إن النظام القانوني الذي وقعت في ظله المنازعة المثارة يبيح لجهة الإدارة ضمانا لحسن تسيير المرافق العامة على وجه يحقق الصالح العام، فصل عامل اليومية الدائم متى أصبح غير صالح للبقاء في الخدمة وذلك بغير الطريق التأديبي. وفي ذلك تنص المادة 15 من تعليمات المالية رقم 9 الصادرة في أول يوليه سنة 1912 ومنشور المالية رقم 9 لسنة 1942 ملف 234 - 6/ 2 على فصل العامل لعدم الكفاءة ولعدم الرضا عن عمله، كما تقضي المادة 20 من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1922 على ألا يكون لعامل اليومية الدائم الحق في أية مكافأة إذا فصل من الخدمة بسبب الإهمال أو سوء السلوك أو عدم الكفاءة ما لم تقرر خلاف ذلك السلطة التأديبية التي يكون خاضعا لها وإذا ناطت المادة 20 من قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من مايو سنة 1922 بالسلطة التأديبية الاختصاص في تقرير أحقية عامل اليومية الدائم الذي يفصل بسبب غير تأديبي لإهماله أو سوء سلوكه أو عدم كفاءته في المكافأة، فإن دلالة هذا النص أن السلطة الرئاسية لهذا العامل متمثلة في رئيس المصلحة أو وكيل الوزارة حسب الأحوال هي صاحبة الولاية في فصل عامل اليومية الدائم بغير الطريق التأديبي دون السلطة التأديبية، وإذا كان كادر العمال وقرار رئيس الجمهورية رقم 634 لسنة 1960 بشأن قواعد تأديب عمال اليومية الحكوميين قد خولا وكيل الوزارة بعد أخذ رأي اللجنة الفنية للعمال سلطة فصل عامل اليومية تأديبيا ولم يضعا نظاما جديدا للفصل غير التأديبي فإن مؤدى ذلك استبقاء سلطة وكيل الوزارة في فصل عمال اليومية بغير الطريق التأديبي ولا يسوغ استعارة القواعد المنظمة للفصل غير التأديبي للموظفين المعاملين بأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 في شأن نظام موظفي الدولة والتي تتطلب صدور قرار جمهوري بذلك، وتطبيقها في شأن عمال اليومية، وذلك لاستقلال كل من الطائفتين وتفردها بقواعد قانونية خاصة تنظم أمر فصلهم بالطريق غير التأديبي يؤكد سداد هذا النظر أن المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية قد نصت على أن يكون التصرف في التحقيق بالقياس إلى العمال من اختصاص الجهة التي يتبعونها وقد أشارت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون إلى أنه مما يتعلق بسلطات النيابة الإدارية في التصرف في التحقيق ما نص عليه في المادة السادسة عشرة من القانون المشار إليه من تخويل مدير عام النيابة الإدارية اقتراح فصل الموظف بغير الطريق التأديبي إذا أسفر التحقيق عن وجود شبهات قوية تمس كرامة الوظيفة أو النزاهة أو الشرف أو حسن السمعة، ومؤدى ذلك بطريق اللزوم أن اقتراح فصل العامل بغير الطريق التأديبي إنما هو من قبيل التصرف في التحقيق فإذا لوحظ أن المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 117 لسنة 1958 تنص صراحة على أن يترك أمر الفصل في التحقيق للجهة التي يتبعها العامل ولم تتطلب استصدار قرار جمهوري بفصله بغير الطريق التأديبي، فإن مؤدى ذلك أن روح التشريع يجعل للسلطة الإدارية التي يتبعها العامل اختصاصا لا تشاركها فيه جهة أخرى بالتصرف في التحقيق وإذا كانت المادة الخامسة عشرة سالفة الذكر قد قضت بعدم سريان أحكام بعض مواد القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه على العمال وليس من بينها المادة 16 فإن ذلك لا يستفاد منه كما فهم الحكم المطعون فيه أن المشرع أراد إنفاذ حكم المادة السادسة عشرة على العمال وأنه بذلك سوى بينهم وبين الموظفين من قبيل إيجاب فصلهم بغير الطريق التأديبي بقرار من رئيس الجمهورية، ذلك أن صريح نص المادة 16 المذكورة ناطق بأنها لا تنطبق إلا على الموظفين وحدهم دون العمال وإذن فلا يبقى سوى أن تقرر الجهة التي يتبعها العمال وحدها ولاية فصلهم بغير الطريق التأديبي باعتبار أن هذا الفصل هو وجه من وجوه التصرف في التحقيق. ومقتضى ذلك أنه ليس بلازم لفصل العمال بغير الطريق التأديبي أن يتم هذا الفصل بأداة القرار الجمهوري وإنما يكتفى فيه بالقرار الصادر من وكيل الوزارة وغني عن البيان أن هذا القرار لا يستوجب لصحته أن يسبقه تحقيق ولا عرض أمر العامل المقترح فصله على اللجنة الفنية المختصة.
