مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك


مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
مرحبا بك معنا و نتمنى أن تكون من أعضاء منتدانا
و تساهم معنا ليستفيد الجميع ، و شكرا لك

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مكتب / محمد جمعه موسى للمحاماهدخول

القانون المصرى

محمد جمعه موسى للمحاماه *جمهوريه مصر العربيه - محافظه البحيره - رشيد *01005599621- 002-01227080958-002

descriptionالأحكام الصادرة بعدم دستورية بعض نصوص قانون المحاماة Emptyالأحكام الصادرة بعدم دستورية بعض نصوص قانون المحاماة

more_horiz
حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة
الصادر بالقانون رقم 17 ‏لسنة 1983 وذلك فيما قررته من جواز نزول المحامي
أو ورثته عن إيجار مكتبه لمزاولة غير المحاماة من ‏المهن الحرة أو لمباشرة
حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة وما يرتبه هذا النص من آثار قانونية
‏علي التنازل المشار إليه.‏

‏ برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ولى الدين جلال
وفاروق عبد الرحيم ‏غنيم وحمدى محمد على وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف
وعبد المجيد فياض أعضاء والسيد عبد ‏الحميد عمارة المفوض ورأفت محمد عبد
الواحد أمين السر .‏

‏--- 1 ---‏

‏--- 2 ---‏
‏ إذ ينعي المدعي على الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة
الصادر بالقانون رقم 17 لسنة ‏‏1983 - وهى الفقرة المطعون عليها - إيثارها
المحامي أو ورثته بميزة النزول عن حق إيجار مكتب ‏المحاماة لمن حددتهم من
الغير دون أن تكفل لمالك العين الحق فى أن يتقاسم مع المتنازل المقابل
المعروض ‏للتنازل عنها، وهو ما يخرج بالفقرة المطعون عليها على عمومية
القاعدة القانونية وتجردها باعتبارها ‏استثناء غير مبرر من حكم المادة 20
من القانون رقم 136 لسنة 1981، هذا بالإضافة إلى انطوائها على ‏مخالفة
لمبدأ تكافؤ الفرص، وإخلالها بمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون،
والمنصوص عليهما في المادتين ‏‏8 و40 من الدستور. وكان من المقرر - أن
مناط المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية وهى ‏شرط لقبولها - أن
يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون
الفصل ‏في المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها
المطروحة على محكمة الموضوع، متى كان ‏ذلك، وكانت الدعوى الموضوعية تتعلق
بنزول المدعى عليه الأول عن إجارة العين التي اتخذها مكتباً ‏للمحاماة إلى
المدعى عليه الثاني بوصفه طبيباً لتمكينه من الانتفاع بها كعيادة طبية،
وكان الدفع بعدم ‏الدستورية الذي أبداه المدعي أمام محكمة الموضوع منحصراً
فى هذا النطاق وحده، فإن مصلحته الشخصية ‏المباشرة إنما تتحدد في المسألة
الدستورية المتصلة بالنزاع الموضوعي، وهى تلك المتعلقة بنزول المحامي ‏أو
ورثته عن حق إيجار مكتب المحاماة لمزاولة غيرها من المهن الحرة أو لممارسة
حرفة غير مقلقة للراحة ‏أو مضرة بالصحة، ومن البدهي أن انحصار الطعن
الماثل فى النطاق المتقدم لا يعني أن ما تضمنته الفقرة ‏الثانية من المادة
55 من قانون المحاماة من أحكام تجاوز هذا النطاق وتتعداه، قد أضحى مطهراً
مما قد يكون ‏عالقاً بها من مثالب موضوعية، إذ لا يزال مجال الطعن فيها
مفتوحاً لكل ذي مصلحة.‏

‏--- 3 ---‏
‏ حق المالك في الحصول على 50% من مقابل تنازل المستأجر عن العين المؤجرة،
لا يعدو أن يكون أثراً ‏مترتباً بقوة القانون على النزول عن الحق في
الإجارة، وكان ما قررته الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون ‏المحاماة
من حرمان المالك من هذا الحق، يثير بالضرورة مسألة سابقة على نشوئه
قانوناً، هي ما إذا كان ‏النزول عن الإجارة في ذاته لمزاولة غير مهنة
المحاماة من المهن الحرة أو لممارسة حرفة غير مقلقة ‏للراحة أو مضره
بالصحة، يعتبر جائزاً من الناحية الدستورية. متى كان ذلك، وكان مناط جريان
الآثار التي ‏يرتبها المشرع على الأعمال القانونية أن تتوافر لهذه الأعمال
ذاتها مقوماتها من الناحية الدستورية ‏والقانونية على حد سواء، فإن مدى
إتفاق التنازل في ذاته وأحكام الدستور يكون مطروحاً بقوة النصوص
‏الدستورية على هذه المحكمة لتقول كلمتها فيه.‏

‏--- 4 ---‏
‏ إن مؤدى نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام
الخاصة بتأجير ‏وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، أنه في
الأحوال التي يجوز فيها للمستأجر التنازل عن ‏حق الانتفاع بالوحدة السكنية
أو المؤجرة لغير أغراض السكنى، قرر المشرع قاعدة عامة مجردة يستحق ‏المالك
بموجبها 50% من مقابل التنازل بعد خصم قيمة ما يكون في هذه الوحدة من
منقولات، وهي قاعدة ‏عدل بها المشرع عما كان معمولاً به قبلها من تخويل
المستأجر الأصلي المرخص له بالنزول عن الإجارة - ‏سواء في عقد الإيجار أو
في ترخيص لاحق - حق التنازل عنها إلى الغير بمقابل لا ينال منه المالك
شيئاً أياً ‏كان قدره، وقد توخى المشرع بالعدول عن انفراد المستأجر بمقابل
التنازل أن يعيد إلى العلاقة الإيجارية ‏توازنها الذي كان قد اختل، وأن
يكفل ذلك من خلال أمرين: أولهما: إلزامه المستأجر بأن يتقاسم مع المالك
‏مقابل التنازل المعروض عليه لمواجهة نزول الأول عن المكان المؤجر نزولاً
نافذاً فورياً في حق المالك وبغير ‏رضاه. ثانيهما: تقرير أولوية لمالك
العين المؤجرة في الانتفاع بها دون المتنازل إليه وذلك إذا أفصح المالك
‏عن رغبته في ذلك عن طريق إيداع خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها
العقار 50% من مقابل ‏التنازل المعروض بعد خصم قيمة المنقولات التي
بالعين، وعلى أن يكون هذا الإيداع مشروطاً بالتنازل عن ‏عقد إيجارها
وتسليمها، غير أن قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 انتظم
بأحكامه ‏موضوع النزول عن الإجارة إذا كان محل التنازل حق إيجار مكتب
المحاماة، وكان المتنازل محامياً أو أحد ‏ورثته فأجاز - بنص الفقرة
الثانية من المادة 55 منه - هذا التنازل لمن كان مزاولاً لمهنة حرة أو
لحرفة غير ‏مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة، وأورد بمقتضاها - واستثناء من نص
المادة 20 من القانون رقم 136 ‏لسنة 1981 المشار إليه - حكماً مؤداه حرمان
المالك من حقين كانت المادة 20 سالفة البيان قد كفلتهما له ‏بغية أن تعيد
إلى العلاقة الايجارية - بإقرارها لهذين الحقين - توازناً مفقوداً هما حق
المالك في الحصول على ‏‏50% من مقابل التنازل عن العين المؤجرة إذا اتجهت
إرادته إلى انفاذه، وحقه - إذا عمد إلى إهدار التنازل - ‏في أن يستعيد
العين من مستأجرها بعد أداء تلك القيمة، ومن ثم يكون المشرع قد فرض
بالأحكام التي قررتها ‏الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة
الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 - وفي حدود نطاق ‏الطعن الماثل -
التنازل على من يملكون هذه الأماكن بما مؤداه التعرض لحق ملكيتهم عليها،
عن طريق ‏حرمانهم من الاستئثار بمنافعها.‏

‏--- 5 ---‏
‏ إن مؤدى نص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام
الخاصة بتأجير ‏وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، أنه في
الأحوال التي يجوز فيها للمستأجر التنازل عن ‏حق الانتفاع بالوحدة السكنية
أو المؤجرة لغير أغراض السكنى، قرر المشرع قاعدة عامة مجردة يستحق ‏المالك
بموجبها 50% من مقابل التنازل بعد خصم قيمة ما يكون في هذه الوحدة من
منقولات، وهي قاعدة ‏عدل بها المشرع عما كان معمولاً به قبلها من تخويل
المستأجر الأصلي المرخص له بالنزول عن الإجارة - ‏سواء في عقد الإيجار أو
في ترخيص لاحق - حق التنازل عنها إلى الغير بمقابل لا ينال منه المالك
شيئاً أياً ‏كان قدره، وقد توخى المشرع بالعدول عن انفراد المستأجر بمقابل
التنازل أن يعيد إلى العلاقة الإيجارية ‏توازنها الذي كان قد اختل، وأن
يكفل ذلك من خلال أمرين: أولهما: إلزامه المستأجر بأن يتقاسم مع المالك
‏مقابل التنازل المعروض عليه لمواجهة نزول الأول عن المكان المؤجر نزولاً
نافذاً فورياً في حق المالك وبغير ‏رضاه. ثانيهما: تقرير أولوية لمالك
العين المؤجرة في الانتفاع بها دون المتنازل إليه وذلك إذا أفصح المالك
‏عن رغبته في ذلك عن طريق إيداع خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها
العقار 50% من مقابل ‏التنازل المعروض بعد خصم قيمة المنقولات التي
بالعين، وعلى أن يكون هذا الإيداع مشروطاً بالتنازل عن ‏عقد إيجارها
وتسليمها، غير أن قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 انتظم
بأحكامه ‏موضوع النزول عن الإجارة إذا كان محل التنازل حق إيجار مكتب
المحاماة، وكان المتنازل محامياً أو أحد ‏ورثته فأجاز - بنص الفقرة
الثانية من المادة 55 منه - هذا التنازل لمن كان مزاولاً لمهنة حرة أو
لحرفة غير ‏مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة، وأورد بمقتضاها - واستثناء من نص
المادة 20 من القانون رقم 136 ‏لسنة 1981 المشار إليه - حكماً مؤداه حرمان
المالك من حقين كانت المادة 20 سالفة البيان قد كفلتهما له ‏بغية أن تعيد
إلى العلاقة الايجارية - بإقرارها لهذين الحقين - توازناً مفقوداً هما حق
المالك في الحصول على ‏‏50% من مقابل التنازل عن العين المؤجرة إذا اتجهت
إرادته إلى انفاذه، وحقه - إذا عمد إلى إهدار التنازل - ‏في أن يستعيد
العين من مستأجرها بعد أداء تلك القيمة، ومن ثم يكون المشرع قد فرض
بالأحكام التي قررتها ‏الفقرة الثانية من المادة 55 من قانون المحاماة
الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 - وفي حدود نطاق ‏الطعن الماثل -
التنازل على من يملكون هذه الأماكن بما مؤداه التعرض لحق ملكيتهم عليها،
عن طريق ‏حرمانهم من الاستئثار بمنافعها.‏

‏--- 6 ---‏
‏ إن الدستور حرص على النص على صون الملكية الخاصة وكفل عدم المساس بها
إلا على سبيل ‏الاستثناء، وفي الحدود وبالقيود التي أوردها، باعتبار أنها
في الأصل ثمرة مترتبة على الجهد الخاص الذي ‏بذله الفرد بكده وعرقه،
وبوصفها حافز كل شخص إلى الانطلاق والتقدم، إذ يختص دون غيره بالأموال
التي ‏يملكها، وتهيئة الانتفاع المفيد بها لتعود إليه ثمارها، وكانت
الأموال التي يرد عليها حق الملكية تعد كذلك من ‏مصادر الثروة القومية
التي لا يجوز التفريط فيها أو استخدامها على وجه يعوق التنمية أو يعطل
مصالح ‏الجماعة، وكانت الملكية في إطار النظم الوضعية التي تزاوج بين
الفردية وتدخل الدولة لم تعد حقاً مطلقاً، ولا ‏هي عصية على التنظيم
التشريعي، وإنما يجوز تحميلها بالقيود التي تقتضيها وظيفتها الاجتماعية،
وهى ‏وظيفة يتحدد نطاقها ومرماها على ضوء طبيعة الأموال محل الملكية،
والأغراض التي ينبغي توجيهها إليها، ‏وبمراعاة الموازنة التي يجريها
المشرع ويرجح من خلالها ما يراه من المصالح أولى بالرعاية وأجدر ‏بالحماية
على ضوء أحكام الدستور. متى كان ذلك، تعين أن ينظم القانون أداء هذه
الوظيفة مستهدياً بوجه ‏خاص بالقيم التي تنحاز إليها الجماعة في مرحلة
معينة من مراحل تطورها، وبمراعاة أن القيود التي تفرضها ‏الوظيفة
الاجتماعية على حق الملكية للحد من إطلاقها، لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل
غايتها خير الفرد ‏والجماعة. ولقد كفل الدستور في مادته الثانية والثلاثين
حماية الملكية الخاصة التي لا تقوم في جوهرها على ‏الاستغلال، وهو يرد
انحرافها كلما كان استخدامها متعارضاً مع الخير العام للشعب، ويؤكد دعمها
بشرط ‏قيامها على أداء الوظيفة الاجتماعية التي يبين المشرع حدودها
مراعياً أن تعمل في خدمة الاقتصاد القومي، ‏وفي إطار خطة التنمية.‏

‏--- 7 ---‏
‏ إن الوظيفة الاجتماعية لحق الملكية تبرز - على الأخص - في مجال الانتفاع
بالأعيان المؤجرة، ذلك أن ‏كثرة من القيود تتزاحم في نطاق مباشرة المالك
لسلطته المتعلقة باستغلاله لملكه، وهى قيود قصد بها في ‏الأصل مواجهة
الأزمة المتفاقمة الناشئة عن قلة المعروض من الأماكن المهيأة للسكنى
وغيرها من الأماكن ‏لمقابلة الزيادة المطردة في الطلب عليها، تلك الأزمة
التي ترتد جذورها إلى الحربين العالميتين الأولى ‏والثانية وما ترتب
عليهما من ارتفاع أجرة الأماكن على اختلافها بعد انقطاع ورود المواد
الأولية للبناء ‏ونضوبها وازدياد النازحين إلى المدن، بالإضافة إلى
الزيادة الطبيعية في سكانها، وكان أن عمد المشرع إلى ‏مواجهة هذه الأزمة
بتشريعات استثنائية مؤقتة - لا يجوز التوسع في تفسيرها أو القياس عليها -
خرج فيها ‏على القواعد العامة في عقد الإيجار مستهدفاً بها - على الأخص -
الحد من حرية المؤجر في تقدير الأجرة ‏واعتبار العقد ممتداً بقوة القانون
بذات شروطه الأصلية عدا المدة والأجرة. غير أن ضراوة الأزمة وحدتها ‏جعلت
التشريعات الاستثنائية متصلة حلقاتها، مترامية في زمن تطبيقها، محتفظة
بذاتيتها واستقلالها عن ‏القانون المدني، متعلقة أحكامها بالنظام العام
لإبطال كل اتفاق على خلافها، ولضمان سريانها بأثر مباشر على ‏الآثار التي
رتبتها عقود الإيجار القائمة عند العمل بها ولو كانت مبرمة قبلها،
وزايلتها بالتالي صفتها ‏المؤقتة، وآل الأمر إلى اعتبار أحكامها من قبيل
التنظيم الخاص لموضوعها مكملاً بقواعد القانون المدني ‏باعتباره القانون
العام، إذ كان ذلك، وكانت الضرورة الموجهة لهذا التنظيم الخاص تقدر
بقدرها، ومعها تدور ‏القيود النابعة منها وجوداً وعدماً باعتبارها علة
تقريرها، وكان حق المستأجر في العين المؤجرة - حتى مع ‏قيام هذا التنظيم
الخاص - لا زال حقاً شخصياً تؤول إليه بمقتضاه منفعة العين المؤجرة، وليس
حقاً عينياً يرد ‏على هذه العين في ذاتها، تعين أن يكون البقاء في العين
المؤجرة بعد انتهاء مدة الإجارة مرتبطاً بحاجة ‏المستأجر إليها بوصفها
مكاناً يأويه هو وأسرته أو يباشر مهنته أو حرفته فيها، فإذا انفكت ضرورة
شغل ‏العين عن مستأجرها، زايلته الأحكام الاستثنائية التي بسطها المشرع
عليه لحمايته، ولم يعد له من بعد حق ‏في البقاء في العين المؤجرة، ولا
النزول عنها للغير بالمخالفة لإرادة مالكها، وهو ما رددته هذه التشريعات
‏ذاتها بإلقائها على المستأجر واجبات ثقيلة غايتها ضمان أن يكون شغله
العين المؤجرة ناشئا عن ضرورة ‏حقيقية يقوم الدليل عليها، لا أن يتخذها
وسيلة إلى الانتهاز والاستغلال، ذلك أن القيود التي يفرضها المشرع ‏على حق
الملكية لضمان أدائها لوظيفتها الاجتماعية يتعين أن تظل مرتبطة بالأغراض
التي تتوخاها، دائرة ‏في فلكها، باعتبار أن ذلك وحده هو علة مشروعيتها
ومناط استمرارها.‏

