إن الهدف الذى قصد إليه الشارع من وجوب مراعاة الإجراءات الخاصة بضبط الشياء وتحريزها التى تنص عليه فى قانون الإجراءات الجنائية هو الاستثياق من عدم حصول عبث بالمضبوطات فإذا اطمأنت المحكمة الى ذلك فيكون قصد الشارع قد تحقق ولا يقبل إذن الدفع ببطلان الإجراءات بسبب إغفال هذه الإجراءات .
وقد قضت محكمة النقض بأن: متى كان مخدر الحشيش وزن عند ضبطه فبلغ وزنه خمسة جرامات بما فى ذلك ورق السلوفان المغلفة بها ، وذلك بحسب الثابت فى تحقيقات النيابة وشهادة الوزن الصادرة من صيدلية ، بينما الثابت من تقرير معامل التحليل أن زنته قائما عشرة جرامات وخمسون سنتجراما وقد قام دفاع الطاعن على أن الخلاف يشهد لإنكاره حيازة المخدر . لما كان ذلك ، وكان الفرق بين وزن المخدر عند ضبطه ووزنه عند تحليله فرقا ملحوظا فإن ما دفع به الطاعن فى دلالة هذا الفارق البين على الشك فى التهمة إنما هو دفاع يشهد له الواقع ويسانده فى ظاهر دعواه ، ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تحقق هذا الدفاع الجوهرى – فى صورة الدعوى – بلوغا الى غاية الأمر فيه أو تمرد عليه بما ينفيه أما وقد سكتت وأغفلت الرد عليه فإن حكمها يكون قاصر البيان واجب النقض والإحالة . (الطعن رقم 681 لسنة 46ق جلسة 15/11/1976) وبأنه " يرجع الأمر فى شأن تحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة الى تقدير محكمة الموضوع ، فإذا كانت المحكمة قد اطمأنت الى سلامة اجراءات تحريز متحصلات غسيل معدة المتهمة والى ما أسفر عنه تحليل هذه المتحصلات فإن النعى بأنه لم يثبت أن الآنية التى وضعت فيها متحصلات غسيل المعدة كانت خالية تماما من آثار المواد المخدرة لا يكون سديدا إذ هو لا يعدو أن يكون منازعة موضوعية مما لا يجوز التحدى به أمام محكمة النقض " (نقض 16/3/1972 طعن رقم 17 سنة 42ق س23 ص357) وبأنه " من المقرر أن اجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلانا ما ، بل ترك الأمر فى ذلك الى اطمئنان المحكمة الى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث " (نقض 6/10/1969 طعن رقم 789 سنة 39ق س10 ص1022) . وبأنه " إذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يتمسك بما قاله فى طعنه بمغايرة المخدر المضبوط عن ذلك الذى تم تحليله لاختلاف أوصاف لفافاته ووزنه ولم يبد طلبا بشأنه وهو دفاع موضوعى – أيضا – لا يثار لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يقدح فى ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعن قد ضمن مرافعته نعيا على مسلك الشاهد بأنه من المحتمل أن يكون قد أضاف الى المخدر المضبوط مقدار نصف جرام لأن وزن المخدر عند ضبطه بلغ سبعة جرامات ونصف وعند تحليله ثمانية جرامات ، إذ هو قول مرسل على اطلاقه لا يحمل على التشكيك فى مغايرة ما ضبط من مخدر لما تم تحليله وينحل فى حقيقته الى جدل فى تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهد الإثبات ولا على المحكمة إن هى التفتت عن الرد إليه " (نقض 5/2/1981 رقم 1674 سنة 50ق) وبأنه " وحيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه عليها ، ولم يجادل الطاعن فى أن لها معينها الصحيح من الأوراق . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن بشأن اختلاف ما رصدته النيابة عن وزن المخدر مع ما أثبت بمحضر التحليل وأطرحه فى قوله " بأنه لا توجد بالأوراق ما يدل على أن المخدر قد نقص أو أسندت إليه يد العبث وأن الاختلاف فى الوزن ليس بالجسامة التى تؤثر فى سلامة اجراءات التحريز والمحكمة تطمئن الى أن المخدر المرسل من النيابة بعد قبض الحرز هو الذى تم تحليله ، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت الى أن المضبوطات هى بذاتها التى أرسلت للتحليل وصار تحليلها ، فلا تثريب عليها إن هى قضت فى الدعوى بناء على ذلك ، وإذ كان ما أورده الحكم فيما تقدم كافيا وسائغا فى اطراح دفاع الطاعن فى هذا الخصوص فإن المنازعة فى ذلك لا تعدو أن تكون جدلا فى تقدير الدليل المستمد من أقوال الشهود وفى عملية التحليل التى أفصحت محكمة الموضوع عن اطمئنانها إليها فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها فى عقيدتها فى تقدير الدليل وهو من اطلاقاتها " (نقض 10/1/1984 طعن رقم 5627 لسنة 53ق) .