختبار شديد الحساسة جدا ويعطى نتيجة ايجابية بظهور اللون الأحمر مع نقطة من محلول الدم لايزيد تركيزها على جزء من خمسة ملايين جزء .
د) الملخيت الاخضر المبيض : ويحضر بأذابة جرام من هذه المادة فى 100سم3 من حامض الخليك و150سم3 من الماء المقطر، وعند الاستعمال يمزج جزء من هذا المحلول بأربعة أجزاء من ماء الاكسجين (10أحجام). وهذا الاختبار نافع خاصة فى حالة وجود بقع دموية صغيرة على أسطح متسعة أو فى حالة الأسطح المغسولة أو المنظفة ، وفى كل تلك الحالات تبلل ورقة ترشيح بالمحلول الاختبارى ثم تمرر على السطح المراد فحصه أو يرش المحلول على هيئة رذاذ دقيق على السطح ،فاذا وجدت آثار دماء ظهر اللون الأخضر الجميل على ورقة الترشيح أو على السطح المرشوش بالرذاذ .
2- اختبارات مؤكدة للدم :
وتشمل هذه اختبارات كيماوية ( مثل اختار بلورات الهيمين أو الهيموكروموجين) ،واختبارات طيفية وكذلك الفحص المجهرى للكريات الحمر.
أ) اختبار بلورات الهيمين : وأول من وصف هذا الاختبار تايشمان الذى وصف تكوين بلورات بنية اللون على شكل متوازى الأضلاع إذا سخن الدم مع حامض الخليك الجليدى ثم يرد وذلك بسبب تكوين هيدروكلوريد الهيماتين من تفاعل الحامض مع هيموجلوبين الدم فى وجود كلورور الصوديوم. ويجرى الاختبار فى معملنا بسحق جزء من قشور البقع المشتبهة أو أخذ فتلة من النسيج المبقع ووضعها على شريحة زجاجية نظيفة ثم تغطيتها بغطاء الشريحة ثم اجراء نقطة أو اثنين من محلول تايثمان تحت الغطاء حتى يتم تغطيتة المسحوق أو الفتلة ( يتكون محلول تاثيمان من جرام واحد من كل من كلوريد وبروميد وبودور البوتاسيوممذابا فى 100 سنتيمتر مكعب من حامض الخليك الجليدى ) ثم تسخن الشريحة على لهب صغير حتى تبدأ الغليان فترفع الشريحة عن النار وتبرد ثم تفحص بالعدسة الصغيرة المجهر فاذا كانت البقعة دما ظهر عدد كبير من البلورات السابق وصفها فى أشكال وترتيبات مختلفة –غير أنه يجب مراعاة استعمال حامض الخليك اللامائى وأن تكون البقعة المستعملة تامة الجفاف فان كانت مائعة تسخن على النار أو تترك فى الجو فترة حتى تجفف تماما . ويلاحظ ظهور حبيبات صغيرة بنية اللون بدلا من البلورات إذا لم تسخن الشريحة بدرجة كافية ، أما إذا زادت درجة التسخين عن الحد المطلوب فإن البلورات تفقد شكلها المتوازى الأضلاع وتنتفخ أطرافها كما يلاحظ أن بلورات الهيمين ثابتة يمكن حفظها على الشريحة لتقديمها كدليل فى المحكمة .
ب) اختبار بلورات الهيموكروموجين : ويجرى بنفس الطريقة السابقة مع استعمال محلول اخر يحتوى على عامل مختزل وقلوى (الهيموكروموجين هو الهيماتين القلوى المختزل – وخير محلول هو الذى وصفه تاكاياما ويتكون من ثلاثة أحجام من كل من البيريدين ومحلول الجلوكوز المشبع ومحلول ايدروكسيد الصوديوم 10% مضافا إليها سبعة أحجام من الماء المقطر) ، ويمكن إجراء هذا الاختبار بمجرد مزج المحلول بقطعة من قشور البقع على الشريحة وتركها مدة بضعة دقائق دون تسخين. وتتميز بلورات الهيموكروموجين بأنها إبرية الشكل حمراء اللون وتكون مجموعات كريش الطير أو غير ذلك من الأشكال. ولهذا الاختبار ميزة إضافية وهى ان الشريحة يمكن فحصها بالمنظار الطيل حيث يمكن تمييز الهيموكروموجين بوجود شريطى امتصاص اولهما فى الأصفر والثانى فى الأخضر .