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 762 لسنة : 11 قضائية ـ جلسة  18-1-1969)
- 1 - لا يكون هناك أي إخلال بحق الطاعن عن الدفاع عن نفسه، مما لا يعيب التحقيق، وكان في مكنته أن يبدي ما يراه من دفاع أمام المحكمة التأديبية، إذ هي مرحلة تستكمل فيها مراحل التحقيق السابقة، إذ يواجه فيها المتهم بما نسب إليه، وكان يستطيع أن يتدارك أمامها ما فاته من وسائل الدفاع، بما يجعل دفعه ببطلان التحقيق، استنادا إلى الإخلال بحقه في الدفاع دفعا لا يستقيم في الواقع أو في القانون.
- 2 - إذا تولت النيابة الإدارية التحقيق، سواء بناء على طلب الجهة التي يتبعها الموظف، أو بناء على ما كشف عنه إجراء الرقابة الإدارية أو بناء على شكاوى الأفراد والهيئات التي يثبت الفحص جديتها، فإن لها، بل عليها أن تستمر في التحقيق، حتى تتخذ قرارا في شأنه، دون أن يتوقف ذلك على إرادة الجهة التي يتبعها الموظف - ولا يجوز لتلك الجهة أن تتصرف في التحقيق إلا إذا أحالت النيابة الإدارية الأوراق إليها.
² - 3 - ليس في أحكام القانون رقم 19 لسنة 1959 سالف الذكر أو فيما أحال إليه من أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 ما يقيد النيابة الإدارية في مباشرتها لإجراءات التحقيق والاتهام بميعاد معين، أو بوجوب تقديم شكوى إليها من صاحب العمل، والمستفاد من نص المادة 66 من القانون رقم 91 لسنة 1959 أن مجال تطبيقها هو حيث يتولى صاحب العمل حق الاتهام والتأديب، فيتقيد بالمواعيد والإجراءات المنصوص عليها فيها - ولا وجه أصلا للقول بوجوب تقيد النيابة الإدارية بالميعاد المنصوص عليها في الفقرة الثانية من تلك المادة، بمقولة أنها تنطوي على حكم أكثر سخاء للعامل يحقق له ضمانا، يحول دون اتخاذ صاحب العمل، من ارتكابه لمخالفة ما، وسيلة إلى تهديده إلى أجل غير مسمى عن طريق اتهامه بها في أي وقت يشاء إذ فضلا عن أن ذلك مردود بما تقدم ذكره، فإن في تولي النيابة الإدارية إجراءات التحقيق والاتهام ما يكفل للعمال من الضمانات ما لا يحققه قانون العمل - كما أن المشرع قد استهدف بإخضاع بعض الشركات والهيئات لقانون النيابة الإدارية، تعقب المخالفات الخطيرة التي يرتكبها العاملون فيها، ويتغاضى عنها القائمون على الإدارة إهمالا أو تواطؤا.
- 4 - حسن السمعة وطيب الخصال، وهما من الصفات الحميدة المطلوبة في كل موظف عام وبدون هذه الصفات لا تتوافر الثقة والطمأنينة في شخص الموظف مما يكون له أثر بالغ على المصلحة العامة، ولا يحتاج الأمر في التدليل على سوء السمعة أو عدم طيب الخصال وجود دليل قاطع على توافرهما أو توافر أيهما، وإنما يكفي في هذا المقام وجود دلائل أو شبهات قوية تلقي ظلالا من الشك المثير على أي من الصفتين المذكورتين حتى يتسم الموظف بعدم حسن السمعة.
 ( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 644 لسنة : 14 قضائية ـ جلسة  1-2-1969 )
إن القرار التأديبي شأنه شأن أي قرار إداري آخر يجب أن يقوم على سبب يبرره وسبب القرار التأديبي بوجه عام، هو إخلال الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملا من الأعمال المحرمة عليه، فكل موظف يخالف الواجبات التي تنص عليها القوانين أو اللوائح، ويخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته المنوط به تأديتها، أو سلك سلوكا ينطوي على إهمال أو تقصير في القيام بواجباته أو خروج على مقتضيات الوظيفة أو إخلال بكرامتها، إنما يرتكب ذنبا إداريا يسوغ لجهة الإدارة المختصة تأديبه.
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 775 لسنة : 13 قضائية ـ جلسة  22-2-1969)
² - 1 - وإن كان قانون الإدارة المحلية قد خول المحافظين اختصاص توقيع الجزاءات التأديبية على جميع موظفي فروع الوزارات سواء تلك التي نقلت اختصاصاتها إلى مجلس المحافظة أو التي لم تنقل، غير أنه لم ينص على إسقاط ولاية التأديب عن الوزير، ويؤيد ذلك أن المادة 93 من القانون رقم 151 لسنة 1961 تنص على أنه إذا أسفر تفتيش الوزارة عن وقوع خطأ أو إهمال جسيم في أعمال المجلس المتعلقة بمرفق معين فللوزير أن يكلف المجلس بتصحيح الخطأ أو بمعالجة الإهمال وله أن يعاقب موظف المرفق المتسبب في هذا الخطأ أو الإهمال، ومن ثم يكون القرار قد صدر ممن يملك إصداره.
²- 2 -  إن قرارات نقل الموظفين والمستخدمين ليست من القرارات التي تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري طبقا لنص المادة 8 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة، ما دامت لا تحمل في طياتها قرارات أخرى مقنعة مما يختص بها القضاء الإداري كالنقل إلى وظيفة تختلف عن الوظيفة الأولى في طبيعتها أو في شروط التعيين فيها أو كجزاء تأديبي، إذ المعول عليه عندئذ هو القرار الحقيقي لا الظاهري.
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 1479 لسنة : 10 قضائية ـ جلسة  22-2-1969 )
²- 1 -  ولئن كان من حق المطعون عليه بوصفه موظفا عاما أن يشكو من ظلم يعتقد أنه وقع عليه إلا أنه ليس له أن يجاوز في إبدائه لشكواه حدود الدفاع الشرعي، ومن ذلك تطاوله على رؤسائه والمساس بهم، كما أنه وإن كان من حقه أن يطعن في التصرف الإداري بأوجه الطعن القانونية التي من بينها سوء استعمال السلطة أو الانحراف بها إلا أنه يجب عليه أن يلتزم في هذا الشأن الحدود القانونية التي تقتضيها ضرورة الدفاع دون أن يجاوز ذلك إلى ما فيه تحد لرؤسائه، أو التطاول أو التمرد عليهم، أو إلى المساس أو التشهير بهم وامتهانهم، وإلا فإنه عند المجاوزة يكون قد اخل بواجبات وظيفته بما تقتضيه من توقير لرؤسائه، وبما تفرضه عليه من واجب إطاعتهم، فليس يسوغ للموظف أن يتخذ من شكواه ذريعة للتطاول على رئيسه بما لا يليق، أو لتحديه والتمرد عليه أو التشهير به، وإلا فإنه يستحق الجزاء المناسب إذا هو وجه إلى رئيسه عبارات تحمل هذا المعنى، حتى لو ثبتت صحة ما تضمنته مثل هذه العبارات - وإذ كان الظاهر من الشكاوى التي قدمها المطعون عليه لكل من النيابة الإدارية وهيئة البريد، أنه قد جاوز فيها حدود الدفاع الشرعي عن نفسه بتطاوله على رئيسه وذلك باتهامه إياه بتهم ثبت كذبها وعدم صحتها، فإن قرار الجزاء الذي بني على اعتبار المذكور قد خرج في شكواه على مقتضى أعمال وظيفته، يكون قد أصاب صحيح حكم القانون.