‏--- 9 ---‏
‏ من المقرر أن سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق لا تعني ترخصه في التحرر
من القيود والضوابط ‏التي فرضها الدستور كحدود نهائية لهذا التنظيم لا
يجوز تخطيها أو الدوران من حولها، وكان كل نص ‏تشريعي لا يقيم وزناً
للتوازن في العلاقة الإيجارية عن طريق التضحية الكاملة بحقوق أحد طرفيها -
وهو ‏المؤجر في تطبيق النص المطعون عليه - يعتبر مقتحماً الحدود المشروعة
لحق الملكية، ومنطوياً على إهدار ‏الحماية الدستورية المقررة لها، وكان
الأصل في مهنة المحاماة التي نظمها القانون رقم 17 لسنة 1983 ‏بإصدار
قانون المحاماة المعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 أنها مهنة حرة قوامها
مشاركة السلطة ‏القضائية في تحقيق العدالة، وفي توكيد سيادة القانون وفي
كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم، ‏ويمارسها المحامون وحدهم في
إستقلال ولا سلطان عليهم في ذلك إلا لضمائرهم وأحكام القانون، ولتحقيق
‏هذا الغرض حظر المشرع - وعلى ما قررته المادة 14 من هذا القانون - الجمع
بينها وبين الأعمال التي ‏عددتها والتي قدر المشرع منافاتها لها، كما كفل
بالمادة 51 من ذلك القانون عدم جواز التحقيق مع محام أو ‏تفتيش مكتبه إلا
بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، ولم يجز كذلك بنص الفقرة الأولى من
المادة 55 منه ‏الحجز على مكتبه وكافة محتوياته المستخدمة في مزاولة
المهنة. متى كان ذلك، وكانت النصوص التي ‏أوردها قانون المحاماة على النحو
السالف بيانه، تتضافر مع غيرها من النصوص التي بسطها في مجال ‏توجهها نحو
دعم مهنة المحاماة والتمكين من أداء رسالتها على الوجه الذي يكفل إرساء
سيادة القانون، ‏وبمراعاة ما يقتضيه تنظيم أصول المهنة سعياً للنهوض بها،
فإن الفقرة الثانية من المادة 55 منه - وهى ‏النص التشريعي المطعون فيه -
تبدو غريبة في بابها منفصلة عن مجموع الأحكام التي إشتمل عليها هذا
‏القانون، منافية للتنظيم المتكامل لمهنة المحاماة، وهو تنظيم خاص توخى
تحديد حقوق المحامين وواجباتهم ‏بصورة دقيقة بما لا يخرج على أصول المهنة
أو يخل بمتطلباتها محددة على ضوء الأغراض التي ترمي هذه ‏المهنة إلى
بلوغها، بما مؤداه إنفصال الفقرة الثانية من المادة 55 - في جوانبها
المطعون عليها - عن ‏الأحكام التي تقتضيها مزاولة مهنة المحاماة والقيام
على رسالتها، ذلك أنها تقرر لكل محام - ولو بعد تخليه ‏حال حياته عن
مزاولة المهنة - ولورثته من بعده - ولو كانوا من غير المحامين - مزية
إستثنائية تنطوي ‏على إسقاط كامل لحقوق المالك المرتبطة بها، وتقدم
المنفعة المجلوبة على المضرة المدفوعة بالمخالفة ‏لمبادئ الشريعة
الإسلامية، ويظهر ذلك على الأخص من وجهين: أولهما: أن الفقرة المطعون
عليها تتجاهل ‏كلية موجبات التوازن في العلاقة الإيجارية التي إستهدفتها
المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981، ‏وذلك بحرمانها من قام بتأجير
عين يملكها لآخر لإستخدامها مكتباً للمحاماة - دون غيره من المؤجرين - من
‏الحصول على 50% من مقابل التنازل إذا أراد إنفاذه، ومن الإنتفاع بالعين
إذا أراد إهداره مقابل أداء هذه ‏القيمة. ثانياً: أن مؤدى الفقرة المطعون
عليها أن تنازل المحامي أو ورثته عن حق إيجار مكتبه يعتبر نافذاً ‏في حق
المالك بغير رضاه، إذ يظل عقد الإيجار قائماً ومستمراً لمصلحة المتنازل
إليه، ودون مقابل يؤديه ‏المتنازل إلى المالك، ولو كان المتنازل إليه لا
يزاول مهنة المحاماة، بل مهنة أخرى، أو يمارس حرفة - أياً ‏كان نوعها -
شريطة أن تكون غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة، وكلا الوجهين ينطوي على
مخالفة ‏للدستور، ذلك أن النص التشريعي المطعون فيه ليس له من صلة
بالأغراض التي يتوخاها تنظيم مهنة ‏المحاماة أو التمكين من أداء رسالتها،
هذا بالإضافة إلى إسقاطه الكامل لحقوق المالك وتجاهلها بتمامها تغليباً
‏لمصلحة مالية بحتة لمن يمارسون مهنة بذاتها هي مهنة المحاماة، ولا يدخل
ذلك في نطاق التنظيم التشريعي ‏لحق الملكية، بل هو عدوان عليها لا يختار
أهون الشرين لدفع أعظمهما، بل يلحق بالمؤجر وحده، الضرر ‏البين الفاحش
منافياً بذلك المقاصد الشرعية التي ينظم ولى الأمر الحقوق في نطاقها،
ومجاوزاً الحدود ‏المنطقية لعلاقة ايجارية كان ينبغي أن تتوازن فيها
المصالح توازناً دقيقاً، لا أن ينحدر الميزان كلية في اتجاه ‏مناقض
للمصالح المشروعة لأحد طرفيها، وهى حدود لا يجوز تخطيها بالنزول عن العين
إلى الغير بعد انتفاء ‏حاجة المتنازل إليها، ورغماً عن مالكها، وبمقابل
يختص به مستأجرها من دونه وأياً كان مقداره.‏

‏--- 10 ---‏
‏ من المقرر أن سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق لا تعني ترخصه في التحرر
من القيود والضوابط ‏التي فرضها الدستور كحدود نهائية لهذا التنظيم لا
يجوز تخطيها أو الدوران من حولها، وكان كل نص ‏تشريعي لا يقيم وزناً
للتوازن في العلاقة الايجارية عن طريق التضحية الكاملة بحقوق أحد طرفيها -
وهو ‏المؤجر في تطبيق النص المطعون عليه - يعتبر مقتحماً الحدود المشروعة
لحق الملكية، ومنطوياً على إهدار ‏الحماية الدستورية المقررة لها، وكان
الأصل في مهنة المحاماة التي نظمها القانون رقم 17 لسنة 1983 ‏بإصدار
قانون المحاماة المعدل بالقانون رقم 227 لسنة 1984 أنها مهنة حرة قوامها
مشاركة السلطة ‏القضائية في تحقيق العدالة، وفي توكيد سيادة القانون وفي
كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم، ‏ويمارسها المحامون وحدهم في
استقلال ولا سلطان عليهم في ذلك إلا لضمائرهم وأحكام القانون، ولتحقيق
‏هذا الغرض حظر المشرع - وعلى ما قررته المادة 14 من هذا القانون - الجمع
بينها وبين الأعمال التي ‏عددتها والتي قدر المشرع منافاتها لها، كما كفل
بالمادة 51 من ذلك القانون عدم جواز التحقيق مع محام أو ‏تفتيش مكتبه إلا
بمعرفة أحد أعضاء النيابة العامة، ولم يجز كذلك بنص الفقرة الأولى من
المادة 55 منه ‏الحجز على مكتبه وكافة محتوياته المستخدمة في مزاولة
المهنة. متى كان ذلك، وكانت النصوص التي ‏أوردها قانون المحاماة على النحو
السالف بيانه، تتضافر مع غيرها من النصوص التي بسطها في مجال ‏توجهها نحو
دعم مهنة المحاماة والتمكين من أداء رسالتها على الوجه الذي يكفل إرساء
سيادة القانون، ‏وبمراعاة ما يقتضيه تنظيم أصول المهنة سعياً للنهوض بها،
فإن الفقرة الثانية من المادة 55 منه - وهى ‏النص التشريعي المطعون فيه -
تبدو غريبة في بابها منفصلة عن مجموع الأحكام التي أشتمل عليها هذا
‏القانون، منافية للتنظيم المتكامل لمهنة المحاماة، وهو تنظيم خاص توخى
تحديد حقوق المحامين وواجباتهم ‏بصورة دقيقة بما لا يخرج على أصول المهنة
أو يخل بمتطلباتها محددة على ضوء الأغراض التي ترمي هذه ‏المهنة إلى
بلوغها، بما مؤداه انفصال الفقرة الثانية من المادة 55 - في جوانبها
المطعون عليها - عن ‏الأحكام التي تقتضيها مزاولة مهنة المحاماة والقيام
على رسالتها، ذلك أنها تقرر لكل محام - ولو بعد تخليه ‏حال حياته عن
مزاولة المهنة - ولورثته من بعده - ولو كانوا من غير المحامين - مزية
استثنائية تنطوي ‏على إسقاط كامل لحقوق المالك المرتبطة بها، وتقدم
المنفعة المجلوبة على المضرة المدفوعة بالمخالفة ‏لمبادئ الشريعة
الإسلامية، ويظهر ذلك على الأخص من وجهين: أولهما: أن الفقرة المطعون
عليها تتجاهل ‏كلية موجبات التوازن في العلاقة الايجارية التي استهدفتها
المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981، ‏وذلك بحرمانها من قام بتأجير
عين يملكها لآخر لاستخدامها مكتباً للمحاماة - دون غيره من المؤجرين - من
‏الحصول على 50% من مقابل التنازل إذا أراد إنفاذه، ومن الانتفاع بالعين
إذا أراد إهداره مقابل أداء هذه ‏القيمة. ثانياً: أن مؤدى الفقرة المطعون
عليها أن تنازل المحامي أو ورثته عن حق إيجار مكتبه يعتبر نافذاً ‏في حق
المالك بغير رضاه، إذ يظل عقد الإيجار قائماً ومستمراً لمصلحة المتنازل
إليه، ودون مقابل يؤديه ‏المتنازل إلى المالك، ولو كان المتنازل إليه لا
يزاول مهنة المحاماة، بل مهنة أخرى، أو يمارس حرفة - أياً ‏كان نوعها -
شريطة أن تكون غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة، وكلا الوجهين ينطوي على
مخالفة ‏للدستور، ذلك أن النص التشريعي المطعون فيه ليس له من صلة
بالأغراض التي يتوخاها تنظيم مهنة ‏المحاماة أو التمكين من أداء رسالتها،
هذا بالإضافة إلى إسقاطه الكامل لحقوق المالك وتجاهلها بتمامها تغليباً
‏لمصلحة مالية بحتة لمن يمارسون مهنة بذاتها هي مهنة المحاماة، ولا يدخل
ذلك في نطاق التنظيم التشريعي ‏لحق الملكية، بل هو عدوان عليها لا يختار
أهون الشرين لدفع أعظمهما، بل يلحق بالمؤجر وحده، الضرر ‏البين الفاحش
منافياً بذلك المقاصد الشرعية التي ينظم ولى الأمر الحقوق في نطاقها،
ومجاوزاً الحدود ‏المنطقية لعلاقة ايجارية كان ينبغي أن تتوازن فيها
المصالح توازناً دقيقاً، لا أن ينحدر الميزان كلية في اتجاه ‏مناقض
للمصالح المشروعة لأحد طرفيها، وهى حدود لا يجوز تخطيها بالنزول عن العين
إلى الغير بعد انتفاء ‏حاجة المتنازل إليها، ورغماً عن مالكها، وبمقابل
يختص به مستأجرها من دونه وآياً كان مقداره.‏

‏--- 11 ---‏
‏ ولا محاجة في القول بأن النص التشريعي المطعون عليه يوفر مزيداً من
الرعاية للمحامين عند اعتزالهم ‏المهنة ولورثتهم من بعدهم تقديراً لدور
المحامين في الدفاع عن حقوق المواطنين. ذلك أن قيام المحامين ‏على
واجباتهم الأصلية ونهوضهم بتبعاتها، لا يصلح سنداً لإهدار الحماية التي
كفلها الدستور لحق الملكية في ‏المادتين 32، 34 منه، وهما تكفلان دعم
الملكية الخاصة ممثلة في رأس المال غير المستغل، وتقرران ‏صونها في إطار
وظيفتها الاجتماعية، وباعتبار أن الحماية الدستورية لحق الملكية تمتد إلى
عناصره ‏المختلفة ويندرج تحتها استعمال المالك للشيء في كل ما أعد له
واستغلاله استغلالاً مباشراً أو غير مباشر ‏جنياً لثماره.‏


‏[الطعن رقم 25 - لسنــة 11 ق - تاريخ الجلسة 27 / 05 / 1992 - مكتب فني 5
- رقم الجزء 1 - ‏رقم الصفحة 364 - تم قبول هذا الطعن]‏

‏========================= ‏
حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة 15 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983.‏

‏ برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ولى الدين جلال
وفاروق عبد الرحيم ‏غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف ومحمد على عبد
الواحد وعبد المجيد فياض أعضاء والسيد ‏عبد الحميد عمارة المفوض ورأفت
محمد عبد الواحد أمين السر .‏

‏--- 1 ---‏
‏ إن الدستور نظم حق الدفاع محددا بعض جوانبه مقرراً كفالته كضمانة مبدئية
أولية لعدم الإخلال بالحرية ‏الشخصية و لصون الحقوق و الحريات جمعيها سواء
فى ذلك تلك التى نص عليها الدستور أو التى قررتها ‏التشريعات المعمول بها،
فأورد فى شأن هذا الحق حكماً قاطعاً حين نص فى الفقرة الأولى من المادة 69
من ‏الدستور على أن حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول، ثم خطا الدستور
خطوة أبعد بإقراره الفقرة الثانية منها ‏التى تنص على أن تكفل الدولة لغير
القادرين ماليا وسائل الإلتجاء إلى القضاء و الدفاع عن حقوقهم مخولاً
‏المشرع بموجبها تقرير الوسائل الملائمة التى يعين بها المعوزين على صون
حقوقهم و حرياتهم من خلال ‏تأمين ضمانة الدفاع عنها، و هى يعد ضمانة لازمة
كلما كان حضور المحامى فى ذاته ضرورياً كرادع لرجال ‏السلطة العامة إذا ما
عمدوا إلى مخالفة القانون مطمئنين إلى إنتفاء الرقابة على أعمالهم أو
غفوتها، بما ‏مؤداه أن ضمانة الدفاع لا تقتصر قيمتها العملية على مرحلة
المحاكمة وحدها، بل تمتد كذلك مظلتها و ما ‏يتصل بها من أوجه الحماية إلى
المرحلة السابقة عليها التى يمكن أن تحدد نتيجتها المصير النهائى لمن ‏قبض
عليه أو أعتقل و تجعل بعدئذ من محاكمته اطاراً شكلياً لا يرد عنه ضرراً، و
بوجه خاص كلما أقر ‏بالخداع أو الأغواء بما يدينه، أو تعرض لوسائل قسرية
لحمله على الإدلاء بأقوال تناقض مصلحته، بعد ‏إنتزاعه من محيطه و تقييد
حريته على وجه أو آخر. و توكيداً لهذا الإتجاره و فى اطاره، خول الدستور
فى ‏المادة 71 منه كل من قبض عليه أو أعتقل حق الإتصال بغيره لابلاغه بما
وقع أو الإستعانة به على الوجه ‏الذى ينظمه القانون.‏
‏.‏

‏--- 6 ---‏
‏ إن دور ضمانة الدفاع فى تأمين حقوق الفرد و حرياته يبدو أكثر لزوماً فى
مجال الإتهام الجنائى ، ‏بإعتبار أن الإدانة التى قد يؤول إليها قد تفصل
من الناحية الواقعية بينه و بين الجماعة التى ينتمى إليها، ‏منهية -
أحياناً - آماله المشروعة فى الحياة، و يتعين بالتالى أن يكون حق النيابة
العامة فى تقديم أدلة الإتهام ‏موازناً بضمانة الدفاع التى يتكافأ بها
مركز المتهم معها - فى إطار النظام الاختصامى للعدالة الجنائية - كى
‏يتمكن بوساطتها من مقارعة حججها ، و دحض الأدلة المقدمة منها. و لقد غدا
أمراً مقضياً أنه إذا كان حق ‏الدفاع - فى هذا المجال - يعنى فى المقام
الأول حق المتهم فى سماع أقواله، فإن حق الدفاع يغدو سراباً بغير ‏اشتماله
على الحق فى سماعه عن طريق محاميه، ذلك أن ما قد يبدو واضحاً فى الأذهان
لرجال القانون، ‏يكون شائكاً محاطاً بغلالة كثيفة من الغموض بالنسبة إلى
غيرهم أياً كان حظهم من الثقافة، و بوجه خاص ‏إزاء الطبيعة المعقدة لبعض
صور الإتهام، و خفاء جوانبها المتعلقة بالقواعد التى تحكم الأدلة، بما
يعزز ‏الاقتناع بأنه بغير معونة المحامى الذى يقيمه الشخص بإختياره،
وكيلاً عنه إذا كان قادراً على الوفاء بأتعابه، ‏أو معونة من تندبه
المحكمة له إذا كان معسراً، فإنه قد يدان بناء على أدلة غير متعلقة بواقعة
الاتهام أو غير ‏جائز قبولها.‏

‏--- 7 ---‏
‏ حق الدفاع ضمانة أساسية يوفر الدستور من خلالها الفاعلية لأحكامه التى
تحول دون الإخلال بحقوق ‏الفرد و حرياته بغيرالوسائل القانونية التى يقرها
الدستور سواء فى جوانبها الموضوعية أو الإجرائية، و هى ‏بعد تؤمن لكل
مواطن حماية متكافئة أمام القانون، و تعززها الأبعاد القانونية لحق
التقاضى الذى قرر ‏الدستور فى المادة 68 انصرافه إلى الناس كافة، مسقطاً
عوائقه و حواجزه على اختلافها، و ملقياً على ‏الدولة بمقتضاه إلتزاماً
أصيلاً بأن تكفل لكل متقاض نفاذا ميسرا إلى محاكمها للحصول على الترضية
‏القضائية التى يقتضيها رد العدوان على الحقوق التى يدعيها أو الإخلال
بالحرية التى يمارسها، و كان حق ‏الدفاع - بالنظر إلى أبعاده و على ضوء
الأهمية التى يمثلها فى بلورة الدور الإجتماعى للقضاء كحارس ‏للحرية و
الحقوق على اختلافها انتقالاً بمبدأ الخضوع للقانون من مجالاته النظرية
إلى تطبيقاته العملية - قد ‏أضحى - مستقراً كحقيقة مبدئية لا يمكن التفريط
فيها، مندرجاً فى اطار المبادئ الأساسية للحرية المنظمة، ‏واقعاً فى نطاق
القيم التى غدا الإيمان بها راسخاً فى وجدان البشرية، و كانت ضمانة الدفاع
بالتالى لم تعد ‏ترفا يمكن التجاوز عنه، فإن التعلق بأهدابها الشكلية دون
تعمق لحقائقها الموضوعية يعتبر انكاراً لمضمونها ‏الحق مصادماً لمعنى
العدالة، منافياً لمتطلباتها، و من ثم لم يجز الدستور للسلطة التشريعية
اهدار هذا الحق ‏أو الإنتقاص منه بما يعطل فعاليته أو يحد منها، كاشفاً
بذلك عن أن انكار ضمانة الدفاع أو تقييدها بما ‏يخرجها عن الأغراض
المقصودة منها، انما يؤول فى أغلب صوره إلى اسقاط الضمانة التى كفلها
الدستور ‏لكل مواطن فى مجال الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعى، و يعرض حق
الإنسان فى الحياة و الحرية الشخصية و ‏الكرامة الواجبة لصون آدميته
لمخاطر مترامية فى أبعادها عميقة فى آثارها، و هو ما يعتبر هدما للعدالة
‏ذاتها بما يحول دون وقوفها سوية على قدميها، سواء كان الإنكار أو التقييد
منصرفاً إلى حق الدفاع بالأصالة ‏‏- بما يقوم عليه من ضمان الحرية الكاملة
لكل فرد فى أن يعرض وجهة نظره فى شأن الوقائع المنسوبة إليه ‏و أن يبين
حكم القانون بصددها - أم كان متعلقاً بالدفاع بالوكالة - حين يقيم الشخص
بإختياره محامياً يراه ‏أقدر على تأمين المصالح التى يرمى إلى حمايتها، و
على أساس من الخبرة و المعرفة القانونية و الثقة.‏