ج) الفحص المجهرى : ويعتمد على رؤية كريات الدم فى البقعة وهو اختبار سهل إلا أنه لايصلح إلا إذا كانت بقعة الدم حديثة العهد إذ أن جفاف البقعة يؤدى إلى انكماش الكريات بدرجة تجعلها غير مميزة ومحاولة إعادتها لشكلها الطبيعى بوضعها فى محلول ملح طبيعى (9فى الألف) قد يؤدى إلى تكسيرها أو تغيير شكلها بحيث لايسهل معرفتها.ولإجراء هذا الفحص على البقع الجافة تؤخذ قطعة صغيرة من قشر البقعة وتسحق على شريحة نظيفة ثم يضاف اليها نقطة أو اثنتان من محلول الملح الطبيعى أو محلول فيبرت(2جرام من كلوريد الصوديوم مع ــ جرام من كلوريد الزئبقيك فى 100سم3من الماء المقطر)ثم يغطى بغطاء زجاجى مدهونة أطراف بالفازلين ليمنع تبخر الماء من المستحضر ثم توضع الشريحة فى درجة حرارة 37 5 م لمدة نصف ساعة وبعدها تفحص بالمجهر ، فاذا لم تظهر الكريات الحمر يضغط الغطاء الزجاجى برقة ثم يعاد الفحص . ويمتاز هذا الاختبار بأنه لا يؤكد الدم فحسب بل قد يظهر أصل الدم إذا أن شكل وحجم الكريات تختلف الى ثلاثة أشكال رئيسية:
أولا : كريات بيضاوية الشكل ذات نواة وتميز كل الحيوانات خلاف الثدييات.
ثانيا : كريات بيضاوية الشكل عديمة النواة وتميز رتبة الجمل من الثدييات.
ثالثا : كريات كروية الشكل عديمة النواة وتميز كل الثدييات خلاف رتبة الجمل ومنها الإنسان ويختلف حجم الكرات تبعا لنوع الحيوان إلا أن هذا الاختلاف لايمكن الاعتماد عليه فى تمييز الحيوان إذا أن حجم الكرات يختلف فى الإنسان بل وفى الشخص الواحد قد يختلف حجم الكرات بشكل أكثر من الاختلاف الموجود بين الحيوانات المختلفة .
د) الاختبار الطيفى : ويعتمد على أن هيموجلوبين الدم ومشتقاتة المختلفة
تمتص أطوالا خاصة من الموجات الضوئية تجعل من السهل معرفتها بمجرد وضع محلول مخفف من البقعة أمام المنظار الطيفى. ويتميز الاختبار الطيفى بأنه سهل يمكن اجراؤه على جزء صغير جدا من البقعة دون أن يفسدها بل تبقى صالحة لإجراء الاختبارات الكيماوية عليها كما أنه ينفع فى كشف بعض السموم وبخاصة اول أكسيد الكربون والحامض السيانورى وغيرهما من السموم التى تتحد بالهيموجلوبين .
غير أننا عادة لا نكتفى لإثبات الدم بوجود طيف الهيموجلوبين أو أحد مشتقاته فى البقعة بل نتطلب تحضير اثنين من مشتقات الهيموجلوبين على الأقل وهى كثيرة أهمها :
1- الهيموجلوبين المختزل : ويتكون فى محلول الدم تلقائيا إذا ترك فى الجو بضع ساعات ويمكن تحضيره سريعا بإضافة عامل مختزل مثل ( كبريتيت النشادر الأصفر ) ويتميز طيفه بشريط امتصاص عريض يكاد يملأ المسافة بين خطى E,D .
2- الهيموجلوبين الاكسى : وهو الذى يكون دائما فى محاليل الدم الحديثة ولونه أحمر ويمكن تحضيره فى الهيموجلوبين المختزل برج المحلول فى الهواء قليلا فيتغير لونه من الأزرق البنفسجى الى الاحمر وطيفه يتميز بشرطى امتصاص بين خطى E , D أولهما على يمين D وثانيهما ينتهى بخط E وتفصلها مسافة فى عرض الشريط الثانى .
3- المتهيموجلوبين : وهو أكسيد الهيموجلوبين الحقيقى ويحضر بترك الدم فى الجو بضعة أيام أو بإضافة عامل مؤكسد مثل حديدى سيانور البوتاسيوم أو برمنجنات البوتاسيوم – ويعرف بلونه البنى وطيفه المكون من أربعة أشرطة امتصاص اولها فى الاحمر بين خطى D ,C وإثنان يشبهان طيف الهيموجلوبين الأكسى ورابع فى الأخضر .