² - 2 - مخالفة المطعون عليه للتعليمات والأحكام المالية لعدم قيامه بالإخطار عن تغيير حالته الاجتماعية في المدة من 10 من نوفمبر سنة 1954 حتى 7 من فبراير سنة 1955، فإن الثابت أن المذكور قد قدم إقرار الحالة الاجتماعية في 7 من فبراير سنة 1955 في وقت معقول، ولم يذكر فيه اسم ابنه ..... تنفيذا لقرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من نوفمبر سنة 1954 كما أنه أرفق بهذا الإقرار مذكرة قال فيها أنه لم يذكره طبقا لقرار مجلس الوزراء المشار إليه وأنه يعتقد أن إعانة غلاء المعيشة التي يتقاضاها تقل عن النصاب القانوني الذي يستحقه ومن ثم فإنه لا ينبغي تخفيضها بحال، مما يشفع في حسن نيته، ومن ثم فلا وجه لمؤاخذته باعتباره مقصرا في الإخطار عن تغيير حالته الاجتماعية في المدة من 10 من نوفمبر سنة 1954 إلى 7 من فبراير سنة 1955 لأنه قدم الإقرار المطابق للقانون في ميعاد معقول ولم يثبت أنه كان قد علم بقرار مجلس الوزراء المشار إليه في ميعاد معين - كما أنه ولئن كانت هيئة البريد قد استمرت على الرغم من ذلك في أن تصرف إليه إعانة غلاء المعيشة عدة سنوات باعتباره من ذوي الأولاد الثلاثة حتى تبينت خطأها، حيث عدلت الإعانة المستحقة له اعتبارا من أول يوليه سنة 1958 باعتباره من ذوي الولدين، إلا أن التحقيق قد أثبت أنه لم يكن بحال مسئولا عن شيء من ذلك، ومن ثم فإن مجازاته عن تقصيره في الإخطار عن تغيير حالته الاجتماعية، تكون لا سند لها من القانون.
² - 3 - يبين من استعراض القواعد التي كانت تحكم إعانة غلاء المعيشة حتى 10 من نوفمبر سنة 1954، إنها لم تكن تشترط لاستحقاق الموظف هذه الإعانة عن أولاده إلا شرطا واحدا هو إعالته لهؤلاء الأولاد سواء جاوز الابن الحادية والعشرين من عمره، أو لم يجاوزها، إلا أن هذه القاعدة قد عدلت بصدور قرار مجلس الوزراء سالف الذكر في 10 من نوفمبر سنة 1954، حيث أصبح الموظف منذ هذا التاريخ غير مستحق للإعانة، متى بلغ ابنه الحادية والعشرين من عمره، سواء تكسب هذا الابن أو كان عاطلا عن الكسب، ما لم يكن هذا الابن في مرحلة التعليم العالي غير متجاوز الخامسة والعشرين من عمره - وقرار مجلس الوزراء المشار إليه صريح في هذا المعنى وقاطع فيه، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من نوفمبر سنة 1954 لا يسري إلا من تاريخ العمل به ، ولا ينسحب أثره على الماضي بحجة أنه قرار تفسيري .
² - 4 - وقد تبين أن القرار التأديبي المطعون فيه قد بني على سببين، فإنه وإن كان قد ثبت للمحكمة عدم صحة السبب الثاني الذي قام عليه الجزاء محل هذه المنازعة وهو الخاص بمخالفة المطعون ضده التعليمات المالية، إلا أن هذا القرار يظل على الرغم من ذلك محمولا على سببه الأول الخاص بخروجه على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته، بتطاوله على رؤسائه بدون وجه حق، وبذلك تكون النتيجة، التي انتهى إليها القرار التأديبي في هذا الشق منه، مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا وقانونا، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد قام على سببه الصحيح المبرر له، وصدر مطابقا للقانون، ولا يغير من هذه النتيجة كون القرار المذكور غير صحيح في الشق الآخر منه إذ جرى قضاء هذه المحكمة على أنه إذا قام القرار الإداري على أكثر من سبب واحد، فإن استبعاد أي سبب منه لا يبطل القرار، ولا يجعله غير قائم على سببه، طالما كان السبب الآخر يؤدي إلى النتيجة ذاتها فضلا عن تناسب الجزاء في الطعن الراهن مع الذنب الإداري الذي ثبت في حق المطعون عليه.
( المحكمة الإدارية العليا ـ الطعن رقم : 21 لسنة : 10 قضائية ـ جلسة  24-5-1969)