‏--- 8 ---‏
‏ إن ضمانة الدفاع و ان كانت لا ترتبط لزوماً بمرحلة المحاكمة وحدها كما
سلف القول، إلا ان الخصومة ‏القضائية تمثل مجالها الأكثر أهمية من الناحية
العملية، و هو ما يحتم انسحابها إلى كل دعوى سواء كانت ‏الحقوق المثارة
فيها من طبيعة مدنية أم كان الاتهام الجنائى موضوعها. و لقد كان تقدير
المحكمة لحق الدفاع ‏و إقرارها لأهميته واضحاً فى مجال تحديدها للشروط
التى يتعين استجماعها لاعتبار العمل قضائياً، و ذلك بما ‏جرى قضاؤها من أن
القرار الذى يصدر عن جهة خولها المشرع ولاية الفصل فى نزاع معين، لا يكون
قراراً ‏قضائياً إذا كانت ضمانة الدفاع غائبة عن النصوص القانونية التى
تنظم هذه الولاية و تبين حدودها.‏

‏--- 9 ---‏
‏ إستبعاد المادة 15 من قانون المحاماة - و هى النص المطعون عليه - من ولى
الوزارة أو من شغل ‏منصب مستشار فى إحدى الهيئات القضائية، و كذلك أساتذة
القانون بالجامعات المصرية من ممارسة مهنة ‏المحاماة أمام المحاكم
الإبتدائية و الجزئية، ينطوى على اخلال بحق الدفاع، ذلك أنه و إن صح القول
بأن ‏المعسرين لا حق لهم فى إختيار محاميهم، و أن حقوقهم فى مجال ضمانة
الدفاع لا تجاوز الحق فى تمثيل ‏ملائم يرعى مصالحهم، و يرد غائلة العدوان
عنها عن طريق من يندبون من المحامين لهذا الغرض، فإن من ‏الصحيح كذلك أن
اختيار الشخص لمحام يكون قادراً على تحمل أتعابه، إنما يتم فى إطار علاقة
قانونية الثقة ‏المتبادلة بين طرفيها، و يتعين بالتالى أن يظل الحق فى هذا
الاختيار محاطاً بالحماية التى كفلها الدستور لحق ‏الدفاع، كى يحصل من
يلوذ بهذا الحق على المعونة التى يطلبها معتصماً فى بلوغها بمن يختاره من
‏المحامين، متوسماً فيه أنه الأقدر - لعلمه و خبرته - على ترجيح كفته، ذلك
أنه فى نطاق علاقة تقوم على ‏الثقة المتبادلة بين الشخص و محاميه، فإنه
يكون مهيأ أكثر للقبول بالنتائج التى يسفر عنها الحكم فى دعواه، ‏فضلاً عن
أن حدود هذه العلاقة توفر لمن كان طرفاً فيها من المحامين حرية إدارة
الدفاع و توجيهه الوجهة ‏التى يقدر أنها الأفضل لخدمة مصالح موكله فى اطار
أصول المهنة و مقتضياتها. و على ضوء هذه الوكالة ‏القائمة على الاختيار
الحر، و التى يودع من خلالها الموكل بيد محاميه أدق أسراره ، و أعمق
دخائله اطمئناناً ‏منه لجانبه، يتخذ المحامى قراراته حتى ما كان منها
مؤثراً فى مصير موكله، بل أن حدود هذه العلاقة تحمله ‏على أن يكون أكثر
يقظة و تحفزاً فى متابعته للخصومة القضائية، و تعقبه لمسارها و مواجهته
بالمثابرة لما ‏يطرح أثناء نظرها مما يضر بمركز موكله فيها أو يهدده، و
بوجه خاص كلما كان الحكم بالإدانة أكثر إحتمالاً ‏أو كانت النتائج
المحتملة للحكم فى النزاع بعيدة فى آثارها العملية او القانونية .‏

‏--- 10 ---‏
‏ إن ضمانة الدفاع قوامها تلك المعاونة التى يقدمها المحامى لمن يقوم
بتمثيله، و هى ترتد على عقبيها إذا ‏ما حمل الشخص على ان يختار محامياً
أقل خبرة منحياً بذلك - و اعمالاً للنص التشريعى المطعون عليه - من ‏يقدر
انه أكثر موهبة و أنفذ بصراً، متى كان ذلك، فإن حق الشخص فى اختيار من
يوليه ثقته من المحامين ‏يغدو لازماً لفعالية ضمانة الدفاع، و الانتقال
بها إلى آفاق تعزز معاونة القضاء فى مجال النهوض بالرسالة ‏التى يقوم
عليها، و تحقق لمهنة المحاماة ذاتها تقدماً لا ينتكس بأهدافها، بل يثريها
بدماء الخبرة و المعرفة. ‏و بغيرها قد يؤول أمر الدفاع - فى عديد من صوره
- إلى النمطية العقيمة التى لا ابداع فيها، و إلى افراغ ‏متطلباته من
محتواها.‏

‏--- 11 ---‏
‏ الأصل فى الحقوق التى كفلها الدستور أنها لا تتمايز فيما بينها، و لا
ينتظمها تدرج هرمى يجعل بعضها ‏أقل شاناً من غيرها أو فى مرتبة أدنى منها،
بل تتكافأ فى أن لكل منها مجالاً حيوياً لا يجوز اقتحامه بالقيود ‏التى
تفرضها النصوص التشريعية. و يتحدد هذا المجال بالنسبة إلى الحقوق التى نص
عليها الدستور فى ‏صلبه، على ضوء طبيعة كل حق منها، و بمراعاة الأغراض
النهائية التى قصد الدستور إلى تحقيقها من ‏وراء إقراره، و فى اطار
الرابطة الحتمية التى تقوم بين هذا الحق و غيره من الحقوق التى كفلها
الدستور ، ‏بإعتباره مدخلاً إليها أو معززاً لها، أو لازماً لصونها.‏

‏--- 12 ---‏
‏ إنكار حق الشخص فى أن يختار من المحامين من يقدر تميزه فى الدفاع عن
المصالح التى يتوخى تأمينها ‏و الذود عنها، لا يتمحض عن مصلحة مشروعة بل
هو سعى إلى نقيضها.‏

‏--- 13 ---‏
‏ إن فعالية ضمانة الدفاع ينافيها ما قرره النص المطعون فيه من حرمان فئة
بذاتها من المحامين - ‏تفترض خبرتها العريضة بفروع القانون المختلفة مع
تعمقها لأغوارها - من مباشرة مهنة المحاماة أمام ‏المحاكم الجزئية و
الإبتدائية و ما فى حكمها، لمجرد كون أفرادها يشغلون وظيفة بعينها أو
كانوا قائمين ‏بأعبائها، و ذلك لما ينطوى عليه هذا النص من انكار حق كل
متقاض فى اختيار محام من بينهم يكون محل ‏ثقته - سواء فى مجال قدراته
القانونية، أو القيم التى يتحلى بها فى أداء عمله، أو الكيفية التى يباشر
بها ‏مسئولياته المهنية من الناحية العملية - و ليس ذلك كله إلا عدواناً
على حق الدفاع ينال من القيمة العملية ‏لحق التقاضى مهدراً كذلك مبدأ
الخضوع للقانون، و مجرداً الحقوق و الحريات التى نص عليها الدستور من
‏أبرز ضماناتها. و من ثم يكون النص المطعون فيه قد اقتحم الحدود التى
رسمها الدستور مجالاً حيوياً لحق ‏الدفاع، و أخل بالحقوق الأخرى المرتبطة
به برابطة وثيقة، و وقع من ثم باطلاً.‏

‏--- 14 ---‏
‏ إن الدساتير المصرية المتعاقبة بدءاً بدستور 1923 و إنتهاء بالدستور
القائم، رددت جميعها مبدأ ‏المساواة أمام القانون ، كافلة تطبيقه على
المواطنين كافة ، بإعتباره أساس العدل و الحرية و السلام ‏الإجتماعى ، و
على تقدير أن الغاية التى يستهدفها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين و
حرياتهم فى ‏مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها ، و أضحى
هذا المبدأ - فى جوهره - وسيلة لتقرير ‏الحماية القانونية المتكافئة التى
لا يقتصر نطاق تطبيقها على الحقوق و الحريات المنصوص عليها فى ‏الدستور ،
بل ينسحب مجال إعمالها كذلك إلى تلك الحقوق التى يضمنها المشرع للمواطنين
فى حدود سلطته ‏التقديرية و على ضوء ما يرتثبه محققاً للمصلحة العامة . و
لئن نص الدستور فى المادة 40 على حظر ‏التمييز بين المواطنين فى أحوال
بينتها ، هى تلك التى تقوم التمييز فيها على أساس من الجنس أو الأصل أو
‏اللغة أو الدين أو العقيدة ، إلا أن إيراد الدستور لصور بعينها يكون
التمييز محظوراً فيها ، مرده أنها الأكثر ‏شيوعاً فى الحياة العملية ، و
لا يدل البتة على إنحصاره فيها دون غيرها ، إذ لو صح ذلك ، لكان التمييز
بين ‏المواطنين فيما عداها جائزاً دستورياً ، و هو ما يناقض المساواة التى
كفلها الدستور و يحول دون تحقيق ‏الأغراض التى قصد إليها من إرسائها . و
أية ذلك أن من صور التمييز التى أغفلتها المادة 40 من الدستور ‏ما لا تقل
فى أهميتها من ناحية محتواها و خطورة الآثار المترتبة عليها - عن تلك التى
عينتها بصريح نصها ‏، كالتمييز بين المواطنين - فى مجال الحقوق التى
يتمتعون بها وفقاً لأحكام الدستور ، أو فى نطاق حرياتهم ‏التى يمارسونها
بمراعاة قواعده - لإعتبار مرده إلى الملكية أو المولد إو الإنتماء إلى
أقلية عرقية ، أو ‏عصبية قبلية، أمر مركز إجتماعى معين ، أو الإنحياز إلى
آراء بذاتها أو الإنضمام إلى جمعية أو مساندة ‏أهدافها أو الأعراض عن
تنظيم تدعمه الدولة ، و غير ذلك من أشكال التمييز غير المبررة ، مما يؤكد
أن ‏صورة المختلفة التى تناقض مبدأ المساواة و تفرعه من محتواه ، يتعين
أخضاعها لما تتولاه هذه المحكمة ‏من رقابة دستورية .‏

‏--- 16 ---‏
‏ إذ كان الدستور قد كفل حق الدفاع بالوكالة بما يعنيه ذلك أصلاً من ضمان
حق الموكل فى فرصة مواتية ‏يؤمن من خلالها إختيار محام يطمئن إليه و يثق
فيه - ما دام قادراً على آداء أتعابه - و كان الحق فى هذا ‏الإختيار يلعب
دوراً متميزاً - سواء فى مجال فعالية المعونة التى يقدمها الوكيل إلى
موكله ، أو بإعتباره ‏مكوناً أساسياً لحق الدفاع بالوكالة فى مجالاته
العملية الأكثر أهمية - و كانت المعاونة الفعالة التى يقدمها ‏المحامى فى
علاقته بموكله أمام المحاكم لا تقتصر على درجاتها العليا ، و إنما تمتد
كذلك إلى الخصومة ‏القضائية فى مراحلها الأولى أمام المحاكم الجزئية أو
الإبتدائية - و ما فى حكمها - و ذلك لإرساء أسسها من ‏البداية على دعائم
قوية تؤمن مسارها ، و ترجح كفتها ، سواء من ناحية عناصرها الواقعية أو
دعاماتها ‏القانونية ، بما قد يضع نهاية مبكرة لها ، و يوفر لموكله جهداً
يهدر ، و ما لا يتبدد ، إذا إستطال أمرها ، و ‏كان المحامون الذين منعهم
النص التشريعى المطعون فيه من مباشرة المهنة أمام المحاكم الجزئية و
‏الإبتدائية و ما فى حكمها - هم هؤلاء الذين يشغلون وظيفة معينة أو كانوا
يقومون بأعبائها - و لا يعتبرون ‏بسببها أقل خبرة أو علماً بالقانون ممن
خولهم ذلك النص حرية ممارستها أمام هذه المحاكم ذاتها، بل هم ‏مهيأون
للأضطلاع بمسئولياتهم المهنية أمامها بالنظر إلى خبراتهم المتميزة و
إحاطتهم المتعمقة بعلم القانون ‏، و لكونهم ، من المقبولين للمرافعة أمام
المحاكم الأعلى درجة، و كان من المقرر أن المحامين و رجال ‏القضاء يلعبون
معاً دوراً متكاملاً فى مجال ضمان إدارة أفضل للعدالة ، و أنه فى مجال
مهنة المحاماة ، فإن ‏الحماية الملائمة لحقوق الأفراد و حرياتهم مناطها أن
تزيل الدولة من خلال تنظيماتها التشريعية القيود غير ‏المبررة التى تحول
دون النفاذ الفعال إلى الخدمات القانونية التى يقدمها المحامون لمن
يطلبونها ، و كان مبدأ ‏المساواة أما القانون مؤداه ألا يخل المشرع
بالحماية القانونية المتكافئة فيما بين الأشخاص المتماثلة ‏مراكزهم
القانونية ، فى حين حرم النص التشريعى المطعون فيه الفئة التى شملها الحظر
من الحق الذى كفله ‏لغيرهم من المحامين ، دون أن يستند فى التمييز بين
هاتين الفئتين إلى مصلحة مشروعة ، بل عمد إلى ‏نقيضها ، فإن هذا التمييز
يكون مفتقراً إلى الأسس الموضوعية التى تسوغه ، و يكون بالتالى تحكمياً و
‏منهياً عنه بنص المادة 40 من الدستور .‏

‏--- 17 ---‏
‏ متى كان حكم الفقرة الأولى من المادة 15 من قانون المحاماة الصادر
بالقانون رقم 17 لسنة 1983 ‏مخالفاً للمواد 40،67،68،69،71 من الدستور ، و
كانت الفقرتان الثانية و الثالثة من المادة 15 من قانون ‏المحاماة - فيما
تنصان عليه من عدم سريان الحظر المشار إليه فى الفقرة الأولى على المحامين
المقيدين ‏لدى غير المحاكم المنصوص عليها فى هذه الفقرة وقت صدور ذلك
القانون ، و وقوع كل عمل يتم بالمخالفة ‏لأحكام هذه المادة باطلاً -
مرتبطتين بفقرتها الأولى إرتباطاً لا يقبل التجزئة ، إذ لا قوام لهما
بدونها و لا ‏يتصور إعمالهما إستقلالاً عنها ، و من ثم فإنهما يسقطان
تبعاً لها .‏


‏[الطعن رقم 6 - لسنــة 13 ق - تاريخ الجلسة 16 / 05 / 1992 - مكتب فني 5
- رقم الجزء 1 - ‏رقم الصفحة 344 - تم قبول هذا الطعن]‏

‏============================== ‏
حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 82 من
قانون المحاماة الصادر بالقانون ‏رقم 17 لسنة 1983 من الإعتداد بملاءة
الموكل كأحد العناصر التي تدخل في تقدير أتعاب محاميه، وكذلك ما ‏قررته من
ألا تقل الأتعاب المستحقة عن 5% من قيمة ما حققه من فائدة لموكله في العمل
موضوع طلب ‏التقدير.‏

‏ برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم أبو العينين
ومحمد ولى الدين ‏جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج
يوسف وعبد المجيد فياض أعضاء ونجيب ‏جمال الدين علما المفوض ورأفت محمد
عبد الواحد أمين السر .‏

‏--- 1 ---‏
‏ جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا، على أن الشرعية الدستورية التى تقوم
بمراقبة التقيد بها، غايتها ‏ضمان أن تكون النصوص التشريعية المطعون عليها
أمامها مطابقة لأحكام الدستور . ذلك أن لهذه الشرعية - ‏فى موقعها من
البنيان القانونى فى الدولة _ مقام الصدارة وانفاذها وبلوغ مقاصدها فرع من
خضوع الدولة ‏‏_ بكافة تنظيمهاتها - للقانون والتزامها بمضمونه وفحواه ولا
يجوز بالتالى لأية محكمة أو هيئة ذات ‏اختصاص قضائى، إعمال نص تشريعى لازم
للفصل فى النزاع المعروض عليها إذا بدالها مصادمته للدستور ‏من وجهة
مبدئية قوامها ظاهر الأمر فى المطاعن الدستورية الموجهة إليه دون انزلاق
إلى أغوارها، وذلك ‏أن قيام هذه الشبهة لديها، يلزمها أن تستوثق من صحتها
عن طريق عرضها على المحكمة الدستورية العليا ‏وفقا لنص المادة 29 من
قانونها، لتتولى دون غيرها الفصل فى المسائل الدستورية المطروحة عليها،
‏متقصية أبعادها، محيطة بجوانبها ، متعمقة دخائلها، بالغة ببحثها منتهاه،
بما مؤداه أنه لا يجوز لأية جهة ‏تتولى الفصل فى الخصومة القضائية
المطروحة عليها، أن تتجاهل مظنة الخروج على أحكام الدستورية، ولا ‏أن
تنحيها جانبا، بل يتعين عليها أن تنزل القواعد الدستورية المنزلة الأعلى
التى تتبوؤها، وإلا آل أمر ‏الإعراض عنها إلى إعمالها لنصوص تشريعية لأزمة
للفصل فى النزاع الموضوعى المعروض عليها، ولو ‏داخلتها شبهة ترجح مخالفتها
للدستور بخروجها على زواجره ونواهية وهو ما يناقض سيادة القانون -
‏والدستور على القمة من مدارجه - ويخل كذلك بضرورة أن تكون الشرعية
الدستورية راسية أساسها ، ‏تتكامل عناصرها، وتتواصل حلقاتها دون حلقاتها
دون انقطاع، وينقض من جهة أخرى دور المحكمة ‏الدستورية العليا فى مباشرة
رقابتها على هذه الشرعية، بوصفها أمينة عليها حافظة لها، غير مجاوزة
‏لتخومها، لتفرض بأحكامها كلمة الدستور على المخاطبين بها، فلا ينسلخون
منها أو يحيدون عنها . متى كان ‏ذلك ، وكان الدفع بعدم دستورية نص تشريعى
يطرح بالضرورة - ومن أجل الفصل فى هذا الأدعاء - ما بين ‏القانونية من
تدرج ، يفرض عند تعارضها، وإهدار القاعدة الأدنى تغليبا للقاعدة التى
تعلوها، وكان من ‏المقرر - وعلى ما سلف البيان _ أن القواعد الدستورية
تحتل من القواعد القانونية مكانا عليا، لأنها تتوسد ‏بعدم المقام السمى
كقواعد آمرة لا تبديل فيها إلا بتعديل الدستورية ذاته، فإن مضمونه ومرماه،
مقابلة ‏النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور ترجيحا لها على ما
عداها وتوكيدا لصلتها الوثقى ‏بالنظام العام، وهى أجدر قواع

عدل سابقا من قبل Admin في الجمعة فبراير 05, 2010 3:15 pm عدل 1 مرات

descriptionالأحكام الصادرة بعدم دستورية بعض نصوص قانون المحاماة Emptyرد: الأحكام الصادرة بعدم دستورية بعض نصوص قانون المحاماة

more_horiz
جمهورية مصر العربية - المحكمة الدستورية العليا‏
دعوى دستورية . محامون . نصوص قانونية . حق الدفاع ‏
‏------------------------‏
‏ حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة 8 من
قانون المحاماة الصادر بالقانون ‏رقم 17 لسنة 1983، من حظر مباشرة محامي
الإدارات القانونية بشركات القطاع العام لأعمال المحاماة ‏بالنسبة إلي
القضايا الخاصة بهم وتكون متعلقة بالجهات التي يعملون بها.‏