4- الهيموكروموجين : ويحضر بإضافة محلول تاكاياما إلى الدم أو بإضافة أى قلوى إلى محلول الهيموجلوبين المختزل أو يتميز طيفه يخطى امتصاص أولهما فى اللون الأصفر على يسار خط E وثانيهما فى الاخضر على يمين هذا الخط .
5- الهيماتين الحامضى : ويحضر بإضافة بضع نقط من حامض الخليك الجليدى إلى محلول الدم ويسخن المحلول قليلا حتى يتحول اللون إلى البنى أو بإذابة بقعة الدم الجافة فى حامض الخليك المخفف أو أى حامض مخفف آخر. ويتميز بطيف يشبه طيف المتهيموجلوبين إلا أن الشريط الول فى الطيف ينزاح قليلا إلى اليسار قريبا من خطC .
6- الهيماتين القلوى : ويحضر بإضافة بضع نقط من محلول إيدروكسيد الصوديوم أو البوتاسيوم (10%) الى محلول الدم أو بإذابة البقعة الدموية فى المحلول القلوى ولون هذا المستحضر بنى أيضا كالسابق وطيفة يتميز عنه بانزياح الشريط الأول قرب خط D .
7- الهيماتوبورفيرين الحامضى : ويحضر بإضافة بضع نقط من حامض الكبريتيك المركز الى نقطة جافة من البقعة على شريحة زجاجية ويتميز طيفة بشريط امتصاص رفيع واضح على يسار خط D . وشريط آخر عريض يمتد من الأصفر الى الاخضر أو الأزرق .
8- الهيماتوربوفيرين القلوى : ويحضر بإضافة بضع نقط من محلول إيدروكسيد الصوديوم أو البوتاسيوم المركز الى قطعة صغيرة من البقعة الجافة ويتميز طيفه بأربعة أشرطة امتصاص اولها بين خطى D,C واثنان بين خطى E,D والرابع فى الاخضر على يمين خط E.
9- الهيموجلوبين الكاربوكسى : ويحضر بتمرير غاز أول اكسيد الكربون فى الدم ويوجد طبيعيا فى حالات التسمم بهذا الغاز ولونه احمر فإن وطيفه يشبه طيف الهيموجلوبين الأكسى ويتميز بأن شريط امتصاصه الأول ينزاح قليلا جهة اليمين بالإضافة إلى عدم تأثر هذا المركب بالعوامل المختزلة كما يحدث مع الهيموجلوبين الأكسى .
10- الهيموجلوبين المكبرت : ويحضر بتمرير غاز الإيدروجين المكبرت فى الدم كما يتكون طبيعيا فى الدم فى حالات التسمم بهذا الغاز وبكثير من المركبات الكبريتية ( مثل مركبات السلفا)، وهذا المركب يشبه المتهيموجلوبين فى لونه وطيفه ويختلف عنه بعدم تأثير الأول بالاختزال أما الثانى فيتحول الى الهيموجلوبين المختزل بالعوامل المختزالة .
ثانيا : تحديد ما اذا كان هذا الدم لانسان ام لا
للإجابة على هذا السؤال الهام يجرى اختيار الترسيب الذى يتعمد على الاختلافات البالغة الدقة بين البروتينات الحيوية كلها بحيث إذا حقن بروتين فى حيوان من غير نوعه أدى إلى تكوين مادة مضادة ترسب هذا البروتين إذا أضيف إليها فى أنبوبة وتؤدى إلى تفاعلات استهدافية "Allerqic" إذا اعيد حقن البروتين فى الحيوان المحقون أولا.
ويلزم لإجراء هذا الاختبار وجود امصال مضادة للدم الآدمى ولدماء الحيوانات وتحضر جميع هذه الامصال يحقن الأرانب بكمية من الدم على دفعات إما بالوريد أو بالعضل أو فى البريتون ثم يذبج الأرنب ويؤخذ دمه حيث يفصل منه المصل الذى يسمى مصل مضاد للانسان او لاى نوع من الحيوان – ويجب أن تكون هذه الامصال المضادة رائقة خالية من الرواسب شديدة المقدرة على الترسيب ( بحيث تعطى نتيجة إيجابية فورية مع محلول مخفف لدرجة 1/1000) كما يجب أن تكون نوعية ( بحيث لاتعطى نتيجة إيجابية الا مع الدم الخاص بها وحده دون سواء من الدماء) .