‏ برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم أبو العينين
وفاروق عبد الرحيم ‏غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف وعبد المجيد
فياض ومحمد على سيف الدين أعضاء وحنفى ‏على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وأحمد عطية أحمد منسى أمين السر .‏

‏--- 3 ---‏
‏ إن الفقرة الأولى من المادة 8 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17
لسنة 1983 تنص على أنه: ‏‏( مع عدم الاخلال بأحكام قانون المرافعات
المدنية والتجارية ، لا يجوز لمحامى الادارات القانونية للهيئات ‏العامة .
وشركات القطاع العام ، والمؤسسات الصحفية أن يزاولوا أعمال المحاماة لغير
الجهة التى يعملون ‏بها وإلا كان العمل باطلاً ) . والفقرة الأولى المشار
اليها ، كان مطعونا عليها فى القضية رقم 4 لسنة 14 ‏قضائية دستورية وانتهت
المحكمة الدستورية العليا فى 29 يونيو سنة 1993 إلى رفض المطاعن الموجهه
‏اليها ، وتقرير موافقتها للدستور محمولاً قضاؤها فى ذلك على أن هيئات
القطاع العام وشركاته الصادر فى ‏شأنها القانون رقم 97 لسنة 1973 وإن
استعيض عنها بالشركات القابضة والشركات التابعة لها بحسب ‏الأحوال بمقتضى
نص المادة الثانية من قانون إصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام رقم 203
لسنة ‏‏1991 ـ المعمول به اعتباراً من 20 يوليه سنة 1991 ـ إلا أن المادة
الرابعة من قانون الإصدار نصت على ‏إستمرار خضوع العاملين فى هيئات القطاع
العام وشركاته ـ المنقولين إلى الشركات الجديدة بنوعيها ، ‏والموجودين
بالخدمة فى تاريخ العمل بهذا القانون ـ لكل النظم والقواعد التى كانت تحكم
شئونهم الوظيفية ‏وذلك إلى أن تصدر النظم الخاصة بالعاملين بالشركات
المنقولين اليها طبقاً لأحكام القانون المرافق ؛ إذ كان ‏ذلك وكانت لائحة
النظام الخاص للشركة التى يتبعها المدعيان لم تصدر بعد ؛ وكان ما ينعاه
المدعيان من ‏إخلال النص المطعون فيه بمبدأ المساواة فى الحقوق أمام
القانون ، مردود بأن القانون رقم 47 لسنة 1973 ‏بشأن الادارات القانونية
بالهيئات والمؤسسات العامة والوحدات التابعة لها ، لم يخرج أعضاءها
الفنيين من ‏عداد العاملين بها ، وأخضعهم بالتالى للواجبات المنصوص عليها
فى نظام العاملين فى القطاع العام الصادر ‏بالقانون رقم 48 لسنة 1978 ،
ومن بينها ألا يقوم العامل ـ بالذات أو بالواسطة ـ بأعمال من شأنها
الاخلال ‏بواجبات وظيفته أو مقتضياتها أو الحط من كرامتها ؛ وكانت هذه
القيود جميعها مردها إلى أصل واحد يتمثل ‏فى وجوب أن يكرس العاملون بشركات
القطاع العام وهى من أشخاص القانون الخاص وقتهم وجهدهم ‏لأعمال شركتهم ؛
وكان قانون المحاماة لم يغير من الطبيعة القانونية لعلاقة العمل التى تربط
شركات القطاع ‏العام بمحامى إداراتها القانونية وكان ما قرره النص المطعون
فيه ، من عدم جواز مزاولتهم أعمال المحاماة ‏لغير الجهة التى يعملون بها
وإلا كان العمل باطلاً يندرج فى إطار الضوابط التى حدد بها المشرع
واجباتهم ‏تحديداً قاطعاً وكان الأصل فى سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق
أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور ‏بضوابط معينة وكان جوهر السلطة
التقديرية يتمثل فى المفاضلة التى يجريها المشرع بين البدائل المختلفة
‏لاختيار ما يقدر أنه أنسبها لمصلحة وأكثرها ملائمة للوفاء بمتطلباتها فى
خصوص الموضوع الذى يتناوله ‏بالتنظيم ، فإن النعى على النص التشريعى
المطعون فيه مخالفته للدستور يكون مفتقراً إلى دعامته .‏

‏--- 4 ---‏
‏ إن ما تقرره هيئة قضايا الدولة ـ فى مقام دفاعها عن النص المطعون فيه ـ
من أن الفقرة الأولى من ‏المادة الثامنة من قانون المحاماة يستغرق حكمها
الحظر المقرر بفقرتها الثالثة وأن رفض المحكمة ‏الدستورية العليا المطاعن
الموجهة إلى فقرتها الأولى ، يمنعها من الخوض فى المناعى التى أثارها
المدعى ‏فى شأن النص المطعون فيه ، مردود أولاً : بأن المشرع لا يردد
بالنصوص القانونية أحكاماً قررتها نصوص ‏سابقة عليها ، والا كان عابثاً
ومردود ثانياً : بأن الفقرة الأولى المشار اليها يقتصر حكمها على منع
محامى ‏الإدارات القانونية بشركات القطاع العام من مزاولة أعمال المحاماة
لجهة غيرها ، ولاشأن لها بالتالى بمن ‏يقيمون من بينهم ـ وضد جهة عملهم ـ
القضايا الخاصة بهم أو بأزواجهم أو أقاربهم حتى الدرجة الثالثة ؛ ‏ومردود
ثالثاً : بأن نطاق المسالة الدستورية التى واجهتها المحكمة الدستورية
العليا بحكمها الصادر فى ‏الدعوى رقم 4 لسنة 14 قضائية " دستورية " منحصر
فى نص الفقرة الأولى من المادة الثامنة من قانون ‏المحاماة وتعلق حكمها
بهذا النطاق وحده لا يمنعها من نظر الخصومة الدستورية فيما جاوز حدوده
ومردود ‏رابعاً : بأن مد آثار قضاء المحكمة الدستورية العليا فى شأن
دستورية نص معين إلى نص آخر كان غير ‏مطروح عليها هو عدوان على ولايتها
ومردود خامساً : بأن النصوص القانوينة التى ينتظمها موضوع واحد ‏وإن
جمعتها وحدة الغرض وكان الأصل فيها أنها لا تتهادم فيما بينها أو تتماحى
إلا أن لكل منها مضموناً ‏مستقلاً لا يمزجها بغيره فلا تتداخل مع بعضها
البعض .‏

‏--- 6 ---‏
‏ إن المقرر فى مجال الدعوى الدستورية أنها ينبغى أن تؤكد بماهية الخصومة
التى تتناولها التعارض بين ‏المصالح المثارة فيها بما يعكس حدة التناقض
بينها ويبلور من خلال تصادمها ومجابهتها لبعض حقيقة ‏المسألة التى تدعى
المحكمة الدستورية العليا للفصل فيها ، وكان لا يتصور أن يكون للحقوق التى
كفلها ‏الدستور قيمة مجردة فى ذاتها ولا أن تعمل فى فراغ ولا أن يكون
تأمينها ناشئاً عن مجرد وزنها أو أهميتها ‏فى بناء النظام القانونى للدولة
ودعم حرياته المنظمة ذلك أن تقرير هذه الحقوق تغيا دوما توفير الحماية
‏القانونية التى تكفلها بما فى ذلك الحق فى الدعوى ، وهو حق يقوم مستقلا
عن الحقوق موضوعها متوخياً ‏رد الأضرار الناشئة عن الإخلال بتلك الحقوق .‏

‏--- 8 ---‏
‏ إن ضمان الحق فى الخصومة القضائية لا يكون بوصفها طريقاً وحيداً لمباشرة
حق التقاضى المنصوص ‏عليه صراحة فى المادة 68 من الدستور ؛ وكان هذا الحق
يعتبر لازماً لإنفاذ سيادة القانون التى عقد لها ‏الدستور باباً مستقلاً ،
وهو بابه الرابع ، محدداً فيه تلك القواعد التى لا تقوم سيادة القانون ــ
فى تقديره ـ ‏بدونها وهى قواعد تتكامل فيما بينها ودل بها على أن سيادة
القانون فى الدولة ، هى محور نظامها القانونى ‏وأساس شرعيتها ، وأن
ممارستها لسلطاتها لم تعد امتيازاً شخصياً لأحد ولكنها تباشرها نيابة عن
الجماعة ‏ولصالحها مقيدة فى ذلك بقواعد قانونية تعلوها وتعصمها من جموحها
لضمان ردها على أعقابها إن هى ‏جاوزتها متخطية حدودها وإذ كان الدستور قد
أقام من حصانة القضاء واستقلاله ، ضمانين أساسيين لحماية ‏حقوق الأفراد
وحرياتهم ، فقد أضحى لازماً ـ وحق التقاضى هو المدخل إلى هذه الحماية ـ أن
يكون هذا الحق ‏مكفولاً بنص صريح فى الدستور ، كى لا تنعزل حقوق الافراد
وحرياتهم عن وسائل حمايتها ، بل تكون ‏معززة بها ، وتقارنها لضمان
فعاليتها .‏

‏--- 9 ---‏
‏ إن العناصر التى يتكون منها حق التقاضى لا تكتمل ما لم يوفر المشرع
للخصومة القضائية ـ فى نهاية ‏مطافها ـ حلاً منصفا يمثل الترضية القضائية
‏JUDICIAL‏ التى يبتغيها من يطلبها لمواجهة الاخلال ‏بالحقوق التى يدعيها
وكان حق الدفاع ـ أصالة أو بالوكالة ـ يتوخى اجتناءها من خلال وسائل
الدفاع التى ‏يعرض الخصوم بموجبها أدلتهم ـ واقعاً وقانوناً ـ بما لا
تمييز فيه بين بعضهم البعض بل تتكافأ أسلحتهم فى ‏مجال الحقوق التى
يدعونها فإن هذه الترضية ـ وبإفتراض اتساقها مع أحكام الدستور والقانون ـ
تشكل جزءاً ‏غير منقسم من حق التقاضى وترتبط بالاغراض النهائية التى يعمل
لبلوغها يؤيد ذلك أن الخصومة القضائية ‏لا تقام للدفاع عن مصالح نظرية لا
تتولد عنها فائدة عملية بل غايتها اقتضاء منفعة يقرها القانون ، وتبلور
‏حقيقتها نطاق المسائل المتنازع عليها ، وحكم القانون بشأنها .‏

‏--- 12 ---‏
‏ إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على إن إنكار أو تقييد الحق فى
الترضية القضائية سواء ‏يحجبها عمن يطلبها ابتداء أو من خلال تقديمها
متراخية متباطئة دون مسوغ أو إحاطتها بقواعد إجرائية ‏تكون معيبة فى ذاتها
عيباً جوهريا إنما يعد إهدار أو تهويناً من الحماية التى يفرضها الدستور
أو القانون ‏للحقوق التى وقع الاخلال بها بما ينال من جوهر هذه الترضية
ولا يدفعها لكامل مداها ليتمحض ذلك عدواناً ‏على حق التقاضى ينحل إلى
إنكار للعدالة فى أخص مقوماتها على أن يكون مفهوماً أن هذا الإنكار لا
يقوم فى ‏محتواه على مجرد الخطأ فى تطبيق القانون بل هو الاخفاق فى تقديم
الترضية القضائية ذاتها وبوجه خاص ‏كلما كانت الوسائل القضائية التى
أتاحها المشرع للخصوم لا توفر لمن استنفذها الحماية اللازمة لصون ‏الحقوق
التى يدعيها أو كانت ملاحقته لخصمه للحصول على الترضية القضائية التى
يأملها لا طائل من ‏ورائها .‏

‏--- 13 ---‏
‏ إن الترضية القضائية التى لا تقترن بوسائل تنفيذها لحمل الملزمين بها
على الرضوخ لها تغدو وهماً ‏وسراباً وتفقد قيمتها عملاً بما يؤول إلى
تجريدها من قوة نفاذها ، إهدار الحقوق التى كفلتها ، وتعطيل دور ‏السلطة
القضائية فى مجال تأمينها وإفراغ حق اللجوء اليها من كل مضمون وهو كذلك
تدخل فى أخص ‏شئونها وعدوان على ولايتها بما يقلص دورها وينال من الحدود
التى تفصل بينها وبين السلطتين التشريعية ‏والتنفيذية يؤيد ذلك أن الحماية
القضائية للحق أو الحرية ـ على أساس من سيادة القانون والخضوع لأحكامه ‏ـ
لازمها التمكين من اقتضائها والعمل من أجل تنفيذها ولو بإستعمال القوة عند
الضرورة .‏

‏--- 14 ---‏
‏ إن الدستور حرص بنص المادة 68 على أن يكون لكل مواطن حق اللجوء إلى قاض
يكون بالنظر إلى ‏طبيعة الخصومة القضائية وعلى ضوء مختلف العناصر التى
لابستها مهياً للفصل فيها ، وكان هذا الحق ‏مخولاً للناس جميعاً فلا
يتمايزون فيما بينهم فى ذلك وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية فى مجال سعيهم
لرد ‏العدوان على حقوقهم ، فلا يكون الانتفاع بهذا الحق ، مقصورا على
بعضهم ، ولامنصرفا إلى أحوال بذاتها ‏ينحصر فيها ، ولا محملا بعوائق تخص
نفراً من المتقاضين دون غيرهم ، بل يتعين أن يكون النفاذ إلى ذلك ‏الحق ،
منضبطاً وفق أسس موضوعية لا تمييز فيها ، وفى إطار من القيود التى يقتضيها
تنظيمه ، ولا تصل ‏فى مداها إلى حد مصادرته .‏

‏--- 15 ---‏
‏ إن ضمانة الدفاع التى كفلها الدستور بنص المادة 69 ، لا يمكن فصلها أو
عزلها عن حق التقاضى ، ذلك ‏أنهما يتكاملان ويعملان معاً فى دائرة الترضية
القضائية التى يعتبر اجتناؤها غاية نهائية للخصومة القضائية ‏‏. فلا قيمة
لحق التقاضى ، ما لم يكن مسانداً لضمانة الدفاع ، مؤكدا لأبعادها ، عاملا
من أجل إنفاذ مقتضاها . ‏كذلك لا قيمة لضمانة الدفاع بعيدا عن حق النفاذ
إلى القضاء ، وإلا كان القول بها وإعمالها واقعا وراء ‏جدران صامتة
‏Behind Walls OF Silence‏ . يؤيد ذلك أن الحقوق التى يكفلها الدستور أو
النظم ‏المعمول بها ، تتجرد من قيمتها العملية إذا كان من يطلبها عاجزا عن
بلوغها من خلال حق التقاضى ، أو ‏كان الخصوم الذين تتعارض مصالحهم بشأنها
، لايتماثلون فيما بينهم فى أسلحتهم التى يشرعونها لاقتضائها ‏‏.‏

‏--- 16 ---‏
‏ إن الدستور ـ فى إطار من سيادة القانون ـ نظم ضمانة الدفاع محدداً بعض
جوانبها ، كافلا انفاذها ‏باعتبارها مفترضا أوليا لصون حقوق الأفراد
وحرياتهم ، وكان الحق فيها يظل قائما ولو يصرح الدستور بها ‏، إلا أن
الدستور حرص على أن يرددها بنص الفقرة الأولى من المادة 69 التى كفل
بموجبها حق الدفاع ، ‏سواء كان من يباشره أصيلا أم وكيلا . بل إن الدستور
خطا خطوة أبعد ، بأن نص فى فقرتها الثانية ، على ‏أن يكفل القانون لغير
القادرين ماليا وسائل الالتجاء إلى القضاء أو الدفاع عن حقوقهم ، ليؤمن
بذلك حق ‏المعوزين فيما يعينهم على صون حقوقهم وحرياتهم ، من خلال ضمانة
الدفاع عنها .‏

‏--- 17 ---‏
‏ وقد غدا حق الدفاع غائرا فى وجدان البشر ، مرتبطا بالقيم التى تؤمن بها
الأمم المتحضرة ، مؤكدا مبدأ ‏الخضوع للقانون ، ناهيا عن التسلط والتحامل
، معززا إرادة الاختيار ، مبلورا الدور الاجتماعى للسلطة ‏القضائية فى
مجال تأمينها للحقوق على اختلافها ، واقعا فى إطار الأسس الجوهرية للحرية
المنظمة ، نائيا ‏عن أن يكون ترفا عقيما أو سرفا زائدا ، قائما كضرورة
تفرض نفسها ليبطل كل تنظيم تشريعى على خلافها ، ‏فلا يكون القبول بها
رمزيا ، بل فاعلا ومؤثرا ، تغليبا لحقائقها الموضوعية على أهدابها الشكلية
، إنفاذا ‏لمحتواها ، وتقيدا بأهدافها ، فلاينازع أحد فى ثبوتها أو يحجبها
.‏

‏--- 18 ---‏
‏ إن إنكار ضمانة الدفاع أو انتقاصها ، لايعدو كذلك أن يكون إخلالا بالحق
المقرر دستوريا لكل مواطن فى ‏مجال اللجوء إلى قاضيه الطبيعى . وليس
النزول عليها إلا توكيدا للحق فى الحياة والحرية ، حائلا دون ‏اقتحام
حدودهما ، وذلك سواء أكان إنكار ضمانة الدفاع أو تقييدها ، متصلا بحق كل
شخص فى أن يعرض ‏بنفسه وجهة نظره فى شأن الواقعة محل التداعى ، وأن يبين
حكم القانون بصددها ، أم كان منسحبا إلى الحق ‏فى أن يقيم باختياره محاميا
يطمئن إليه لخبرته وملكاته ، ويراه ـ لثقته فيه ـ أقدر على تأمين المصالح
التى ‏يتوخى حمايتها ليكون الدفاع عنها فعالاً محيطاً بالخصومة القضائية
التى تتناولها ، نائيا عن الانحدار ‏بمتطلباتها إلى ما دون مستوياتها
الموضوعية ، التى يمليها التبصير ، وتفرضها العناية الواجبة.‏

‏--- 19 ---‏
‏ إن الخصومة القضائية تمثل ضمانة الدفاع ، مجالها الأكثر أهمية من
الناحية العملية وهو ما يحتم ‏انصرافها إلى كل دعوى سواء كانت الحقوق
المثارة فيها من طبيعة مدنية أم كان الاتهام الجنائى موضوعها ‏وإذا جاز
القول بأن تمثيل الشخص بمحام يكون وكيلاً عنه ، يعد ضمانة أولية يقتضيها
مسار الخصومة ‏القضائية حقاً وإنصافاً ‏Fairness and right‏ فإن حرمان
الشخص من أن يكون أصيلاً فى مباشرة ‏الدفاع إنما يصادم النبض الجماعى
لحقائق العدل ‏Shicking to a Universal Sens of ‎justice‏ ‏
ولقد كان تقدير المحكمة الدستورية العليا لضمانة الدفاع ، وإقرارها
لأهميتها واضحاً وقاطعاً فى مجال ‏تحديدها للشروط التى يتعين استجماعها
لاعتبار العمل قضائياً وذلك بما جرى عليه قضاؤها من أن القرار ‏الذى يصدر
عن جهة خولها المشرع ولاية الفصل فى نزاع معين ، لا يكون قراراً قضائياً ،
إذا كانت ضمانة ‏الدفاع غائبة عن النصوص القانونية التى تنظم هذه الولاية
وتبين حدودها .‏