وقبل إجراء الاختبار يذاب جزء من البقعة الدموية فى محلول ملح طبيعى ويخفف المحلول حتى يصل الى 1/500 أو 1/1000 ويعرف هذا التركيز بأنه إذا أضيفت نقطة من حامض النيتريك المركز (25%) الى جزء من المحلول تعكر المحلول قليلا حتى يصبح كمحلول اللبن المخفف – ويجب أن يكون هذا المحلول متعادلا لايغير لون ورقة عباد الشمس الزرقاء او الحمراء فإذا كان غير ذلك وجب معادلته بإضافة محلول بيكربونات الصودا المخفف او محلول حمض الترتاريك المخفف تبعا لتفاعل المحلول .
ويجرى هذا الاختبار إما فى أنابيب شعرية أو أنابيب ترسيب صغيرة بإضافة نقطة من محلول البقعة الى نقطة من المصل المضاد فإذا ظهرت حلقة رواسب بيضاء من ملتقى السائلين دل ذلك علىكون بقعة الدم من نفس نوع المصل المرسب . غير أنه يجب إجراء بعض الاختبارات الحاكمة فيجب ثبات نوعية المصل المرسب (بقدرته على ترسيب دم من نوعه وعدم ترسيب أى نوع آخر من الدماء) ثم يجب أن لا يعطى هذا المصل أى راسب مع محلول الملح المستعمل فى تحضير محلول البقعة أو مع منقوع النسيج أو المادة التى تحمل البقعة
ثالثا : تحديد إذا ما كانت هذه البقع لدم شخص بالذات أم لا
ولا يمكن الإجابة على هذا السؤال عادة إلا بصيغة النفى دون الإثبات وذلك أن دماء الإنسان قد وجدت على فئات مختلفة ، فإذا كانت البقعة من نفس فئة الشخص فإن ذلك لا يثبت كونها من دمه ، أما إذا كانت من فئة مخالفة له فإن هذا دليل مؤكد على أنها ليست من دمه .
رابعا : تحديد كيف تكونت البقع
كثيرا ما يدعى المتهم بأن البقع دموية على ملابسه أو فى حوزته حدثت بسبب اصابته بمرض البول الدموى مثلا أو بأنها من دم حيض . وهكذا ، ولذلك فإن الطبيب الشرعى كثيرا ما يسأل عن كيفية تكون أيا من هذه البقع.
أما دم الحيض فأمره سهل إذ لا توجد بقعة إلا على ملابس النساء أو الأحفضة والخرق وشكل البقعة ولونها ورائحتها مميزة وإذا أجرى تحضير مسحة من البقع على شريحة (ينقع البقع فى محلول الملح ثم تجفيف نقطة من المنقوع على الشريحة) وسبغها بصباغ ليشمان وفحصها بالمجهر ظهر بها كثير من خلايا بطانة الرحم والمهبل وأنواع مختلفة من الجراثيم وعدد من الخلايا المستيودة “lodophyt” التى يمكن اظهارها بصبغها بمحلول لوجول اليودى فتظهر حمراء اللون .
وتظهر البقع الناشئة عن البول المدمم على السطح الداخلى للملابس الداخلية وتكون البقع مخففة بالبول وبخاصة فى اطرافها وقد يظهر الفحص المجهرى بويضات البلهارسية .
أما بقع الدم الناشئة عن الخراريج والقرح فتظهر كمسحة على الملابس دون أى تخثر دموى ، وتتكون البقع من خليط من الدم والقيح الذى يمكن معرفته بالفحص المجهرى حيث يكثر وجود الخلايا القيحية والجراثيم .
وتعرف بقع دم الرعاف من وجود خلايا بطانة الأنف – وهى خلايا هدبية – مختلطة بالدم .
كما يعرف دم الاجهاض أو النفاس بوجود الخلايا الساقطية أو الخلايا المشيمية.
ويدل شكل البقعة وموضعها على ظروف تكوينها ، فإذا سقط الدم عموديا على سطح صلب فإن البقع الناشئة تكون أشكالا دائرية شبه منتظمة يزيد قطرها كلما زاد الارتفاع ، فإذا بلغ الارتفاع نصف متر بدأت دوائر البقع تأخذ شكلا مسنن المحيط وتطول الأسنان كلما زاد ارتفاع السقوط حتى تصبح البقعة ذات شكل شعاعى وكثيرا ما تنفصل جزيئات دقيقة عن الشكل الأصلى.