‏--- 21 ---‏
‏ إن حق الشخص فى اختيار محام يكون وكيلاً عنه فى دعواه وإن كان يعكس فى
الأعم من الأحوال ما آل ‏اليه تطور النظم القضائية وما يكتنفها من قواعد
معقدة تدق على الكثيرين وبإعتبار أن ما قد يبدو واضحاً فى ‏الأذهان لرجال
القانون يكون شائكاً محاطاً بغلالة كثيفة من الغموض بالنسبة إلى غيرهم أيا
كان ثقافتهم أو ‏عمقها وعلى الأخص فى مجال تطبيق بعض أفرع القانون بالنظر
إلى تطور أبعادها وخفاء عديد من جوانبها ‏، إلا أن حق الدفاع أصالة ، كان
دائماً أسبق وجوداً من الحق فى إختيار فى محام ، وكان كذلك أكثر اتصالاً
‏بخصائص الشخصية الانسانية وارتباطها بتكاملها فإذا كان من يتولى هذا
الدفاع محامياً فإن من المفترض أن ‏يكون قادراً على إدارة شئون قضاياه
الشخصية ، فلا تفقد الضمانة الدستورية لحق الدفاع مضمونها ولا ‏تنحسر عنها
أهدافها وعلى تقدير أن المحامين ـ من كل منهم أصيلاً أو وكيلا جميعهم
شركاء للسطة القضائية ‏ـ على تعدد تنظيماتها ـ فى سعيها للوصول إلى
الحقيقة والتماس الوسائل القانونية التى تعينها على تحريها .‏

‏--- 22 ---‏
‏ إن قيام المحامين بالدفاع عن بعض الحقوق التى كفلها الدستور
‏Constutionally Protected ‎Rights‏ ، كالحق فى العمل وحق الحصول على أجر
عادل ـ وسواء كان ذلك من خلال قضاياهم الشخصية ‏أو تلك التى وكلوا فيها لا
يعتبر مجرد ارتكان إلى الوسائل الفنية التى يقتضيها الفصل فى الخصومة
القضائية ‏، بل تبدو ضمانة الدفاع فى هذه الفروض أكثر اتصالاً بإنقاذ هذه
الحقوق من خلال إحاطتها بالحماية التى ‏وفرها الدستور لها ، وهو ما يعلوا
بمبدأ سيادة القانون ليكون كافلاً دعم البنية الخلفية لإدارة العدالة :‏
‏ ‏THE Ethical fabric ‎‎ of the admintration of justic‎

‏--- 23 ---‏
‏ إن الأصل فى الحقوق التى كفلها الدستور أنها لا تتمايز فيما بينها ولا
ينتظمها تدرج هرمى يجعل لبعضها ‏علوا على ما سواها وكان قضاء المحكمة
الدستورية العليا مطرد على أن خضوع الدولة للقانون محدد ، على ‏ضوء مفهوم
ديمقراطى ، مؤداه ألا تخل تشريعاتها بالحقوق التى يعتبر التسليم بها فى
الدول الديمقراطية ‏مفترضاً أولياً لقيام الدولة القانونية وضمانة أساسية
لصون حقوق الانسان وكرامته وشخصيته المتكاملة ‏ويندرج تحتها طائفة من
الحقوق وثيقة الصلة بالحرية الشخصية التى كلفها الدستور ، ومن بينها ألا
تكون ‏العقوبة مهينة فى ذاتها أو مجاوزة فى قسوتها للحدود التى توازنها
بالأفعال التى أثمها المشرع ، ليكون ‏إيقاعها شاذا منافياً لحكم العقل ؛
وكان لا يجوز كذلك تقييد الحرية الشخصية الا بعد إتباع الوسائل القانونية
‏التى يكون تطبيقها موافقاً لأسس الشرعية الدستورية وضوابطها وكان من بين
ما تشتمل عليه هذه الوسائل ‏ضمان فرص جادة يباشر الشخص من خلالها حق
الاستماع اليه ‏THE right to be heard‏ فإن ‏ولوجها ـ وبوجه خاص فى مجال
ارتباطها بضمانة الدفاع التى لا تقوم الى لا تقوم الشرعية الدستورية فى
‏غيبتها ـ يكون أكثر لزوماً فى نطاق الخصومة القضائية ، ولو كان الذين
يفيدون منها . مثلما هو الحال فى ‏الدعوى الراهنة ـ محامين يعملون بوصفهم
أصلاء عن أنفسهم ‏Pro se‏ .‏

‏--- 25 ---‏
‏ يؤيد ما تقدم بنيان الفقرة الأولى من المادة 69 من الدستور ذاتها ذلك أن
مضمونها لا يقتصر على مجرد ‏تقرير حق الشخص فى اختيار محام يتولى الدفاع
عنه ولكنها تؤكد الملامح الشخصية لحق الدفاع من خلال ‏استصحابها أصل الحق
فيه بتخويلها اياه لمن يكون أصيلاً فى ادارته ‏THE right of Self
‎Rrpresntation‏ وهو ما يفيد استقلال كل من الحقين عن الآخر فلا يتهادمان
وعلى تقدير أن اختيار ‏الشخص لمحام يكون وكيلاً عنه لا يعدو أن يكون شكلاً
من أشكال المعاونة التى يطلبها وأن انفراد الوكيل ‏بالخصومة القضائية التى
وكل فيها لا يتصور أن يتم إلا بقبول الأصيل ليتحمل بعدئذ ـ دون غيره ـ
بآثارها ‏ونتائجها .‏

‏--- 26 ---‏
‏ إن البين من أحكام المادتين 1 ، 3 من قانون المحاماة الصادر بالقانون
رقم 17 لسنة 1983 أن ‏المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية فى تحقيق
العدالة وتأكيد سيادة القانون وضمان الدفاع عن ‏حقوق المواطنين وحرياتهم
وأن المحامين يمارسون مهنتهم فى استقلال ولا سلطان عليهم فى ذلك إلا
‏لضمائرهم وحكم القانون ، وأنه مع عدم الاخلال بأحكام القوانين المنظمة
للهيئات القضائية وبأحكام قانون ‏المرافعات المدنية والتجارية لا يجوز
لغير المحامين مزاولة أعمال المحاماة ويندرج تحتها الحضور عن ذوى ‏الشأن
أمام جهات التحقيق إدارياً كان أم جنائياً وكذلك أمام دوائر الشرطة
والمحاكم على اختلافها ودفاعهم ‏عنهم فيما يقام منهم أو عليهم من الخصومات
القضائية والقيام بما يتصل بها من أعمال المرافعات ‏والاجراءات القضائية .‏

‏--- 27 ---‏
‏ إن المادتين 2 ، 3 من قانون المحاماة تصرحان كذلك بأن كل من يقيد بجداول
المحاماة التى ينظمها هذا ‏القانون يعد محامياً وأن مهنة المحاماة يجوز أن
يمارسها المحامون فى إدارتهم القانونية بشركات القطاع ‏العام . ولئن كان
المشرع قد دل بنص الفقرة الأولى من المادة 8 من قانون المحاماة ، على أن
الأصل المقرر ‏بها ، هو أن من يعملون من المحامين بالإدارة القانونية
لإحدى شركات القطاع العام ، لا يمارسون لغير جهة ‏عملهم أعمال المحاماة
المنصوص عليها فى المادة 3 من هذا القانون ، وإلا كان العمل باطلاً إلا أن
الفقرة ‏الثالثة من المادة 8 المشار اليها خولتهم مباشرة أعمال المحاماة
هذه ، بالنسبة إلى قضاياهم الشخصية بشرط ‏ألا تكون جهة عملهم خصماً فيها ،
لتحول بينهم وبين مقاضاتها دفاعاً عن الحقوق التى يطلبونها لأنفسهم
‏وبوصفهم أصلاء فيها ولتمنعهم بالتالى من أن يباشروا قبلها أعمال المحاماة
المنصوص عليها فى المادة ‏الثالثة من قانون المحاماة ، حال كونهم مؤهلين
للقيام بها كوكلاء عنها ولا يعدو حرمانهم من مباشرتها فيما ‏يخصهم من
القضايا أن يكون عدواناً على الطبيعة الشخصية لحق الدفاع التى كفلتها
الفقرة الأولى من المادة ‏‏69 من الدستور ، من خلال ضمانها حق الدفاع
أصالة لكل مواطن .‏

‏--- 28 ---‏
‏ إن ما قررته الشركة المدعى عليها الأخيرة من أن شركات القطاع العام هى
التى تقوم بنفسها بأداء ‏الرسوم اللازمة لقيد محاميها بالجدول الخاص المعد
لهذا الغرض والمنصوص عليه بالفقرة الثانية من المادة ‏‏10 من قانون
المحاماة وأن عليهم بالتالى أن يتفرغوا للعمل لحسابها فلا يختصمونها ؛
مردود بأن الحقوق ‏التى كفلها الدستور ـ ويندرج تحتها حق الدفاع أصالة ـ
لا يجوز إسقاطها أو تنحيتها عن مجال تطبيقها سواء ‏بعمل تشريعى أو من خلال
مقابل مالى أيا كان مقداره بل يتعين اقتضاؤها عيناً كلما كان ذلك ممكناً .‏


‏[الطعن رقم 15 - لسنــة 17 ق - تاريخ الجلسة 02 / 12 / 1995 - مكتب فني 7
- رقم الجزء 1 - ‏رقم الصفحة 316 - تم قبول هذا الطعن]‏
‏============================ ‏
جمهورية مصر العربية - المحكمة الدستورية العليا‏
دعوى دستورية . محاماه . حق العمل . مبدأ المساواه ‏
‏------------------------‏
‏ حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 21 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 ‏لسنة 1983.‏

‏ برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور فاروق عبد الرحيم غنيم
وسامى فرج يوسف ‏وعبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور
ومحمد عبد القادر عبد الله أعضاء ‏وحنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحمدى أنور صابر أمين السر .‏

‏--- 4 ---‏
‏ إن البين من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 ، أن
المحاماة ـ فى أصلها وجوهر ‏قواعدها ـ مهنة حرة يمارسها المحامون على
استقلال لا سلطان عليهم فى ذلك إلا لضمائرهم وحكم القانون ( ‏مادة 1) وهم
بذلك شركاء للسلطة القضائية يعينونها على توكيد سيادة القانون والدفاع عن
حقوق المواطنين ‏وحرياتهم ويعملون معها من أجل تحقيق العدالة كفاية نهائية
لكل تنظيم قانونى يقوم على إرساء الحق ‏وإنفاذه وهى بإعتبارها كذلك تتمحض
جهداً عقلياً يتوخى ربطاً عمليا بين القانون فى صورته النظرية ‏المجردة
وبين تطبيقاته العملية ليقدم المحامون خدماتهم لموكلهم ـ فى إطار من
الابداع والتأسيس ـ بما يكفل ‏فعاليتها .‏

‏--- 5 ---‏
‏ إن الشروط التى يتطلبها المشرع لمزاولة حرفة أو مهنة بذاتها لا يجوز
تقريرها بعيداً عن متطلبات ‏ممارستها بل يتعين أن ترتبط عقلاً بها وأن
يكون فرضها لازماً لأداء المهمام التى تقوم عليها كامناً فيها ‏ملتئماً مع
طبيعتها منبئاً عن صدق اتصالها بأوضاعها وإلا كان تقرير هذه الشروط
انحرافاً عن مضمونها ‏الحق والتواء بمقاصدها وإرهاقاً لبيئة العمل ذاتها
وما ينبغى أن يهيمن عليها من القيم التى تعلو العمل ولا ‏تخل بطبيعة
الشروط التى يقتضيها وبوجه خاص كلما دل تطبيقها على مناهضتها لتكافؤ الفرص
أو تمييزها ‏فى التعامل دون مقتض بين المتزاحمين على العمل ، أو إنكارها
لحقهم فى الأمن ـ اجتماعياً أو إقتصادياً ـ أو ‏إضرارها بالظروف الأفضل
لضمان حريتهم وكرامتهم أو عدوانها على الحق فى تدريبهم مهنياً .‏

‏--- 6 ---‏
‏ إن ما تقدم مؤداه أن لكل حق أوضاعا يقتضيها وآثاراً يرتبها من بينها ـ
فى مجال حق العمل ـ ضمان ‏الشروط التى يكون أداء العمل فى نطاقها منصفاً
وإنسانياً ومواتياً فى تنتزع هذه الشروط قسراً من محيطها ‏ليكون مبناها
التحامل ، أو لتناقض بفحواها ما ينبغى أن يرتبط صدقاً وحقاً وعقلاً
بالأوضاع الطبيعية لأداء ‏العمل ‏Bona fide occupaional qualiflcation
reasonably necessary to the ‎‎ normal operation of the particular
business‎

‏--- 7 ---‏
‏ إن ما قد ينص عليه المشرع من حرمان الأشخاص الذين جاوزوا سنا حددها من
الالتحاق ببعض الأعمال ‏لا يستقيم على إطلاق ذلك أن من بين هذه الأعمال ما
يتصل ببعض المهن الحرة التى تقتضى ممارستها جهداً ‏عقلياً صرفاً من
القائمين عليها ، ولا شأن لها بمظاهر القصور فى قدراتهم البدنية وما يتصل
بها عاطفياً ‏وجسمانياً من تغيير يؤثر سلباً وعملاً فى إمكاناتهم فلا يكون
شرط السن عندئذ مقبولاً إلا إذا كان مبرراً ‏بطبيعة الأعمال التى يعهد إلى
العامل بها ونطاق واجباتها ومسئولياتها ليتحدد على ضوئها ما إذا كان هذا
‏الشرط فاعلاً مؤئراً فيها أم منافياً لها وغريبا عنها بما مؤداه أن الأصل
هو ألا يكون شرط السن معتبراً فإذا ‏كان لازماً لبعض الأعمال لزوماً
حتمياً كان ذلك استثناء من هذا الأصل يتعين أن يفسر فى أضيق الحدود وإلا
‏صار حق العمل ـ وغيره من المزايا التى يرتبط بها كالحقوق التأمينية ـ
ركاماً ولغدا شرط السن ذريعة لنقض ‏الحق فى العمل وهو حق لا يتقرر ايثاراً
ولا يمنح تفضلاً على ما تنص عليه المادة 13 من الدستور وما جرى ‏به قضاء
هذه المحكمة .‏

‏--- 9 ---‏
‏ ولئن جاز القول بأن تقدم العمر يحمل فى ثناياه مخاطر صحية لا يستهان بها
ولا يمكن التنبؤ بزمن ‏طروئها ولا بحدتها ومتاعبها ومضاعفاتها إلا أن
المهن الحرة التى تقتضى مزاولتها جهداً عقلياً يتعين أن ‏يكون النفاذ
اليها متاحاً لمن يطرقون أبوابها لا يتقيدون فى ذلك بغير الشروط الموضوعية
التى تؤهل ‏لممارستها والتى ينافيها شرط السن بإعتباره مصادماً لها دخيلاً
عليها ، وهو ما يعنى أن الشروط التى ‏يتطلبها المشرع للقيد فى الجداول
التى تنظم الاشتغال بالمهن الحرة ـ ومن بينها شرط السن ـ يتعين لإقرار
‏مشروعيتها أن يقوم الدليل على اتصالها بطبيعة هذه المهن ذاتها وما يكون
لازما عقلا لممارستها مرتبطاً ‏بجوهر خصائصها ‏The Essence of the
busniess‏ . ولقد صار أمراً مقضياً أن الأمم على ‏اختلافها تفقد كثيراً من
مصادر الثروة اللازمة لتقدمها إذا أعيق عمالها ـ بناء على سنهم ـ من
النفاذ إلى ‏الأعمال التى لا زالوا قادرين على النهوض بها ، والتى
يتكافأون فى إنجازها أو يمتازون فى أدائها عمن ‏يمارسونها فعلاً ليفقد
المبعدون عنها فرص عملهم وليكون التمييز بين هؤلاء وهؤلاء مصادماً للدستور
، ‏وهو ما يفيد أن شرط السن فى نطاق الأعمال الحرة كثيراً ما يكون مؤشراً
واهيا على القدرة على ممارستها .‏

‏--- 10 ---‏
‏ الأصل فى سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم
يقيد الدستور ممارستها ‏بضوابط تحد من إطلاقها وتعتبر تخوماً لها لا يجوز
اقتحامها أو تخطيها ؛ وكان الدستور إذ يعهد إلى السلطة ‏التشريعية بتنظيم
موضوع معين فإن ما تقره من القواعد القانونية فى هذا النطاق لا يجوز أن
ينال من ‏الحقوق التى كفل الدستور أصلها سواء بنقضها أو انتقاصها من
أطرافها ذلك أن إهدار هذه الحقوق أو ‏تهميشها عدوان على مجالاتها الحيوية
التى لا تتنفس إلا من خلالها ولا يجوز بالتالى أن يكون تنظيم هذه ‏الحقوق
اقتحاماً لفحواها بل يتعين أن يكون منصفاً ومبرراً .‏

‏--- 11 ---‏
‏ ما نص عليه الدستور فى المادة 13 من اعتبار العمل حقاً مؤداه ألا يكون
تنظيم هذا الحق مناقضاً لفحواه ‏وأن يكون فوق هذا اختياراً حراً والطريق
اليه محدداً وفق شروط موضوعية مناطها ما يكون لازماً لإنجازه ، ‏متوخياً
دوماً تطوير أنماط الحياة وتشكيلها فى إتجاه التقدم معززاً ببرامج رائدة
تزيد من خبرة العامل وتنميها ‏وتكفل خلق مناخ ملائم يكون العمل فى إطاره
إسهاماً وطنياً و واجباً .‏

‏--- 12 ---‏
‏ إن قانون المحاماة ـ وعلى ما تقضى به مادته الثالثة ـ قد دل على أن
أعمال المحاماة التى يزاولها ‏المحامون ، مناطها جهداً عقلياً يبذل فى
أدائها سواء من خلال الحضور عن موكليهم أمام المحاكم وهيئات ‏التحكيم
والجهات الادارية ذات الاختصاص القضائى ودوائر الشرطة وجهات التحقيق
إدارياً كان أم جنائياً أو ‏عن طريق الدفاع عنهم فى القضايا التى تقام
منهم أو عليهم ومباشرة إجراءاتها القضائية ؛ أو بإبداء ما ‏يكون مطلوباً
منهم من أراء أو مشورة قانونية ؛ أو بصياغتهم العقود على اختلافها مع
اتخاذ الاجراءات ‏اللازمة لشهرها أو توثيقها وهى بذلك لا ترتبط بقدرة
بدنية تتحدد على ضوئها أهليتهم فى مجال ممارستها ‏ولا يجوز بالتالى أن
يكون لتقدم عمرهم من أثر على متطلباتهم يؤيد ذلك أمران : ‏
أولهما : أن شرط السن ليس من بين الشروط التى تطلبتها المادة 13 من قانون المحاماة للقيد فى الجدول ‏العام . ‏
ثانيهما : أنه عملاً بنص المادتين 38 و 39 من هذا القانون يقبل للقيد ـ
لأول مرة ـ بالجدول الخاص ‏للمحامين أمام محكمة النقض وما يعادلها ـ وأيا
كانت سنهم ـ الشاغلون لوظيفة أستاذ قانون فى جامعة ‏مصرية وكذلك
المستشارون السابقون بالمحاكم وما يعادلها من وظائف الهيئات القضائية . ‏
وكان منطقيا بالتالى ألا يفرض قانون المحاماة حداً أقصى لزمن الاشتغال بها
ولا لسن من يزاولونها ليطلق ‏ممارستها من كل قيد لا يكون عائداً إلى طبيعة
مهامها وما بلوغ المحامى سن الستين إلا شرطاً لقيام حق ‏المحامى فى الحصول
على معاش كامل ـ ضمن شروط أخرى ـ حددتها المادة 196 من قانون المحاماة
التى ‏يزاولها وفقاً لتقديره دون تقيد بزمن معين .‏

‏--- 13 ---‏
‏ إنه متى كان ذلك وكان شرط السن المقرر بالنص المطعون فيه كقيد على
القبول بجدول المحامين تحت ‏التمرين لا يستقيم عقلاً إلا إذا كان ملتثماً
مع أعمال المحاماة لازماً لمباشرتها وكافلاً فوق هذا تحقيق ‏الأغراض التى
يتوخاها قانون المحاماة وقوامها الجهد المبدع الخلاق لضمان إرساء سيادة
القانون وكان ‏بلوغ الحقيقة الواقعة أو الراجحة ليس إلا عدلاً يعاون
المحامون السلطة القضائية فى الطريق اليه وكان ‏انقضاء مدة التمرين بعد
القيد فى الجدول المعد لذلك يعتبر مفترضاً أولياً لمباشرة أعمال المحاماة
على ‏استقلال وكان المحامى خلال فترة التمرين ـ وعملاً بالمادة 25 من
قانون المحاماة ـ لا يباشر إلا عملاً عقلياً ‏يتمثل فى إعداد البحوث
والمراجع العلمية واستخلاص الأحكام وتحضير صحف الدعاوى ومستنداتها وكان
‏رفض قيده بجدول المحامين تحت التمرين لتجاوزه الخمسين عاماً عند تقديم
طلب القيد يعنى أن تنغلق فى ‏وجهه ـ وبصفة نهائية ـ فرص مزاولة مهنة
المحاماة ليرتد عبئاً على الدولة تعينه ـ من خلال التأمين ‏الاجتماعى ـ فى
حدود إمكاناتها وطاقة عاطلة يمزقها القهر وتميل معها النفس إلى العدوان
والضيق بمجتمعها ‏وكان النص المطعون فيه قد أقام تمييزاً لا يستند إلى أسس
موضوعية بين الذين بلغوا الخمسين من العمر ‏عند طلبهم القيد بجدول
المحامين تحت التمرين وبين من جاوزوها كافلاً للأولين دون الآخرين حق
العمل ‏ونصيباً فى الناتج القومى يكون عائداً إلى عملهم فإن هذا التمييز
لا يكون مقبولاً دستورياً ذلك أن صور ‏التمييز التى تناهض مبدأ المساواة
أمام القانون وإن تعذر حصرها إلا أن قوامها كل تفرقة أو تفصيل أو تقييد
‏أو استبعاد ينال اعتسافاً من الحقوق التى كفلها الدستور أو القانون سواء
بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو ‏انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على
قدم المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للإنتفاع بها وبوجه ‏خاص على
صعيد الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية .‏

‏--- 15 ---‏
‏ إن ما ذهبت اليه هيئة قضايا الدولة من أن النص المطعون فيه يتمحض عن
قاعدة مجردة لا تقيم فى ‏مجال تطبيقها تمييزا بين المخاطبين بها بل تكفل
مساواتهم فى فرص القيد التى أتاحتها وكذلك تلك التى ‏حجبتها مردود بأن
إعمال مبدأ المساواة أمام القانون رهن بتوافر الشروط الموضوعية التى يحدد
المشرع ‏على ضوئها ، المراكز القانونية التى يتكافأ بها أصحابها أمام
القانون على أن يكون مفهوماً أن موضوعية ‏هذه الشروط مرجعها إلى اتصال
النصوص التى تقتضيها بالحقوق التى تتناولها بما يؤكذ ارتباطها عقلاً بها
‏من خلال تعلقها بطبيعة هذه الحقوق ومتطلباتها فى مجال ممارستها ومجرد
عمومية القاعدة القانونية ‏وتجردها ـ وإن كان لازماً لإنقاذ أحكامها ـ إلا
أن التمييز التشريعى المناقض لمبدأ المساواة أمام القانون لا ‏يقوم إلا
بهذه القواعد ذاتها .‏

‏--- 16 ---‏
‏ إن الحق فى التعبير عن الآراء على اختلافها وثيق الصلة بالحق فى
الاجتماع بل أن الحرية ذاتها لن ‏تظفر بدونهما بالضمان الحاسم لحمايتها
ويتعين أن تنظر المحكمة الدستورية العليا بطريقة صارمة إلى القيود ‏التى
قد يفرضها المشرع على حرية الاجتماع بإعتبار أن من يضمهم تنظيم معين إنما
يدافعون فيه ـ ‏بإجتماعهم معاً ـ عن آرائهم ومعتقداتهم أيا كانت طبيعتها .
ومع أن القيود التى تقوض حرية الاجتماع ‏المنصوص عليها فى المادة 54 من
الدستور قد لا يكون المشرع قد قصد اليها ، إلا أن آثارها العملية هى ‏التى
يجب أن تخضعها هذه المحكمة لرقابتها بما مؤداه أن الحق فى تكوين تنظيم
قانونى نقابى من حرية ‏الاجتماع وكلما كان الانضمام إلى نقابة بذاتها
معلقاً على شرط لا يتصل منطقياً بطبيعة المهام التى تقوم عليها ‏فإن إعمال
هذا الشرط يكون معطلاً حق النفاذ اليها وحائلاً دون مباشرة المؤهلين
لعضويتها لحق الاجتماع فى ‏إطارها وهو حق يوفر لكل عضو من أعضائها ـ
وانطلاقاً من الديمقراطية النقابية ـ الفرص ذاتها ـ التى يؤثر ‏من خلالها
ـ متكافئاً فى ذلك مع غيره ممن انضموا اليها ـ فى إدارة شئونها وإتخاذ
قراراتها ومراقبة نشاطها ‏بطريق مباشر أو غير مباشر .‏

‏--- 18 ---‏
‏ إنه متى كان ذلك وكان شرط السن المقرر بالنص المطعون فيه ، مؤداه حرمان
المدعى ـ وعلى غير ‏أسس موضوعية ـ من الانضمام إلى نقابة هو مؤهل لعضويتها
وفقا للشروط التى بينتها المادة 13 من قانون ‏المحاماة للقيد فى الجدول
العام فإن حكم هذا النص يكون غريباً عنها مجافيا لجوهر رسالتها وحائلاً
دون ‏الانضمام اليها ، وهادماً لحق العمل ، معطلاً آثاره ، مناقضاً مبدأ
المساواة أمام القانون ، ومخالفاً بالتالى ‏للمواد 13 و 25 و 40 و 47 و 54
و 56 من الدستور .‏


‏[الطعن رقم 38 - لسنــة 17 ق - تاريخ الجلسة 18 / 05 / 1996 - مكتب فني 7
- رقم الجزء 1 - ‏رقم الصفحة 637 - تم قبول هذا الطعن]‏

عدل سابقا من قبل Admin في الجمعة فبراير 05, 2010 3:17 pm عدل 1 مرات

descriptionالأحكام الصادرة بعدم دستورية بعض نصوص قانون المحاماة Emptyرد: الأحكام الصادرة بعدم دستورية بعض نصوص قانون المحاماة

more_horiz
جمهورية مصر العربية - المحكمة الدستورية العليا‏
دعوى دستورية " مصلحة شخصية مباشرة "‏
‏------------------------‏
‏ حكمت المحكمة:‏
أولاً: بعدم دستورية البند السادس من الفقرة الأولى من المادة 13 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم ‏‏17 لسنة 1983.‏
ثانياً: بعدم دستورية الأصل المقرر بمقتضى المادة 172 من هذا القانون في
شأن عدم رد رسوم القيد التي ‏تدفع للنقابة وبسقوط الاستثناء من هذا الأصل.‏

‏ برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور سامى فرج يوسف وعبد المجيد
فياض وماهر ‏البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد
القادر عبد الله أعضاء وحنفى على ‏جبالى رئيس هيئة المفوضين وحمدى أنور
صابر أمين السر .‏

‏--- 1 ---‏
‏ المصلحة الشخصية المباشرة ــ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ــ مناطها
إرتباطها عقلاً بالمصلحة ‏التى يقوم بها النزاع الموضوعى ، وذلك بأن يكون
الحكم فى المسائل الدستورية لازماً فى الفصل فى الطلبات ‏الموضوعية
المرتبطة بها ، وكان من المقرر أن مجرد مخالفة نص قانونى للدستور ، لا
يقيم شرط المصلحة ‏الشخصية المباشرة ، فلا ينهض سبباً لتوافرها ، وإنما
ينبغى لتحققها أن يكون المدعى قد أضير من جراء ‏تطبيق النص القانونى الذى
يدعى مخالفة للدستور ، أو كان إحتمال إضرار هذا النص به راجحاً .‏

‏--- 2 ---‏
‏ حرية الإنضمام إلى جمعية أو جماعة من أجل أن يدافع من يلوذون بها عن
معتقداتهم أو آرائهم ، تعد ‏جزءاً لا يتجزأ من حرياتهم الشخصية ، سواء
كانت آراؤهم أو معتقداتهم التى يريدون الدفاع عنها أو إنماءها ‏، تندرج
تحت المسائل السياسية أو الاقتصادية أو الدينية أو الثقافية أو الاجتماعية
، فلا يجوز لسلطة أن ‏تعرقل طرحها أو نقلها إلى آخرين ، وإلا كان لهذه
المحكمة أن تفرض رقابتها الصارمة على هذه الأشكال من ‏التدخل التى لا
يظاهرها الدستور بعد أن كفل بالمواد 46 ، 47 ، 48 ، 49 ، 63 حرية العقيدة
، وحرية ‏التعبير عن الآراء ، وحرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل
الإعلام ، وكذلك حق الناس جميعاً فى أن ‏يتقدموا إلى السلطة العامة
بظلاماتهم يعرضونها دون وجل ، كى يردوا عنهم جوراً أوعدواناً أحاط بهم .
وما ‏حرية الإجتماع إلا إطاراً منظماً يسع التعبير عن هذه الحريات والحقوق
جميعها ، فلا يكون إلا كافلاً جوهرها ‏، ميسراً إنفاذها ، ضامناً فعاليتها
، وعلى الأخص كلما كان التعبير عن الآراء واقعاً فى محيطها المتصل
‏بالمسائل العامة التى تقتضى بصراً بأبعادها ، وعمقاً فى عرض جوانبها ،
وصلابة فى تعرية نواحى القصور ‏فيها .‏

‏--- 3 ---‏
‏ ثمة علاقة وثيقة ‏Close nexus‏ بين حرية القول وحرية الإجتماع ، وأن
الإجتماع مع آخرين من أجل ‏عرض آرائهم وتطويرها ضرورة يقتضيها تنظيم
الأفراد لنشاطهم فلا تتعثر جهودهم ، بل يكون تكتلها طريقاً ‏إلى النفاذ
إلى الحقائق على إختلافها بما يحول دون كتمانها أو التجهيل بها ، أو تقليص
دائرتها . بل إن حرية ‏الإجتماع ذاتها هى التى يتفرع عنها حقهم فى بناء
تنظيم مشروع يضمهم ، وعلى الأخص كلما كان هذا ‏التنظيم سياسياً أو نقابياً
، فلا يحمل الفرد على إختيار تنظيم منها دون آخر ، ولا على التخلى عن
عضويته ‏فى تنظيم قائم ، ولا على الإعراض عن إنشاء تنظيم جديد يراه أكفل
للدفاع عن المصالح السياسية أو ‏الاقتصادية التى يؤمن بها . ولا يجوز
بالتالى أن تفرض السلطة التشريعية على حرية الاجتماع قيوداً من أجل
‏تنظيمها ، إلا إذا حملتها عليها مشروعية المصالح التى وجهتها لتقريرها ،
وكان لها كذلك سند من ثقلها ‏وضرورتها ، وكان تدخلها ــ من خلال هذه
القيود ــ بقدر حدة هذه المصالح ومداها .‏
The validity of governmental regulation must be determined by
‎assessing the degree of infringment of the right of association
against ‎the legitimacy , and the necessity of the governmental
interests and the ‎means of implementing these interests‏ . ‏
وما تجريه السلطة التشريعية من أعمال التحقيق ، ولو بقصد تطوير معلوماتها
فى مجال إعدادها لتشريعاتها ‏، يظل أمراً محظوراً كذلك ، إذ كان من شأنها
تأثيم عرض الآراء والأفكار أو ردعها ، وعلى الأخص عن ‏طريق إجتماع يعبر
عنها .‏

‏--- 4 ---‏
‏ تكوين التنظيم النقابى ــ مهنياً كان أم عمالياً ــ فرع من حرية
الاجتماع التى لا تجوز إعاقتها بقيود جائرة ‏لا تندرج تحت تنظيمها ، وإنما
تعتبر عدواناً عليها يعطلها أو ينال من دائرة ممارستها . ويجب بالتالى أن
‏يكون تكوين هذا التنظيم عملاً إرادياً ، فلا يكون الإنضمام إلى نقابة
بذاتها ولا تركها عملاً قسرياً ، وإنما ‏تتمثل الحرية النقابية التى كفلها
الدستور بنص المادة 56 ، فى إرادة إختيار المنظمة النقابية التى يطعن
‏الشخص إليها ، ولو من خلال إنهاء عضويته فى إحداها إيثاراً لغيرها ،
وكذلك فى إنتفاء أكثر من منظمة ــ ‏عند تعددها ــ لينضم إليها جميعاً إذا
كان مستوفياً شروط القيد فى كل منها ، وفى أن يعزل عنها بأكملها ، فلا
‏يلج أياً من أبوابها . وإنبثاق هذه الحقوق عن الحرية النقابية مبناه أنها
من ركائزها ، وأنها لا تخل بحق ‏النقابة ذاتها فى أن تقرر بنفسها أهدافها
ووسائل تحقيقها وطرق تمويلها وإرساء القواعد التى تنظم شئونها ‏‏. ولا
تعارض الحرية النقابية ــ محدداً مفهومها على النحو المتقدم ــ ديموقراطية
العمل النقابى ، ذلك أن ‏الديموقراطية النقابية هى التى تطرح بوسائلها
وتوجهاتها نطاقاً للحماية يكفل لقوة العمل ــ أياً كان موقعها ــ ‏مصالحها
الرئيسية ، وينفض عن تجمعاتها عوامل الجمود ، وهى كذلك مفترض أولى لوجود
حركة نقابية ‏تستقل بذاتيتها ومناحى نشاطها ، فلا تتسلط عليها جهة إدارية
، ولا تعلق تأسيسها على إذنها ، ولا تتدخل ‏فى شئونها بما يعوقها عن إدارة
نشاطها ، ولا تحل نفسها محل المنظمة النقابية فيما تراه هى ميسراً مصالح
‏أعضائها ، ولا أن تفرض وصايتها عليها ، أو تقرر عقابها بإنهاء وجودها .‏

‏--- 6 ---‏
‏ المجتمع المدنى هو الإطار الوحيد لكل تنظيم نقابى ، وهو يكون كذلك إذا
كان منفتحاً لكل الآراء ، قائماً ‏على فرص حقيقية لتداولها وتفاعلها ، بما
يوفق بينها قدر الإمكان أو يبدلها بغيرها ، فلا يكون العمل النقابى ‏إملاء
أو إلتواء ، بل تراضياً وإلتزاماً ، وإلا كان مجاوزاً الحدود التى ينبغى
أن يترسمها ‏Ultra Vires ‎Actions‏ . وهذه القيم التى يرعاها التنظيم
النقابى هى التى كرسها الدستور بنص المادة 56 ، التى تحتم ‏أن يكون هذا
التنظيم قائماً وفق مقاييس ديموقراطية يكون القانون كافلاً لها ، توكيداً
لأهمية وخطورة ‏المصالح التى يمثلها ، وعمق إتصالها بالحقوق المقررة
قانوناً لأعضائها ، فلا ينحاز العمل النقابى لمصالح ‏جانبية لبعضهم محدودة
أهميتها ، بل يكون تقدمياً بالضرورة ، متبنياً نهجاً مقبولاً من جموعهم ،
وقابلاً ‏للتغيير على ضوء إرادتهم .‏

‏--- 7 ---‏
‏ إن حق النقابة ذاتها فى تكوينها وفق أسس ديموقراطية ، وكذلك إدارتها
لشئونها بما يكفل إستقلالها ، ‏ويقظتها فى الدفاع عن مصالح أعضائها ،
وتطويرها للقيم التى يدعون إليها فى إطار أهدافها ، ووعيها بما ‏يعنيهم ،
ومراجعتها لسلوكهم ، لا يخولها العدوان على حقوق كفلها الدستور ، ويندرج
تحتها حق كل مواطن ‏فى الانضمام إلى أكثر من نقابة كلما كان مستوفياً شروط
القيد فى كل منها ، وتوكيد أن الحق فى العمل لا ‏يتقرر إيثاراً ، ولا يمنح
تفضيلاً . ذلك أن الشرعية الدستورية هى التى تضبط الأعمال جميعها وتحيط
بكل ‏صورها ، وإليها ترد النصوص القانونية التى تنظم العمل النقابى ، فلا
يباشره أحد إنحرافاً عنها ، أو تنصلاً ‏منها .‏

‏--- 8 ---‏
‏ البند السادس من الفقرة الأولى من المادة 13 من قانون المحاماة المطعون
عليه ، قد شرط للقيد فى ‏الجدول العام ألا يكون طالب القيد ، عضواً عاملاً
فى نقابة مهنية أخرى ، وكان حق الإنضمام إلى أكثر من ‏نقابة مهنية ، من
الأسس الجوهرية التى تكفلها الحرية النقابية ــ بما تشتمل عليه من حق
العمل ــ وتقتضيها ‏كذلك إرادة الاختيار التى تفرضها الحرية الشخصية ،
وتعززها حرية الإجتماع التى إعتبرها الدستور إطاراً ‏لتعدد الآراء
وتقابلها وتفاعلها وتقييمها إنحيازاً لأكثرها قبولاً ، فإن حكم هذا البند
يكون مخالفاً للمواد 13 ، ‏‏47 ، 54 ، 56 من الدستور .‏