أما البقع التى تقع مائلة على السطح فإنها تأخذ شكلا مختلفا بين الشكل الكمثرى وشكل علامة التعجب تبعا لسرعة قذف الدم – ويعرف اتجاه مسير الدم باتجاه الطرف المدبب للبقعة – وكثيرا ما تؤدى دراسة شكل البقع الدموية وتوزيعها واتجاهاتها إلى معرفة مكان ونوع الجريمة وموضع الجانى وقت ارتكابها ووضع الضحية وهكذا ، ولذلك فإن فحص البقع الدموية يجب أن يجرى بكل دقة ومن الأفضل تصوير هذه البقع أو رسمها على ورقة شفافة قبل أخذها للفحص المعملى.
خامسا : تحديد متى تكونت البقع
إن تقدير الوقت الذى مضى على تكوين بقعة الدم قد يكون سهلا فى أول تكوينها ، ذلك أن الدم سائلا بعد خروجه من الجسم لمدة بضع دقائق ثم يتجلط وتجف البقعة يتبخر الماء منها بعد بضع ساعات تبعا لدرجة حرارة الجو وتشبعه بالبخار وتعرض البقع للجو وهكذا .
فإذا جفت البقع أصبح معرفة الوقت الذى مضى عليها من الأمور الصعبة ولكنها عادة تقدر تبعا للتطور الذى يطرأ على هيموجلوبين الدم ، فهو فى الأيام الأولى يبقى على هيئة الهيموجلوبين المختزل أو المؤكسد تبعا لسمك البقعة وتعرضها للهواء ، فإذا مضت بضعة أيام على تكوين البقعة تأكسد الهيموجلوبين بأكسيجن الجو إلى المتهيموجلوبين تدريجيا ثم يتحول هذا المركب إلى الهيماتين تدريجيا أيضا ، وهذا الأخير قد يتحول إلى الهيماتوبورفيرين إذا مضى وقت طويل على البقعة أو تعرضت للحرارة الشديدة أو بعض الكيماويات .
ويلاحظ أن هذا التحول يمكن معرفته بسهولة من لون البقع وذوبانها فى الماء ومن الفحص الطيفى ، فهى فى أول عهدها حمراء أو زرقاء تذوب سريعا ما بقى الهيموجلوبين على هذه الصورة ، فإذا تحول إلى المتهموجلوبين تلونت بلون بنى وأصبحت قليلة الذوبات فى الماء ، فإذا تحولت إلى الهيماتين أصبحت غير قابلة أصلا للذوبان فى الماء ولكنها تذوب فى الأحماض أو القلويات المخففة فإذا تحولت إلى الهيماتوبورفيرن لم تذب إلا فى الأحماض أو القلويات المركزة .
كما يلاحظ أن سرعة تحول الهيموجلوبين إلى المركبات السابق ذكرها ليست ثابتة بل تخضع للتغيير تبعا لكمية الدم فى البقع وللسطح الذى عليه البقع وللأحوال الجوية التى تتعرض لها مثل الحرارة والرطوبة وغير ذلك – فبقع الدم على الزجاج تبقى حمراء مدة طويلة ، أما البقع التى على الجلد المدبوغ فتتحول إلى اللون البنى بعد وقت قصير قد يقل عن بضعة دقائق ، وكذلك البقع على الصوف قد تأخذ لونا داكنا فى وقت أقل من البقع على الأقمشة القطنية أو الحريرية وهكذا .
سادسا : تحديد البقع من دم حى أو ميت
إذا وجدنا البقع الدموية آخذة أشكالا تدل على تدفق الدم واندفاعه فإن هذا وحده يدل على النزف الشريانى من شخص حى ، أما النزف الوريدى أو الشعيرى فإنه لا يعطى البقع هذه الأشكال الاندفاعية بل تكون البقع مصبوبة أو متساقطة دون أى اندفاع .
أما الدليل الهام على منشأ الدم من شخص حى فهو وجود الليفين “Fibrin” ، فيه ويعرف بالفحص المجهرى حيث ترى خيوط الليفين مصبوغة باللون الأحمر (إذا صبغ الدم بصبغة ليشمان) غير أن وجود اليفين لا يؤكد أن البقع قد نشأت من دم حى بل يكفى أن يكون الدم قد نزف من ميت قبل مضى بضع ساعات على الوفاة إذ فى ذلك الوقت لا يكون الدم قد تجلط داخل الأوعية .