‏--- 9 ---‏
‏ الشروط التى يتطلبها المشرع لمزاولة مهنة بذاتها ، يجب أن ترتبط عقلاً
بخصائصها ، وما يكون لازماً ‏لممارستها ، فلا يفرضها المشرع بعيداً عن
متطلباتها ، أو إنحرافاً عن صدق إتصالها بأوضاعها ، أو بما ‏يفقد عناصر
بيئتها ما ينبغى أن يهيمن عليها من توافق ، ذلك أن لكل حق بنياناً يحدد
محتواه ، ودائرة يمتد ‏إليها ، وأثاراً يرتبها ، من بينها أن حق العمل ليس
مطلباً ثانوياً ، وأن الشروط التى يتم فى نطاقها يجمعها أن ‏يكون منصفاً
وإنسانياً ومواتياً ، ومهيأ لتطور أكثر كمالاً . وإنتزاع هذه الشروط قسراً
من محيطها ، يفقدها ‏مغزاها ، ويقصيها عن الأسس الموضوعية التى ينبغى أن
تكون قواماً لها.‏

‏--- 10 ---‏
‏ قانون المحاماة قد دل بالنصوص التى تضمنها على أن المحاماة ــ فى أصلها
وجوهر قواعدها ــ مهنة ‏حرة يمارسها المحامون وحدهم فى إستقلال ، لا سلطان
عليهم فى مزاولتها والنهوض بتبعاتها لغير ‏ضمائرهم وحكم القانون ، وكان
قانون المحاماة قد قرن إستقلالهم باستقلال السلطة القضائية ، فاعتبر
‏المحامين شركاء لها يعينونها على إيصال الحقوق لذويها فى إطار من سيادة
القانون وقيم العدل التى يكفلون ‏من خلالها الدفاع عن حقوق المواطنين
وحرياتهم ( المادة الأولى من قانون المحاماة ) ، وكان إستقلال ‏المحامين
فى أداء أعمالهم وإحتكامهم إلى ضمائرهم وسلطان القانون دون غيرهما ، ينفى
بالضرورة تبعيتهم ‏لجهة عمل تتولى توجيههم وفرض رقابتها عليهم ، ومؤداه
أنهم لا يتلقون عن جهدهم أجراً محدداً على ضوء ‏علاقة عمل ، بل تعتبر
وكالتهم عن موكليهم ، وكذلك أصول مهنتهم وضوابط ممارستها ، محددة
لواجباتهم ‏قبل عملائهم ، ومصدراً للحقوق التى تنتجها ، وكان قانون
المحاماة يتطلب ألا يكون طالب القيد عاملاً ‏بالحكومة أو بجهة مشبهة بها ،
أو بوحدة إقتصادية لقطاع الأعمال ، وكان هذا الشرط لا يعتبر منافياً
‏للأوضاع المنطقية التى تتخذها مهنة المحاماة إطاراً لمزاولتها ، ومناطها
إستقلال المحامين فى مباشرة ‏شئونها ، وإدارتهم الدفاع عن موكليهم على ضوء
تقديراتهم وخياراتهم التى يستقلون بها ، فإن ذلك الشرط ‏لا يكون مخالفاً
للدستور ، مما يتعين معه رفض الدعوى فى هذا الشق . لا ينال مما تقدم
إستثناء أساتذة ‏القانون فى الجامعات المصرية من الشرط المبين بالبند
الثامن من الفقرة الأولى من المادة 13 من قانون ‏المحاماة ، والمحدد
تفصيلاً بالبند الثالث من الفقرة الأولى من المادة 14 من هذا القانون ،
ذلك أن المشرع ‏قدر أنه مهنة المحاماة يثريها ويدعمها إنضمام هؤلاء إليها
باعتبارهم أقدر على الإبداع والتأصيل ، وتأسيس ‏دفاع مقتدر يعتمد على
إتساع خبراتهم ، وإحاطتهم بفروع القانون على إختلافها ، وتعمقهم لأغوارها
، ‏وإتصالهم بأدق مسائلها ، فلا يكون إسهامهم فى أعمالها إلا عوناً على
إدارة العدالة بما يقيمها على صحيح ‏بنيانها . كذلك فإن إستثناء المحامين
بالإدارات القانونية المصرح لهم بمزاولة المحاماة وفقاً للقانون ، مرده
‏أن هؤلاء لا يزاولون أعمال المحاماة لغير الجهة التى يعملون بها ، وبحكم
وظائفهم فيها ، ولا يتولون إلا ‏الأعمال ذاتها التى تنفرد بها مهنة
المحاماة ، وتقوم عليها .‏

‏--- 12 ---‏
‏ الحماية التى أسبغها الدستور على حق الملكية بمقتضى المادتين 32 ، 34
منه ، تمتد ــ وعلى ما جرى ‏به قضاء هذه المحكمة ــ إلى الحقوق جميعها
الشخصية منها والعينية ، وكذلك إلى حقوق الملكية الأدبية ‏والفنية
والصناعية ، وكانت هذه الحماية تقيم توازناً بين الملكية فى ذاتها والقيود
التى يجوز فرضها عليها ، ‏فلا ترهقها تدابير لا تتصل بوظيفتها الاجتماعية
بما يفقد الملكية محتواها ، أو يعتصر جانباً من مقوماتها ، ‏وكانت الحقوق
الشخصية قوامها رابطة بين شخصين يجوز للدائن بمقتضاها أن يحمل مدينه على
إعطاء شئ ‏أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل ، وكان حق المدعى فى أن ترد
إليه الأموال التى دفعها مقابلاً للقيد فى ‏الجدول العام لنقابة المحامين
، من الحقوق الشخصية ، فإن إمتناع قيده فى هذا الجدول بناء على نص ‏قانونى
صحيح دستورياً ، يكون مستوجباً ردها ، لا إستثناء من ذلك ، أيا كانت
الأعذار التى تنتحلها نقابة ‏المحامين للتخلص من إلتزامها بالرد . إن كل
إستثناء من قاعدة كلية يفترض وجودها ، فإذا أبطلتها هذه ‏المحكمة ، سقط
الإستثناء منها ، وكانت القاعدة التى قررتها الفقرة الأولى من المادة 172
من قانون ‏المحاماة فى شأن إمتناع رد رسوم القيد أصلاً ، هى التى هدمتها
هذه المحكمة ، فإن زوال الاستثناء منها ‏مؤداه ألا تقوم قائمة للاختصاص
المخول للجنة القبول ، والمنصوص عليه بهذه الفقرة .‏

‏--- 14 ---‏
‏ إن هذه المحكمة لا يجوز أن تبدد وقتها وجهدها من خلال مواجهتها لنزاع
عار عن أن يكون حقيقياً ‏وقائماً ‏A sufficiently real and actual
dispute‏ مستكملاً محتواه ، ماثلاً بعناصره ‏Well - ‎developed‏ ، ومحدداً
تحديداً كافياً يتهيأ به الفصل فيه ‏Specifice to elicit adjudication‏
بما ‏مؤداه إنتفاء إتصالها بنزاع لا زال فى دور التكوين ‏Not yet fully
born‏ أو أجهض قبل التداعى ‏Already dead‏ ، بأن قبولها للخصومة الدستورية
يرتبط بتكامل عناصرها ، فلا يكون أمرها نظرياً ‏hypothetical‏ أو مجرداً
‏abstract‏ ، بل تلح حدتها وتفرض وجودها على أطرافها ‏Concrete ‎dispute
between truly " Adverse " parties‏ بما يؤكد نضجها ‏Ripenes‏ وتماسكها .‏


‏[الطعن رقم 86 - لسنــة 18 ق - تاريخ الجلسة 06 / 12 / 1997 - مكتب فني 8
- رقم الجزء 1 - ‏رقم الصفحة 992 - تم قبول هذا الطعن]‏
‏================================= ‏

جمهورية مصر العربية - المحكمة الدستورية العليا
مبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون ‏
‏------------------------‏
‏ حكمت المحكمة بعدم دستورية عجز الفقرة الأولي من المادة 197 من قانون
المحاماة الصادر بالقانون ‏رقم 17 لسنة 1983 فيما نصت عليه من "ويخفض
المعاش إلي النصف بالنسبة للمحامين المعاملين بأحكام ‏قانون التأمين
الإجتماعي وذلك عن كل سنة من سنوات التأمين الإجتماعي".‏

‏ برئاسة محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة وعضوية عبد المجيد فياض وماهر
البحيرى ومحمد على ‏سيف الدين وعدلى محمود منصور وعلى عوض محمد صالح وأنور
رشاد العاصى وحنفى على جبالى رئيس ‏هيئة المفوضين وحمدى أنور صابر أمين
السر .‏

‏--- 1 ---‏
‏ مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون - وبقدر تعلقه بالحدود التى تباشر
فيها هذه المحكمة ولايتها - وعلى ‏ما جرى عليه قضاؤها - أنه لا يجوز أن
تخل السلطتان التشريعية أو التنفيذية فى مجال مباشرتهما ‏لاختصاصاتهما
التى نص عليها الدستور بالحماية المتكافئة للحقوق جميعها ، سواء فى ذلك
تلك التى قررها ‏الدستور أو التى ضمنها المشرع ن ومن ثم كان هذا المبدأ
عاصما من النصوص القانونية التى يقيم بها ‏المشرع تمييزا غير مبرر تتنافر
به المراكز القانونية التى تتماثل عناصرها ، فلا تكون وحدة بنيانها مدخلا
‏لوحدة تنظيمها ، بل تكون القاعدة القانونية التى تحكمها إما مجاوزة
باتساعها أوضاع هذه المراكز أو قاصرة ‏بمداها عن استيعابها .‏

‏--- 2 ---‏
‏ الأصل فى سلطة المشرع فى مجال تنظيم الحقوق - على ما جرى به قضاء هذه
المحكمة - هو إطلاقها ‏مالم يقيدها الدستور بقيود معينة تبين تخوم الدائرة
التى لا يجوز أن يتداخل المشرع فيها هادما لتلك الحقوق ‏أو مؤثرا فى
محتواها بما ينال منها ، فلا يكون تنظيم المشرع لحق ما سليما من زاوية
دستورية إلا فيما ‏وراء هذه الحدو ، فإن اقتحمها بدعوى تنظيمها إنحل ذلك
عدوان عليها ، ولئن كان الدستور - بنص المادة ‏‏122 منه - قد فوض السلطة
التشريعية فى تقرير قواعد منح المعاش إلا أنه من المقرر - على ما جرى به
‏قضاء هذه المحكمة - أن الحق فى الميعاش - إذا توافر استحقاقه ، فإنه ينهض
التزاما على الجهة التى تقرر ‏عليها مترتبا فى ذمتها بقوة القانون . لكل
من نظاكى التأمين المشار إليهما - على ما تقدم - قانونه الخاص ، ‏فلا
تختلط الحقوق الناشئة عنهما لتغاير مصدرها ، وتباين شرائط نشوئها ، وتفتوت
مداها ، واختلاف الجهة ‏التى تلتزم بأداء ما يترتب فى ذمتها من الحقوق
الناشئة عنهما لأصحابها ، الأمر الذى يسوغ إجتماع الحقوق ‏الناشئة عنهما
لأصحابها ، الأمر الذى يسوغ إجتماع الحقوق التى كفلاها معا كلما استجمع
مستحقوها عناصر ‏نشوئها .‏

‏--- 5 ---‏
‏ الحماية التى كفلها الدستور لحق الملكية الخاصة - على ما جرى به قضاء
هذه المحكمة - تمتد إلى كل ‏حق ذى قيمة مالية ، سواء أكان هذا الحق شخصيا
أم عينيا ، أم كان من حقوق الملكية الفنية أو الادبية أو ‏الصناعية ، وهو
ما يعنى اتساعها للأموال بقدر عام .‏


‏[الطعن رقم 99 - لسنــة 20 ق - تاريخ الجلسة 04 / 12 / 1999 - مكتب فني 9
- رقم الجزء 1 - ‏رقم الصفحة 409 - تم قبول هذا الطعن]‏
‏=========================== ‏

جمهورية مصر العربية - المحكمة الدستورية العليا
أعمال قضائية ‏
‏------------------------‏
‏ حكمت المحكمة بعدم دستورية الفقرتين الأولي والثانية من المادة (84) من
قانون المحاماة الصادر ‏بالقانون رقم 17 لسنة 1983 وبسقوط كل من فقرتها
الثالثة، والمادة (85) من هذا القانون.‏

‏ برئاسة محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة وعضوية فاروق عبد الرحيم غنيم
وحمدى محمد على عبد ‏الرحمن نصير وسامى فرج يوسف وعبد المجيد فياض وماهر
البحيرى وعبد الوهاب عبد الرازق حسن ‏رئيس هيئة المفوضين وحمدى أنور صابر
أمين السر .‏

‏--- 1 ---‏
‏ التمييز بين الاعمال القضائية وبين غيرها من الاعمال التى قد تلتبس بها
انما يقوم على مجموعة من ‏العناصر لا تتحدد بها ضوابط هذا التمييز على وجه
قطعى ولكنها تعين على ابراز الخصائص الرئيسية للعمل ‏القضائى ومن بينها ان
اسباغ الصفة القضائية عى اعمال اية جهة عهد اليها المشرع بالفصل فى نزاع
معين ‏يفترض ان يكون تشكيلها واستقلالها كاشفين عن حيدتها عند الفصل فى
النزاع ومؤديين الى غيريتها فى ‏مواجهة اطرافه وانه فى كل حال يتعين ان
يثير النزاع المطروح عليها ادعاء قانونيا يبلور الحق فى الدعوى ‏كرابطة
قانونية تنعقد الخصومة القضائية من خلالها وبوصفها الوسيلة التى عينها
المشرع لاقتضاء الحقوق ‏المدعى بها وبمراعاة ان يكون اطار الفصل فيها
محددا بما لا يخل بالضمانات القضائية الرئيسية التى لا ‏يجوز النزول عنها
واالتى تقوم فى جوهرها على اتاحة الفرص المتكافئة لتحقيق دفاع اطرافها
وتمحيص ‏ادعاءاتهم على ضوء قاعدة قانونية نص المشرع عليها سلفا محددا على
ضوئها حقوق كل من المتنازعين ‏فى تجرد كامل ليكون القرار الصادر فى النزاع
مؤكدا للحقيقة الواقعة - على كل من الزمه المشرع بها .‏

‏--- 2 ---‏
‏ مؤدى المادة 84 من قانون المحاماة ان اللجنة المشكلة طبقا لها يخلو
تشكيلها من العنصر القضائى وان ‏المشرع لم يقرر لها كيانا ذاتيا مستقلا عن
النقابة الفرعية وان اعضاءها - بحكم موقعهم على القمة من ‏تنظيمهم النقابى
- انما ينظرون المنازعة بشأن تقدير اتعاب المحاماة فى كنف نقابتهم التى
تعنى اساسا ‏بالمصالح المهنية الخاصة لاعضائها وان المشرع لم يكفل لطرح
النزاع على هذه اللجنة الضمانات الجوهرية ‏للتقاضى التى ينطوى تحتها حق كل
خصم فى عرض دعواه وطرح ادلتها والرد على ما يعارضها على ضوء ‏فرص يتكافأ
اطرافها فيها جميعا بل فرض على هذه المنازعة نهجا اجرائيا حائفا فقصر
اللجوء اليها على ‏المحامى واوصد بابه على موكله فلم يجز له ان يعرض -
ابتداء - ظلامته عليها اذا ما اقتضت مصلحته ذلك ‏بل عليه ان يتربص الطلب
الذى يتقدم به المحامى حين يشاء كى يطرح عليها اقواله الامر الذى يخل
بالتوازن ‏الذى تفرضه علاقة الوكالة القائم بينهما اجحافا بمصلحة الموكل
وترجيحا لمصلحة المحامى عليها كما ارهق ‏المشرع الحق فى الالتجاء مباشرة
الى المحكمة المختصة فى شأن الاتعاب محل الخلاف بما استلزمه من ان ‏تكون
اللجنه قد تقاعست عن الفصل فى موضوع الطلب - بقرار مسبب - خلال ستين يوما
قبل ولوجهما ‏طريق التقاضى اذ كان ذلك وكانت اللجنة فى مباشرتها لعملها
المنوط بها لا تبدو مبرأة من امتزاجه بالعمل ‏النقابى مما يثير الريب حول
حيدتها ويزعزع ضمانة الاستقلال التى كان ينبغى ان تحيط بأعضائها بما لا
‏تستقيم معه غيريتها فى مواجهة اطراف المنازعة فان هذه اللجنة لا تعتبر -
ازاء المنازعة التى اختصها ‏المشرع بالفصل فيها - هيئة ذات اختصاص قضائى
ومن ثم فان قرارها فى هذه المنازعة لا يصدق عليه ‏وصف القرار القضائى بما
يخرجها - بالتالى - من مفهوم القاضى الطبيعى .‏

‏--- 3 ---‏
‏ الدستور بما نص عليه فى المادة 68 من ان لكل مواطن حق الالتجاء الى
قاضيه الطبيعى قد دل - وعلى ‏ما جرى عليه هذه المحكمة - على ان هذا الحق
فى اصل شرعته هو حق للناس كافة تتكافأ فيه مركزهم ‏القانونية فى سعيهم لرد
العدوان على حقوقهم دفاعا عن مصالحهم الذاتية وقد حرص الدستور على ضمان
‏اعمال هذا الحق فى محتواه المقرر دستوريا بما لا يجوز معه قصر مباشرته
على فئة دون اخرى او اجازته ‏فى حالة بذاتها دون سواها او ارهاقه بعوائق
منافية لطبيعته لضمان ان يكون النفاذ اليه حقا لكل من يلوذ به ‏غير مقيد
فى ذلك الا بالقيود التى يقتضيها تنظيمه والتى لا يجوز بحال ان تصل فى
مداها الى حد اعناته او ‏مصادرته واذا كان حق التقاضى من الحقوق العامة
التى كفل الدستور بنص المادة 40 المساواة بين ‏المواطنين فيها فان
حرمانطائفة من هذا الحق مع تحقق مناطه - وهو قيام المنازعة فى حق من حقوق
‏افرادها - انما ينطوى على اهدار مبدأ المساواة بينهم وبين غيرهم من
المواطنين الذين لم يحرموا من هذا ‏احق ومن المقرر فى قضاء هذه المحكمة ان
الناس جميعالا يتمايزون فيما بينهم فى مجال حقهم فى النفاذ الى ‏قاضيهم
الطبيعى ولا فى مجال التداعى بشأن الحقوق المدعى بها وفق مقاييس موحدة عند
توافر شروطها اذ ‏ينبغى دوما ان يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء فى
مجال اقتضائها او الدفاع عنها او الطعن فى ‏الاحكام التى تصدر فيها .‏

‏--- 4 ---‏
‏ نص الفقرتين الاولى والثانية من المادة 84 يكون قد مايز - فى مجال
ممارسة حق التقاضى - بين ‏المواطنين المتكافئة مركزهم القانونية دون ان
يستند هذا التمييز الى اسس موضوعية بما يمثل اخلالا بمبدأ ‏مساواة
المواطنين امام القانون وتعويقا لحق التقاضى واعتداء على استقلال السلطة
القضائية مخالفا بذلك ‏احكام المواد 40 و 68 و 165 و 167 من الدستور‏


‏[الطعن رقم 153 - لسنــة 19 ق - تاريخ الجلسة 05 / 06 / 1999 - مكتب فني
9 - رقم الجزء 1 - ‏رقم الصفحة 284 - تم قبول هذا الطعن]‏
‏============================ ‏
جمهورية مصر العربية - المحكمة الدستورية العليا
دعوى دستورية
‏------------------------‏
‏ حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الثالثة من المادة (Cool من
قانون المحاماة الصادر ‏الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من حظر مباشرة
محامىِّ الإدارات القانونية بالهيئات العامة لأعمال ‏المحاماة بالنسبة إلي
القضايا الخاصة بهم وتكون متعلقة بالجهات التي يعملون بها.‏

‏ برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحي نجيب (رئيس المحكمة)‏

وعضوية السادة المستشارين: محمد علي سيف الدين وعبد الوهاب عبد الرازق حسن
والدكتور حنفي علي ‏جبالي وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي
ومحمد خيري طه

وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما (رئيس هيئة المفوضين)‏
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن (أمين السر)‏

‏--- 1 ---‏
‏ البين من الحكم سالف البيان أنه قصر قضاءه بعدم الدستورية في النص
المذكور على المحامين ‏بالإدارات القانونية بشركات القطاع العام في حين أن
المدعية تعمل محامية بالإدارة القانونية لهيئة عامة ولا ‏يسرى بشأنها ذلك
الحكم.‏

‏--- 2 ---‏
‏ المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطا لقبول الدعوى الدستورية، ومناطها أن
يكون ثمة ارتباط بينها ‏وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون
الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في ‏الطلبات الموضوعية المرتبطة
بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وإذ كان جوهر النزاع الموضوعي أن
‏المدعية قضى بعدم قبول دعواها الخاصة بطلب إلغاء قرار تخطيها في الترقية
على سند من أن توقيعها على ‏صحيفة تلك الدعوى غير جائز وكان سند الحكم في
ذلك هو نص الفقرة الثالثة من المادة (Cool من قانون ‏المحاماة الصادر
بالقانون رقم 17 لسنة 1983 سالف البيان بالنسبة للمحامين بالإدارات
القانونية بالهيئات ‏العامة فإنه تكون للمدعية مصلحة شخصية مباشرة في
الطعن على النص المشار إليه.‏

‏--- 3 ---‏
‏ أن الدساتير المصرية جميعها بدءا من دستور 1923 وانتهاء بالدستور القائم
ورددت جميعها مبدأ ‏المساواة أمام القانون، وكفلت تطبيقه على المواطنين
كافة باعتباره أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعي ‏وعلى تقدير أن
الغاية التي يستهدفها تتمثل أصلا في صون حقوق المواطنين وحرياتهم في
مواجهة صور ‏التمييز التي تنال منها، أو تقييد ممارستها واضحي هذا المبدأ
ـ في جوهره ـ وسيلة لتقرير الحماية القانونية ‏المتكافئة التي لا يقتصر
نطاق تطبيقها على الحقوق والحريات المنصوص عليها في الدستور، بل يمتد مجال
‏إعمالها كذلك إلى تلك التي كفلها المشرع للمواطنين في حدود سلطته
التقديرية، وعلى ضوء ما ترتأيه محققا ‏للصالح العام. إذ كان ذلك وكان من
المقرر أيضا أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها، إلا أن
‏قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من
الحقوق والحريات التي كفلها ‏الدستور أو القانون، وذلك سواء بإنكار أصل
وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها ‏على قدم
المساواة الكاملة بين المؤهلين للانتفاع بها.‏


‏[الطعن رقم 56 - لسنــة 24 ق - تاريخ الجلسة 11 / 05 / 2003 - مكتب فني
10 - رقم الجزء 1 - ‏رقم الصفحة 1062 - تم قبول هذا الطعن]‏

‏ بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. حيث إن الوقائع على ما يبين من
صحيفة الدعوى وسائر الأوراق ‏تتحصل فى أن المدعية كانت من العاملين
بالهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية، وبتاريخ ‏‏18/5/1997 أقامت
الدعوى رقم 6274 لسنة 51 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة دائرة
الترقيات ‏بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 1652 لسنة 1996
الصادر بتاريخ 10/12/1996 فيما ‏تضمنه من تخطيها فى الترقية وفى الموضوع
بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار، وتعويضها ‏بمبلغ مائة ألف
جنيه عن الأضرار التى أصابتها وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. ووقعت
صحيفة دعواها ‏المشار إليها بنفسها بصفتها محامية مقبولة للحضور أمام
محكمة النقض والإدارية العليا بالهيئة التى تعمل ‏بها. ولدى نظر دعواها
صدر القانون رقم 19 لسنة 1998بتحويل الهيئة القومية للاتصالات السلكية
‏واللاسلكية إلى شركة مساهمة مصرية، وتضمن النص فى المادة (14) منه على أن
"تستمر المحاكم بجميع ‏أنواعها ودرجاتها فى نظر الدعاوى والطعون التى تكون
الهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية طرفاً ‏فيها إلى أن يتم
الفصل فيها بحكم بات وفقاً للقواعد المعمول بها حالياً، وذلك دون حاجة إلى
أى إجراء آخر ‏متى كانت قد رفعت قبل العمل بهذا القانون" وبجلسة 13/9/1998
طلبت المحكمة من المدعية تصحيح شكل ‏الدعوى وذلك بتوقيعها من محام غيرها
مقبول للحضور أمامها، فاستجابت لقرار المحكمة وأودعت بجلسة ‏‏19/12/1998
صحيفة دعوى معلنة موقعاً عليها من محام غيرها مقبول للحضور أمام المحكمة.
وبجلسة ‏‏4/4/1999 حكمت محكمة القضاء الإدارى بعدم قبول الدعوى بالنسبة
لطلبها إلغاء القرار رقم 1652 لسنة ‏‏1996 لإقامته بعد الميعاد، مستندة فى
ذلك إلى أن صحيفة الدعوى الصحيحة الموقعة من محام غير المدعية ‏لم تودع
قلم كتاب المحكمة إلا بعد فوات المواعيد المقررة لإقامة دعوى الإلغاء
طعناً على القرار الطعين ‏سالف الإشارة. طعنت المدعية على هذا الحكم أمام
المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 5563 لسنة 45 ق، ‏وأسست طعنها على أن
المحكمة التفتت عن الصحيفة الموقعة منها بصفتها محامية، ودفعت بعدم
دستورية ‏نص الفقرة الثالثة من المادة الثامنة من قانون المحاماة الصادر
بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المشار إليه. ‏وبعد أن قدرت المحكمة جدية الدفع
صرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية فأقامت الدعوى الماثلة. وحيث إن ‏المادة
الثامنة من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 بعد تعديلها
بالقانون رقم 227 لسنة ‏‏1984 تنص على أنه: " مع عدم الإخلال بأحكام قانون
المرافعات المدنية والتجارية، لا يجوز لمحامىِّ ‏الإدارات القانونية
للهيئات العامة وشركات القطاع العام والمؤسسات الصحفية، أن يزاولوا أعمال
المحاماة ‏لغير الجهة التى يعملون بها وإلا كان العمل باطلاً. كما لا يجوز
للمحامى فى هذه الإدارات القانونية، الحضور ‏أمام المحاكم الجنائية إلا فى
الإدعاء بالحق المدنى فى الدعاوى التى تكون الهيئة أو الشركة أو المؤسسة
‏طرفاً فيها، وكذلك الدعاوى التى ترفع على مديريها، والعاملين بها بسبب
أعمال وظائفهم. ولا يسرى هذا ‏الحظر بالنسبة للقضايا الخاصة بهم وبأزواجهم
وأقاربهم حتى الدرجة الثالثة، وذاك فى غير القضايا المتعلقة ‏بالجهات التى
يعملون بها ". وحيث إنه بتاريخ 2/12/1995 حكمت المحكمة الدستورية العليا
فى الدعوى ‏رقم 15 لسنة 17 قضائية "دستورية" بعدم دستورية ما تضمنته
الفقرة الثالثة من المادة (Cool من قانون ‏المحاماة الصادر بالقانون رقم 17
لسنة 1983، من حظر مباشرة محامىِّ الإدارات القانونية بشركات القطاع
‏العام لأعمال المحاماة بالنسبة إلى القضايا الخاصة بهم وتكون متعلقة
بالجهات التى يعملون بها....... ". ‏وحيث إن البين من الأوراق، أن المدعية
قصرت الطعن بعدم الدستورية، على نص الفقرة الثالثة من المادة ‏الثامنة
المشار إليها من حظر مباشرة محامىِّ الإدارات القانونية بالهيئات العامة
لأعمال المحاماة بالنسبة إلى ‏القضايا الخاصة بهم وتكون متعلقة بالجهات
التى يعملون بها. وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا ‏الدولة بعدم
قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد ولسابقة الحكم بعدم دستورية النص المطعون
فيه، فإن البين من ‏الأوراق أن الطاعنة دفعت بعدم دستورية النص سالف
البيان أمام محكمة الموضوع، فقدرت جدية الدفع ‏وصرحت لها بتاريخ 6/1/2002
بإقامة الدعوى الماثلة فأقامتها بتاريخ 13/2/2002، ومن ثم فإنها تكون ‏قد
أقيمت فى خلال الثلاثة أشهر مستوفية للشكل وفقاً لنص المادة (29/ب) من
قانون المحكمة الدستورية ‏العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 ويكون
الدفع بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد على غير أساس. ‏وحيث إنه بالنسبة
للدفع بعدم قبول الدعوى الماثلة لسابقة الحكم بعدم دستورية النص المطعون
عليه فى ‏الدعوى رقم 15 لسنة 17 قضائية "دستورية" بتاريخ 2/12/1995، فإنه
غير مقبول ذلك أن البين من ‏الحكم سالف البيان أنه قصر قضاءه بعدم
الدستورية فى النص المذكور على المحامين بالإدارات القانونية ‏بشركات
القطاع العام فى حين أن المدعية تعمل محامية بالإدارة القانونية لهيئة
عامة ولا يسرى بشأنها هذا ‏الحكم. وحيث إن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن
المصلحة الشخصية المباشرة تعد شرطاً لقبول الدعوى ‏الدستورية، ومناطها أن
يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون
‏الحكم فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة
بها والمطروحة على محكمة ‏الموضوع، وإذ كان جوهر النزاع الموضوعى أن
المدعية قضى بعدم قبول دعواها الخاصة بطلب إلغاء قرار ‏تخطيها فى الترقية
على سند من أن توقيعها على صحيفة تلك الدعوى غير جائز وكان سند الحكم فى
ذلك هو ‏نص الفقرة الثالثة من المادة (Cool من قانون المحاماة الصادر
بالقانون رقم 17 لسنة 1983 سالف البيان ‏بالنسبة للمحامين بالإدارات
القانونية بالهيئات العامة فإنه تكون للمدعية مصلحة شخصية مباشرة فى الطعن
‏على النص المشار إليه. وحيث إن المدعية تنعى على النص الطعين مخالفته
لأحكام المواد (40، 65، 68، ‏‏69) من الدستور. وحيث إن الطاعنة تنعى على
النص الطعين مخالفته مبدأ المساواة المنصوص عليه فى ‏المادة (40) من
الدستور تأسيساً على أنه أقام تفرقة تحكمية بين أعضاء الإدارات القانونية
الذين شملهم ‏النص الطعين ومن بينهم محامو الإدارات القانونية بالهيئات
العامة وبين غيرهم من المحامين، إذ حظر النص ‏الطعين على أعضاء الإدارات
القانونية بالهيئات العامة من المحامين مباشرة أعمال المحاماة بالنسبة إلى
‏القضايا الخاصة بهم والتى تكون متعلقة بالجهة التى يعملون بها، بينما خول
قانون المحاماة المشار إليه لكل ‏محام عدا من شملهم النص الطعين أن يقيم
دعواه الشخصية ضد موكله، وأن هذه التفرقة تتجلى واضحة ‏بعدما قضت المحكمة
الدستورية العليا بجلسة 2/12/1995 فى القضية رقم 15 لسنة 17 ق " دستورية "
‏بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (Cool من قانون المحاماة من حظر
مباشرة محامى الإدارات ‏القانونية بشركات القطاع العام لأعمال المحاماة
بالنسبة إلى القضايا الخاصة بهم وتكون متعلقة بالجهات التى ‏يعملون بها
على الرغم من أن المركز القانونى لمحامى الإدارات القانونية بالهيئات
العامة مماثل لنظيره ‏بشركات القطاع العام، ومع ذلك ظل الحظر قائماً
بالنسبة لهم، رغم صدور حكم المحكمة الدستورية العليا ‏سالف البيان. وحيث
إن هذا النعى سديد ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الدساتير
المصرية ‏جميعها بدءاً من دستور 1923 وانتهاء بالدستور القائم رددت جميعها
مبدأ المساواة أمام القانون، وكفلت ‏تطبيقه على المواطنين كافة باعتباره
أساس العدل والحرية والسلام الاجتماعى وعلى تقدير أن الغاية التى
‏يستهدفها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور
التمييز التى تنال منها، أو تقيد ‏ممارستها وأضحى هذا المبدأ فى جوهره
وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا يقتصر نطاق ‏تطبيقها
على الحقوق والحريات المنصوص عليها فى الدستور، بل يمتد مجال إعمالها كذلك
إلى تلك التى ‏كفلها المشرع للمواطنين فى حدود سلطته التقديرية، وعلى ضوء
ما ترتأيه محققاً للصالح العام. إذ كان ذلك ‏وكان من المقرر أيضاً أن صور
التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو
تقييد ‏أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أوالحريات التى
كفلها الدستور أو القانون، وذلك سواء ‏بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو
انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة الكاملة بين
‏المؤهلين للانتفاع بها. وحيث إنه إذ كان ذلك، وكانت الفقرة الثالثة من
المادة (Cool من قانون المحاماة الصادر ‏بالقانون رقم 17 لسنة 1983 قد تضمنت
حظراً صريحاً على محامىِّ الإدارات القانونية بالهيئات العامة فى ‏مباشرة
أعمال المحاماة بالنسبة إلى القضايا الخاصة بهم وتكون متعلقة بالجهات التى
يعملون بها، مقيمة ‏بذلك تفرقة تحكمية بين عضو الإدارة القانونية بالهيئات
العامة ونظيره بشركات القطاع العام وغيرهم من ‏المحامين، فإنها بذلك تكون
قد أقامت تفرقة تحكمية تنال من حق الدفاع أصالة لعضو الإدارة القانونية
‏بالهيئات العامة، وتمييزاً بينهم وبين غيرهم من المحامين لا يستند إلى
رابطة منطقية أو أسس موضوعية ‏ومن ثم فإن النص الطعين يكون قد تبنى
تمييزاً تحكمياً مخالفاً لنص المادة (40) من الدستور وهو ما يوجب ‏القضاء
بعدم دستوريته. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة
الثالثة من المادة ‏‏(Cool من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة
1983، من حظر مباشرة محامىِّ الإدارات القانونية ‏بالهيئات العامة لأعمال
المحاماة بالنسبة إلى القضايا الخاصة بهم وتكون متعلقة بالجهات التى
يعملون بها، ‏وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب
المحاماة

‏======================= ‏

طعن رقم 228 لسنة 25 ق دستورية ، 241 لسنة 26 ق دستورية‏
بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 68 محاماة‏

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العيا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد 31 يوليو سنة 2005 م ، الموافق 25 ‏جمادى الآخرة سنة 1426 هـ .‏
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى .................................... رئيس ‏المحكمة ‏
وعضوية السادة المستشارين : حمدى محمد على ومحمد عبد القادر عبد الله
‏وعلى عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار ومحمد خيرى طه والدكتور / عادل ‏عمر
شريف .‏
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما .................... رئيس هيئة ‏المفوضين ‏
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن ....................................... أمين ‏السر ‏
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقمى 228 لسنة 25 ‏قضائية و 241 لسنة 26 قضائية " دستورية " .‏
المقامة من
السيد / حسن محمد السيد .‏
ضد

‏1- السيد رئيس الجمهورية .‏
‏2- السيد رئيس مجلس الوزراء .‏
‏3- السيد رئيس مجلس الشعب .‏
‏4- السيد وزير العدل .‏
‏5- السيد نقيب المحامين .‏
‏6- السيد / ممدوح أحمد عليان .‏

الإجراءات
بتاريخ الثالث من أغسطس سنة 2003 ، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة ‏صحيفة
دعوى قيدت برقم 228 لسنة 25 قضائية دستورية ، طالبا الحكم بعدم ‏دستورية
نص المادة (68) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة ‏‏1983 ‏
وبتاريخ السابع والعشرين من ديسمبر سنة 2003 ، ورد إلى قلم كتاب المحكمة
‏ملف الدعوى رقم 16317 لسنة 56 قضائية ، بعد أن قضت محكمة القضاء ‏الإدارى
بالقاهرة بوقفها عملا بحكم المادة (29/ أ) من قانون المحكمة الدستورية
‏العليا للفصل فى دستورية المادة ذاتها حيث قيدت برقم 241 لسنة 26 قضائية
‏دستورية .‏
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة فى كل من الدعويين المذكورتين طلبت فيها ‏الحكم .‏
أولا : عدم قبولها ، وثانيا : رفضها .‏
وبعد تحضير الدعويين ، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها فى كل منهما .‏
ونظرت الدعويان على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة ضم ‏الدعوى
رقم 241 لسنة 26 قضائية للدعوى رقم 228 لسنة 25 قضائية ليصدر ‏فيهما حكم
واحد بجلسة اليوم .‏


‏{ لا يجوز أن تخل السلتطان التشريعية أوالتنفيذية في محال مباشرتهما
‏لاختصاصاتهام التي نص عليها الدستور بالحماية المتكافئة للحقوق جميعها.
ومن ‏ثم كان هذا المبدأ عاصماً من النصوص القانونية التي يقيم بها المشرع
تمييزا غير ‏مبرر تتنافربه المراكز القانونية التي تتماثل في عناصرها .
وكان النص الطعين ‏قد أنشأ قيدا على اختصام المخامي في أي دعوى أو شكوى
مؤداه وجوب أن يقوم ‏زميله باستئذان النقابة الفرعية قبل قبول الوكالة في
إقامة الدعوى أو تقديم الشكوى ‏بما يجعل المحامي المختصم من ناحية- في
مركز قانوني مميز دون أن يستند هذا ‏التمييز إلى مصلحة مبررة وأوجد من
ناحية أخرى –تفرقة بين المدعين وفقاً ‏للمهنة التي يمارسها من يريدون
اختصامه رغم ما هو مقرر من ان الناس جميعاً ‏لا يتمايزون فيما بينهم في
مجال حقهم في النفاذ إلى القاضي الطبيعي وفي نطاق ‏القواعد الإجرائة
أوالموضوعية التي تحكم الخصومة القضائية ولا في مجال ‏التداعي بشأن الحقوق
المدعى بها ، وفق مقاييس موحدة عند توافر شروطها ، إذ ‏ينبغي دوماً ان
يكون للخصومة الواحدة قواعد موحدة سواء في مجال اقتضائها أو ‏الدفاع عنها
أو الطعن في الأحكام التي تصدر فيها }‏










فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (68) من قانون
‏المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 وألزمت الحكومة المصروفات ،
‏ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .‏

أمين السر ‏
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد